
04-03-2023, 01:38 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة :
|
|
رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين

سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل
3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ)
فتنة مقتله
وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان في الفتنة
عهد النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان عهداً أبلغه فيه بما سيصيبه من البلوى والقتل، وأوصاه بوصايا تمسّك بها عثمان حتى قتل شهيداً مظلوماً رضي الله عنه.
- قال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: (( وددت أن عندي بعض أصحابي ))
قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك أبا بكر فسكت، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك عمر فسكت، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك عليا فسكت، قلنا: ألا ندعو لك عثمان
قال: بلى.
فأرسلنا إلى عثمان فجاء فخلا به، فجعل يكلمه، ووجه عثمان يتغير.
قال قيس: فحدثني أبو سهلة – مولى عثمان - أن عثمان قال يوم الدار: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليَّ عهداً، وأنا صابر عليه ).
قال قيس: (كانوا يرون أنه ذلك اليوم). رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وابن حبان.
- وقال الوليد بن سليمان بن أبي السائب: حدثني ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن عامر [اليحصبي]، عن النعمان بن بشير، عن عائشة قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلت إحدانا على الأخرى؛ فكان من آخر كلام كلمه أن ضرب منكبه، وقال: (( يا عثمان! إن الله عزَّ وجل عسى أن يلبسك قميصاً؛ فإن أرادك المنافقون على خلعه، فلا تخلعه حتى تلقاني، يا عثمان! إن الله عسى أن يلبسك قميصاً؛ فإن أرادك المنافقون على خلعه، فلا تخلعه حتى تلقاني)).
فقلت لها: يا أم المؤمنين! فأين كان هذا عنك؟
قالت: نسيته، والله فما ذكرته.
قال: (فأخبرته معاوية بن أبي سفيان؛ فلم يرض بالذي أخبرته حتى كتب إلى أمّ المؤمنين أن اكتبي إليَّ به، فكتبت إليه به كتاباً). رواه أحمد في مسنده.
- وقال هشام بن حسان القردوسي، عن محمد بن سيرين، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فقرَّبها، ثم مرَّ رجل مقنَّع، فقال: «هذا يومئذٍ على الهدى»
قال: فاتَّبعْتُه حتى أخذت بضَبعيه؛ فحوَّلتُ وجهَه إليه، وكشفتُ عن رأسِه؛ فقلت: هذا يا رسول الله؟
قال: «نعم، هذا» فإذا هو (عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي شيبة، وابن ماجه، والترمذي، وروي نحو هذا الخبر عن مرة بن كعب البهزي وعبد الله بن حوالة رضي الله عنهما.
- وقال سنان بن هارون البرجمي، عن كليب بن وائل، عن ابن عمر، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمرَّ رجل، فقال: «يقتل هذا المقنع يومئذ مظلوماً» قال: فنظرت فإذا هو (عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه أحمد، والترمذي، وصححه ابن حجر.
- وقال حماد بن زيد: حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كنت مع عثمان في الدار وهو محصور، وكنَّا ندخل مدخلاً إذا دخلناه سمعنا كلام من على البلاط، قال: فدخل عثمان يوما لحاجة، فخرج إلينا منتقعاً لونه، فقال: (إنهم ليتوعدوني بالقتل آنفا).
قلنا: يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين.
فقال: وبم يقتلوني؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إنه لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زني بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس ))
(فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا تمنيت بدلاً بديني منذ هداني الله عز وجل، ولا قتلت نفسا؛ فبم يقتلوني؟!). رواه أحمد وابن سعد وأبو داوود والترمذي وابن ماجه والنسائي، وله طرق أخرى.
خبر مقتله
أصابته البلوى التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فصبر صبراً عجيباً، وكفَّ الناسَ عن القتال، وأمر كلَّ من أراد أن ينصره أن يكفّ سلاحه ويده لئلا يراق بسببه دم امرئ مسلم، وناظر البغاة، ثمّ حاصروه في بيته، ثمّ قَتلوه مظلوماً وهو صائم، يوم الجمعة لثمان عشرة من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة.
وكان - وهو محصور - قد استخلف ابن عباس على الحجّ أميراً ؛ فخطب فيهم في عرفة وفسّر لهم القرآن تفسيراً حسناً كان غاية في الحسن والتشويق، ولما انصرف إلى المدينة بلغه خبر مقتل عثمان وهو في الطريق.
- وقال أبو جعفر الرازي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة في المنام، فقال: يا عثمان أفطر عندنا) فأصبح وقتل من يومه. رواه ابن أبي شيبة، والحاكم، وصححه، وروي خبر هذه الرؤيا من طرق متعددة عن عثمان رضي الله عنه.
