عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 27-02-2023, 10:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ فَاطِرٍ
الحلقة (453)
صــ 481 إلى صــ 490






والثاني: أنها ترجع إلى المعمر المذكور; فالمعنى: ما يذهب من عمر هذا المعمر يوم أو ليلة إلا وذلك مكتوب; قال سعيد بن جبير: مكتوب في أول الكتاب: عمره كذا وكذا سنة، ثم يكتب أسفل من ذلك: ذهب يوم، [ ص: 481 ] ذهب يومان، ذهبت ثلاثة، إلى أن ينقطع عمره; وهذا المعنى في رواية ابن جبير عن ابن عباس، وبه قال عكرمة وأبو مالك في آخرين .

فأما الكتاب، فهو اللوح المحفوظ .

وفي قوله إن ذلك على الله يسير قولان .

أحدهما: أنه يرجع إلى كتابة الآجال . والثاني: إلى زيادة العمر ونقصانه .

قوله تعالى: وما يستوي البحران يعني العذب والملح; وهذه الآية وما بعدها قد سبق بيانها [الفرقان: 53، النحل: 14، آل عمران: 27، الرعد: 2] إلى قوله: ما يملكون من قطمير قال ابن عباس: هو القشر الذي يكون على ظهر النواة .

قوله تعالى: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم لأنهم جماد ولو سمعوا بأن يخلق الله لهم أسماعا ما استجابوا لكم أي: لم يكن عندهم إجابة ويوم القيامة يكفرون بشرككم أي: يتبرؤون من عبادتكم ولا ينبئك يا محمد مثل خبير أي: عالم بالأشياء، يعني نفسه عز وجل; والمعنى أنه لا أخبر منه عز وجل بما أخبر أنه سيكون .
[ ص: 482 ] يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد . وما ذلك على الله بعزيز ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير . وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور . ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور . إن أنت إلا نذير إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير . وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير

يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله أي: المحتاجون إليه والله هو الغني عن عبادتكم الحميد عند خلقه بإحسانه إليهم . وما بعد هذا قد تقدم [ ص: 483 ] بيانه [إبراهيم: 19، الأنعام: 164] إلى قوله: وإن تدع مثقلة أي: نفس مثقلة بالذنوب إلى حملها الذي حملت من الخطايا لا يحمل منه شيء ولو كان الذي تدعوه ذا قربى ذا قرابة إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب أي: يخشونه ولم يروه; والمعنى: إنما تنفع بإنذارك أهل الخشية، فكأنك تنذرهم دون غيرهم لمكان اختصاصهم بالانتفاع، ومن تزكى أي: تطهر من الشرك والفواحش، وفعل الخير فإنما يتزكى لنفسه أي: فصلاحه لنفسه وإلى الله المصير فيجزي بالأعمال .

وما يستوي الأعمى والبصير يعني المؤمن والمشرك ولا الظلمات يعني الشرك والضلالات ولا النور الهدى والإيمان، ولا الظل ولا الحرور فيه قولان .

أحدهما: ظل الليل وسموم النهار، قاله عطاء .

والثاني: الظل: الجنة، والحرور: النار، قاله مجاهد . قال الفراء: الحرور بمنزلة السموم، وهي الرياح الحارة . والحرور تكون بالنهار وبالليل، والسموم لا تكون إلا بالنهار . وقال أبو عبيدة: الحرور تكون بالنهار مع الشمس، وكان رؤبة يقول: الحرور بالليل، والسموم بالنهار .

قوله تعالى: وما يستوي الأحياء ولا الأموات فيهم قولان .

أحدهما: أن الأحياء: المؤمنون، والأموات: الكفار .

والثاني: أن الأحياء: العقلاء، والأموات: الجهال . [ ص: 484 ] وفي " لا " المذكورة في هذه الآية قولان .

أحدهما: أنها زائدة مؤكدة . والثاني: أنها نافية لاستواء أحد المذكورين مع الآخر .

قال قتادة: هذه أمثال ضربها الله تعالى للمؤمن والكافر، يقول: كما لا تستوي هذه الأشياء، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن .

إن الله يسمع من يشاء أي: يفهم من يريد إفهامه وما أنت بمسمع من في القبور وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والجحدري: " بمسمع من " على الإضافة; يعني الكفار، شبههم بالموتى، إن أنت إلا نذير قال بعض المفسرين: نسخ معناها بآية السيف .

[ ص: 485 ] قوله تعالى: وإن من أمة إلا خلا فيها نذير أي: ما من أمة إلا قد جاءها رسول . وما بعد هذا قد سبق بيانه [آل عمران: 184، الحج: 44] إلى قوله: فكيف كان نكير أثبت فيها الياء في الحالين يعقوب، ووافقه في الوصل ورش .
ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود . ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور

قوله تعالى: ومن الجبال جدد بيض أي: ومما خلقنا من الجبال جدد . قال ابن قتيبة : الجدد: الخطوط والطرائق تكون في الجبال، فبعضها بيض، وبعضها حمر، وبعضها غرابيب سود، والغرابيب جمع غربيب، وهو الشديد السواد، يقال: أسود غربيب، وتمام الكلام عند قوله: كذلك ، يقول: من الجبال مختلف ألوانه، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك أي: كاختلاف الثمرات . قال الفراء: وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وسود غرابيب، لأنه يقال: أسود غربيب، [ ص: 486 ] وقلما يقال: غربيب أسود . وقال الزجاج: المعنى: ومن الجبال غرابيب سود، وهي ذوات الصخر الأسود . وقال ابن دريد: الغربيب: الأسود، أحسب أن اشتقاقه من الغراب .

وللمفسرين في المراد بالغرابيب ثلاثة أقوال .

أحدها: الطرائق السود، قاله ابن عباس . والثاني: الأودية السود، قاله قتادة . والثالث: الجبال السود، قاله السدي .

ثم ابتدأ فقال: إنما يخشى الله من عباده العلماء يعني العلماء بالله عز وجل . قال ابن عباس: يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني . وقال مجاهد والشعبي: العالم من خاف الله . وقال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم .
إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور . ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير

قوله تعالى: إن الذين يتلون كتاب الله يعني قراء القرآن، فأثنى عليهم بقراءة القرآن; وكان مطرف يقول: هذه آية القراء .

وفي قوله: يتلون قولان . أحدهما: يقرؤون . والثاني: يتبعون . [ ص: 487 ] قال أبو عبيدة: وأقاموا الصلاة بمعنى ويقيمون، وهو إدامتها لمواقيتها وحدودها .

قوله تعالى: يرجون تجارة قال الفراء: هذا جواب قوله: إن الذين يتلون . قال المفسرون: والمعنى: يرجون بفعلهم هذا تجارة لن تفسد ولن تهلك ولن تكسد ليوفيهم أجورهم أي: جزاء أعمالهم ويزيدهم من فضله قال ابن عباس: سوى الثواب ما لم تر عين ولم تسمع أذن .

فأما الشكور، فقال الخطابي: هو الذي يشكر اليسير من الطاعة، فيثيب عليه الكثير من الثواب، ويعطي الجزيل من النعمة، ويرضى باليسير من الشكر; ومعنى الشكر المضاف إليه: الرضى بيسير الطاعة من العبد، والقبول له، وإعظام الثواب عليه; وقد يحتمل أن يكون معنى الثناء على الله بالشكور ترغيب الخلق في الطاعة قلت أو كثرت، لئلا يستقلوا القليل من العمل، ولا يتركوا اليسير منه .
إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور . ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير

قوله تعالى: إن الذين يتلون كتاب الله يعني قراء القرآن، فأثنى عليهم بقراءة القرآن; وكان مطرف يقول: هذه آية القراء .

وفي قوله: يتلون قولان . أحدهما: يقرؤون . والثاني: يتبعون . [ ص: 487 ] قال أبو عبيدة: وأقاموا الصلاة بمعنى ويقيمون، وهو إدامتها لمواقيتها وحدودها .

قوله تعالى: يرجون تجارة قال الفراء: هذا جواب قوله: إن الذين يتلون . قال المفسرون: والمعنى: يرجون بفعلهم هذا تجارة لن تفسد ولن تهلك ولن تكسد ليوفيهم أجورهم أي: جزاء أعمالهم ويزيدهم من فضله قال ابن عباس: سوى الثواب ما لم تر عين ولم تسمع أذن .

