
18-02-2023, 02:00 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة :
|
|
رد: حقوق الآباء والأمهات
حقوق الآباء والأمهات
(5) حق الوالدين بعد موتهما
ما زال حديثنا مستمرا عن حقوق الآباء والأمهات؛ حيث ذكرنا أنَّ من صفات المؤمنين الإحسان والبر والعطاء، والإجادة والإتقان، ويصل منهم الإحسان إلى الناس أجمعين، وأحق الناس به -بل ويكون واجبًا نحوهم- هم الآباء والأمهات، وذكرنا بعضًا من أنواع البر بهما، واليوم نتحدث عن حق الوالدين بعد موتهما.
أوصى الإسلام بالإحسان إلى الوالدين والأقارب، قال -تعالى- {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} (سورة النساء: آية 36)، وهذا الإحسان للآباء والأمهات يكون في حياتهم وبعد مماتهم، أما في حياتهم فيكون بالتزاور والإنفاق عليهم وتقديم العون لهم وغير ذلك من أنواع البر والإحسان بهم، أما بعد موتهم فإن البر بهم له أنواع عدة من أهمها ما يلي:
أولاً: قضاء دين الوالدين بعد موتهما
1- قضاء دينهما سواء كان حقا لله -تعالى- نحو زكاة أو نذر أم حقا للناس فيقضى أولاً حق الناس، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم، وترك عيالاً، قال: فأردت أن أنفقها على عياله، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أخاك محبوس بديْنه؛ فاذهب فاقض عنه؛ فذهبت فقضيت عنه ثم جئت قلت: يا رسول الله، قد قضيت عنه إلا دينارين ادعتها امرأة وليس لها بينة، قال- صلى الله عليه وسلم -: «أعطها فإنها محقة، وفي رواية صادقة».
2- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه»، وإن لم يوجد من يسده عن الميت من أقاربه أو غيرهم فيقضى دينه من مال الدولة، وإنما قدم دين العباد؛ لأن العبد كثيراً ما يتمسك بحقه، أما الرب -تبارك وتعالى- فمنه يكون العفو والغفران، ثم يقضى دين الله سواء كان ماليا أم تعبديا مفروضا كان أم نذراً واجباً في طاعة، لما روى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن سعد بن عبادة - رضي الله عنه - استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن أمي ماتت وعليها نذر، فقال - صلى الله عليه وسلم - اقضه عنها»، وقيل أيضا يقدم حق الله -تعالى- على حق العبد ومن ذلك:
أولاً: المفروضات
1- الصوم، سواء كان نذراً أم واجبا ًكصوم رمضان والكفارات ولم يقضها المتوفى مع وجود فسحة من الوقت حتى مات، يقضيه عنه وليه أو أحد أقاربه؛ لما روى عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أمي ماتت وعليها صيام شهر فأقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى».
2- الزكاة، سواء كانت زكاة مال أم فطر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - «اقضوا الله؛ فالله أحق بالقضاء» وهذا شامل لكل ما هو في الذمة، سواء كان ماليا أم بدنيا، والعبادة المالية يجوز فيها الإنابة فيؤديها آخر، والحي عن الميت، ويصل ثوابها إليه ويسقط عنه إثمها.
3- الحج، سواء كانت حجة الفريضة أم حجة منذورة، بشرط أن يكون النائب عن الميت حج عن نفسه أولاً؛ فقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالت: أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها، أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله؛ فإن الله أحق بالقضاء».
4- أما الصلاة، فالمشهور عند الفقهاء أن الحي لا يصلي عن الميت الفرائض، ولا يصل ثوابها إلى الميت.ثانياً: القربات
وهي الأعمال المستحبة التي ليست مفروضة على الحي ولا على الميت، نحو الصدقة والدعاء وغيرهما، والمشهور عند العلماء أن ثوابها يصل إلى الميت، ومن أهم هذه الأعمال:1- الصدقة
ففي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن رجلا أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله: إن أمي افتلت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ «قال: نعم، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبي مات ولم يوص، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم»، ولا سيما إذا كان من أقاربه أو من ذريته نحو ابنه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وأن ولده من كسبه «.2- الدعاء والاستغفار من الحي
وذلك سواء أكان الداعي قريباً أم غير قريب، قال -تعالى- {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} الحشر: آية 10، ويقول -تعالى- على لسان إبراهيم -عليه السلام-: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: آية 41، ويقول على لسان نوح -عليه السلام-: {رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} نوح: آية 28.
كما علمنا الله -تبارك وتعالى في كتابه الكريم- الدعاء للوالدين بعد موتهما؛ فقال -تعالى- {وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} الإسراء: آية 24؛ ذلك أن الدعاء للوالدين بعد وفاتهما نافع لهما، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله -عز وجل- ليرفع درجة العبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنيّ لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك».
الشيخ: عبدالمتعال محمد علي
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|