عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-02-2023, 10:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السابع
الحلقة (481)
سُورَةُ الزُّخْرُفِ
صـ 155 إلى صـ 162


وقد قدمنا إيضاح الفرق بين الشرطية اللزومية والشرطية الاتفاقية في سورة [ ص: 155 ] " الكهف " في الكلام على قوله - تعالى - : وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا [ 18 \ 57 ] فراجعه .

ومعلوم أن قوله : قل إن كان للرحمن ولد لم يقل أحد إنها شرطية اتفاقية ، ولم يدع أحد أنها لا علاقة بين طرفيها أصلا .

ومثال وقوع ذلك لأجل خصوص المادة فقط - ما مثل به الفخر الرازي لهذه الآية الكريمة ، مع عدم انتباهه لشدة المنافاة بين الآية الكريمة وبين ما مثل لها به ، فإنه لما قال : إن الشرط الذي هو إن كان للرحمن ولد باطل ، والجزاء الذي هو : فأنا أول العابدين صحيح .

مثل لذلك بقوله : إن كان الإنسان حجرا فهو جسم ، يعني أن قوله : إن كان الإنسان حجرا شرط باطل ، فهو كقوله - تعالى - : قل إن كان للرحمن ولد فكون الإنسان حجرا ، وكون الرحمن ذا ولد - كلاهما شرط باطل .

فلما صح الجزاء المرتب على الشرط الباطل في قوله : إن كان الإنسان حجرا فهو جسم - دل ذلك على أن الجزاء الصحيح في قوله : فأنا أول العابدين يصح ترتيبه على الشرط الباطل الذي هو إن كان للرحمن ولد .

وهذا غلط فاحش جدا ، وتسوية بين المتنافيين غاية المنافاة ; لأن الجزاء المرتب على الشرط الباطل في قوله : إن كان الإنسان حجرا فهو جسم - إنما صدق لأجل خصوص المادة ، لا لمعنى اقتضاه الربط البتة .

وإيضاح ذلك أن النسبة بين الجسم والحجر ، والنسبة بين الإنسان والجسم - هي العموم والخصوص المطلق في كليهما .

فالجسم أعم مطلقا من الحجر ، والحجر أخص مطلقا من الجسم ، كما أن الجسم أعم من الإنسان أيضا عموما مطلقا ، والإنسان أخص من الجسم أيضا خصوصا مطلقا ; فالجسم جنس قريب للحجر ، وجنس بعيد للإنسان ، وإن شئت قلت : جنس متوسط له .

وإيضاح ذلك أن تقول في التقسيم الأول : الجسم إما نام ؛ أي يكبر تدريجا أو غير نام ، فغير النامي كالحجر مثلا ، ثم تقسم النامي تقسيما ثانيا ، فتقول : [ ص: 156 ] النامي إما حساس أو غير حساس ، فغير الحساس منه كالنبات .

ثم تقسم الحساس تقسيما ثالثا ، فتقول : الحساس إما ناطق أو غير ناطق ، والناطق منه هو الإنسان .

فاتضح أن كلا من الإنسان والحجر يدخل في عموم الجسم ، والحكم بالأعم على الأخص صادق في الإيجاب بلا نزاع ولا تفصيل .

فقولك : الإنسان جسم صادق في كل تركيب ، ولا يمكن أن يكذب بوجه ، وذلك للملابسة الخاصة بينهما من كون الجسم جنسا للإنسان ، وكون الإنسان فردا من أفراد أنواع الجسم ، فلأجل خصوص هذه الملابسة بينهما - كان الحكم على الإنسان بأنه جسم صادقا على كل حال ، سواء كان الحكم بذلك غير معلق على شيء ، أو كان معلقا على باطل أو حق .

فالاستدلال : يصدق هذا المثال على صدق الربط بين الشرط والجزاء في قوله - تعالى - : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين بطلانه كالشمس في رابعة النهار .

والعجب كل العجب من عاقل يقوله; لأن المثال المذكور إنما صدق ؛ لأن الإنسان يشمله مسمى الجسم .

أما من كان له ولد فالنسبة بينه وبين المعبود الحق هي تباين المقابلة ; لأن المقابلة بين المعبود بحق وبين والد أو ولد هي المقابلة بين الشيء ومساوي نقيضه ; لأن من يولد أو يولد له لا يمكن أن يكون معبودا بحق بحال .

وإيضاح المنافاة بين الأمرين أنك لو قلت : الإنسان جسم - لقلت الحق ، ولو قلت : المولود له معبود ، أو المولود معبود - قلت الباطل الذي هو الكفر البواح .

