تناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي
محمد ابوزيد
سورة غافر
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ): (سورة غافر:
أقول: وجه إيلاء الحواميم السبع سورة الزمر: تآخي المطالع في الافتتاح بتنزيل الكتاب، وفي مصحف أبي بن كعب أول الزمر {حم}، وذلك مناسبة جليلة.
ثم إن الحواميم ترتبت لاشتراكها في الافتتاح بـ {جم}، وبذكر الكتاب بعد حم، وأنها مكية؛ بل ورد في الحديث أنها نزلت جملة [واحدة].
وفيها شبه من ترتيب ذوات {الر} الست.
فانظر ثانية الحواميم وهي فصلت، كيف شابهت ثانية ذوات {الر} هود في تغيير الأسلوب في وصف الكتاب، وأن في هود: {كتابٌ أحكمت آياته ثمّ فصّلت} "هود: 1"، وفي فصلت: {كتابٌ فصّلت آياته} "فصلت: 3"، وفي سائر ذوات {الر} {تلك آيات الكتاب} "الحجر: 1"، وفي سائر الحواميم: {تنزيل الكتاب} "غافر: 2" أو {والكتاب} "الدخان: 2".
وروينا عن جابر بن زيد، وابن عباس في ترتيب نزول السور: أن الحواميم نزلت عقب الزمر، وأنها نزلت متتاليات كترتيبها في المصحف: المؤمن، ثم السجدة، ثم الشورى، ثم الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية، ثم الأحقاف، ولم يتخللها نزول غيرها، وذلك مناسبة جلية واضحة في وضعها هكذا.
ثم ظهر لي لطيفة أخرى؛ وهي: أنه في كل ربع من أرباع القرآن توالت سبع سور مفتتحة بالحروف المقطعة. فهذه [السور] السبع مصدرة بـ {حم}، وسبع في الربع الذي قبله [متوالية و] ذوات {الر} الست متوالية، و {المص} الأعراف؛ فإنها متصلة بيونس على ما تقدمت الإشارة إليه، وافتتح أول القرآن بسورتين من ذلك، وأول النصف الثاني بسورتين.
وقال الكرماني في "العجائب": ترتيب الحواميم السبع لما بينها من التشاكل الذي خصت به؛ وهو: أن كل سورة منها استفتحت بالكتاب أو وصفه، مع تفاوت المقادير في الطول والقصر، وتشاكل الكلام في النظام. انتهى.
قلت: وانظر إلى مناسبة ترتيبها؛ فإن مطلع غافر مناسب لمطلع الزمر، ومطلع فصلت التي هي ثانية الحواميم مناسب لمطلع هود التي هي ثانية ذوات {الر}، ومطلع الزخرف مؤاخٍ لمطلع الدخان، وكذا مطلع الجاثية لمطلع الأحقاف). [تناسق الدرر: ؟؟]