عرض مشاركة واحدة
  #295  
قديم 19-03-2023, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,683
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب البيع)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (290)

صـــــ(1) إلى صــ(14)

‌‌خيار الغبن ومشروعيته
قال رحمه الله: [الثالث: إذا غبن في المبيع غبناً يخرج عن العادة]: النوع الثالث من الخيار: إذا غبن في المبيع.
فالمصنف رحمه الله قال في الخيار: وهو أقسام، وذكر خيار المجلس ثم خيار الشرط، وهذا القسم الثالث وهو خيار الغبن.
والغبن لا يكون إلا بخديعة وهو نوع من أنواع الإضرار التي تقع في البيوعات، ومن دقة هذه الشريعة وشموليتها أنها استدركت أخطاء الناس فيما يمكن فيه الاستدراك، فهناك أخطاء تقع في البيع توجب فساد البيع ولا يمكن استدراكها ويفسد البيع بوجودها، فهناك أخطاء لا توجب الفساد ويمكن استدراكها بإعطاء من له الحق أن يختار الإمضاء أو عدم الإمضاء.
ووجه إدخال الغبن في الخيار أنه لو باعه وغبنه فإن المشتري يشتري بحسن نية، وهو لا يدري بالخديعة، فإذا اشترى الدار على صفة يظنها من بيع المسلم للمسلم، أي: ليس فيها غبن ولا فيها غش ولا ختل؛ فإن معنى ذلك أنه سيعطي الحق على هذه البراءة، فإذا تبين أن هناك غشاً أو غبناً أو نجشاً قصد منه استثارته، فحينئذٍ يبقى الحق لهذا المسلم، إما أن يمضي الصفقة ويختار أجر الآخرة، والله سبحانه وتعالى يعوضه، وإما أن يطالب بحقه، فالشريعة تبين حكم الحق في مثل هذا، فكأنه يخير بين الأمرين، بين أن يمضي الصفقة وبين أن يطالب بحقه، أو يفسخ البيع، فهذه ثلاثة خيارات: تارة يقول: سامحه الله قد غفرت لأخي وهذا لا شك أنه أعظم أجراً وأعظم ثواباً للمسلم.
وتارةً يقول: أنا أريد هذه الصفقة؛ ولكن هذا النقص الذي غبنت به وهذا الظلم الذي ظلمني به أريد حقه وقسطه.
وتارةً يقول: لا أريد أن أشتري هذه الصفقة بهذا النقص، أو يرى أنه لما خدعه وختله أنه لا يتعامل معه، فيكره التعامل معه ويقول: لا أريد الصفقة، وأريد مالي.
مثال: باعه سيارة مغشوشة، فإذا اكتشف هذا الغش فمن حقه أن يمضي الصفقة ويختار أجر الآخرة، ومن حقه أن يلغي الصفقة كاملة ويطالب بحقه كاملاً، ومن حقه أن يطالب بالأرش ومقدار النقص الذي يستوجبه هذا العيب.
كذلك أيضاً إذا غبنه فأدخل رجلاً يزيد في ثمن هذه السلعة وهو يظن أن هذا منافس شريف وأنه يرغب في السلعة، فنظر إليه فإذا به رجل من أهل السوق وأهل المعرفة والخبرة، فقال: لا يمكن أن هذا الرجل الذي له خبرة ومعرفة يزيد في هذه السلعة إلا وهي تستحق، فزاد فيها، ثم تبين أن هذا الرجل قد غشه وكذبه وأن البائع قد أضر به بغبنه على هذا الوجه، فهنا نقول: أنت بالخيار في هذا البيع؛ لأنه ليس على ظاهره من بيع السلامة، وبيع المسلم لأخيه المسلم الذي لا غش فيه ولا خديعة ولا غبن، وإنما هو من البيوعات التي لا يحبها الله ولا يرضاها، فلا بد وأن يضمن حق المبيع.
فدخلت الشريعة بين البائع والمشتري للفصل في هذه المظلمة ورد الحق للمشتري، وهنا يكون الخيار للمشتري؛ ولكن في خيار الشرط قد يكون للمشتري وقد يكون للبائع وقد يكون لهما معاً كما بينا، وفي خيار المجلس يكون للطرفين، فالخيارات تختلف بحسب اختلاف أنواعها.
فقال رحمه الله: [الثالث: إذا غبن] أي: النوع الثالث أو القسم الثالث من أقسام الخيار: الغبن
‌‌الغبن الذي يثبت به الخيار