ومما يوضح ما ذكرنا إجماع جميع النظار على أنه إن كانت إحدى مقدمتي الدليل باطلة ، وكانت النتيجة صحيحة - أن ذلك لا يكون إلا لأجل خصوص المادة فقط ، وأن ذلك الصدق لا عبرة به ، فحكمه حكم الكذب ، ولا يعتبر إلا الصدق اللازم المضطرد في جميع الأحوال .

فلو قلت مثلا : كل إنسان حجر ، وكل حجر جسم ; لأنتج من الشكل الأول كل [ ص: 157 ] إنسان جسم ، وهذه النتيجة في غاية الصدق كما ترى .

مع أن المقدمة الصغرى من الدليل التي هي قولك : كل إنسان حجر في غاية الكذب كما ترى .

وإنما صدقت النتيجة لخصوص المادة كما أوضحنا ، ولولا ذلك لكانت كاذبة ; لأن النتيجة لازم الدليل ، والحق لا يكون لازما للباطل ، فإن وقع شيء من ذلك فلخصوص المادة كما أوضحنا .

وبهذا التحقيق تعلم أن الشرط الباطل لا يلزم ، وتطرد صحة ربطه ، إلا بجزاء باطل مثله .

وما يظنه بعض أهل العلم من أن قوله - تعالى - : فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك [ 10 \ 94 ] كقوله - تعالى - : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين - فهو غلط فاحش ، والفرق بين معنى الآيتين شاسع ، فظن استوائها في المعنى باطل .

وإيضاح ذلك أن قوله - تعالى - : فإن كنت في شك الآية ، معناه المقصود منه جار على الأسلوب العربي ، لا إبهام فيه ; لأنا أوضحنا سابقا أن مدار صدق الشرطية على صحة الربط بين شرطها وجزائها ، فهي صادقة ولو كذب طرفاها عند إزالة الربط كما تقدم إيضاحه قريبا .

فربط قوله : فإن كنت في شك بقوله : فاسأل الذين يقرءون الكتاب - ربط صحيح لا إشكال فيه ; لأن الشاك في الأمر شأنه أن يسأل العالم به عنه كما لا يخفى ، فهي قضية صادقة ، مع أن شرطها وجزاءها كلاهما باطل بانفراده ، فهي كقوله : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [ 21 \ 22 ] فهي شرطية صادقة لصحة الربط بين طرفيها ، وإن كان الطرفان باطلين عند إزالة الربط .

أما قوله - تعالى - : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين على القول بأن ( إن ) شرطية - لا تمكن صحة الربط بين شرطها وجزائها البتة ; لأن الربط بين المعبود وبين كونه والدا أو ولدا لا يصح بحال .

ولذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا أشك ، ولا أسأل أهل الكتاب " فنفى الطرفين [ ص: 158 ] مع أن الربط صحيح ، ولا يمكن أن ينفي - صلى الله عليه وسلم - هو ولا غيره الطرفين في الآية الأخرى ، فلا يقول هو ولا غيره : ليس له ولد ، ولا أعبده .

وعلى كل حال ، فالربط بين الشك وسؤال الشاك للعالم أمر صحيح ، بخلاف الربط بين العبادة وكون المعبود والدا أو ولدا ، فلا يصح .

فاتضح الفرق بين الآيتين ، وحديث : " لا أشك ولا أسأل أهل الكتاب " . رواه قتادة بن دعامة مرسلا .

وبنحوه قال بعض الصحابة فمن بعدهم ، ومعناه صحيح بلا شك .

وما قاله الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة يستغربه كل من رآه ; لقبحه وشناعته ، ولم أعلم أحدا من الكفار في ما قص الله في كتابه عنهم يتجرأ على مثله أو قريب منه ، وهذا مع عدم فهمه لما يقول وتناقض كلامه .

وسنذكر هنا كلامه القبيح للتنبيه على شناعة غلطه الديني واللغوي .

قال في الكشاف ما نصه : قل إن كان للرحمن ولد وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها ، ( فأنا أول ) من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له ، كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه .

وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض ، وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه ، وألا يترك للناطق به شبهة إلا مضمحلة ، مع الترجمة عن نفسه بإثبات القدم في باب التوحيد ، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد وهي محال في نفسها ، فكان المعلق بها محالا مثلها ، فهو في صورة إثبات الكينونة والعبادة ، وفي معنى نفيهما على أبلغ الوجوه وأقواها .

ونظيره أن يقول العدلي للمجبر : إن كان الله - تعالى - خالقا للكفر في القلوب ومعذبا عليه عذابا سرمدا ، فأنا أول من يقول : هو شيطان ، وليس بإله .

