عرض مشاركة واحدة
  #503  
قديم 23-02-2023, 12:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,390
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السابع
الحلقة (501)
سُورَةُ مُحَمَّدٍ
صـ 315 إلى صـ 322




[ ص: 315 ] وكلهم عالم ، والعالم الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه .

فإن قال : قلدته لأني أعلم أنه صواب .

قيل له : علمت ذلك بدليل من كتاب الله أو سنة أو إجماع ؟

فإن قال : نعم . أبطل التقليد وطولب بما ادعاه من الدليل .

وإن قال : قلدته لأنه أعلم مني .

قيل له : فقلد كل من هو أعلم منك ، فإنك تجد من ذلك خلقا كثيرا ، ولا تخص من قلدته إذ علتك فيه أنه أعلم منك .

فإن قال : قلدته ; لأنه أعلم الناس .

قيل له : فإنه إذا أعلم من الصحابة وكفى بقول مثل هذا قبحا .

فإن قال : أنا أقلد بعض الصحابة . قيل له : فما حجتك في ترك من لم تقلد منهم ، ولعل من تركت قوله منهم أفضل ممن أخذت بقوله ؟

على أن القول لا يصح لفضل قائله ، وإنما يصح بدلالة الدليل عليه .

وقد ذكر ابن مزين عن عيسى بن دينار ، عن ابن القاسم عن مالك ، قال : ليس كل ما قال رجل قولا وإن كان له فضل يتبع عليه لقول الله عز وجل : الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه [ 39 \ 18 ] . فإن قال قصري وقلة علمي يحملني على التقليد .

قيل له : أما من قلد فيما ينزل من أحكام شريعته عالما يتفق له على علمه ، فيصدر في ذلك عما يخبره فمعذور ، لأنه قد أدى ما عليه وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله ولا بد له من تقليد عالم فيما جهله ، لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة ; لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك .

ولكن من كانت هذه حاله ، هل تجوز له الفتيا في شرائع دين الله ؟ فيحمل غيره على إباحة الفروج ، وإراقة الدماء ، واسترقاق الرقاب ، وإزالة الأملاك ويصيرها إلى غير من كانت في يديه بقول لا يعرف صحته ، ولا قام له الدليل عليه ؟

[ ص: 316 ] وهو مقر أن قائله يخطئ ويصيب ، وأن مخالفه في ذلك ربما كان المصيب فيما خالفه فيه ، فإن أجاز الفتوى لمن جهل الأصل والمعنى لحفظه الفروع ، لزمه أن يجيزه للعامة .

وكفى بهذا جهلا وردا للقرآن ، قال الله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم [ 7 \ 36 ] ، وقال : أتقولون على الله ما لا تعلمون [ 7 \ 28 ] .

وقد أجمع العلماء على أن ما لم يتبين ويتيقن فليس بعلم ، وإنما هو ظن ، والظن لا يغني من الحق شيئا . انتهى كله من جامع ابن عبد البر رحمه الله .

واعلم أن حاصل جميع حجج المقلدين منحصر في قولهم : نحن معاشر المقلدين ممتثلون قول الله تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [ 16 \ 43 ] .

فأمر سبحانه من لا علم له أن يسأل من هو أعلم منه ، وهذا نص قولنا ، وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - من لا يعلم إلى سؤال من يعلم ، فقال في حديث صاحب الشجة : " ألا سألوا إذا لم يعلموا ، إنما شفاء العيي السؤال " .

وقال أبو العسيف : الذي زنى بامرأة مستأجرة : " وإني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وأن على امرأة هذا الرجم ، فلم ينكر عليه تقليد من هو أعلم منه " :

وهذا عالم الأرض عمر قد قلد أبا بكر .

فروى شعبة عن عاصم الأحول ، عن الشعبي أن أبا بكر قال في الكلالة : أقضي فيها فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله منه بريء : هو ما دون الولد والوالد ، فقال عمر بن الخطاب : إنني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر .

وصح عنه أنه قال له : رأينا لرأيك تبع ، وصح عن ابن مسعود أنه كان يأخذ بقول عمر .

وقال الشعبي عن مسروق : كان ستة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتون الناس : ابن مسعود ، وعمر بن الخطاب ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، وأبو موسى .

