عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22-02-2023, 11:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السابع
الحلقة (505)
سُورَةُ مُحَمَّدٍ
صـ 347 إلى صـ 354






وقال إسماعيل بن عيسى المزني في أول مختصره : اختصرت هذا من علم الشافعي ، [ ص: 347 ] ومن معنى قوله ؛ لأقربه على من أراده مع إعلامه نهيه عن تقليده وتقليد غيره ؛ لينظر فيه لدينه ، ويحتاط فيه لنفسه إلى أن قال : وقال أحمد بن حنبل : لا تقلدني ، ولا تقلد مالكا ، ولا الثوري ولا الأوزاعي ، وخذ من حيث أخذوا .

وقال : من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال .

وقال بشر بن الوليد : قال أبو يوسف : لا يحل لأحد أن يقول مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا .

وقد صرح مالك بأن من ترك قول عمر بن الخطاب لقول إبراهيم النخعي أنه يستتاب ، فكيف بمن ترك قول الله ورسوله لقول من هو دون إبراهيم أو مثله . انتهى محل الغرض منه .

ومما لا شك فيه أن الأئمة الأربعة رحمهم الله نهوا عن تقليدهم في كل ما خالف كتابا أو سنة كما نقله عنهم أصحابهم ، كما هو مقرر في كتب الحنفية عن أبي حنيفة .

وكتب الشافعية عن الشافعي القائل : إذا صح الحديث فهو مذهبي .

وكتب المالكية ، والحنابلة عن مالك وأحمد رحمهم الله جميعا .

وكذلك كان غيرهم من أفاضل العلماء يمنعون من تقليدهم فيما لم يوافق الكتاب والسنة وقد يتحفظون منه ولا يرضون .

قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في جامعه : وذكر محمد بن حارث في أخبار سحنون بن سعيد عن سحنون ، قال : كان مالك بن أنس ، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، ومحمد بن إبراهيم بن دينار ، وغيرهم يختلفون إلى ابن هرمز ، فكان إذا سأله مالك وعبد العزيز أجابهما .

وإذا سأله محمد بن إبراهيم بن دينار وذووه لم يجبهم فقال له : يسألك مالك وعبد العزيز فتجيبهما ، وأسألك أنا وذوي فلا تجيبنا ؟ فقال : أوقع ذلك يا ابن أخي في قلبك ؟ قال : نعم ، فقال له : إني قد كبرت سني ورق عظمي ، وأنا أخاف أن يكون خالطني في عقلي مثل الذي خالطني في بدني ، [ ص: 348 ] ومالك وعبد العزيز عالمان فقيهان ، إذا سمعا مني حقا قبلاه ، وإذا سمعا خطأ تركاه ، وأنت وذووك ما أجبتكم به قبلتموه .

قال محمد بن حارث : هذا والله هو الدين الكامل ، والعقل الراجح ، لا كمن يأتي بالهذيان ، ويريد أن ينزل من القلوب منزلة القرآن . انتهى منه .
التنبيه الثالث

اعلم أن المقلدين للأئمة هذا التقليد الأعمى قد دل كتاب الله ، وسنة رسوله ، وإجماع من يعتد به من أهل العلم ، أنه لا يجوز لأحد منهم أن يقول : هذا حلال وهذا حرام ; لأن الحلال ما أحله الله ، على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في كتابه أو سنة رسوله ، والحرام ما حرمه الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في كتابه ، أو سنة رسوله .

ولا يجوز البتة للمقلد أن يزيد على قوله : هذا الحكم قاله الإمام الذي قلدته أو أفتى به .

أما دلالة القرآن على منع ذلك فقد قال تعالى : قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون [ 10 \ 59 ] ، وقال تعالى : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون [ 16 \ 116 ] ، وقال تعالى : قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا .

ومعلوم أن العبرة بعموم الألفاظ ، لا بخصوص الأسباب كما بيناه مرارا ، وأوضحنا أدلته من السنة الصحيحة .