فمعنى هذا الكلام وما وضع له أسلوبه ونظمه نفي أن يكون الله - تعالى - خالقا للكفر ، وتنزيهه عن ذلك وتقديسه ، ولكن على طريق المبالغة فيه من الوجه الذي ذكرنا ، مع الدلالة على سماحة المذهب وضلالة الذاهب إليه ، والشهادة القاطعة بإحالته والإفصاح عن [ ص: 159 ] نفسه بالبراءة منه ، وغاية النفار والاشمئزاز من ارتكابه .

ونحو هذه الطريقة قول سعيد بن جبير - رحمه الله - للحجاج حين قال له : أما والله لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى - : لو عرفت أن ذلك إليك ما عبدت إلها غيرك .

وقد تمحل الناس بما أخرجوه به من هذا الأسلوب الشريف المليء بالنكت والفوائد ، المستقل بإثبات التوحيد على أبلغ وجوهه ، فقيل : ( إن كان للرحمن ولد ) في زعمكم ( فأنا أول العابدين ) الموحدين لله المكذبين قولكم لإضافة الولد إليه . ا هـ

الغرض من كلام الزمخشري .

وفي كلامه هذا من الجهل بالله وشدة الجراءة عليه ، والتخبط والتناقض في المعاني اللغوية - ما الله عالم به .

ولا أظن أن ذلك يخفى على عاقل تأمله .

وسنبين لك ما يتضح به ذلك ; فإنه أولا قال : ( إن كان للرحمن ولد ) وضح ذلك ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها ( فأنا أول ) من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له ، كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه .

فكلامه هذا لا يخفى بطلانه على عاقل ; لأنه على فرض صحة نسبة الولد إليه ، وقيام البرهان الصحيح والحجة الواضحة على أنه له ولد - فلا شك أن ذلك يقتضي أن ذلك الولد لا يستحق العبادة بحال ، ولو كان في ذلك تعظيم لأبيه ; لأن أباه مثله في عدم استحقاق العبادة ، والكفر بعبادة كل والد وكل مولود شرط في إيمان كل موحد ، فمن أي وجه يكون هذا الكلام صحيحا .

أما في اللغة العربية فلا يكون صحيحا البتة .

وما أظنه يصح في لغة من لغات العجم ; فالربط بين هذا الشرط وهذا الجزاء لا يصح بوجه .

فمعنى الآية عليه لا يصح بوجه ; لأن المعلق على المحال لا بد أن يكون محالا مثله .

[ ص: 160 ] والزمخشري في كلامه كلما أراد أن يأتي بمثال في الآية خارجا عنها اضطر إلى أن لا يعلق على المحال في زعمه إلا محالا .

فضربه للآية المثل بقصة ابن جبير مع الحجاج - دليل واضح على ما ذكرنا وعلى تناقضه وتخبطه .

فإنه قال فيها : إن الحجاج قال لسعيد بن جبير : لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى .

قال سعيد للحجاج : لو علمت أن ذلك إليك ما عبدت إلها غيرك .

فهو يدل على أنه علق المحال على المحال ، ولو كان غير متناقض للمعنى الذي مثل له به الزمخشري لقال : لو علمت أن ذلك إليك لكنت أول العابدين لله .

فقوله : لو علمت أن ذلك إليك في معنى قل إن كان للرحمن ولد ، فنسبة الولد والشريك إليه معناهما في الاستحالة وادعاء النقص واحد .

فلو كان سعيد يفهم الآية كفهمك الباطل لقال : لو علمت أن ذلك إليك لكنت أول العابدين لله .

ولكنه لم يقل هذا ; لأنه ليس له معنى صحيح يجوز المصير إليه .

وكذلك تمثيل الزمخشري للآية الكريمة في كلامه القبيح البشع الشنيع الذي يتقاصر عن التلفظ به كل كافر .

فقد اضطر فيه أيضا إلى ألا يعلق على المحال في زعمه إلا محالا شنيعا ; فإنه قال فيه : ونظيره أن يقول العدلي للمجبر : إن كان الله - تعالى - خالقا للكفر في القلوب ، ومعذبا عليه عذابا سرمدا ، فأنا أول من يقول هو شيطان ، وليس بإله .

فانظر قول هذا الضال في ضربه المثل في معنى هذه الآية الكريمة بقول الضال الذي يسميه العدلي : إن كان الله خالقا للكفر في القلوب . . . إلخ .

