عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-03-2023, 11:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحث في تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُ

وأمّا التّأويل فإنّه جاء بأنّ الوسط العدل، وذلك معنى الخيار؛ لأنّ الخيار من النّاس عدولهم.
ذكر من قال: الوسط: العدل.
- حدّثنا سلم بن جنادة، ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «عدلاً».
- حدّثنا مجاهد بن موسى، ومحمّد بن بشّارٍ قالا: حدّثنا جعفر بن عونٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، مثله.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «عدلاً».
- حدّثني عليّ بن عيسى، قال: حدّثنا سعيد بن سليمان، عن حفص بن غياثٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «عدلاً».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «عدلاً».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «عدلاً».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد مثله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أمّةً وسطًا} قال: «عدلاً».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {أمّةً وسطًا} قال: «عدولاً».
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {أمّةً وسطًا} قال: «عدلاً».
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} يقول: «جعلكم أمّةً عدلاً».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن رشدين بن سعدٍ، قال: أخبرنا ابن أنعمٍ المعافريّ، عن حبّان بن أبي جبلة، يسنده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «الوسط: العدل».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، ومجاهدٍ، وعبد اللّه بن كثيرٍ {أمّةً وسطًا} قالوا: «عدولاً، قال مجاهدٌ: «عدولاً».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «هم وسطٌ بين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبين الأمم»).[جامع البيان: 2/ 626-629]
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن رشدين بن سعدٍ، قال: أخبرني ابن أنعم المعافريّ، عن حبّان بن أبي جبلة، يسنده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «...والوسط: العدل ...). [جامع البيان: 2/ 629-637]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وفي {أمّة وسطاً}, قولان:
1- قال بعضهم وسطاً: عدلاً.
2- وقال بعضهم: أخياراً, واللفظان مختلفان, والمعنى واحد؛ لأن العدل خير , والخير عدل.
وقيل في صفة النبي صلى الله عليه وسلم : إنه من أوسط قومه جنساً, أي: من خيارها، والعرب تصف الفاضل النسب بأنه: من أوسط قومه، وهذا يعرف حقيقته أهل اللغة؛ لأن العرب تستعمل التمثيل كثيرا.
فتمثل القبيلة بالوادي والقاع وما أشبهه فخير الوادي وسطه فيقال: هذا من وسط قومه، ومن وسط الوادي، وسرر الوادي وسرارة الوادي وسر الوادي، ومعناه كله: من خير مكان فيه، فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم من خير مكان في نسب العرب, {وكذلك جعلناكم أمّة وسطًا}: أي: خياراً.). [معاني القرآن: 1/ 220-221]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: «{جعلناكم أمة وسطا}أي عدلا...). [تفسير مجاهد: 90]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان الفقيه، قال: قرئ عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي سعيدٍ: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «عدلًا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه ).[المستدرك: 2/ 295]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ووسطاً معناه عدولا، روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتظاهرت به عبارة المفسرين، والوسط الخيار والأعلى من الشيء، كما تقول وسط القوم، وواسطة القلادة أنفس حجر فيها، والأمير وسط الجيش، وكقوله تعالى: {قال أوسطهم}[القلم: 28]، والوسط بإسكان السين ظرف مبني على الفتح، وقد جاء متمكنا في بعض الروايات في بيت الفرزدق:
فجاءت بملجوم كأن جبينه.......صلاءة ورس وسطها قد تفلقا
برفع الطاء والضمير عائد على الصلاءة، وروي بفتح الطاء والضمير عائد على الجائية، فإذا قلت حفرت وسط الدار أو وسط الدار فالمعنى مختلف.). [المحرر الوجيز: 1/ 366-373]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ ت) - أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء نوحٌ وأمّته، فيقول الله: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، أي ربّ، فيقول لأمته: هل بلّغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبيٍّ، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمدٌ وأمّته، فنشهد أنّه قد بلّغ، وهو قوله عز وجلّ:{وكذلك جعلناكم أمّةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس}». أخرجه البخاري والترمذي.
إلا أن في رواية الترمذي. فيقولون: «ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحدٍ» وذكر الآية إلى آخرها - ثم قال: «والوسط: العدل».