ومما يوضح هذا أن المقلد الذي يقول : هذا حلال وهذا حرام من غير علم بأن الله حرمه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - يقول على الله بغير علم قطعا .

فهو داخل بلا شك في عموم قوله تعالى : قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [ 7 \ 33 ] .

فدخوله في قوله : وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون كما [ ص: 349 ] ترى ، وهو داخل أيضا في عموم قوله تعالى : إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [ 2 \ 169 ] .

وأما السنة ، فقد قال مسلم بن الحجاج في صحيحه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع بن الجراح عن سفيان . ح ، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا يحيى بن آدم ، حدثنا سفيان ، قال : أملاه علينا إملاء .

ح وحدثني عبد الله بن هاشم - واللفظ له - حدثني عبد الرحمن يعني ابن مهدي ، حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال : " اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله " الحديث .

وفيه : " وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري ، أتصيب حكم الله فيهم أم لا " . هذا لفظ مسلم في صحيحه .

وفيه النهي الصريح من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نسبة حكم إلى الله ، حتى يعلم بأن هذا حكم الله الذي شرعه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم ، ولأجل هذا كان أهل العلم لا يتجرءون على القول بالتحريم والتحليل إلا بنص من كتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم .

قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في جامعه : حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب ، قال : قال الربيع بن خيثم : إياكم أن يقول الرجل في شيء : إن الله حرم هذا أو نهى عنه ، فيقول الله : كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه .

قال : أو يقول : إن الله أحل هذا وأمر به ، فيقول : كذبت لم أحله ولم آمر به .

وذكر ابن وهب وعتيق بن يعقوب أنهما سمعا مالك بن أنس يقول : لم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا ولا أدركت أحدا أقتدي به يقول في شيء : هذا حلال وهذا حرام .

ما كانوا يجترئون على ذلك ، وإنما كانوا يقولون : نكره هذا ، ونرى هذا حسنا ، ونتقي هذا ، ولا نرى هذا .

[ ص: 350 ] وزاد عتيق بن يعقوب : ولا يقولون حلال وحرام .

أما سمعت قول الله عز وجل : قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون [ 10 \ 59 ] .

الحلال ما أحله الله ورسوله ، والحرام ما حرمه الله ورسوله .

قال أبو عمر : معنى قول مالك هذا أن ما أخذ من العلم رأيا واستحسانا لم نقل فيه حلال ولا حرام والله أعلم . انتهى محل الغرض منه .

وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسيره في الكلام على قوله تعالى : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام [ 16 \ 116 ] ما نصه : أسند الدارمي أبو محمد في مسنده أخبرنا هارون عن حفص عن الأعمش ، قال : ما سمعت إبراهيم قط يقول : حلال ولا حرام ، ولكن كان يقول : كانوا يكرهون وكانوا يستحبون .

وقال ابن وهب : قال مالك : لم يكن من فتيا الناس أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام .

ولكن يقولون : إياكم وكذا وكذا . ولم أكن لأصنع هذا .

ومعنى هذا أن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان ، إلا أن يكون البارئ تعالى صرح بذلك عنه .

وما يؤدي إليه الاجتهاد في أنه حرام يقول : إني أكره كذا .

وكذلك كان مالك يفعل اقتداء بمن تقدم من أهل الفتوى . انتهى محل الغرض منه .

وإذا كان مالك وإبراهيم النخعي وغيرهما من أكابر أهل العلم لا يتجرءون أن يقولوا في شيء من مسائل الاجتهاد والرأي : هذا حلال أو حرام .

فما ظنك بغيرهم من المقلدين الذين لم يستضيئوا بشيء من نور الوحي ؟

فتجرؤهم على التحريم والتحليل بلا مستند من الكتاب إنما نشأ لهم من الجهل بكتاب الله وسنة رسوله ، وآثار السلف الصالح .

