عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 04-03-2023, 09:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات فقهية وفتاوى لشهر رمضان للشيخ سلمان العودة يوميا إن شاء الله

وقفات فقهية وفتاوى لشهر رمضان
للشيخ سلمان العودة



(6)

من أحكام الصيام

الوقفة السادسة: وقفة سريعة على بعض أحكام الصيام.

ولا شك أن الكلام عن أحكام الصيام يطول بل فيه مصنفاتٌ خاصة، ولذلك سأتحدث باختصارٍ وبسرعةٍ -أيضاً- عن بعض هذه الأحكام.
كيف يثبت دخول رمضان

أولاً: لا يثبت رمضان إلا بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً، أو برؤية هلال رمضان، كما قال عليه الصلاة والسلام: {إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له} وفي لفظ: {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً} ولا يتم بغير ذلك، ولهذا لا يعتمد -مثلاً- على الرؤى.


وقد ذكر العراقي في طرح التثريب، أن القاضي حسين وهو من فقهاء الشافعية، جاءه رجل فقال له: يا إمام أنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام، فقال لي: إن الليلة من رمضان. -انظروا تلبيس الشيطان، وانظروا كيف يكون الفقه- فقال له القاضي حسين: الذي تزعم أنك رأيته في المنام، رآه أصحابه في اليقظة وقال لهم: {صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته} إي: فلا عبرة بهذا الذي رأيته في المنام، ولم يأتك رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن لبس عليك.
كذلك لا يجوز للإنسان أن يصوم احتياطاً لرمضان، فمن صام آخر يومٍ من شعبان احتياطاً لرمضان فهذا لا يجوز على الراجح، أما من صامه لأنه وافق يوماً كان يصومه، فلا حرج في ذلك، كما إذا صامه لأنه يوم الإثنين -مثلاً- أو أنه يصوم يوماً ويفطر يوماً فوافق يوم صومه، فلا حرج في هذا.
النية

لا بد من النية في صوم الفرض، ولذلك روى أصحاب السنن، وابن خزيمة بسند صحيح، عن حفصة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل}.
فلا بد أن يبيت الإنسان الصوم من الليل، أي ينوي صوم الفرض من الليل، أما النفل فيجوز بنيةٍ من الليل أو النهار، فلو استيقظت بعد طلوع الشمس -مثلاً- ثم نويت صيام اليوم، فلا بأس بذلك إذا كان نفلاً، لكن الفرض لا بد له من نية من الليل.
وهاهنا أنبه إلى أمور: بعض الناس يوسوسون في النية، والوسواس في النية من أردأ وأحط أنواع الوساوس، فأنت مسلم عرفت أنه دخل رمضان، واستقر عندك نية أنك سوف تصوم جميع رمضان، وهذا يكفي.
التنبيه الآخر: إن قولنا من الليل، يمتد حتى طلوع الفجر، فلو فرض أن الإنسان نام ليلةً من الليالي ولم يعلم أن الليلة من رمضان، ثم استيقظ قبل الفجر بدقائق، وعلم أن الليلة من رمضان فشرب جرعة من ماءٍ ثم صام فإن هذا يكفي، وليس معنى تبييت النية أن ينام وفي نيته أن يصوم كما يتوهمه بعض الجهال.
السحور


السحور أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث المتفق عليه عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تسحروا فإن في السحور بركة} وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر} أي: أن اليهود والنصارى كانوا لا يتسحرون، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بأن يتسحروا لمخالفة أهل الكتاب في ذلك.
فينبغي للإنسان أن يتسحر، ولو على شربةٍ من ماء إذا لم يجد غيرها أو لم يتمكن من غيرها.
الفطور

يستحب للإنسان أن يؤخر السحور ويعجل الفطر، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، الذي جاء من طرق عن العباس وغيره: {لا تزال أمتي بخيرٍ ما عجلوا الفطر وأخروا السحور} ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن الله تعالى يقول: أحب عبادي إلى أعجلهم فطراً} وفي صحيح مسلم [[أن عائشة سئلت عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أحدهما يؤخر الفطور ويؤخر الصلاة، والآخر يعجل الفطور ويعجل الصلاة، أيهما أفضل؟
فقالت: الذي يعجل الفطور ويعجل الصلاة أفضل]].
فيستحب للعبد أن يعجل الإفطار بمجرد ما يتيقن غروب الشمس، ويفطر على رطب، فإن لم يجد أفطر على تمر، فإن لم يجد حسا حسواتٍ من ماء، كما ذكره أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: {أنه كان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء} والحديث رواه أبو داود، وأحمد، وابن خزيمة، والترمذي، وسنده صحيح.
ويستحب عند الإفطار أن يقول الصائم: الحمد لله، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى. وهذا هو أصح ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الإفطار، فقد رواه أبو داود والدارقطني، وقال الدارقطني: إسناده حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: {الحمد لله، ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى} ولا يثبت في أدعية الإفطار إلا هذا، لكن للإنسان أن يدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة.
المفطرات



والمفطرات هي:
أولاً: الأكل والشرب والجماع.