قال رحمه الله: [إذا غبن في المبيع غبناً يخرج عن العادة]: كما إذا جئت إلى بائع الطعام فقال له: بكم هذا الحب بكم الكيلو بكم الصاع، قال: الصاع من هذا بثلاثين، فقلت: أريد صاعاً، فأنت حينما دفعت الثلاثين دفعتها على أن الصاع يباع في السوق على المعروف والعادة بثلاثين، فلم تكاسر ولم تساوم؛ لأنك تظن أن السوق مستقر على هذا الثمن.
فلما أخذت الصاع بثلاثين تبين أنه يباع بعشرة، فقد ظلمت بعشرين، فمن حقك في هذه الحالة أن تطالب بما ظلمك به ومن حقك أن ترد الصفقة، ولذلك يقول العلماء: إن الغبن يوجب الخيار بوجود الخديعة من البائع للمشتري، فسكوت المشتري عن المكاسرة والمساومة يدل دلالة واضحة على أنه ما رضي بهذه القيمة إلا لأن السوق مستقر عليها، فإذا تبين أن السوق مستقر على ما دونها كان من حقه أن يطالب.
يبقى النظر في مسألة: وهي أن هذا النوع من الخيار يفتقر إلى إثبات أن المشتري ظلم، وهذا يتوقف على أهل الخبرة، فإن باعه طعاماً رجعنا إلى سوق الطعام وسألنا اثنين من أهل الخبرة على أنها شهادة، وبعض العلماء يقول: واحد من أهل الخبرة يكفي ثم نسأل: هل هذه القيمة غبن فاحش أو غبن يسير، فإن قالوا: هذه القيمة غبن فاحش رد الحق إلى صاحبه، وإن قالوا: غبن يسير، مثلاً الصاع بعشرة، باعه الصاع بعشرة ونصف، أو باعه الصاع بأحد عشر، والريال شيء يسير، ولو كان في العرف الريال له قيمة، والنصف ريال له قيمة، فإنه يعتبر غبناً فاحشاً.
إذاً: الأمر يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فعندما يأتي عامل ضعيف، الريال عنده بمثابة المائة والألف عند الغني والثري، فنجد غبن العامل والضعيف الذي لا يملك المال إلا بجهد والفقير الذي لا يجد المال إلا بتعب ومشقة؛ ليس كغبن الغني والثري، فإذاً: يختلف الأمر باختلاف الأشخاص من هذا الوجه، ويختلف باختلاف الأزمنة، والأموال في الأزمنة تتفاوت.
وعلى هذا: يرجع إلى أهل الخبرة، ويسألون عن هذا الغبن.
فقيد المصنف الغبن بالفحش، وهو الذي يعظم فيه الضرر، أما لو كان الغبن يسيراًَ، فالبيوع تقوم على المنافسة وعلى الأخذ والعطاء، فالشيء اليسير مغتفر، مثل أن يبيعه البيت بعشرة آلاف ومثله يباع بتسعة آلاف وخمسمائة، أو يباع بتسعة آلاف، ويكون المقصر هو المشتري، وكان ينبغي أن يكاسر أو يساوم.
لكن إذا كان الغبن فاحشاً فإنه لا يغتفر، مثلاً: لو جاء إلى معرض سيارات، فوجد السيارة تباع بخمسة آلاف، فاشتراها بعشرين ألفاً، أو اشتراها بخمسة عشر ألفاً، أي بثلاثة أضعاف قيمتها، وأثبت للقاضي بشهادة أهل الخبرة أنها تباع بخمسة آلاف ريال، فالقاضي يحضر صاحب المعرض ويطالبه بضمان الحق لصاحبه.
فهذا خيار الغبن، ويتوقف على معرفة الظلم، وأن البائع قد اغتنم غفلة المشتري وأضر به ببيعه على غير سنن المسلمين، فيضمن البائع للمشتري حقه من هذا الوجه.
قال رحمه الله: [غبناً يخرج عن العادة]: يغبنه (غبناً) فعل مطلق [يخرج عن العادة]، العادة سميت عادة من العود والتكرار،، وكأنه إذا كانت الصفقة تباع بخمسة آلاف في السوق، فإن البيع يتكرر على هذا الثمن، فأصبحت عادة الناس أن يشتروها بهذا الثمن، والعادة يحتكم إليها، وهي العرف، لكن بعض العلماء يقول: العرف، وبعضهم يقول: العادة، والمعنى واحد، والقاعدة عند العلماء وهي إحدى القواعد الكلية الخمس (العادة محكّمة) أي: أنه يحتكم إلى عوائد المسلمين، ولها ضوابط وقيود ذكرها العلماء رحمهم الله في كتب قواعد الفقه: فأولاً: يشترط في العادة أن تنضبط.
وثانياً: ألا تكون مخالفة للشرع، ولا يكون هناك مصادمة للشرع، فلو اعتادوا أمراً محرماً لم تكن عادة يحتكم إليها.