وآية يونس المتقدمة صريحة فيما ذكرنا صراحة تغني عن كل ما سواها ; لأنه تعالى لما قال : فجعلتم منه حراما وحلالا [ 10 \ 59 ] أتبع ذلك بقوله : قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون .

[ ص: 351 ] ولم يجعل واسطة بين إذنه في ذلك وبين الافتراء عليه ، فمن كان عنده إذن من الله بتحريم هذا أو تحليلا فليعتمد على إذن الله في ذلك .

ومن لم يكن عنده إذن من الله في ذلك فليحذر من الافتراء على الله ، إذ لا واسطة بين الأمرين .

ومعلوم أن العبرة بعموم لفظ الآية لا بخصوص سببها .

فالذين يقولون من الجهلة المقلدين : هذا حلال وهذا حرام ، وهذا حكم الله ، ظنا منهم أن أقوال الإمام الذي قلدوه تقوم مقام الكتاب والسنة وتغني عنهما ، وأن ترك الكتاب والسنة والاكتفاء بأقوال من قلدوه أسلم لدينه أعمتهم ظلمات الجهل المتراكمة عن الحقائق حتى صاروا يقولون هذا .

فهم كما ترى ، مع أن الإمام الذي قلدوه ، ما كان يتجرأ على مثل الذي تجرءوا عليه ; لأن علمه يمنعه من ذلك .

والله - جل وعلا - يقول : قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب [ 39 \ 9 ] .
التنبيه الرابع

اعلم أن مما لا بد منه معرفة الفرق بين الاتباع والتقليد ، وأن محل الاتباع لا يجوز التقليد فيه بحال .

وإيضاح ذلك : أن كل حكم ظهر دليله من كتاب الله ، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو إجماع المسلمين ، لا يجوز فيه التقليد بحال ; لأن كل اجتهاد يخالف النص ، فهو اجتهاد باطل ، ولا تقليد إلا في محل الاجتهاد ; لأن نصوص الكتاب والسنة ، حاكمة على كل المجتهدين ، فليس لأحد منهم مخالفتها كائنا من كان .

ولا يجوز التقليد فيما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا إذ لا أسوة في غير الحق ، فليس فيما دلت عليه النصوص إلا الاتباع فقط .

ولا اجتهاد ، ولا تقليد فيما دل عليه نص ، من كتاب أو سنة - سالم من المعارض .

[ ص: 352 ] والفرق بين التقليد والاتباع أمر معروف عند أهل العلم ، لا يكاد ينازع في صحة معناه أحد من أهل العلم .

وقد قدمنا كلام ابن خويز منداد الذي نقله عنه ابن عبد البر في جامعه ، وهو قوله : التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه ، وذلك ممنوع منه في الشريعة ، والاتباع ما ثبت عليه حجة .

وقال في موضع آخر من كتابه : كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده ، والتقليد في دين الله غير صحيح .

وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه ، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع . ا هـ .

وقال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين : وقد فرق الإمام أحمد رحمه الله بين التقليد والاتباع .

فقال أبو داود : سمعته يقول : الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه ، ثم هو من بعد في التابعين مخير . انتهى محل الغرض منه .

قال مقيده عفا الله عنه ، وغفر له : أما كون العمل بالوحي اتباعا لا تقليدا فهو أمر قطعي ، والآيات الدالة على تسميته اتباعا كثيرة جدا ; كقوله تعالى : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون [ 7 \ 3 ] .

وقوله تعالى : واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم [ 39 \ 55 ] .

وقوله تعالى : قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون [ 7 \ 203 ] .

وقوله تعالى : قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم [ 10 \ 15 ] .

وقوله تعالى : وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون [ 6 \ 155 ] .

[ ص: 353 ] وقوله تعالى : اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين [ 6 \ 106 ] .

وقوله تعالى : قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين [ 46 \ 9 ] ، والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة .

فالعمل بالوحي ، هو الاتباع كما دلت عليه الآيات .

