عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 23-02-2023, 12:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,352
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ



بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السابع
الحلقة (503)
سُورَةُ مُحَمَّدٍ
صـ 331 إلى صـ 338





[ ص: 331 ] اعلم أولا أن الحديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به ، فجميع طرقه ليس فيها شيء قائم ، قال في إعلام الموقعين :

روي هذا الحديث من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، ومن حديث سعيد بن المسيب عن ابن عمر .

ومن طريق حمزة الجري ، عن نافع عن ابن عمر ، ولا يثبت شيء منها .

قال ابن عبد البر : حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد ; أن أبا عبد الله بن مضرح حدثهم : ثنا محمد بن أيوب الصموت قال : قال لنا البزار : وأما ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " فهذا الكلام لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم . انتهى منه .

وضعف الحديث المذكور معروف عن أهل العلم .

مع أن المقلدين المحتجين به يمنعون تقليد الصحابة ، ويحرمون الاهتداء بتلك النجوم .

وهو تناقض عجيب لأنهم تركوا نفس ما دل عليه الحديث واستدلوا بالحديث على ما لم يتعرض له الحديث ، وهو تقديمهم تقليد أئمتهم على تقليد الصحابة .

مع أن قياسهم على الصحابة لا يصح لعظم الفارق ، وبما ذكرنا تعلم سقوط استدلالهم بما ذكروا عن ابن مسعود من قوله : " من كان مستنا منكم فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد " .

والله - جل وعلا - يقول : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم [ 2 \ 44 ] .

وأما استدلالهم بقوله - صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " .

وقوله - صلى الله عليه وسلم : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " فهو حجة عليهم لا لهم ; لأن سنة الخلفاء الراشدين التي حث عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقرونة بسنته ليس فيها البتة تقليد أعمى ، ولا التزام قول رجل بعينه .

[ ص: 332 ] بل سنتهم هي اتباع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتقديمهما على كل شيء ; لأنهم هم أتبع الناس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشدهم حرصا على العمل بما جاء به .

فالذي يقدم آراء الرجال على كتاب الله وسنة رسوله ويستدل على ذلك بحديث : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " الحديث ، هو كما ترى .

وأقوال الخلفاء رضي الله عنهم وأفعالهم كلها معروفة مدونة إلى الآن ليس فيها تقليد أعمى ، ولا جمود على قول رجل واحد .

وإنما هي عمل بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم ، ومشاورة لأصحابه فيما نزل من النوازل واستنباط ما لم يكن منصوصا من نصوص الكتاب والسنة على أحسن الوجوه وأتقنها ، وأقربها لرضا الله والاحتياط في طاعته .

وكانوا إذا بلغهم شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجعوا إليه ولو كان مخالفا لرأيهم .

فقد رجع أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى قول المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض للجدة السدس .

وكان أبو بكر يرى أنها لا ميراث لها ، وقد قال لها لما جاءته : " لا أرى لك شيئا في كتاب الله ، ولا أعلم لك شيئا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم " .

وقد رجع عمر إلى قول المذكورين في دية الجنين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل فيها غرة عبد أو وليدة .

ورجع عمر أيضا إلى حديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من مجوس هجر .

ورجع عمر أيضا إلى قول الضحاك بن سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها .

ورجع عثمان بن عفان إلى حديث فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالسكنى في البيت الذي توفي عنها زوجها وهي فيه حتى تنقضي عدتها .

وكان عثمان بعد ذلك يفتي بوجوب السكنى للمتوفى عنها حتى تنقضي عدتها .

[ ص: 333 ] وأمثال هذا أكثر من أن تحصى ، وفي ذلك بيان واضح ، لأن سنة الخلفاء الراشدين هي المتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وتقديم سنته على كل شيء ، فعلينا جميعا أن نعمل بمثل ما كانوا يعملون لنكون متبعين لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنتهم .

أما المقلد المعرض عن سنتهم ، وعن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - مفضلا على ذلك تقليد أبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد رحمهم الله ، فما كان يحق له أن يستدل بحديث : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " الحديث لأنه مقر بمقتضى تقليده بأنه أبعد الناس عن العمل بحديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " الحديث .

وأما استدلالهم بأن عمر كتب إلى شريح : أن اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن في كتاب الله فبما في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يكن في سنة رسول الله فبما قضى به الصالحون فهو حجة عليهم أيضا لا لهم ; لأن فيه تقديم كتاب الله ، ثم سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم العمل بما قضى به الصالحون ، وخيرهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

ولو كان المقلدون يمتثلون هذا ، لما أنكر عليهم أهل العلم ، ولكن المقلدين المحتجين بهذا يمنعون العمل بكتاب الله وسنة رسوله ، والعمل بفتاوى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

ويوجبون الجمود على قول الإمام الذي قلدوه والتزموا بمذهبه .

ومن كانت هذه حاله ، فلا يحق له أن يستدل بشيء من هذه الأدلة .

وأما استدلالهم بأن عمر رضي الله عنه منع بيع أمهات الأولاد فتبعه الصحابة .

وألزم الطلاق الثلاث بكلمة واحدة وتبعه الصحابة ، فهو ظاهر السقوط أيضا .

وقد قدمنا أن متابعة بعض الصحابة لبعض إنما هي لاتفاقهم فيما رأوه ، لا لأن بعضهم مقلد بعضا تقليدا أعمى .

وقد قدمنا إيضاح ذلك بما يكفي .

مع أن المقلدين المحتجين بهذا يمنعون تقليد عمر ، وسائر الصحابة ، فمن عجائبهم أنهم يستدلون بما يعتقدون أن العمل به ممنوع .

[ ص: 334 ] وأما استدلالهم بأن عمرو بن العاص قال لعمر لما احتلم : خذ ثوبا غير ثوبك ، فقال : لو فعلت صارت سنة . فهو ظاهر السقوط أيضا ; لأن عمر بن الخطاب خاف أن يفعل شيئا فيعتقد من لا علم عنده أنه إنما فعله لكونه سنة ، فامتنع من فعله لأجل هذا المحذور .

مع أن المقلد يرى منع تقليد عمر رضي الله عنه .

وأما استدلالهم بما ذكروه عن أبي وغيره أنه قال : ما استبان لك فاعمل به ، وما اشتبه عليك فكله إلى عالمه ، فهو حجة عليهم أيضا لا لهم .

لأن قوله : ما استبان لك فاعمل به ، صريح في أن ما استبان من كتاب الله وسنة رسوله ، يجب العمل به ولا يجوز العدول عنه لقول أحد .

وهذا نقيض ما عليه المقلدون ، فهم دائما يستدلون على مذهبهم بما يناقضه .

والأظهر أن مراد أبي بن كعب بقوله : فكله إلى عالمه ، أي فكل علمه إلى الله .

فمراده بما اشتبه المتشابه ، ومراده بعالمه : الله .

فهو يشير إلى قوله تعالى : فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا [ 3 \ 7 ] .

فالذين قالوا " آمنا به كل من عند ربنا " فقد وكلوا ما اشتبه عليهم إلى عالمه وهو الله .

ويحتمل أن يكون مراد أبي بقوله : فكله إلى عالمه أي فكله إلى من هو أعلم به منك من العلماء ، وهذا هو الذي فهمه ابن القيم في إعلام الموقعين من كلام أبي .

وعلى هذا الاحتمال فلا حجة فيه أيضا للمقلدين ; لأن من خفي عليه شيء من العلم فوكله إلى من هو أعلم به منه ، فقد أصاب .

ولا يلزم من ذلك الإعراض عن كتاب الله وسنة رسوله بل هو عمل بالقرآن لقوله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم [ 17 \ 36 ] .

[ ص: 335 ] وأما استدلالهم على تقليدهم بأن الصحابة كانوا يفتون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - موجود بين أظهرهم ، وأن ذلك تقليد لهم فهو ظاهر السقوط أيضا ; لأنهم ما كانوا يفتونهم في حالة وجود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم إلا بما علمهم من الكتاب والسنة كما لا يخفى .