وعلى هذا: فالغبن يحتكم إلى العادة أي: عادة السوق، وهذا كما قلنا يفتقر إلى شهادة أهل الخبرة.

مثلاً: لو أنه باعه السيارة بخمسة عشر ألف ريال، وهذه السيارة تباع بخمسة آلاف ريال، أو سبعة آلاف ريال، أو ثمانية آلاف ريال، لغالب الناس، وتباع بعشرة وخمسة عشر لأهل البذخ والإسراف، فحينئذ عندك عادتان: عادة مستقرة للعقلاء والذين يحتكم إلى مثلهم.
وعادة لمن لا يعبأ بأمثالهم، وهم أهل البذخ واليسار، الذين لا يبالون بالمال، فمثل هؤلاء لا تعتبر عادتهم، ولا يعتبر وجود مثل هذه الصفقات، وهكذا في الإجارة -كما سيأتينا- لو أجره داره، وكان مثلها يؤجر بألف، فأجره بخمسة آلاف كما يقع في بعض المواسم، فيظلم المستأجر بجهله بالسوق، ويأتي بمن يستأجر في المواسم ويغتنم جهله بالمكان وجهله بقيمة المكان ليزيد زيادة فاحشة عن المثل، فحينئذ يكون له خيار الغبن؛ لأن الإجارة تتفرع على البيع، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قال رحمه الله: [بزيادة الناجش]: وهي الاستثارة، والنجش مأخوذ: من قولهم: أنجش الصيد إذا استثاره، ومعلوم أن الصيد إذا كانت الفريسة في مكان فأثيرت فإنه يسهل صيدها عند التحريك وعند إثارتها، كأن يكون مع الإنسان كلب للصيد، أو جارحة كالصقر ونحوه فيستثير هذا الحيوان حتى يتمكن منه، أو يكون في موضع لا يستطيع أن يصيده، فينجشه ويرميه بحجر حتى يخرج عن هذا الموضع إلى موضع يمكن أن يصيده فيه.
فالمقصود: أن أصل النجش الاستثارة والتحريك، ومعنى هذا أن يأتي رجل ويزيد في السلعة -كما ذكرنا- فيراه الغير ويظن أن السلعة لها قيمة، فلا يزال ينافسه ظاناً أنها تستوجب هذه القيمة، والأمر كله خدعة وغش وختل، فإذا ثبت عند القاضي أن الرجل زاد في السلعة من أجل أن يرغب الغير ويخدعه، كان من حق المشتري أن يطالب بالخيار.
قال رحمه الله: [والمسترسل]: المسترسل هو الشخص الذي يشتري الأشياء ولا يكاسر ولا يساوم فيها، فمثل هذا إذا زيد عليه زيادة فاحشة، فإنه يكون في حكم من غبن، ويكون من حقه أن يطالب بدفع الضرر عنه بهذه الزيادة، والضابط في هذا -كما ذكرنا- وجود الزيادة الفاحشة، أما الزيادة اليسيرة والشيء اليسير، فإن شأن البيوعات لا تخلو من وجود غبن إما في حق البائع، أو في حق المشتري، ولذلك لا يعتبر مثل هذا الغبن موجباً للخيار، إذا كانت الزيادة يسيرة
‌‌الأسئلة
‌‌ملكية النماء المنفصل وتعارضه مع حديث المصراة