ورع عثمان وكفّه عن القتال
- قال جرير بن حازم: سمعت يعلى بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: " استشارني عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال: ما ترى فيما يقول المغيرة بن الأخنس؟ قلت: ما يقول؟
قال: يقول: إن هؤلاء القوم إنما يريدون أن تخلع هذا الأمر وتخلي بينهم وبينه.
فقلت: إن أنت فعلت، أمخلف أنت في الدنيا؟
قال: لا.
قلت: أفرأيتَ إن لم تفعل، هل يزيدوا على أن يقتلوك؟
قال: لا.
قلت: فيملكون الجنة والنار؟
قال: لا.
قلت: (فإنّي لا أرى أن تسنَّ هذه السنة في الإسلام، كلما أسخطوا أميراً خلعوه، ولا أن تخلع قميصاً ألبسكه الله عز وجل). رواه أحمد في فضائل الصحابة.
- وقال أبو أسامة الكوفي: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، قال: سمعت أبا ليلى الكندي قال: رأيت عثمان رضي الله عنه أشرف على الناس وهو محصور فقال: (يا أيها الناس لا تقتلوني واستعتبوني، فوالله لئن قتلتموني لا تصلون جميعاً أبداً، ولتختلفن حتى تصيروا هكذا - وشبك بين أصابعه - {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد}).
قال: وأرسل إلى عبد الله بن سلام رضي الله عنه فسأله فقال: (الكفَّ الكفَّ، فهو أبلغ لك في الحجة).
قال: (فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في مصنفه، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، وأبو بشر الدولابي في الكنى، وابن الأعرابي في معجمه.
- وقال الأعمش: حدثنا أبو صالح قال: قال عبد الله بن سلام لما حصر عثمان في الدار قال: «لا تقتلوه؛ فإنه لم يبق من أجله إلا قليل؛ والله لئن قتلتموه لا تصلون جميعاً أبداً». رواه ابن أبي شيبة، وأحمد في فضائل الصحابة.
- وقال عبد الله بن إدريس: أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين قال: جاء زيد بن ثابت إلى عثمان فقال: هذه الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصارا لله مرتين، قال: فقال عثمان: «أما القتال فلا». رواه ابن سعد.
- وقال هشام بن عروة: حدثني أبي، عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان يوم الدار: قاتلهم، فوالله لقد أحلَّ لك قتالهم؛ فقال له: (والله لا أقاتلهم أبداً).
قال: (فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم).رواه أحمد في فضائل الصحابة.
- وقال عبد الله بن إدريس الأودي، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر قال: سمعت عثمان يقول: «إن أعظمكم عندي غنى من كف سلاحه ويده». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال روح بن عبادة: حدثنا ابن عون، عن نافع أنَّ ابن عمر لبس يومئذ الدرع مرتين، يعني يوم الدار. رواه أحمد في فضائل الصحابة.
- وقال شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: «هاتان رجلاي فإن وجدتم في كتاب الله أن تضعوهما في القيد فضعوهما». رواه أحمد في فضائل الصحابة، وأبو نعيم الأصبهاني في الإمامة.
مواعظه ووصاياه
- قال سفيان بن عيينة: حدثنا إسرائيل بن موسى قال: سمعت الحسن [البصري] يقول: قال عثمان رضي الله عنه: (لو أنَّ قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر في المصحف). رواه البيهقي في الاعتقاد، وابن عساكر في تاريخه.
- وقال معتمر بن سليمان: سمعت إسماعيل [بن أبي خالد] قال: سمعت نافع بن يحيى، قال: سمعت عثمان بن عفان، يقول: (من عمل عملاً كساه الله رداءه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر). رواه أبو داوود في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان.
ورواه أحمد في فضائل الصحابة بنحوه من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن عثمان.
- وقال مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه أنه سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول في خطبته: (لا تكلّفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب؛ فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها، ولا تكلفوا الصغير الكسب؛ فإنه إن لم يجد يسرق، وعفّوا إذ أعفكم الله عز وجل، وعليكم من المطاعم ما طاب منها). رواه مالك في الموطأ، والشافعي كما في الأم، وأبو جعفر الطحاوي في شرح مشكل الآثار، والبيهقي في السنن الكبرى.
- وقال معمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، قال: سمعت عثمان يقول: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم يتعبد فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: أنا أدعوك للشهادة فانطلق مع جاريتها، فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي أو تشرب من هذه الخمر كأسا أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأساً، فسقته كأسا، فقال: زيدوني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر؛ فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا أوشك أن يخرج أحدهما صاحبه). رواه النسائي.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|