عرض مشاركة واحدة
  #451  
قديم 27-02-2023, 10:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ سَبَإٍ
الحلقة (451)
صــ 461 إلى صــ 470





[ ص: 461 ] قوله تعالى: إلا من آمن قال الزجاج: المعنى: ما تقرب الأموال إلا من آمن وعمل بها في طاعة الله، فأولئك لهم جزاء الضعف والمراد به ها هنا عشر حسنات، تأويله: لهم جزاء الضعف الذي قد أعلمتكم مقداره . وقال ابن قتيبة : لم يرد فيما يرى أهل النظر- والله أعلم- أنهم يجازون بواحد مثله، ولا اثنين، ولكنه أراد جزاء التضعيف، وهو مثل يضم إلى مثل ما بلغ، وكأن الضعف الزيادة، فالمعنى: لهم جزاء الزيادة . وقرأ سعيد بن جبير، وأبو المتوكل، ورويس، وزيد عن يعقوب: " لهم جزاء " بالنصب والتنوين وكسر التنوين وصلا " الضعف " بالرفع . وقرأ أبو الجوزاء، وقتادة، وأبو عمران الجوني: " لهم جزاء " بالرفع والتنوين " الضعف " بالرفع .

قوله تعالى: وهم في الغرفات يعني [في] غرف الجنة، وهي البيوت فوق الأبنية . وقرأ حمزة: " في الغرفة " على التوحيد; أراد اسم الجنس . وقرأ الحسن، وأبو المتوكل: " في الغرفات " بضم الغين وسكون الراء مع الألف . وقرأ أبو الجوزاء، وابن يعمر: بضم الغين وفتح الراء مع الألف آمنون من الموت والغير . وما بعد هذا قد تقدم تفسيره [الحج: 51، الرعد: 26 إلى قوله: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه أي: يأتي ببدله، يقال: أخلف الله له وعليه: إذا أبدل ما ذهب عنه وفي معنى الكلام أربعة أقوال .

أحدها: ما أنفقتم من غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه، قاله سعيد بن جبير .

والثاني: ما أنفقتم في طاعته، فهو يخلفه في الآخرة بالأجر، قاله السدي .

والثالث : ما أنفقتم في الخير والبر فهو يخلفه، إما أن يعجله في الدنيا، أو يدخره لكم في الآخرة، قاله ابن السائب .

[ ص: 462 ] والرابع : أن الإنسان قد ينفق ماله في الخير ولا يرى له خلفا أبدا; وإنما معنى الآية: ما كان من خلف فهو منه، ذكره الثعلبي .

قوله تعالى: وهو خير الرازقين لما دار على الألسن أن السلطان يرزق الجند، وفلان يرزق عياله، أي: يعطيهم، أخبر أنه خير المعطين .

ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون . فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين . وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير

[ ص: 463 ] قوله تعالى: ويوم يحشرهم جميعا يعني المشركين; وقال مقاتل: يعني الملائكة ومن عبدها ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون وهذا استفهام تقرير وتوبيخ للعابدين; فنزهت الملائكة ربها عن الشرك فـ قالوا سبحانك أي: تنزيها لك مما أضافوه إليك من الشركاء أنت ولينا من دونهم أي: نحن نتبرأ إليك منهم، ما توليناهم ولا اتخذناهم عابدين، ولسنا نريد وليا غيرك بل كانوا يعبدون الجن أي: يطيعون الشياطين في عبادتهم إيانا أكثرهم بهم أي: بالشياطين مؤمنون أي: مصدقون لهم فيما يخبرونهم من الكذب أن الملائكة بنات الله، فيقول الله تعالى: فاليوم يعني في الآخرة لا يملك بعضكم لبعض يعني العابدين والمعبودين نفعا بالشفاعة ولا ضرا بالتعذيب ونقول للذين ظلموا فعبدوا غير الله ذوقوا عذاب النار الآية .