ومن أفتى منهم وغلط في فتواه أنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فتواه التي ليست مطابقة للحق ، وردها عليه كإنكاره على أبي السنابل بن بعكك قوله لسبيعة الأسلمية لما مات زوجها ووضعت حملها بعد ذلك بأيام : " إنها لا تنقضي عدتها إلا بعد أربعة أشهر وعشر ليال " .

وقد استدل أبو السنابل على ما أفتى به بعموم قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ 2 \ 234 ] .

وقد رد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فتواه مبينا أن عموم قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا [ 2 \ 234 ] مخصص بقوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ 65 \ 4 ] .

وكإنكاره - صلى الله عليه وسلم - على الذين أفتوا صاحب الشجة بأنهم لم يجدوا له رخصة وهو يقدر على الماء .

وقد قدمنا قصته ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيهم : " قتلوه قتلهم الله " الحديث .

والظاهر أنهم استندوا في فتواهم لما فهموه من قوله تعالى : فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا [ 4 \ 43 ] ، وغفلوا عن قوله : وإن كنتم مرضى [ 4 \ 43 ] ، وأمثال هذا كثيرة .

وأما استدلالهم على التقليد بقوله تعالى : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون [ 9 \ 122 ] ، قائلين إن الآية أوجبت قبول إنذارهم ، وأن ذلك تقليد لهم ، فهو ظاهر السقوط أيضا ; لأن الإنذار في قوله : ولينذروا قومهم لا يكون برأي .

وإنما يكون بالوحي خاصة ، وقد حصر تعالى الإنذار في الوحي بأداة الحصر التي هي " إنما " في قوله : قل إنما أنذركم بالوحي [ 21 \ 45 ] .

وبه تعلم أن الإنذار لا يقوم إلا بالحجة فمن لم تقم عليه الحجة ، لم يكن قد أنذر ، كما [ ص: 336 ] أن النذير من أقام الحجة ، فمن لم يأت بحجة فليس بنذير .

فما لا شك فيه أن هذا الإنذار المذكور في قوله : ولينذروا ، والتحذير من مخالفته في قوله : لعلهم يحذرون ليس برأي ولا اجتهاد .

وإنما هو إنذار بالوحي ممن تفقه في الدين ، وصار ينذر بما علمه من الدين ، كما يدل عليه قوله تعالى قبله ليتفقهوا في الدين [ 9 \ 122 ] ، فهو يدل على أن قوله : ولينذروا قومهم أي بما تفقهوا فيه من الدين .

وليس التفقه في الدين إلا علم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم .

فتبين أن الآية لا دليل فيها البتة لطائفة التقليد ، الذين يوجبون تقليد إمام بعينه ، من غير أن يرد من أقواله شيء ، ولا يؤخذ من أقوال غيره شيء .

ونجعل أقواله عيارا لكتاب الله وسنة رسوله فما وافق أقواله منهما قبل وما لم يوافقها منهما رد .

وهذا النوع من التقليد لا شك في بطلانه ، وعدم جوازه .

فالآية الكريمة بعيدة كل البعد من الدلالة عليه ، مع أن استدلال المقلدين بها على تقليدهم استدلال بشيء يعتقدون أن الاستدلال به ممنوع باتا ، لأنه استدلال بقرآن .

وأما قبول إنذارهم فهو من الاتباع لا من التقليد ، كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله .

وأما استدلالهم بأن ابن الزبير ، قال ما يدل على تقليده لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في أن الجد يحجب الإخوة ، فهو ظاهر السقوط أيضا .

وقد قدمنا مرارا في رد استدلالهم بتقليد الصحابة بعضهم بعضا ما يكفي ، فأغنى عن إعادته هنا .

وأما استدلالهم بقبول شهادة الشاهد في الحقوق . قائلين : إن قبول شهادته فيما شهد به تقليد له ، فهو ظاهر السقوط لظهور الفرق بينه وبين ما استدلوا عليه به . من تقليد رجل واحد بعينه ، بحيث لا يترك من أقواله شيء ولا يؤخذ مما خالفها شيء ، ولو كان كتابا أو سنة .