واختصره الترمذي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطاً} قال: «عدلاً»). [جامع الأصول: 2/ 13-14]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدًا} يقول تعالى: إنّما حوّلناكم إلى قبلة إبراهيم، عليه السّلام، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم؛ لأنّ الجميع معترفون لكم بالفضل). [تفسير ابن كثير: 454/1-458]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا}:
- عن أبي سعيدٍ الخدريّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله عزّ وجلّ: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا}: قال: «عدلًا».
رواه أحمد، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 6/ 316]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا أحمد بن عليّ المثنى حدّثنا أبو خيثمة حدّثنا أبو معاوية عن أبي صالحٍ عن أبي سعيدٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطاً} قال: «عدلا» ). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/ 425]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قال الطّبريّ: «الوسط في كلام العرب الخيار يقولون فلانٌ وسطٌ في قومه وواسطٌ إذا أرادوا الرّفع في حسبه». قال: «والّذي أرى أنّ معنى الوسط في الآية الجزء الّذي بين الطّرفين والمعنى أنّهم وسطٌ لتوسّطهم في الدّين فلم يغلوا كغلوّ النّصارى ولم يقصّروا كتقصير اليهود ولكنّهم أهل وسطٍ واعتدالٍ»، قلت: لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحًا لمعنى التّوسّط أن لا يكون أريد به معناه الآخر كما نصّ عليه الحديث فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دلّ عليه معنى الآية واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/ 172-173]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وقال ابن كثير في تفسيره: «يقول الله تعالى: إنّما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم، لأن الجميع معترفون لكن بالفضل». وقال الزّمخشريّ: «وكذلك جعلناكم، ومثل ذلك الجعل العجيب جعلناكم أمة وسطا أي خياراً، ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث».
- حدّثنا يوسف بن راشدٍ حدثنا جريرٌ وأبو أسامة واللّفظ ل جريرٍ عن الأعمش عن أبي صالح. وقال أبو أسامة حدثنا أبو صالحٍ عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «...والوسط العدل». ...
قوله: «والوسط: العدل» قيل، هو مرفوع من نفس الخبر وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهمه بعضهم. قلت: فيه تأمل، وقال ابن جرير: «الوسط العدل والخيار»، وأنا أرى أن الوسط في هذا الموضع هو الوسط الّذي بمعنى الجزء الّذي هو بين الطّرفين مثل: وسط الدّار). [عمدة القاري: 18/ 95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي والنسائي وصححه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن حبان والاسماعيلي في صحيحه والحاكم وصححه عن أبي سعيد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال: «عدلا».
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النّبيّ في قوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال: «عدلا».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس: {جعلناكم أمة وسطا} قال: «جعلكم أمة عدلا».
وأخرج ابن سعد عن القاسم بن عبد الرحمن قال: «قال رجل لابن عمر: من أنتم؟ قال: ما تقولون؟ قال: نقول إنكم سبط وتقول إنكم وسط، فقال: سبحان الله، إنما السبط في بني إسرائيل والأمة الوسط أمة محمد جميعا».
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي، وابن جرير والن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «...والوسط العدل ...».
