عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27-02-2023, 10:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ الْأَحْزَابِ
الحلقة (446)
صــ 411 إلى صــ 420





[ ص: 411 ] والثالث : إلا أن تبدل أمتك بأمة غيرك، قاله ابن زيد .

قال أبو سليمان الدمشقي: وهذه الأقوال جائزة، إلا أنا لا نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح يهودية ولا نصرانية بتزويج ولا ملك يمين، ولقد سبى ريحانة القرظية فلم يدن منها حتى أسلمت .

فصل

واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على قولين .

أحدهما: أنها منسوخة بقوله: إنا أحللنا لك أزواجك وهذا مروي عن علي، وابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وعلي بن الحسين، والضحاك . وقالت عائشة: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء، قال أبو سليمان الدمشقي: يعني نساء جميع القبائل من المهاجرات وغير المهاجرات .

والقول الثاني: أنها محكمة; ثم فيها قولان .

أحدهما: أن الله تعالى أثاب نساءه حين اخترنه بأن قصره عليهن، فلم يحل له غيرهن، ولم ينسخ هذا، قاله الحسن، وابن سيرين، وأبو أمامة بن سهل، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث .

والثاني: أن المراد بالنساء ها هنا: الكافرات، ولم يجز له أن يتزوج كافرة، قاله مجاهد ، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وجابر بن زيد .
[ ص: 412 ] يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الآية . في سبب نزولها ستة أقوال .

[ ص: 413 ] القول الأول: أخرجاه في " الصحيحين " من حديث أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب بنت جحش دعا القوم، فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام وقام من القوم من قام، وقعد ثلاثة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل فإذا القوم جلوس، فرجع، وإنهم قاموا فانطلقوا، وجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، وذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل الله تعالى هذه الآية .

والثاني: أن ناسا من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي صلى الله عليه وسلم فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يدرك، ثم يأكلون ولا يخرجون، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأذى بهم، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس .

والثالث : أن عمر بن الخطاب قال: قلت يا رسول الله! إن نساءك يدخل [ ص: 414 ] عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، أخرجه البخاري من حديث أنس، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر، كلاهما عن عمر .

والرابع : أن عمر أمر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجاب، فقالت زينب: يا ابن الخطاب، إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا؟! فنزلت الآية، قاله ابن مسعود .

والخامس: أن عمر كان يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، فلا يفعل، فخرجت سودة ليلة، فقال عمر: قد عرفناك يا سودة- حرصا على أن ينزل الحجاب- فنزل الحجاب، رواه عكرمة عن عائشة .

[ ص: 415 ] والسادس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم معه بعض أصحابه، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة، وكانت معهم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فنزلت آية الحجاب، قاله مجاهد .

قوله تعالى: إلا أن يؤذن لكم إلى طعام أي: أن تدعوا إليه غير ناظرين أي: منتظرين إناه قال الزجاج: موضع " أن " نصب; والمعنى: إلا بأن يؤذن لكم، أو لأن يؤذن، و " غير " منصوبة على الحال; والمعنى: إلا أن يؤذن لكم غير منتظرين . و " إناه " : نضجه وبلوغه .

قوله تعالى: فانتشروا أي: فاخرجوا .

قوله تعالى: ولا مستأنسين لحديث المعنى: ولا تدخلوا مستأنسين، أي: طالبي الأنس لحديث، وذلك أنهم كانوا يجلسون بعد الأكل فيتحدثون طويلا، وكان ذلك يؤذيه، ويستحيي أن يقول لهم: قوموا، فعلمهم الله الأدب، فذلك قوله: والله لا يستحيي من الحق أي: لا يترك أن يبين لكم ما هو الحق وإذا سألتموهن متاعا أي: شيئا يستمتع به وينتفع به من آلة المنزل فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر أي: سؤالكم إياهن المتاع من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الريبة .

[ ص: 416 ] قوله تعالى: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله أي: ما كان لكم أذاه في شيء من الأشياء . قال أبو عبيدة: و " كان " من حروف الزوائد . والمعنى: ما لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا . روى عطاء عن ابن عباس، قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة، فأنزل الله ما أنزل . وزعم مقاتل أن ذلك الرجل طلحة بن عبيد الله .

قوله تعالى: إن ذلكم يعني نكاح أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند الله عظيما أي: ذنبا عظيم العقوبة .
[ ص: 417 ] إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما . لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا

قوله تعالى: إن تبدوا شيئا أو تخفوه قيل: إنها نزلت فيما أبداه القائل: لئن مات رسول الله لأتزوجن عائشة .

قوله تعالى: لا جناح عليهن في آبائهن قال المفسرون: لما نزلت آية الحجاب، قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب؟ فأنزل الله تعالى: لا جناح عليهن في آبائهن أي: في أن يروهن ولا يحتجبن عنهم، إلى قوله: ولا نسائهن قال ابن عباس: يعني نساء المؤمنين، لأن نساء اليهود والنصارى يصفن لأزواجهن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رأينهن .

فإن قيل: ما بال العم والخال لم يذكرا؟ فعنه جوابان .

[ ص: 418 ] أحدهما: لأن المرأة تحل لأبنائهما، فكره أن تضع خمارها عند عمها وخالها، لأنهما ينعتانها لأبنائهما، هذا قول الشعبي وعكرمة .

والثاني: لأنهما يجريان مجرى الوالدين فلم يذكرا، قاله الزجاج .

فأما قوله: ولا ما ملكت أيمانهن ففيه قولان

أحدهما: أنه أراد الإماء دون العبيد، قاله سعيد بن المسيب .

والثاني: أنه عام في العبيد والإماء . قال ابن زيد: كن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من المماليك . وقد سبق بيان هذا في سورة (النور: 31) .

قوله تعالى: واتقين الله أي: أن يراكن غير هؤلاء إن الله كان على كل شيء شهيدا أي: لم يغب عنه شيء .
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا

قوله تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي في صلاة الله وصلاة الملائكة أقوال قد تقدمت في هذه السورة [الأحزاب: 43]

قوله تعالى: صلوا عليه قال كعب بن عجرة: قلنا: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: " اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على [آل] إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على [آل] إبراهيم، إنك حميد مجيد، [ ص: 419 ] أخرجه البخاري ومسلم . ومعنى قوله : " قد علمنا التسليم عليك " : ما يقال في التشهد: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " . وذهب ابن السائب إلى أن معنى التسليم: سلموا لما يأمركم به .

قوله تعالى: إن الذين يؤذون الله ورسوله اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال .

[ ص: 420 ] أحدها: في الذين طعنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اتخذ صفية بنت حيي، قاله ابن عباس .

والثاني: نزلت في المصورين، قاله عكرمة .

والثالث : في المشركين واليهود والنصارى، وصفوا الله بالولد وكذبوا رسوله وشجوا وجهه وكسروا رباعيته وقالوا: مجنون شاعر ساحر كذاب . ومعنى أذى الله: وصفه بما هو منزه عنه، وعصيانه; ولعنهم في الدنيا: بالقتل والجلاء، وفي الآخرة: بالنار .

قوله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات في سبب نزولها أربعة أقوال .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.62%)]