‌‌السؤال
أشكل عليَّ أن للمشتري النماء المنفصل، لتعارضه مع حديث (.
ردها وصاعاً من تمر) أثابكم الله؟


‌‌الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فحديث أبي هريرة في الصحيح: (لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر).
فالإشكال الذي ذكره هو إشكال في محله من حيث الظاهر، ونحن قلنا في الخيار: إذا قال له البائع: بعتك هذه السيارة بعشرة آلاف ريال، فقال المشتري: قبلت، ثم اشترط الخيار يومين، فقال البائع: وأنا كذلك أشترطه يومين، فتم البيع بالإيجاب والقبول في المجلس، وبقي معلقاً بالخيار، وقد أثبتنا أن ملكية المبيع تكون للمشتري.
فإذاً: الاستحقاق للمشتري ثابت، والصفقة تمت، والشيء الذي بيع ليس فيه غبن ولا غش ولا تدليس، بل هو تام، وشروط الصحة موجودة، فالبيع من حيث إنه تام الأركان تام الشروط لا إشكال فيه، لكن إذا اشترى شاة مصرّاة، فالعقد إنما وقع على شاة من صفاتها أنها حلوب، فإذا به يجد أنها غير حلوب، فكأن العقد ورد على غير مورده، ولذلك فكأن البيع لم يقع ولم يتم إذا اختار الفسخ، ولذلك قال: (وإن سخطها ردها وصاعاًَ من تمر) وهذا وجه للجواب.
إذاً: يكون الفرق بين الأمرين، أن البيع في خيار الشرط والمجلس قد تم، وهو مستوفٍ لشروطه، وكأن في المسألة مهلة ونظرة فقط، فكان النماء للمشتري.
لكن في المبيع الناقص وقع البيع على مبيع كامل، فإذا به قد وقع على مبيع ناقص، وكأنه ليس بمحل للعقد، فلا وجه لأن نقول: إن البيع قد تم؛ لأنه لو تم لألزم به، ولكنه وقع على مبيع كامل والحقيقة أنه على مبيع ناقص.
والوجه الثاني: أن فيقال: إن صاع التمر في حديث المصرّاة ليس من باب الضمان من كل وجه، أي: ليس على قاعدة الضمان، والدليل أن الطعام ليس هو بمثلي ولا قيمي، والقاعدة في الضمانات أن تكون أولاً بالمثل إذا وجد، فإذا لم يوجد المثل ينتقل إلى القيمة، والتمر في لقاء الحليب ليس بمثلي ولا بقيمي.
لو أن رجلاً أتلف سيارة لك، وأخطأ في هذا الإفساد والإتلاف، فإنه من ناحية شرعية يضمن، فنذهب إلى باب الضمان وننظر إلى قواعد الضمان: وقواعد الضمان تستلزم أن يعطيك سيارة مثل سيارتك التي أتلفها، وهذا يسمى الضمان بالمثل، فإذا جاءك بسيارة مثل سيارتك لزمك أخذها؛ لكن لو أنه بحث ولم يجد سيارة مثل سيارتك فإنه حينئذ ينتقل إلى القيمة، فنقدر السيارة بقيمتها يوم الإتلاف لا يوم الرد، فلو أنه أتلفها قبل خمس سنوات وقيمتها مائة ألف، ولما جاء يردها بعد خمس سنوات وهي تباع بألف نقول: تضمنها بقيمة مائة ألف: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) فالضمان الذي يلزم به هو عند الأخذ والإتلاف؛ لأنه لما أتلف استقر الحق في ذمته، وبناء على هذا يكون الضمان بالقيمة.
فعندنا ضمان مثلي وضمان قيمي، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ردّها) أي: يرد الشاة (وصاعاً من تمر) فالصاع ليس بمثل للحليب؛ لأن مادة الحليب من المشروبات، ومادة الصاع من الجامدات التي تؤكل، فهذا شراب وهذا أكل جامد، أو هذا مائع وهذا جامد، فليس بمثلي.
حتى ولو كان شراباً، بأن رد خلاً مثلاً، فليس الخل من جنس الحليب الذي يشرب، فهو ليس بمثلي ألبتة.
وليس بقيمي؛ لأن الصاع من التمر، ليس بنقود، والقيمة يقصد بها الذهب أو الفضة التي جعلها الله قيماً للأشياء.
فهذا الضمان خرج عن الأصل فهو مستثنى من الأصل، ولذلك لما اعترض الحنفية على الجمهور -كما سيأتي إن شاء الله في حديث المصرّاة- باعتراضات، أجاب الجمهور بأن حديث المصراة خالف الأصول، بمعنى: أنه استثني من الأصول لورود السنة به، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل أو شرب في نهار رمضان فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه).
وإذا جئت إلى القاعدة وجدت أن الشريعة توجب على من نسي الركن أن يأتي به، فلو أن رجلاً سلم من ثلاث ركعات في صلاة العشاء، فإنه يجب عليه أن يرجع ويأتي بركعة، فكونه نسي لا يسقط ضمان الحق لله عز وجل، فنسيان الأركان لا يجبر بسجود السهو، بل ينبغي أن يأتي بالفعل حقيقة.
إذاً: أنت الآن في الصلاة تلزم بضمان الركن والإتيان به، وركن الصوم الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، فلو نسي وأكل أو شرب فحينئذ فات الركن، ولذلك قال المالكية في هذا الحديث: قوله: (إنما أطعمه الله وسقاه) أي: فأسقط الإثم ولكن لا يسقط الضمان ولذلك لم يقل: فلا يقضي؛ لأن القاعدة عندهم أن النسيان للأركان لا يسقط الضمان.
ولكن قال الجمهور -وهذا موضع الشاهد- حديث رمضان في الأكل والشرب استثني من الأصل لورود السنة به، ويجوز الاستثناء من القواعد الكلية بآحاد الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فنحن نقول: القاعدة في الخيار أن النماء المنفصل يكون للمشتري، وجاء حديث المصراة مستثنى من الأصول، وانتهى الإشكال، والقاعدة: أنه لا تعارض بين عام وخاص، فهذا عام ودارج على القاعدة العامة، وهذا خاص، وبهذا يزول الإشكال، والله تعالى أعلم