وكان ثلاثة منهم يدعون قولهم لقول ثلاثة .

[ ص: 317 ] كان عبد الله يدع قوله لقول عمر ، وكان أبو موسى يدع قوله لقول علي ، وكان زيد يدع قوله لقول أبي بن كعب .

وقال جندب : ما كنت أدع قول ابن مسعود لقول أحد من الناس .

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم : " إن معاذا قد سن لكم سنة فكذلك فافعلوا " في شأن الصلاة حيث أخر فصلى ما فاته من الصلاة مع الإمام بعد الفراغ ، وكانوا يصلون ما فاتهم أولا ، ثم يدخلون مع الإمام .

قال المقلدة : وقد أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر وهم العلماء أو العلماء والأمراء ، وطاعتهم تقليدهم فيما يفتون به ، فإنه لولا التقليد لم يكن هناك طاعة تختص بهم .

وقال تعالى : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه [ 9 \ 100 ] .

وتقليدهم اتباع لهم ففاعله ممن رضي الله عنهم ، ويكفي ذلك الحديث المشهور " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " .

وقال عبد الله بن مسعود : من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم ; فإنهم كانوا على الهدي المستقيم .

وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " .

وقال : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " .

وقد كتب عمر إلى شريح : أن اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن في كتاب الله فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يكن في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قضى به الصالحون .

[ ص: 318 ] وقد منع عمر عن بيع أمهات الأولاد وتبعه الصحابة .

وألزم بالطلاق الثلاث فتبعوه أيضا .

واحتلم مرة ، فقال له عمرو بن العاص : خذ ثوبا غير ثوبك ، فقال : لو فعلتها صارت سنة .

وقال أبي بن كعب وغيره من الصحابة : ما استبان لك فاعمل به ، وما اشتبه عليك فكله إلى عالمه .

وقد كان الصحابة يفتون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي بين أظهرهم ، وهذا تقليد لهم قطعا ; إذ قولهم لا يكون حجة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم .

وقد قال تعالى : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون [ 9 \ 122 ] ، فأوجب عليهم قبول ما أنذروهم به إذا رجعوا إليهم ، وهذا تقليد منهم للعلماء .

وصح عن ابن الزبير ، أنه سئل عن الجد والإخوة ، فقال : أما الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذته خليلا " فإنه أنزله أبا ، وهذا ظاهر في تقليده له .

وقد أمر الله سبحانه بقبول شهادة الشاهد ، وذلك تقليد له .

وجاءت الشريعة بقبول قول القائف ، والخارص والقاسم والمقوم للمتلفات ، وغيرها والحاكمين بالمثل في جزاء الصيد ، وذلك تقليد محض .

وأجمعت الأمة على قبول قول المترجم والرسول والمعرف والمعدل ، وإن اختلفوا في جواز الاكتفاء بواحد ، وذلك تقليد محض لهؤلاء .

وأجمعوا على جواز شراء اللحمان ، والثياب والأطعمة وغيرها ، من غير سؤال عن أسباب حلها ، وتحريمها اكتفاء بتقليد أربابها .

ولو كلف الناس كلهم الاجتهاد وأن يكونوا علماء فضلاء لضاعت مصالح العباد ، وتعطلت الصنائع والمتاجر ، وكان الناس كلهم علماء مجتهدين ، وهذا مما لا سبيل إليه شرعا ، والقدر قد منع من وقوعه .

[ ص: 319 ] وقد أجمع الناس على تقليد الزوج للنساء اللاتي يهدين إليه زوجته ، وجواز وطئها تقليدا لهن في كونها هي زوجته .

وأجمعوا على أن الأعمى يقلد في القبلة ، وعلى تقليد الأئمة في الطهارة ، وقراءة الفاتحة ، وما يصح به الاقتداء ، وعلى تقليد الزوجة مسلمة كانت أو ذمية أن حيضها قد انقطع فيباح للزوج وطؤها بالتقليد .

ويباح للولي تزويجها بالتقليد لها في انقضاء عدتها ، وعلى جواز تقليد الناس للمؤذنين في دخول أوقات الصلوات ، ولا يجب عليهم الاجتهاد ومعرفة ذلك بالدليل .