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والنسائي، وابن ماجه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء النّبيّ يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله:{وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال: عدلا...). [الدر المنثور: 2/ 17-25]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({جعلناكم أمة وسطًا} أي خيارًا أو عدولًا،… وهو بالتحريك اسم لما بين الطرفين، ويطلق على خيار الشيء، وقيل: كل ما صلح فيه لفظ بين يقال بالسكون وإلا فبالتحريك تقول: جلست وسط القوم بالتحريك، وقيل المفتوح في الأصل مصدر والساكن ظرف) . [إرشاد الساري: 7/ 15]
(-... والوسط: العدل» هو مرفوع من نفس الخبر لا مدرج كما قاله في الفتح، وسقط لأبي ذر لفظ جل ذكره. وقد سبق الحديث في كتاب الأنبياء). [إرشاد الساري: 7/ 16]

سبب وصف هذه الأمة بأنها أمة وسط.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأرى أنّ اللّه تعالى ذكره إنّما وصفهم بأنّهم وسط لتوسّطهم في الدّين، فلا هم أهل غلوٍّ فيه، غلوّ النّصارى الّذين غلوا بالتّرهّب وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصيرٍ فيه تقصير اليهود الّذين بدّلوا كتاب اللّه وقتلوا أنبياءهم وكذبوا على ربّهم وكفروا به؛ ولكنّهم أهل توسّطٍ واعتدالٍ فيه، فوصفهم اللّه بذلك، إذ كان أحبّ الأمور إلى اللّه أوسطها.).[جامع البيان: 2/ 626-629]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قال بعض العلماء: أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم تغل في الدين كما فعلت اليهود، ولا افترت كالنصارى، فهي متوسطة، فهي أعلاها وخيرها من هذه الجهة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الأمور أوساطها» أي خيارها، وقد يكون العلو والخير في الشيء لما بأنه أنفس جنسه، وأما أن يكون بين الإفراط والتقصير فهو خيار من هذه الجهة وشهداء جمع شاهد في هذا الموضع.). [المحرر الوجيز: 1/ 366-373]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قال الطّبريّ: «الوسط في كلام العرب الخيار يقولون فلانٌ وسطٌ في قومه وواسطٌ إذا أرادوا الرّفع في حسبه». قال: «والّذي أرى أنّ معنى الوسط في الآية الجزء الّذي بين الطّرفين والمعنى أنّهم وسطٌ لتوسّطهم في الدّين فلم يغلوا كغلوّ النّصارى ولم يقصّروا كتقصير اليهود ولكنّهم أهل وسطٍ واعتدالٍ»، قلت: لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحًا لمعنى التّوسّط أن لا يكون أريد به معناه الآخر كما نصّ عليه الحديث فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دلّ عليه معنى الآية واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/ 172-173]

تضمن الآية الثناء على هذه الأمة وتفضيلها على سائر الأمم يوم القيامة
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال زيد بن أسلم: «إن الأمم يقولون يوم القيامة والله لقد كادت هذه الأمة أن يكونوا أنبياء كلهم لما يرون الله أعطاهم»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 61]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن زيد بن أسلم: «أنّ الأمم يقولون يوم القيامة: واللّه لقد كادت هذه الأمّة أن تكون أنبياء كلّهم لما يرون اللّه أعطاهم».). [جامع البيان: 2/ 629-637]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدًا} يقول تعالى: إنّما حوّلناكم إلى قبلة إبراهيم، عليه السّلام، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم؛ لأنّ الجميع معترفون لكم بالفضل). [تفسير ابن كثير: 454/1-458]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (ومن حديث جابرٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من رجلٍ من الأمم إلّا ودّ أنّه منّا أيّتها الأمّة، ما من نبيٍّ كذّبه قومه إلّا ونحن شهداؤه يوم القيامة أن قد بلّغ رسالة اللّه ونصح لهم».). [فتح الباري: 8/ 172-173]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وقال ابن كثير في تفسيره: «يقول الله تعالى: إنّما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم، لأن الجميع معترفون لكم بالفضل». وقال الزّمخشريّ: «وكذلك جعلناكم، ومثل ذلك الجعل العجيب جعلناكم أمة وسطا أي خياراً، ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث».
- حدّثنا يوسف بن راشدٍ حدثنا جريرٌ وأبو أسامة واللّفظ ل جريرٍ عن الأعمش عن أبي صالح. وقال أبو أسامة حدثنا أبو صالحٍ عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدعى نوحٌ يوم القيامة فيقول لبّيك وسعديك يا ربّ، فيقول: هل بلّغت؟، فيقول: نعم، فيقال لأمّته: هل بلّغكم؟، فيقولون: ما أتانا من نذيرٍ، فيقول: من يشهد لك؟، فيقول: محمّدٌ وأمّته، فيشهدون أنّه قد بلّغ، ويكون الرّسول عليكم شهيداً فذالك قوله جلّ ذكره:{وكذالك جعلناكم أمّةٍ وسطاً لتكونوا شهداءٍ على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيداً}والوسط العدل»). [عمدة القاري: 18/ 95]

معنى اللام في قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لتكونوا شهداء على النّاس}
{تكونوا} في موضع نصب.
