عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-02-2023, 10:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البشـــائر النبـــوية للأعمــال الخيرية

البشـــائر النبـــوية للأعمــال الخيرية
(2) المشارك في الطاعة مشارك في الأجر






من فضل الله -تعالى- على عباده أن جعل المشارك في الطاعة مشاركا في الأجر، فالصدقة طاعة وقربى إلى الله، والمتصدق له الأجر العظيم من رب العالمين، وهذا الأجر لا يناله فقط صاحب الصدقة، بل من كان مسلمًا وخازناً أمينا لها، يرعاها ويؤديها بحقها، ملتزمًا شروطها، مع الرضا والسرور، وطيبة بها نفسه ؛ فله بذلك أجر كما لصاحب الصدقة أجر، وليس معناه أن يزاحمه في أجره، بل لهذا نصيب بماله، ولهذا نصيب بعمله، لا يزاحم صاحب المال العامل في نصيب عمله، ولا يزاحم العامل صاحب المال في نصيب ماله.
لك أجر كأجر من تصدق إذا تحققت الأوصاف التالية:
عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الخازنَ المسلمَ الأمينَ، الذي يُنْفِذُ ما أُمرَ به، فيعطيه كاملاً مُوَفَّراً، طيبةً به نفسُهُ، فيدفعُه إلى الذي أُمر له به؛ أحدُ المتصَدّقين»، الحديث يخبرنا ويبشرنا رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - بأن الخازن المسلم المؤتمن، الذي عمل على حفظ الأمانة ورعاها، وأداها كما أَمر بذلك صاحبها، مع طيب نفس منه، فهو بهذا يكون أحد المتصدقين.
الصَّدقةُ مِن أفضَلِ أنواع الخيرِ والطاعاتِ
والصَّدقةُ مِن أفضَلِ أنواع الخيرِ والطاعاتِ، ولكلِّ مَن شارَكَ في إخراجِ الصَّدَقاتِ أجرٌ كالمُتصدِّقِ نفْسِه إذا حقَّقَ الشُّروطَ المرعية في ذلك، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ، قال النووي: «فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب، وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، واعلم أنه لا بد للعامل وهو الخازن، من إذن المالك في ذلك، فإن لم يكن إذن أصلاً فلا أجر للخازن بل عليه وزر بتصرفه في مال غيره بغير إذنه».
أوصاف خمسة
وفي شرح الحديث قال الشيخ محمد بن صالح عثيمين -رحمه الله -: «الخازن مبتدأ، وأحد المتصدقين خبر، يعني أن الخازن الذي جمع هذه الأوصاف الأربعة: المسلم، الأمين، الذي ينفذ ما أمر به، طيبة بها نفسه فنص الحديث على خمسة أوصاف لا بد أن تتحقق:
- الوصف الأول: (المسلم)، أي يخرج من هذا الوصف غير المسلم.
- الوصف الثاني: الخازن وهو من وكل أو أوكل إليه حفظ مال سواء كانت الوكالة بأجر أم كانت الوكالة بتبرع، فحفظ المال، ولم يفسده، ولم يفرط فيه، ولم يعتد فيه.
- الوصف الثالث: الأمين، وهو من حفظ ما أؤتمن عليه، بما أسند إليه من مهمة، فأداه على النحو الذي أمر به وفعل ما أمر به في مبلغه ووقته؛ لأن من الناس من يكون خازناً لكنه متكاسل، فهذا أمين ومنفذ يفعل ما أمر به، فيجمع بين القوة والأمانة.
- الوصف الرابع: فيعطيه كاملًا موفورًا من غير نقص.
- الوصف الخامس: طيبة به نفسه أي يخرج ما طلب منه أن يعطيه لغيره أو وكل في إيصاله لغيره مع طيبة نفس منه؛ لا يمن على المعطى، أو يظهر أن له فضلاً عليه بل يعطيه طيبة به نفسه.
المؤتمن هو أحد المتصدقين