ومن المعلوم الذي لا شك فيه ، أن اتباع الوحي المأمور به في الآيات لا يصح اجتهاد يخالفه من الوجوه ، ولا يجوز التقليد في شيء يخالفه .

فاتضح من هذا الفرق بين الاتباع والتقليد ، وأن مواضع الاتباع ليست محلا أصلا للاجتهاد ولا للتقليد ، فنصوص الوحي الصحيحة الواضحة الدلالة السالمة من المعارض لا اجتهاد ولا تقليد معها البتة ; لأن اتباعها والإذعان لها فرض على كل أحد كائنا من كان كما لا يخفى .

وبهذا تعلم أن شروط المجتهد التي يشترطها الأصوليون إنما تشترط في الاجتهاد ، وموضع الاتباع ليس محل اجتهاد .

فجعل شروط المجتهد في المتبع مع تباين الاجتهاد والاتباع وتباين مواضعهما خلط وخبط ، كما ترى .

والتحقيق أن اتباع الوحي لا يشترط فيه إلا علمه بما يعمل به من ذلك الوحي الذي يتبعه ، وأنه يصح علم حديث والعمل به ، وعلم آية والعمل بها .

ولا يتوقف ذلك على تحصيل جميع شروط الاجتهاد ، فيلزم المكلف أن يتعلم ما يحتاج إليه من الكتاب والسنة ، ويعمل بكل ما علم من ذلك ، كما كان عليه أول هذه الأمة ، من القرون المشهود لها بالخير .
التنبيه الخامس

اعلم أنه لا يخفى علينا أن المقلدين التقليد الأعمى المذكور ، يقولون :

هذا الذي تدعوننا إليه وتأمروننا به من العمل بالكتاب والسنة ، وتقديمهما على آراء [ ص: 354 ] الرجال من التكليف بما لا يطاق ; لأنا لا قدرة لنا على معرفة الكتاب والسنة حتى نعمل بهما .

ولا يمكننا معرفة شيء من الشرع إلا عن طريق الإمام الذي نقلده ; لأنا لم نتعلم نحن ولا آباؤنا شيئا غير ذلك .

فإذا لم نقلد إمامنا بقينا في حيرة لا نعلم شيئا من أحكام عباداتنا ولا معاملاتنا ، وتعطلت بيننا الأحكام إذ لا نعرف قضاء ولا فتوى ولا غير ذلك من الأحكام إلا عن طريق مذهب إمامنا ; لأن أحكامه مدونة عندنا وهي التي نتعلمها ونتدارسها دون غيرها من الكتاب أو السنة وأقوال الصحابة ومذاهب الأئمة الآخرين .

ونحن نقول : والله لقد ضيقتم واسعا . وادعيتم العجز ، وعدم القدرة في أمر سهل ، ولا شك أن الأحوال الراهنة للمقلدين التقليد الأعمى للمذاهب المدونة تقتضي صعوبة شديدة جدا في طريق التحول من التقليد الأعمى إلى الاستضاءة بنور الوحي .

وذلك إنما نشأ من شدة التفريط في تعلم الكتاب والسنة والإعراض عنهما إعراضا كليا يتوارثه الأبناء عن الآباء ، والآباء عن الأجداد ، فالداء المستحكم من مئات السنين لا بد لعلاجه من زمن طويل .

ونحن لا نقول : إن الجاهل بالكتاب والسنة يعمل بهما باجتهاده ، بل نعوذ بالله من أن نقول ذلك .

ولكنا نقول : إن الكتاب والسنة يجب تعلمهما ، ولا يجوز الإعراض عنهما وأن كل ما علمه المكلف منهما علما صحيحا ناشئا عن تعلم صحيح وجب عليه العمل به ، فالبلية العظمى إنما نشأت من توارث الإعراض عنهما إعراضا كليا اكتفاء عنهما بغيرهما ، وهذا من أعظم المنكر وأشنع الباطل .

فالذي ندعو إليه هو المبادرة بالرجوع إليهما بتعلمهما أولا ثم العمل بهما والتوبة إلى الله من الإعراض عنهما .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]