ثم أخبر أنهم يكذبون محمدا والقرآن بالآية التي تلي هذه، وتفسيرها ظاهر .

ثم أخبر أنهم لم يقولوا ذلك عن بينة، ولم يكذبوا محمدا عن يقين، ولم يأتهم قبله كتاب ولا نبي يخبرهم بفساد أمره، فقال: وما آتيناهم من كتب يدرسونها قال قتادة: ما أنزل الله على العرب كتابا قبل القرآن [ ص: 464 ] ولا بعث إليهم نبيا قبل محمد; وهذا محمول على الذين أنذرهم نبينا [محمد] صلى الله عليه وسلم; وقد كان إسماعيل نذيرا للعرب .

ثم أخبر عن عاقبة المكذبين قبلهم مخوفا لهم، فقال:

وكذب الذين من قبلهم يعني الأمم الكافرة وما بلغوا معشار ما آتيناهم وفيه ثلاثة أقوال .

أحدها: ما بلغ كفار مكة معشار ما آتينا الأمم التي كانت قبلهم من القوة والمال وطول العمر، قاله الجمهور .

والثاني: ما بلغ الذين من قبلهم معشار ما أعطينا هؤلاء من الحجة والبرهان .

والثالث : ما بلغ الذين من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم، حكاهما الماوردي .

والمعشار: العشر . والنكير: اسم بمعنى الإنكار، قال الزجاج: والمعنى: فكيف كان نكيري; وإنما حذفت الياء، لأنه آخر آية .
قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد . قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب . قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب

قوله تعالى: قل إنما أعظكم أي: آمركم وأوصيكم بواحدة وفيها ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها " لا إله إلا الله " ، رواه ليث عن مجاهد .

[ ص: 465 ] والثاني: طاعة الله، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد .

والثالث : أنها قوله: أن تقوموا لله مثنى وفرادى ، قاله قتادة . والمعنى: أن التي أعظكم بها، قيامكم وتشميركم لطلب الحق، وليس بالقيام على الأقدام . والمراد بقوله: مثنى أي: يجتمع اثنان فيتناظران في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد بـ فرادى : أن يتفكر الرجل وحده، ومعنى الكلام: ليتفكر الإنسان منكم وحده، وليخل بغيره، وليناظر، وليستشر، فيستدل بالمصنوعات على صانعها، ويصدق الرسول على اتباعه، وليقل الرجل لصاحبه: هلم فلنتصادق هل رأينا بهذا الرجل جنة قط، أو جربنا عليه كذبا قط . وتم الكلام عند قوله: ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ، وفيه اختصار تقديره: ثم تتفكروا لتعلموا صحة ما أمرتكم به وأن الرسول ليس بمجنون، إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد في الآخرة .

قوله تعالى: قل ما سألتكم من أجر على تبليغ الرسالة فهو لكم [ ص: 466 ] والمعنى: ما أسألكم شيئا; ومثله قول القائل ما لي في هذا فقد وهبته لك، يريد: ليس لي فيه شيء .

قوله تعالى: قل إن ربي يقذف بالحق أي: يلقي الوحي إلى أنبيائه علام الغيوب وقرأ أبو رجاء : " علام " بنصب الميم .

قل جاء الحق وهو الإسلام والقرآن .

وفي المراد بالباطل ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه الشيطان، لا يخلق أحدا ولا يبعثه، قاله قتادة .

والثاني: أنه الأصنام، لا تبدئ خلقا ولا تحيي، قاله الضحاك . وقال أبو سليمان: لا يبتدئ الصنم من عنده كلاما فيجاب، ولا يرد ما جاء من الحق بحجة .

والثالث : أنه الباطل الذي يضاد الحق; فالمعنى: ذهب الباطل بمجيء الحق، فلم تبق منه بقية يقبل بها أو يدبر أو يبدئ أو يعيد، ذكره جماعة من المفسرين .

