عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-02-2023, 02:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان





شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 776الى صــ 785
(54)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(24)








857 - وعن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصوم
يوم الجمعة ولا أكلم ذلك اليوم أحداً؟ فقال: «لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها أو في أو في شهر, وأما [أن] لا تكلم أحداً؛ فلعمري؛ لأن تكلم بمعروف وتنهى عن منكر خير من أن تسكت». رواه أحمد.
858 - وعن قيس بن أبي حازم؛ قال: «دخل أبو بكر على امرأة من أحمس, فقال لها: زينب! فأبت أن تتكل
م. فقال: ما بال هذه؟ قالوا: حجت مصمتة. فقال لها: تكلمي؛ فإن هذا لا يحل, هذا من عمل الجاهلية. فتكلمت». رواه البخاري.
فقد بينت الأخبار أن هذا منهي عنه في الصوم والإِحرام وفي غيرها.
ويتوجه أن يباح هذا للمعتكف؛ لأنه بمنزلة الطائف والمصلي؛ خلاف الصائم والمحرم. . . .

وأما قول مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: رقم 26]؛ أي:صمتاً؛ فذاك كان في شريعة من قبلنا, وقد نسخ ذلك في شرعنا.
قال ابن عقيل وغيره من أصحابنا: ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلاً عن الكلام؛ لأنه استعمال له في غير ما وضع له؛ فأشبه استعمال المصحف في التوسد والوزن ونحو ذلك.

859 - وقد جاء: «لا تناظر بكتاب الله».
قيل: معناه: لا تتكلم به عن الشيء تراه كأنك ترى رجلاً قد جاء في وقته, فتقول: لقد جئت على قدر يا موسى.
قال ابن عقيل: كان أبو إسحاق الخراز صالحاً, وكان من عادته الإِمساك عن الكلام في شهر رمضان, فكان يخاطب بآي القرآن فيما يعرض له من الحوائج, فيقول في إذنه: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} , ويقول لابنه في عشية الصوم: {مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا}؛ آمراً له أن يشتري البقل. فقلت له: هذا تعتقده عبادة وهو معصية. فصعب عليه, فقلت: إن هذا القرآن العزيز نزل في بيان أحكام شرعية, فلا يستعمل في أ
عراض دنيوية, وما هذا إلا بمثابة صرك السدر والأشنان في ورق المصحف. فهجرني ولم يصغ إلى الحجة.
* فصل:
قال أحمد في رواية حنبل: يعود المريض, ولا يجلس, ويقضي الحاجة, ويعود إلى معتكفه, ولا يشتري ولا يبيع؛ إلا أن يشتري ما لا بد له منه؛ طعام أو نحو ذلك.
وقال في رواية المروذي: لا ينبغي له إذا اعتكف أن يخيط أو يعمل.
وقال أبو طالب: سألت أحمد عن المعتكف يعمل عمله من الخياطة وغيره؟ قال: ما يعجبني. قلت: إن كان يحتاج؟ قال: إن كان يحتاج؛ فلا يعتكف.

قال أصحابنا: ولا يتجر, ولا يصنع صناعة؛ لسببين:
أحدهما: أن التجارة والصناعة تشغل عن مقصود الاعتكاف, فلا يفعله في المسج
د, ولا إذا خرج منه لحاجة.
والثاني: أن ذلك ممنوع منه في المسجد.
فأما البيع والشراء؛ فقال القاضي وابن عقيل: لا يجوز ذلك في المسجد, سواء في ذلك اليسير - مثل الثوب ونحوه - والكثير, وكذلك لا يجوز له فعل الخياطة فيه, سواء كان محتاجاً أو غيره, وسواء قل أو كثر؛ لأن في ذلك فعل معيشة في المس
جد, وكذلك الرقوع ونحوه. . . فيمنع من البيع والشراء في المسجد مطلقاً, ويحتمل كلام أحمد. . . .
فأما خارج المسجد؛ فيجوز له أن يشتري ما لا بدَّ منه.
فأما شراء خادم لأهله وكسوة ونحو ذلك مما لا يتكرر أو شراء طعام لهم. . . .
وإذا خاط ثوبه أو رقعه أو فعل نحو ذلك مما لا يتكسب به؛ فقيل: يجوز اليسير منه.
[وإذا كان به حاجة إلى الاكتساب والاتجار؛ فلا يعتكف].

قال أصحابنا: وله أن يتزوج في المسجد, وأن يزوج غيره, وأن يشهد النكاح؛ لأنها عبادة لا تحرم الطيب, فلم تمنع النكاح والصيام, وعكسه الإِحرام أو العدة. . . .
وإذا اتجر أو اكتسب في المسجد؟ فهل يبطل اعتكافه؟. . . .
وإن فعل ذلك خروجاً لأمد قضاء الحاجة أو خروجاً يمتد للحيض والفتنة. . . .