فإذا تعمد الصائم شيئاً من هذه الأشياء فإنه يفطر بإجماع أهل العلم، وهي مذكورة في القرآن الكريم، ولذلك قال الله عز وجل: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ [البقرة:187] -أي: النساء بالجماع- وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187] فأجمع أهل العلم على أن الأكل والشرب والجماع، هي من المفطرات إذا تعمد الإنسان شيئاً منها، من غير إكراهٍ ولا نسيان.
ثانياً: من المفطرات -أيضاً-: القيء عمداً.
إفإذا استقاء الإنسان وتعمد أن يستفرغ ما في بطنه فإنه يفطر بذلك، وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم: {من استقاء عامداً فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه} والحديث رواه أبو داود والترمذي، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب حقيقة الصيام: إنه حديث صحيح.
ومعنى الحديث: أن من تقيأ من غير إرادةٍ فخرج منه القيء من غير قصد فهذا لا قضاء عليه، لكن لو تعمد كأن أدخل أصبعه أو شم شيئاً عن عمدٍ ليتقيأ فإن عليه القضاء، كما أفتى بذلك الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث.


ثالثاً: ومن المفطرات بالإجماع -أيضاً-: الحيض والنفاس، فإن المرأة إذا حاضت أو نفست فإنه لا يصح منها الصوم، ولذلك جاء في حديث عائشة: {كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة} فدل على أن الحائض لا تصوم ولا يصح منها ذلك.
هذه هي المفطرات المشهورة، ويدخل فيها ما كان في معناها، فمثلاً: يدخل في الأكل الإبر المغذية التي يستغني بها الإنسان عن الأكل والشرب، ويدخل في الجماع -من حيث أنه مفطر- الاستمناء عمداً بأي وسيلةٍ كانت فإنه يفطر ولا شك في هذا، ولا ينبغي أن يكون في هذا خلاف.
ومن أفطر، فإن كان إفطاره بالجماع في نهار رمضان؛ فإن عليه أربعة أمور:
الأول: أن يمسك بقية اليوم؛ لأن هذا الفطر غير مشروع، فيمسك بقية اليوم فلا يأكل ولا يشرب شيئاً.
الثاني: التوبة لأن هذا إثمٌ عظيم، فهذا العمل كبيرة من الكبائر يجب التوبة منه.
الثالث: أن يقضي يوماً مكان اليوم الذي أفسده.
الرابع: الكفارة، وهي عتق رقبة فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يجد أطعم ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت عنه الكفارة.
أما إن كان فطره بغير الجماع، بأكلٍ أو شربٍ؛ فإن عليه التوبة والاستغفار، وأن يقضي يوماً مكانه على الراجح من أقوال أهل العلم.
الإفطار بالنية


السؤال: إذا حان وقت آذان المغرب وأنا في سيارتي ومن المحتمل أن أصل بعد خمس دقائق، فهل يجوز الإفطار بالنية فقط؟
الجواب: ينوي الإفطار لكن إذا كان لديه شيءٌ يفطر عليه أفطر، وإلا فخمس دقائق لا تضر ما دام أنه سوف يفطر قبل صلاة المغرب.
الأمور تقدر بقدرها
الفتاوى


السؤال: كثيراً ما نسمع بعض الدعاة يقولون: خذوا من العلماء وناصحوهم وزوروهم، ومع ذلك نسمع بعضهم يضرب الأمثال على أن العالم لا يقدر أن يعطيك موعداً إلا بعد أشهر، وقال أحدهم بعد سنة فما رأيك؟
الجواب: لعل الأخ يقصدني، والواقع أن ما قاله صحيح لأن الله عز وجل قال في آخر سورة البقرة: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:286] والكثير من المشايخ، خاصةً المشايخ الكبار المشهورين، عندهم أعمال أمثال الجبال، وربما الواحد منهم لا يجد وقتاً ليأكل أو يشرب أو يجلس مع أهله وأطفاله، فالواقع أنهم معذورون في ذلك، لكن الأمور تقدر بقدرها.
صوم المسافر


السؤال: نريد الذهاب إلى العمرة في رمضان -إن شاء الله تعالى- ونستطيع الصيام، وليس هناك مشقة أو عناء في السفر أو جوع أو عطش، فهل نصوم أو نفطر؟
الجواب: بالنسبة لصوم المسافر وفطره، المسألة فيها كلام، ولكن الأقوى من الأقوال: أنه إن كان الصوم يضر المسافر فإنه يحرم عليه الصيام، وإن كان يشق عليه ولا يضره، فإن الأفضل في حقه أن يفطر ويجوز له الصوم، وإن لم يكن ليس عليه مشقة ولا ضرر، فالأفضل في حقه أن يصوم؛ إدراكاً لفضيلة الشهر وموافقةً للناس وتعجلاً في إبراء الذمة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.42%)]