فأما الشكور، فقال الخطابي: هو الذي يشكر اليسير من الطاعة، فيثيب عليه الكثير من الثواب، ويعطي الجزيل من النعمة، ويرضى باليسير من الشكر; ومعنى الشكر المضاف إليه: الرضى بيسير الطاعة من العبد، والقبول له، وإعظام الثواب عليه; وقد يحتمل أن يكون معنى الثناء على الله بالشكور ترغيب الخلق في الطاعة قلت أو كثرت، لئلا يستقلوا القليل من العمل، ولا يتركوا اليسير منه .
ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير . جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير

قوله تعالى: ثم أورثنا الكتاب في " ثم " وجهان; أحدهما: أنها بمعنى الواو، والثاني: أنها للترتيب . والمعنى: أنزلنا الكتب المتقدمة، ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا وفيهم قولان .

أحدهما: أنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن عباس .

والثاني: أنهم الأنبياء وأتباعهم، قاله الحسن .

[ ص: 488 ] وفي الكتاب قولان .

أحدهما: أنه اسم جنس والمراد به الكتب التي أنزلها الله عز وجل، وهذا يخرج على القولين . فإن قلنا: الذين اصطفوا أمة محمد، فقد قال ابن عباس: إن الله أورث أمة محمد صلى الله عليه وسلم كل كتاب أنزله . وقال ابن جرير الطبري: ومعنى ذلك: أورثهم الإيمان بالكتب كلها- وجميع الكتب تأمر باتباع القرآن- فهم مؤمنون بها عاملون بمقتضاها; واستدل على صحة هذا القول بأن الله تعالى قال في الآية التي قبل هذه: والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق وأتبعه بقوله: ثم أورثنا الكتاب فعلمنا أنهم أمة محمد، إذ كان معنى الميراث: انتقال شيء من قوم، إلى قوم ولم تكن أمة على عهد نبينا انتقل إليهم كتاب من قوم كانوا قبلهم غير أمته . فإن قلنا: هم الأنبياء وأتباعهم، كان المعنى: أورثنا كل كتاب أنزل على نبي ذلك النبي وأتباعه .

والقول الثاني: أن المراد بالكتاب القرآن .

وفي معنى أورثنا قولان .

أحدهما: أعطينا، لأن الميراث عطاء، قاله مجاهد .

والثاني: أخرنا، ومنه الميراث، لأنه تأخر عن الميت فالمعنى: أخرنا القرآن عن الأمم السالفة وأعطيناه هذه الأمة، إكراما لها، ذكره بعض أهل المعاني .

قوله تعالى: فمنهم ظالم لنفسه فيه أربعة أقوال .

[ ص: 489 ] أحدها: أنه صاحب الصغائر; روى عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له " . وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية، قال: " كلهم في الجنة " .

والثاني: أنه الذي مات على كبيرة ولم يتب منها، رواه عطاء عن ابن عباس .

والثالث : أنه الكافر، رواه عمرو بن دينار عن ابن عباس، وقد رواه ابن عمر مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فعلى هذا يكون الاصطفاء لجملة من أنزل عليه الكتاب، كما قال: وإنه لذكر لك ولقومك [الزخرف: 44] أي: لشرف لكم، وكم من مكرم لم يقبل الكرامة!

والرابع : أنه المنافق: حكي عن الحسن . وقد روي عن الحسن أنه [ ص: 490 ] قال: الظالم: الذي ترجح سيئاته على حسناته، والمقتصد: الذي قد استوت حسناته وسيئاته، والسابق: من رجحت حسناته . وروي عن عثمان بن عفان أنه تلا هذه الآية، فقال: سابقنا أهل جهادنا، ومقتصدنا أهل حضرنا، وظالمنا أهل بدونا .

قوله تعالى: ومنهم سابق وقرأ أبو المتوكل، والجحدري، وابن السميفع: " سباق " مثل: فعال بالخيرات أي: بالأعمال الصالحة إلى الجنة، أو إلى الرحمة بإذن الله أي: بإرادته وأمره ذلك هو الفضل الكبير يعني إيراثهم الكتاب .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]