فخلق الله للكفر في القلوب وتعذيبه الكفار على كفرهم - مستحيل عنده كاستحالة نسبة الولد لله ، وهذا المستحيل في زعمه الباطل ، إنما علق عليه أفظع أنواع المستحيل [ ص: 161 ] وهو زعمه الخبيث أن الله إن كان خالقا للكفر في القلوب ومعذبا عليه - فهو شيطان لا إله - سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا - .

فانظر رحمك الله فظاعة جهل هذا الإنسان بالله ، وشدة تناقضه في المعنى العربي للآية .

لأنه جعل قوله : إن كان الله خالقا للكفر ومعذبا عليه بمعنى " إن كان للرحمن ولد " في أن الشرط فيهما مستحيل ، وجعل قوله في الله إنه شيطان لا إله - سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا - .

كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا أول العابدين .

فاللازم لكلامه أن يقول : لو كان خالقا للكفر فأنا أول العابدين له ، ولا يخفى أن الادعاء على الله أنه شيطان مناقض لقوله : فأنا أول العابدين .

وقد أعرضت عن الإطالة في بيان بطلان كلامه وشدة ضلاله وتناقضه ; لشناعته ووضوح بطلانه ، فهي عبارات مزخرفة ، وشقشقة لا طائل تحتها ، وهي تحمل في طياتها الكفر والجهل بالمعنى العربي للآية ، والتناقض الواضح ، وكم من كلام مليء بزخرف القول ، وهو عقيم لا فائدة فيه ، ولا طائل تحته كما قيل : وإني وإني ثم إني وإنني إذا انقطعت نعلي جعلت لها شسعا فظل يعمل أياما رويته وشبه الماء بعد الجهد بالماء

واعلم أن الكلام على القدر وخلق أفعال العباد ، قدمنا منه جملا كافية في هذه السورة الكريمة ، في الكلام على قوله - تعالى - : وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم [ 43 \ 20 ] . ولا يخفى تصريح القرآن بأن الله - تعالى - خالق كل شيء ، كما قال - تعالى - : الله خالق كل شيء الآية [ 13 \ 16 ] . وقال - تعالى - : وخلق كل شيء فقدره تقديرا [ 25 \ 2 ] . وقال : هل من خالق غير الله [ 35 \ 2 ] . وقال - تعالى - : إنا كل شيء خلقناه بقدر [ 54 \ 49 ] .

فالإيمان بالقدر خيره وشره الذي هو من عقائد المسلمين جعله الزمخشري يقتضي أن لله شيطان - سبحان الله وتعالى عما يقوله الزمخشري علوا كبيرا - .

[ ص: 162 ] وجزى الزمخشري بما هو أهله .

الأمر الرابع : هو دلالة استقراء القرآن العظيم أن الله - تعالى - إذا أراد أن يفرض المستحيل ليبين الحق بفرضه - علقه أولا بالأداة التي تدل على عدم وجوده ، وهي لفظة ( لو ) ، ولم يعلق عليه البتة إلا محالا مثله ، كقوله : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [ 21 \ 22 ] . وقوله - تعالى - : لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء [ 39 \ 4 ] . وقوله - تعالى - : لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا الآية [ 21 \ 17 ] .

وأما تعليق ذلك بأداة لا تقتضي عدم وجوده كلفظة ( إن ) مع كون الجزاء غير مستحيل - فليس معهودا في القرآن .

ومما يوضح هذا المعنى الذي ذكرنا - المحاورة التي ذكرها جماعة من المفسرين ، التي وقعت بين النضر بن الحارث والوليد بن المغيرة ، وهي وإن كانت أسانيدها غير قائمة ، فإن معناها اللغوي صحيح .

وهي أن النضر بن الحارث كان يقول : الملائكة بنات الله ، فأنزل الله قوله - تعالى - : قل إن كان للرحمن ولد الآية .

فقال النضر للوليد بن المغيرة : ألا ترى أنه قد صدقني ؟

فقال الوليد : لا ، ما صدقك ، ولكنه يقول : ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، أي الموحدين من أهل مكة المنزهين له عن الولد . فمحاورة هذين الكافرين ، العالمين بالعربية مطابقة لما قررنا .

لأن النضر قال : إن معنى الآية على أن ( إن ) شرطية مطابق لما يعتقده الكفار من نسبة الولد إلى الله ، وهو معنى محذور وأن الوليد قال : إن ( إن ) نافية ، وأن معنى الآية على ذلك هو مخالفة الكفار وتنزيه الله عن الولد .

وبجميع ما ذكرنا يتضح أن ( إن ) في الآية الكريمة نافية .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]