إذا تحققت الأوصاف الخمس، فهذا يكون أحد المتصدقين مع أنه لم يدفع من ماله فلسًا واحدا»، فالمؤتمن هو أحد المتصدقين، فالمتصدق طرف والمؤتمن على تلك الصدقة طرف آخر، وكلاهما ينالان من الله -تعالى- الأجر بهذا العمل؛ فالذي يرعى الصدقة ويحفظها ويوصلها إلى مستحقيها، ويصرفها بالوجه الصحيح الذي اشترطه صاحب الصدقة، وكان أمينًا على ذلك المال فلا يحابي ولا يداهن، ولا يمن على أحد، فيعطيه كاملاً من دون أن يقتطع لنفسه منه، وهو في الوقت نفسه فرح مسرور بهذا العمل؛ لأنه نقل الأمانة من صاحبها إلى مستحقها.
الحافز الشرعي
هذه أوصاف ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - تعطي الحافز الشرعي في أداء الأعمال بأمانة وإتقان وهو حافز مستمد من كتاب الله -تعالى- وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، حافز دائم العطاء إذا احتسب العامل ذلك البذل والجهد والعطاء لله -تعالى.
والنتيجة: فهو «أحَدُ المُتَصَدِّقين» في الأجر والثواب، وإن كان لم يخرج من ماله شيئًا، لكنه أخرج من جهده على نحو توافرت فيه هذه الأوصاف التي ذكرها - صلى الله عليه وسلم - فكان أجره وثوابه على نحو أجر المتصدق وثوابه، فكلاهما مأجور، هذا مأجور بالبذل، وذاك مأجور بالإيصال وأداء الأمانة على الوجه الذي أؤتمن عليه دون نقص أو إخلال في ذلك، فكان مأجورًا.
وقد رتَّب الأجرَ على إعطائِه ما يُؤمَرُ به غيرَ ناقِصٍ، وبكَونِ نفْسِه بذلك طَيِّبةً غيرَ حاسدةٍ لِمَن أعطاهُ إيَّاه؛ لئلَّا يَعدِمَ النِّيةَ فيَفقِدَ الأجرَ، وهي قُيودٌ لا بدَّ منها.
ويُنافي هذا أنْ يكونَ الخازِنُ متسَلِّطًا على ما سمَح به صاحبُ المالِ في الصَّدَقاتِ، فيَمنَعَ الخَيرَ عن بعضِ المسلِمينَ بأهوائِه، وإنْ أعْطَاهم فيكونُ بغيرِ طِيبِ نفْسٍ، ورُبَّما صاحَبَ ذلك نَوعٌ مِن المَنِّ والتَّوبيخِ، وهذا ممَّا لا يَنبغي فِعلُه؛ لأنَّه لا يوافِقُ المَقصدَ الشَّرعيَّ مِن الصدَقاتِ وعمَلِ الخَيرِ الَّذي وُكِّل إليهم، مع ضَياعِ أجْرِهم وثوابِهم عِندَ اللهِ -تعالى.
من فوائد الحديث
- أنه دليلٌ على فَضلِ الأمانةِ، والتَّنفيذِ فيما وُكِّل فيه، وعدَمِ التَّفريطِ في ذلك.
- ودَليلٌ على أنَّ التَّعاوُنَ على البِرِّ والتَّقوى يُكتَبُ فيه لِمَن أعان مِثلُ ما يُكتَبُ لِمَن فعَل، وهذا فضلُ اللهِ يؤْتِيه مَن يَشاءُ.
- ليس للإنسان أن يتصرف في مال غيره إلا بإذنه.
- فضل الأمانة، وفضل التنفيذ فيما وُكل فيه وعدم التفريط فيه.
- حث على القيم الأساسية التي ينبغي أن تتجذر في نفوس العاملين، وتتجلى في أعمالهم، من إخلاص وأمانة وصدق وتجرد؛ فإن ذلك أنفع للمؤتمن في دنياه وأخراه، وأدعى للبركة والتوفيق في عمله.
- حسن التعامل مع الآخرين؛ فالعاملون على الصدقات والأوقاف تسلط عليهم الأنظار؛ لأن أهل الخير قد أمّنوهم على صدقاتهم ومشاريعهم؛ فكل فعل محسوب عليهم، فلا بد أن يكون لدي الشخص الذي يتصدى لهذه المهمة السامية إخلاص في القصد والنية من خلال ابتغاء وجه الله -عز وجل- وحده بهذا العمل؛ كما يجب أن يكون متبعا فيه للكتاب والسنة، وعليه أن يكون نموذجاً للشخص المتفاني في خدمة المسلمين، وأن يتعامل مع أهل العوز والحاجة بالحسنى والكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة صدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم .


عيسى القدومي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]