عرض مشاركة واحدة
  #399  
قديم 13-02-2023, 12:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (399)
صــ 303 إلى صــ 317




6797 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل [ ص: 303 ] " قال : ما ينقص من أحدهما في الآخر ، يعتقبان أو : يتعاقبان ، شك أبو عاصم ذلك من الساعات .

6798 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل " ما ينقص من أحدهما في الآخر ، يتعاقبان ذلك من الساعات .

6799 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن قوله : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل " نقصان الليل في زيادة النهار ، ونقصان النهار في زيادة الليل .

6800 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل " قال : هو نقصان أحدهما في الآخر .

6801 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن قتادة في قوله : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل " قال : يأخذ الليل من النهار ، ويأخذ النهار من الليل . يقول : نقصان الليل في زيادة النهار ، ونقصان النهار في زيادة الليل .

6802 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل " يعني أنه يأخذ أحدهما من الآخر ، فيكون الليل أحيانا أطول من النهار ، والنهار أحيانا أطول من الليل . [ ص: 304 ]

6803 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل " قال : هذا طويل وهذا قصير ، أخذ من هذا فأولجه في هذا ، حتى صار هذا طويلا وهذا قصيرا .

القول في تأويل قوله ( وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : " تأويل ذلك : أنه يخرج الشيء الحي من النطفة الميتة ، ويخرج النطفة الميتة من الشيء الحي " .

ذكر من قال ذلك :

6804 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : هي النطفة تخرج من الرجل وهي ميتة وهو حي ، ويخرج الرجل منها حيا وهي ميتة .

6805 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : الناس الأحياء من النطف والنطف ميتة ، ويخرجها من الناس الأحياء ، والأنعام .

6806 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . [ ص: 305 ]

6807 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " فذكر نحوه .

6808 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " فالنطفة ميتة تكون ، تخرج من إنسان حي ، ويخرج إنسان حي من نطفة ميتة .

6809 - حدثني محمد بن عمر بن علي بن عطاء المقدمي قال : حدثنا أشعث السجستاني قال : حدثنا شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد في قوله . " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : تخرج النطفة من الرجل ، والرجل من النطفة .

6810 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : تخرج الحي من هذه النطفة الميتة ، وتخرج هذه النطفة الميتة من الحي .

6811 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " الآية ، قال : الناس الأحياء من النطف ، والنطف الميتة من الناس الأحياء ، ومن الأنعام والنبت كذلك قال ابن جريج : وسمعت يزيد بن عويمر يخبر ، عن سعيد بن جبير قال : إخراجه النطفة من الإنسان ، وإخراجه الإنسان من النطفة . [ ص: 306 ]

6812 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : النطفة ميتة ، فتخرج منها أحياء " وتخرج الميت من الحي " تخرج النطفة من هؤلاء الأحياء ، والحب ميت تخرج منه حيا " وتخرج الميت من الحي " تخرج من هذا الحي حبا ميتا .

وقال آخرون : معنى ذلك : " أنه يخرج النخلة من النواة ، والنواة من النخلة ، والسنبل من الحب ، والحب من السنبل ، والبيض من الدجاج ، والدجاج من البيض " .

ذكر من قال ذلك .

6813 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا أبو تميلة قال : حدثنا عبد الله ، عن عكرمة قوله : " تخرج الحي من الميت " قال : هي البيضة تخرج من الحي وهي ميتة ، ثم يخرج منها الحي .

6814 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا حفص بن عمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة في قوله . " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : النخلة من النواة والنواة من النخلة ، والحبة من السنبلة ، والسنبلة من الحبة .

وقال آخرون : " معنى ذلك : أنه يخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن " .

ذكر من قال ذلك :

6815 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " يعني المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، والمؤمن عبد حي الفؤاد ، والكافر عبد ميت الفؤاد . [ ص: 307 ]

6816 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر قال : قال الحسن في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : يخرج المؤمن من الكافر ، ويخرج الكافر من المؤمن .

6819 - حدثنا عمران بن موسى قال : حدثنا عبد الوارث ، عن سعيد بن عمرو ، عن الحسن قرأ : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : تخرج المؤمن من الكافر ، وتخرج الكافر من المؤمن .