* فصل:
ويجوز للمعتكف أن يغسل رأسه ويرجله حال الاعتكاف:
860 - لما روي عن عائشة رضي الله عنها: «أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم و
هي حائض, وهو معتكف في المسجد, وهي في حجرتها, يناولها رأسه, وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإِنسان إذا كان معتكفاً». متفق عليه.
وفي لفظ للبخاري: «إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل رأسه وهو في المسجد, فأرجله, وكان يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً».
وفي لفظ له: «كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف, فأغسله وأنا حائض».
قال ابن عقيل: ويجوز غسل جسده والتنظيف بأنواع التنظ
يف.
وفي معنى ذلك أخذ الشارب وتقليم الأظفار والاغتسال؛ لأن هذا من باب النظافة والطهارة, وهذا مما يستحب للمعتكف.
قال ابن عقيل: لأنها عبادة لا تحرم الطيب, والطيب أكثر من التنظيف, فكان من طريق الأولى أن لا يحرم الغسل والتنظيف.
وأما الطيب:

فقال في رواية المروذي: لا يتطيب المعتكف, ولا يقرئ في المسجد وهو معتكف.
وكذلك ذكر أبو بكر. ذكرها القاضي في بعض المواضع.
وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما: لا يحرم عليه الطيب؛ لأن الاعتكاف لا يحر
م عقد النكاح فلا يحرم الطيب.
قالوا: والمستحب له أن لا يلبس الرفيع من الثياب, ولا يتطيب؛ لأنها عبادة تختص بلبث في مكان مخصوص, فلم يكن الطيب والرفيع من الثياب فيها مشروعاً؛ كالحج.
فإن كان المعتكف قد حبس نفسه باعتكافه كما حبس المحرم نفسه بإحرامه, وهذا لأن الاعتكاف يحرم الوطء وما دونه, والطيب من دواعيه, فإذا لم يحرمه؛ فلا أقل من أن لا يستحب.
وأن يخرج إلى المصلى في ثياب اعتكافه, ولا يجدد ثياباً غيرها حتى يرجع إلى المصلى, ولا يحرم
عليه شيء من اللباس المباح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف إلى أن مات, ولم ينقل عنه أنه تجرد لاعتكافه.
قالوا: وله أن يأكل ما شاء كالمحرم.
وقال أبو بكر: يمنع نفسه عن التلذذ بما هو مباح قبل الاعتكاف.


مسألة:
ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه؛ إلا أن يشترط.
وجملة ذلك أن الاعتكاف هو لزوم المسجد للعبادة, فمتى خرج منه لغير فائدة؛ بطل اعتكافه, سواء طال لبثه أو لم يطل؛ لأنه لم يبق عاكفاً في المسجد.

861 - وقد روت عائشة رضي الله عنها: «أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهي ح
ائض, وهو معتكف في المسجد, وهي في حجرتها, يناولها رأسه, وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإِنسان إذا كان معتكفاً». متفق عليه.
وفي لفظ للبخاري: وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً.
862 - وقد تقدم قولها: «لا يخرج لحاجة؛ إلا لما لا بد له منه». رواه أبو داوود.
فأما خروجه لما لا بد له منه مما يعتاد الاحتياج إليه, ولا يطول زمانه, وهو حاجة الإِنسان, وصلاة
الجمعة؛ فيجوز, ولا يقطع عليه اعتكافه, ولا يبطله, ويكون في خروجه في حكم المعتكف بحيث لا يقطع عليه التتابع المشروع وجوباً واستحباباً.

ولا تجوز له المباشرة, ولا ينبغي أن يشتغل إلا بالقرب وما يعنيه؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: رقم 187]؛ فنهى عن المباشرة لمن اعتكف في المسجد, وإن كان في غيره؛ لأن المباشرة في نفس المسجد لا تحل للعاكف ولا غيره.
فعلم من هذا أن العاكف في المسجد قد يكون في حكم العاكف مع خروجه منه, حتى تحرم عليه المباشرة.
وقد ذكرت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإِنسان؛ تع
ني: الغائط والبول, كُني عنهما بالحاجة؛ لأن الإِنسان يحتاج إليهما لا محالة.
وتقدم الدليل على أن له أن يخرج للجمعة.
ومثل هذا المصلي صلاة الخوف إذا استدبر القبلة ومشى مشياً كثيراً؛ فإنه لا يخرج عن حكم الصلاة - وإن كانت هذه الأفعال تنافي الصلاة - [لكنها] أبيحت للضرورة.

وكذلك؛ الطائف إذا صلى في أثناء صلاة مكتوبة أقيمت أو جنازة حضرت؛ فإنه طواف واحد, وإن تخلله هذا العمل المشروع.
وكذلك إذا قطع الموالاة في قراءة الفاتحة لاستماع قراءة الإِمام ونحو ذلك.
وفي معنى ذلك كل ما يحتاج إلى الخروج له, وهو ما يخاف من تركه ضرراً في دينه أو دنياه, فيدخل في ذلك الخروج لفع
ل واجب وترك محرم وإزالة ضرر؛ مثل: الحيض, والنفاس, وغسل الجنابة, وأداء شهادة تعينت عليه, وإطفاء حريق, ومرض شديد, وخوف على نفسه من فتنة وقعت, وجهاد تعين, وشهود جمعة, وسلطان أحضره, وحضور مجلس حكم, وقضاء عدم الوفاء, وغير ذلك؛ فإنه يجوز له الخروج لأجله, ولا يبطل اعتكافه, لكن منه ما يكون في حكم المعتكف إذا خرج بحيث يحسب له من مدة الاعتكاف ولا يقضيه - وهو ما لا يطول زمانه -, ومنه ما ليس كذلك - وهو ما يطول زمانه -؛ كما سنذكر إن شاء الله تعالى.
ويدل على جواز الخروج لا يعرض من الحاجات, وإن لم يكن معتاداً, مع احتسابه من المدة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]