وقد قالت الأمة السوداء لعقبة بن الحارث : أرضعتك وأرضعت امرأتك ، فأمره - صلى الله عليه وسلم - بفراقها ، وتقليدها فيما أخبرته به من ذلك .
وقد صرح الأئمة بجواز التقليد ، فقال حفص بن غياث : سمعت سفيان يقول : إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه وأنت ترى تحريمه فلا تنهه .

وقال محمد بن الحسن : يجوز للعالم تقليد من هو أعلم منه ، ولا يجوز له تقليد من هو مثله .

وقد صرح الشافعي بالتقليد ، فقال : في الضبع بعير ، قلته تقليدا لعمر .

وقال في مسألة بيع الحيوان بالبراءة من العيوب ، قلته تقليدا لعثمان .

وقال في مسألة الجد مع الإخوة إنه يقاسمهم ، ثم قال : وإنما قلت بقول زيد . وعنه قبلنا أكثر الفرائض .

قال في موضع آخر من كتابه الجديد : قلته تقليدا العطاء .

وهذا أبو حنيفة رحمه الله في مسائل الآبار ليس معه فيها إلا تقليد من تقدمه من التابعين فيها .

وهذا مالك لا يخرج عن عمل أهل المدينة ، ويصرح في موطئه بأنه أدرك العمل على هذا ، وهو الذي عليه أهل العلم ببلدنا .

[ ص: 320 ] ويقول في غير موضع : ما رأيت أحدا أقتدي به يفعله ، ولو جمعنا ذلك من كلامه لطال .

وقد قال الشافعي في الصحابة : رأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا ، ونحن نقول ونصدق أن رأي الشافعي والأئمة معه لنا خير من رأينا لأنفسنا .

وقد جعل الله سبحانه في فطر العباد تقليد المتعلمين للأستاذين والمعلمين ، ولا تقوم مصالح الخلق إلا بهذا ، وذلك عام في كل علم وصناعة .

وقد فاوت الله سبحانه بين قوى الأذهان ، كما فاوت بين الأبدان ، فلا يحسن في حكمته وعدله ورحمته أن يفرض على جميع خلقه معرفة الحق بدليله ، والجواب عن معارضه في جميع مسائل الدين دقيقها وجليلها .

ولو كان كذلك لتساوت أقدام الخلائق في كونهم علماء ، بل جعل سبحانه وتعالى هذا عالما ، وهذا متعلما وهذا متبعا للعالم مؤتما به بمنزلة المأموم مع الإمام والتابع مع المتبوع ، وأين حرم الله تعالى على الجاهل أن يكون متبعا للعالم مؤتما به مقلدا له يسير بسيره وينزل بنزوله .

وقد علم الله سبحانه أن الحوادث والنوازل كل وقت نازلة بالخلق ، فهل فرض على كل منهم عين أن يأخذ حكم نازلة من الأدلة الشرعية بشروطها ولوازمها ؟

وهل ذلك في إمكان أحد فضلا عن كونه مشروعا ؟

وهؤلاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتحوا البلاد ، وكان الحديث العهد بالإسلام يسألهم فيفتونه .

ولا يقولون له عليك أن تطلب معرفة الحق في هذه الفتوى بالدليل ولا يعرف ذلك عن أحد منهم البتة .

وهل التقليد إلا من لوازم التكليف ولوازم الوجود ؟ فهو من لوازم الشرع والقدر .

والمنكرون له مضطرون إليه ولا بد . وذلك فيما تقدم بيانه من الأحكام وغيرها .

ونقول لمن احتج على إبطاله : كل حجة أثرية ذكرتها فأنت مقلد لحملتها ورواتها إذ لم يقم دليل قطعي على صدقهم ، فليس بيدك إلا تقليد الراوي .

[ ص: 321 ] وليس بيد الحاكم إلا تقليد الشاهد ، وكذلك ليس بيد العامي إلا تقليد العالم ، فما الذي سوغ لك تقليد الراوي والشاهد ، ومنعنا من تقليد العالم ، وهذا سمع بأذنه ما رواه ، وهذا عقل بقلبه ما سمعه فأدى هذا مسموعه ، وأدى هذا معقوله .

وفرض على هذا تأدية ما سمعه ، وعلى هذا تأدية ما عقله ، وعلى من لم يبلغ منزلتهما القبول منهما .