[ ص: 337 ] وذلك من وجهين :

أحدهما : أن العمل بشهادة الشاهد أخذ بكتاب الله وسنة رسوله ، لأن الله يقول : وأشهدوا ذوي عدل منكم [ 65 \ 2 ] ، ويقول : واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء [ 2 \ 282 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - القضاء بالشاهد واليمين في الأموال ، وفي الحديث : " شاهداك أو يمينه " وهو حديث صحيح .

فالأخذ بشهادة الشاهد إذا من العمل بكتاب الله وسنة رسوله لا من التقليد لرجل واحد بعينه تقليدا أعمى .

الوجه الثاني : أن الشاهد إنما يخبر عما أدركه بإحدى حواسه ، والمدرك بالحاسة يحصل به القطع لمن أدركه بخلاف الرأي ، فإن صاحبه لا يقطع بصحة ما ظهر له من الرأي .

ولذا أجمع العلماء على الفرق بين خبر التواتر المستند إلى حس ، وبين خبر التواتر المستند إلى عقل .

فأجمعوا على أن الأول يوجب العلم المفيد للقطع لاستناده إلى الحس .

وأن الثاني لا يوجبه ، ولو كان خبر التواتر يفيد العلم في المعقولات لكان قدم العالم مقطوعا به ; لأنه تواتر عليه من الفلاسفة خلق لا يحصيهم إلا الله .

مع أن حدوث العالم أمر قطعي لا شك فيه ، فالذين تواتروا من الفلاسفة على قدم العالم الذي هو من المعقولات لا من المحسوسات لو تواتر عشرهم على أمر محسوس لأفاد العلم اليقيني فيه .

فالشاهد إن أخبر عن محسوس ، وكان عدلا ، فهو عدل مخبر عما قطع به قطعا لا يتطرق إليه الشك ، بخلاف المجتهد ، فإنه عدل أخبر عما ظنه ، فوضوح الفرق بين الأمرين كما ترى .

[ ص: 338 ] وأما استدلالهم على تقليدهم بقبول قول القائف والخارص والمقوم والحاكمين بالمثل في جزاء الصيد .

وتقليد الأعمى في القبلة .

وتقليد المؤذنين في الوقب والمترجمين والمعرفين ، والمعدلين ، والمجرحين .

وتقليده المرأة في طهرها ، فهو كله ظاهر السقوط أيضا .

لأن جميع ذلك لا يقبل منه إلا ما قام عليه دليل من كتاب أو سنة ، فالعمل به من العمل بالدليل الشرعي لا من التقليد الأعمى .

وذلك كله من قبيل الشهادة ، والإخبار بما عرفه القائف والخارص إلى آخره ، لا من قبيل الفتوى في الدين .

وقد استدل العلماء على قبول قول القائف بسرور النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول مجزز بن الأعور المدلجي في أسامة وزيد : " هذه الأقدام بعضها من بعض " .

فلو كان قول القائف لا يقبل ؛ لما أقره النبي - صلى الله عليه وسلم ، ولما برقت أسارير وجهه سرورا به .

فقبوله لذلك ، فهو اتباع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم .

وقد قدمنا الأحاديث النبوية الدالة على قبول قول الخارص ، وبينا أن بعضها ثابت في الصحيح ، ورد قول من منع ذلك في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى : وآتوا حقه يوم حصاده [ 6 \ 141 ] ، فهذا مثال ما ثبت بالسنة من قبول قول المذكورين .

ومثال ما دل عليه القرآن من ذلك قبول قول الحكمين في المثل في جزاء الصيد ; لأن الله نص عليه في قوله تعالى : فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم [ 5 \ 95 ] .

وهكذا كل من ذكروا ، فإن قبول قولهم إنما صح بدليل شرعي يدل على قبوله من كتاب أو سنة أو إجماع .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]