المعنى: جعلناكم خياراً؛ لأن شهداء، فنصب {تكونوا } بأن, و{شهداء} نصب خبر تكونوا، إلا أن {شهداء} لا ينون، لأنه لا ينصرف لأن فيه ألف التأنيث ...). [معاني القرآن: 1/ 220-221]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({لتكونوا شهداء على الناس} يوم القيامة {ويكون الرسول عليكم شهيدًا} علة للجعل. [إرشاد الساري: 7/ 15]

المراد بالناس في قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} والأقوال في معنى كون هذه الأمة شهيدة عليهم
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن أنعمٍ، عن حبّان بن أبي جبلة يرفعه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في هذه الآية: «{وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً}الوسط: العدل،{لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرسول عليكم شهيداً}، إنّ أمّة محمدٍ تدعى فيقال: أتشهدون أنّ رسلي هؤلاء قد بلّغوا عهدي إلى من أرسلوا إليه، فيقولون: نعم، ربّ، نشهد أنّهم قد بلغوا»). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 130-131]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({لّتكونوا شهداء على النّاس}, يقال: إن كلّ نبيّ يأتي يوم القيامة , فيقول: ((بلّغت))، فتقول أمّته: لا، فيكذّبون الأنبياء، ثم يجاء بأمّة محمد صلى الله عليه وسلم فيصدّقون الأنبياء ونبيّهم, ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم , فيصدّق أمّته، فذلك قوله تبارك وتعالى: {لّتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيداً}، ومنه قول الله: {فكيف إذا جئنا من كل أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}). [معاني القرآن: 1/ 83]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة قال في قوله: {أمة وسطا} قال: «عدولا لتكون هذه الأمة شهداء على الناس أن الرسل قد بلغتهم ويكون الرسول على هذه الأمة شهيدا أن قد بلغ ما أرسل به»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 60-61]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن زيد بن أسلم: «قوم نوح يقولون يوم القيامة لم يبلغنا نوح قال: فيدعى نوح فيسأل هل بلغتهم؟، قال: فيقول نعم قد بلغتهم، فيقال: من شهودك؟، فيقول: أحمد وأمته فيدعون فيسألون فيقولون: نعم قد بلغهم، قال: فيقول قوم نوح وكيف تشهدون علينا ولم تدركونا، قال: فيقولون قد جاءنا نبي فأخبرنا أنه قد بلغكم وأنزل عليه أنه قد بلغكم فصدقناه، فيصدق نوح ويكذبون، قال: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 61]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي صالحٍ عن أبي سعيدٍ في قوله جل جلاله: {لتكونوا شهداء على الناس} قال: «على الأمم بأنّ الرّسل قد بلغوا»). [تفسير الثوري: 50-51]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدًا}:
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، قال: نا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «عدلًا»{لتكونوا شهداء على النّاس} قال: «يؤتى بالنّبيّ يوم القيامة معه رجلٌ لم يتّبعه غيره، والنّبيّ معه الرّجلان لم يتّبعه أكثر من ذلك، فيقال للنّبيّ: هل بلّغت هؤلاء؟ فيقول: نعم، فيقول لهم: هل بلّغكم؟ فيقولون: لا، فيقال لهم: من يشهد لكم أنكم قد بلغتم؟ فيقولون: محمّدٌ وأمّته، فيشهدون لهم بالبلاغ، فيقال لهم: ما يدريكم؟ فيقولون: أخبرنا نبيّنا أنّ الرّسل قد بلّغوا، فصدّقنا بذلك، فذلك قوله عزّ وجلّ: {جعلناكم أمّةً وسطًا}» يقول: «عدلًا»{لتكونوا شهداء على النّاس}، قال: «على هذه الأمم أنّهم قد بلّغوا» ). [سنن سعيد بن منصور: 2/ 618-619]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدًا}:
- حدّثنا يوسف بن راشدٍ، حدّثنا جريرٌ، وأبو أسامة واللّفظ لجريرٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، وقال أبو أسامة: حدّثنا أبو صالحٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «يدعى نوحٌ يوم القيامة، فيقول: لبّيك وسعديك يا ربّ، فيقول: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمّته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذيرٍ، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمّدٌ وأمّته، فتشهدون أنّه قد بلّغ:{ويكون الرّسول عليكم شهيدًا}فذلك قوله جلّ ذكره:{وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدًا» والوسط: العدل.). [صحيح البخاري: 6/ 21-22]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله: باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدا}: كذا لأبي ذرٍّ، وساق غيره الآية إلى مستقيمٍ وسيأتي الكلام على الآية في كتاب الاعتصام إن شاء اللّه تعالى.
