عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 19-02-2023, 10:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,988
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حفظ الصيـــام، عن فَـوْت التَّمـــام

وأما الرفث والجدل والفسوق في الحج فالظاهر أنه لا يزول بالتوبة ما حصل للحج به من النقص فإن الآية الكريمة قوية في نفيها عن الحج والحديث وعد الخروج من الذنوب على تركها ومما ينبه عليه أن كل معصية فيها ثلاثة أمور أحدها ذاتها والثاني مخالفة فاعلها لأمر الله تعالى والثالث جزاؤه عليها وكذا كل طاعة ذاتها وامتثاله بها وجزاؤه بالثواب عليها والتوبة عن المعصية إنما تسقط الثالث فتمحوه وتعدمه بالكلية وأما ذاتها وما حصل بها من المخالفة فقد وقعا في الماضي فيستحيل دفعها ويشير إلى ذلك قوله تعالى والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى قوله إلا من تاب فهو استثناء راجع إلى حكم من تقدم في قوله يلق أثاما وأما وجود تلك المعاصي وكونها مخالفة فلم ترتفع

فإن قلت قد قال فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات قلت يستحيل أن تصير السيئة نفسها حسنة وإن ظن ذلك بعضهم وإنما معناه أنه يبدلهم مكان السيئات الماضية حسنات مستقبلة أو يمحو السيئات الماضية من الكتاب ويكتب مكانها الحسنات المستقبلة أو حسنات أخرى من فضله وأما إن ذات السيئة تكون حسنة صادرة من الشخص فمحال

إذا عرف ذلك فالزنا مثلا ذاته التي وقعت من الزاني لم يرتفع وجودها فيما مضى بالتوبة لمخالفة الله تعالى إنما ارتفع الإثم عليها وقد قال صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن فذلك القدر من الإيمان الكامل الذي دل الحديث على ارتفاعه [فتاوى السبكي (1/230)] عن الزاني حالة زناه لا يتصور أن يقال إن التوبة تعيده في وقت الزنا الماضي وإنما يعود مثله بعد ذلك وذلك النقص الحاصل منه وقت الزنا لا يرتفع كذلك الغيبة للصائم حصلت نقصا فيه لا يرتفع إلا أن يشاء الله أن يعوضه عنه أو يعامله معاملة من لم ينقص وكذا كونها مخالفة لله لا ترتفع وإنما ترتفع المؤاخذة بها

فالمضاد للصوم الكامل هو ذات الغيبة فقط لما فيها من المفسدة أو ذاتها مع المخالفة وكل من المخالفة وذاتها لا أثر للتوبة فيهما

فاعلم ذلك وقس عليه سائر الأفعال والتروك ينشرح صدرك لفهم ما قلناه إن شاء الله تعالى .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.17%)]