ثم يقال للمانعين من التقليد : أنتم منعتموه خشية وقوع المقلد في الخطأ ، بأن يكون مقلده مخطئا في فتواه ، ثم أوجبتم عليه النظر والاستدلال في طلب الحق ، ولا ريب أن صوابه في تقليده للعالم أقرب من صوابه في اجتهاده هو لنفسه .

وهذا كمن أراد شراء سلعة لا خبرة له بها ، فإنه إذا قلد عالما بتلك السلعة خبيرا بها أمينا ناصحا كان صوابه وحصول غرضه أقرب من اجتهاده لنفسه ، وهذا متفق عليه بين العقلاء ا هـ .

هذا هو غاية ما يحتج به المقلدون ، وقد ذكره ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ، وبين بطلانه من واحد وثمانين وجها .

وسنذكر هنا إن شاء الله جملا مختصرة من كلامه الطويل تكفي المنصف ، وتزيد المسألة إن شاء الله إيضاحا وإقناعا .

قال في إعلام الموقعين بعد ذكره حجج المقلدين التي ذكرناها آنفا ما نصه : قال أصحاب الحجة : عجبا لكم معاشر المقلدين ، الشاهدين على أنفسهم مع شهادة أهل العلم بأنهم ليسوا من أهله ، ولا معدودين في زمرة أهله ، كيف أبطلتم مذهبكم ، بنفس دليلكم ، فما للمقلد وما للاستدلال ؟ وأين منصب المقلد من منصب المستدل ؟

وهل ما ذكرتم من الأدلة إلا ثيابا استعرتموها ، من صاحب الحجة فتجملتم بها بين الناس ، وكنتم في ذلك متشبهين بما لم تعطوه ، ناطقين من العلم بما شهدتم على أنفسكم أنكم لم تؤتوه ، وذلك ثوب زور لبستموه ، ومنصب لستم من أهله غصبتموه .

فأخبرونا : هل صرتم إلى التقليد لدليل قادكم إليه ، وبرهان دلكم عليه ، فنزلتم به من [ ص: 322 ] الاستدلال أقرب منزل ، وكنتم به عن التقليد بمعزل ، أم سلكتم سبيله اتفاقا ، وتخمينا من غير دليل .

وليس إلى خروجكم عن أحد هذين القسمين سبيل ، وأيهما كان فهو بفساد مذهب التقليد حاكم ، والرجوع إلى مذهب الحجة منه لازم .

ونحن إن خاطبناكم بلسان الحجة ، قلتم لسنا من أهل هذه السبيل ، وإن خاطبناكم بحكم التقليد ، فلا معنى لما أقمتموه من الدليل .

والعجب أن كل طائفة من الطوائف ، وكل أمة من الأمم ، تدعي أنها على حق ، حاشا فرقة التقليد ، فإنهم لا يدعون ذلك ، ولو ادعوه لكانوا مبطلين ، فإنهم شاهدون على أنفسهم بأنهم لم يعتقدوا تلك الأقوال لدليل قادهم إليها ، وبرهان دلهم عليها ، وإنما سبيلهم محض التقليد ، والمقلد لا يعرف الحق من الباطل ، ولا الحالي من العاطل .

وأعجب من هذا أن أئمتهم نهوهم عن تقليدهم فعصوهم وخالفوهم ، وقالوا نحن على مذاهبهم ، وقد دانوا بخلافهم في أصل المذهب الذي بنوا عليه ، فإنهم بنوا على الحجة ونهوا عن التقليد وأوصوهم إذا ظهر الدليل أن يتركوا أقوالهم ويتبعوه ، فخالفوهم في ذلك كله .

وقالوا : نحن من أتباعهم ، تلك أمانيهم ، وما أتباعهم إلا من سلك سبيلهم ، واقتفى آثارهم في أصولهم وفروعهم .

وأعجب من هذا أنهم مصرحون في كتبهم ببطلان التقليد ، وتحريمه ، وأنه لا يحل القول به في دين الله ، ولو اشترط الإمام على الحاكم أن يحكم بمذهب معين لم يصح شرطه ولا توليته .

ومنهم من صحح التولية وأبطل الشرط .

وكذلك المفتي يحرم عليه الإفتاء بما لا يعلم صحته باتفاق الناس .

والمقلد لا علم له بصحة القول وفساده إذ طريق ذلك مسدودة عليه .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.93%)]