‌‌يد المشتري في زمن الخيار

‌‌السؤال
هل يمكننا أن نقول: إن يد المشتري في زمن الخيار يد أمانة، أثابكم الله؟


‌‌الجواب
بالنسبة للمشتري، يده يد أمانة في حفظ المبيع، فيحفظ المبيع للبائع بالنسبة للرد؛ لكن بالنسبة للضمان يضمن، أي: يده يد ضمان، فهي أمانة من جهة أنه لا يبيع السلعة ولا يهبها؛ لكن من جهة الضمان يده يد ضمان، والفرق بينهما: لو فرضنا أن السيارة التي بيعت في مدة الخيار أهلكتها آفة سماوية، أو جاء سيل واجترفها، فالضمان على المشتري؛ لأنه لا يحسن أن يأخذ النماء وتكون الخسارة على غيره؛ لأن هذا ظلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد وضع (الخراج بالضمان) فإذا كان له النماء المنفصل فمعناه أنه مالك، ولذلك لا يصح أن تقول: يده يد أمانة؛ لأن يد الأمانة لا تضمن إذا لم تفرط، فإذا فرطت ضمنت، والواقع أنه لو تلفت هذه السيارة بآفة سماوية فإنه يضمن، ولذلك لا يصح أن نقول: إن يده يد أمانة من هذا الوجه، لكن نقول: يد أمانة بمعنى: أنه لا يجوز له أن يهب، ولا يجوز له أن يبيع، ولا يجوز له أن يتصرف في المبيع بالعتق ونحوه.
أما من ناحية اليد الحقيقية فهي يد ضمان، له في المبيع غنمه وعليه غرمه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.05%)]