قوله تعالى: قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي أي: إثم ضلالتي [ ص: 467 ] على نفسي، وذلك أن كفار مكة زعموا أنه قد ضل حين ترك دين آبائه وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي من الحكمة والبيان .
ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب . وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد . وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب

قوله تعالى: ولو ترى إذ فزعوا في زمان هذا الفزع قولان .

أحدهما: أنه حين البعث من القبور، قاله الأكثرون .

والثاني: أنه عند ظهور العذاب في الدنيا، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة . وقال سعيد بن جبير: هو الجيش الذي يخسف به بالبيداء، يبقى منهم رجل فيخبر الناس بما لقوا، وهذا حديث مشروح في التفسير، وأن هذا الجيش يؤم البيت الحرام لتخريبه، فيخسف بهم . وقال الضحاك وزيد بن أسلم: هذه الآية فيمن قتل يوم بدر من المشركين .

[ ص: 468 ] [ ص: 469 ] قوله تعالى: فلا فوت المعنى: فلا فوت لهم، أي: لا يمكنهم أن يفوتونا وأخذوا من مكان قريب فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: من مكانهم يوم بدر، قاله زيد بن أسلم . والثاني: من تحت أقدامهم بالخسف، قاله مقاتل . والثالث: من القبور، قاله ابن قتيبة . وأين كانوا، فهم من الله قريب .

قوله تعالى: وقالوا أي: حين عاينوا العذاب آمنا به في هاء الكناية أربعة أقوال .

أحدها: أنها تعود إلى الله عز وجل، قاله مجاهد . والثاني: إلى البعث، قاله الحسن . والثالث: إلى الرسول، قاله قتادة . والرابع: إلى القرآن، قاله مقاتل .

قوله تعالى: وأنى لهم التناوش قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: " التناوش " غير مهموز . وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، والمفضل عن عاصم: بالهمز . قال الفراء: من همز جعله من " نأشت " ، ومن لم يهمز، جعله من " نشت " ، وهما متقاربان; والمعنى: تناولت الشيء، بمنزلة: ذمت الشيء وذأمته: إذا عبته; وقد تناوش القوم في القتال: إذ تناول بعضهم بعضا بالرماح، ولم يتدانوا كل التداني، وقد يجوز همز " التناؤش " وهي من " نشت " لانضمام الواو، مثل قوله: وإذا الرسل أقتت [المرسلات: 11] وقال الزجاج: من همز " التناؤش " فلأن واو التناوش مضمومة، وكل واو مضمومة ضمتها لازمة، إن شئت أبدلت منها همزة، وإن شئت لم تبدل، نحو: أدؤر . وقال ابن قتيبة : معنى الآية: وأنى لهم [ ص: 470 ] التناوش لما أرادوا بلوغه وإدراك ما طلبوا من التوبة من مكان بعيد وهو الموضع الذي تقبل فيه التوبة . وكذلك قال المفسرون: أنى لهم بتناول الإيمان والتوبة وقد تركوا ذلك في الدنيا والدنيا قد ذهبت؟!

قوله تعالى: وقد كفروا به في هاء الكناية أربعة أقوال قد تقدمت في قوله: آمنا به [سبأ: 52] . ومعنى من قبل أي: في الدنيا من قبل معاينة أهوال الآخرة ويقذفون بالغيب أي: يرمون بالظن من مكان بعيد وهو بعدهم عن العلم بما يقولون .

وفي المراد بمقالتهم هذه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم يظنون أنهم يردون إلى الدنيا، قاله أبو صالح عن ابن عباس .

والثاني: أنه قولهم في الدنيا: لا بعث لنا ولا جنة ولا نار، قاله الحسن، وقتادة .

والثالث : أنه قولهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ساحر، هو كاهن، هو شاعر، قاله مجاهد .

قوله تعالى: وحيل بينهم وبين ما يشتهون أي: منع هؤلاء الكفار مما يشتهون، وفيه ستة أقوال .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]