قوله: (حدّثنا قتيبة حدّثنا جريرٌ وأبو أسامة واللّفظ لجريرٍ) أي لفظ المتن قوله: (وقال أبو أسامة حدّثنا أبو صالحٍ) يعني قال أبو أسامة عن الأعمش حدّثنا أبو صالحٍ. فأفاد تصريح الأعمش بالتّحديث، وقد أخرجه في الاعتصام من وجهٍ آخر عن أبي أسامة وصرّح في روايته أيضًا بالتّحديث، وسيأتي في رواية أبي أسامة مفردةً في الاعتصام.
قوله: «يدعى نوحٌ يوم القيامة، فيقول: لبّيك وسعديك يا ربّ، فيقول: هل بلّغت؟، فيقول: نعم» زاد في الاعتصام: «نعم يا ربّ».
قوله: «فيقول من يشهد لك؟» في الاعتصام: «فيقول: من شهودك؟».
قوله: «فيشهدون» في الاعتصام: «فيجاء بكم فتشهدون».
وقد روى هذا الحديث أبو معاوية عن الأعمش بهذا الإسناد أتمّ من سياق غيره وأشمل ولفظه: «يجيء النّبيّ يوم القيامة ومعه الرّجل ويجيء النّبيّ ومعه الرّجلان ويجيء النّبيّ ومعه أكثر من ذلك، قال: فيقال لهم: أبلّغكم هذا؟، فيقولون: لا، فيقال للنّبيّ: أبلّغتهم، فيقول: نعم، فيقال له: من يشهد لك؟». الحديث أخرجه أحمد عنه والنّسائيّ وبن ماجه والإسماعيليّ من طريق أبي معاوية أيضًا.
قوله: «فيشهدون أنّه قد بلّغ» زاد أبو معاوية: «فيقال: وما علّمكم؟ فيقولون: أخبرنا نبيّنا أن الرّسل قد بلغوا فصدّقناه». ويؤخد من حديث أبيّ بن كعبٍ تعميم ذلك فأخرج بن أبي حاتمٍ بسندٍ جيّدٍ عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في هذه الآية قال: «{لتكونوا شهداء}وكانوا شهداء على النّاس يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوحٍ وقوم هودٍ وقوم صالحٍ وقوم شعيبٍ وغيرهم أنّ رسلهم بلّغتهم وأنّهم كذّبوا رسلهم»، قال أبو العالية وهي قراءة أبيٍّ: (لتكونوا شهداء على النّاس يوم القيامة)،
). [فتح الباري: 8/ 172-173]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وقال ابن كثير في تفسيره: «يقول الله تعالى: إنّما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم، لأن الجميع معترفون لكن بالفضل». وقال الزّمخشريّ: «وكذلك جعلناكم، ومثل ذلك الجعل العجيب جعلناكم أمة وسطا أي خياراً، ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث».
- حدّثنا يوسف بن راشدٍ حدثنا جريرٌ وأبو أسامة واللّفظ ل جريرٍ عن الأعمش عن أبي صالح. وقال أبو أسامة حدثنا أبو صالحٍ عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدعى نوحٌ يوم القيامة فيقول لبّيك وسعديك يا ربّ، فيقول: هل بلّغت؟، فيقول: نعم، فيقال لأمّته: هل بلّغكم؟، فيقولون: ما أتانا من نذيرٍ، فيقول: من يشهد لك؟، فيقول: محمّدٌ وأمّته، فيشهدون أنّه قد بلّغ، ويكون الرّسول عليكم شهيداً فذالك قوله جلّ ذكره:{وكذالك جعلناكم أمّةٍ وسطاً لتكونوا شهداءٍ على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيداً}والوسط العدل». (انظر الحديث 3339 وطرفه).

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]