6820 - حدثني حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، أو عن ابن مسعود وأكبر ظني أنه عن سلمان قال : إن الله - عز وجل - خمر طينة آدم أربعين ليلة - أو قال : أربعين يوما - ثم قال بيده فيه ، فخرج كل طيب في يمينه ، وخرج كل خبيث في يده الأخرى ، ثم خلط بينهما ، ثم خلق منها آدم ، فمن ثم يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، يخرج المؤمن من الكافر ، ويخرج الكافر من المؤمن . [ ص: 308 ]

6821 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على بعض نسائه ، فإذا بامرأة حسنة النعمة ، فقال : من هذه ؟ قالت إحدى خالاتك ! قال : إن خالاتي بهذه البلدة لغرائب ! وأي خالاتي هذه ؟ قالت : خالدة ابنة الأسود بن عبد يغوث . قال : سبحان الذي يخرج الحي من الميت ! وكانت امرأة صالحة ، وكان أبوها كافرا .

6822 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قال : هل علمتم أن الكافر يلد مؤمنا ، وأن المؤمن يلد كافرا ؟ فقال : هو كذلك . [ ص: 309 ]

قال أبو جعفر : وأولى التأويلات التي ذكرناها في هذه الآية بالصواب ، تأويل من قال : " يخرج الإنسان الحي والأنعام والبهائم الأحياء من النطف الميتة وذلك إخراج الحي من الميت ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي والأنعام والبهائم الأحياء وذلك إخراج الميت من الحي " .

وذلك أن كل حي فارقه شيء من جسده ، فذلك الذي فارقه منه ميت . فالنطفة ميتة لمفارقتها جسد من خرجت منه ، ثم ينشئ الله منها إنسانا حيا وبهائم وأنعاما أحياء . وكذلك حكم كل شيء حي زايله شيء منه ، فالذي زايله منه ميت . وذلك هو نظير قوله : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) [ سورة البقرة : 28 ] .

وأما تأويل من تأوله بمعنى الحبة من السنبلة ، والسنبلة من الحبة ، والبيضة من الدجاجة ، والدجاجة من البيضة ، والمؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن فإن ذلك ، وإن كان له وجه مفهوم ، فليس ذلك الأغلب الظاهر في استعمال الناس في الكلام . وتوجيه معاني كتاب الله - عز وجل - إلى الظاهر المستعمل في الناس ، أولى من توجيهها إلى الخفي القليل في الاستعمال .

واختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته جماعة منهم : ( تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ) بالتشديد ، وتثقيل " الياء " من " الميت " بمعنى أنه يخرج الشيء الحي من الشيء الذي قد مات ، ومما لم يمت . [ ص: 310 ]

وقرأت جماعة أخرى منهم : ( تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ) بتخفيف " الياء " من " الميت " بمعنى أنه يخرج الشيء الحي من الشيء الذي قد مات ، دون الشيء الذي لم يمت ، ويخرج الشيء الميت ، دون الشيء الذي لم يمت ، من الشيء الحي .

وذلك أن " الميت " مثقل " الياء " عند العرب : ما لم يمت وسيموت ، وما قد مات .

وأما " الميت " مخففا ، فهو الذي قد مات ، فإذا أرادوا النعت قالوا : " إنك مائت غدا ، وإنهم مائتون " . وكذلك كل ما لم يكن بعد ، فإنه يخرج - على هذا المثال - الاسم منه . يقال : " هو الجائد بنفسه والطائبة نفسه بذلك " وإذا أريد معنى الاسم قيل : " هو الجواد بنفسه والطيبة نفسه " .

قال أبو جعفر : فإذا كان ذلك كذلك ، فأولى القراءتين في هذه الآية بالصواب ، قراءة من شدد " الياء " من " الميت " . لأن الله - جل ثناؤه - يخرج الحي من النطفة التي قد فارقت الرجل فصارت ميتة ، وسيخرجه منها بعد أن تفارقه وهي في صلب الرجل " ويخرج الميت من الحي " النطفة التي تصير بخروجها من الرجل الحي ميتا ، وهي قبل خروجها منه حية . فالتشديد أبلغ في المدح وأكمل في الثناء .
[ ص: 311 ] القول في تأويل قوله ( وترزق من تشاء بغير حساب ( 27 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : أنه يعطى من يشاء من خلقه فيجود عليه ، بغير محاسبة منه لمن أعطاه ، لأنه لا يخاف دخول انتقاص في خزائنه ، ولا الفناء على ما بيده ، كما : -

6823 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وترزق من تشاء بغير حساب " قال : يخرج الرزق من عنده بغير حساب ، لا يخاف أن ينقص ما عنده تبارك وتعالى .

قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : اللهم يا مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء ، وتذل من تشاء ، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ، دون من ادعى الملحدون أنه لهم إله ورب وعبدوه دونك ، أو اتخذوه شريكا معك ، أو أنه لك ولد وبيدك القدرة التي تفعل هذه الأشياء وتقدر بها على كل شيء ، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ، فتنقص من هذا وتزيد في هذا ، وتنقص من هذا وتزيد في هذا ، وتخرج من ميت حيا ومن حي ميتا ، وترزق من تشاء بغير حساب من خلقك ، لا يقدر على ذلك أحد سواك ، ولا يستطيعه غيرك ، كما : -

6824 - حدثني ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ، أي : بتلك القدرة يعني : بالقدرة التي تؤتي [ ص: 312 ] الملك بها من تشاء وتنزعه ممن تشاء " وترزق من تشاء بغير حساب " لا يقدر على ذلك غيرك ، ولا يصنعه إلا أنت . أي : فإن كنت سلطت عيسى على الأشياء التي بها يزعمون أنه إله : من إحياء الموتى ، وإبراء الأسقام ، والخلق للطير من الطين ، والخبر عن الغيوب ، لتجعله آية للناس ، وتصديقا له في نبوته التي بعثته بها إلى قومه - فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه : تمليك الملوك ، وأمر النبوة ووضعها حيث شئت ، وإيلاج الليل في النهار والنهار في الليل ، وإخراج الحي من الميت والميت من الحي ، ورزق من شئت من بر أو فاجر بغير حساب . فكل ذلك لم أسلط عيسى عليه ، ولم أملكه إياه ، فلم تكن لهم في ذلك عبرة وبينة : أن لو كان إلها ، لكان ذلك كله إليه ، وهو في علمهم يهرب من الملوك ، وينتقل منهم في البلاد من بلد إلى بلد ! !
[ ص: 313 ] القول في تأويل قوله ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة )

قال أبو جعفر : وهذا نهي من الله - عز وجل - للمؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانا وأنصارا وظهورا ، ولذلك كسر " يتخذ " لأنه في موضع جزم بالنهي ، ولكنه كسر " الذال " منه ، للساكن الذي لقيه وهي ساكنة .

ومعنى ذلك : لا تتخذوا ، أيها المؤمنون ، الكفار ظهرا وأنصارا توالونهم على دينهم ، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين ، وتدلونهم على عوراتهم ، فإنه من يفعل ذلك " فليس من الله في شيء " يعني بذلك : فقد برئ من الله وبرئ الله منه ، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر " إلا أن تتقوا منهم تقاة " إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم ، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم ، وتضمروا لهم العداوة ، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ، ولا تعينوهم على مسلم بفعل ، كما : -

6825 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " قال : نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين ، إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين ، فيظهرون لهم اللطف ، ويخالفونهم في الدين . وذلك قوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة [ ص: 314 ]

6826 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثني محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف ، وابن أبي الحقيق ، وقيس بن زيد ، قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم ، فقال رفاعة بن المنذر بن زنبر ، وعبد الله بن جبير ، وسعد بن خيثمة ، لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود ، واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم ! فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم ولزومهم ، فأنزل الله - عز وجل - : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " إلى قوله : " والله على كل شيء قدير " .

6827 - حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " يقول : لا يتخذ المؤمن كافرا وليا من دون المؤمنين .

6828 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين " إلى " إلا أن تتقوا منهم تقاة " أما " أولياء " فيواليهم في دينهم ، ويظهرهم على عورة المؤمنين ، فمن فعل هذا فهو مشرك ، فقد برئ الله منه إلا أن يتقي تقاة ، فهو يظهر الولاية لهم في دينهم ، والبراءة من المؤمنين .

6829 - حدثني المثنى قال : حدثنا قبيصة بن عقبة قال : حدثنا سفيان ، [ ص: 315 ] عن ابن جريج ، عمن حدثه ، عن ابن عباس : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال : التقاة التكلم باللسان ، وقلبه مطمئن بالإيمان .

6830 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا حفص بن عمر قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة في قوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة ، قال : ما لم يهرق دم مسلم ، وما لم يستحل ماله .

6831 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، إلا مصانعة في الدنيا ومخالقة .

6832 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

6833 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " إلى " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال : قال أبو العالية : التقية باللسان وليس بالعمل .

6834 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال : التقية باللسان . من حمل على أمر يتكلم به وهو لله معصية ، فتكلم مخافة على نفسه ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، فلا إثم عليه ، إنما التقية باللسان .

6835 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " فالتقية باللسان . من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله ، فيتكلم به مخافة [ ص: 316 ] الناس وقلبه مطمئن بالإيمان ، فإن ذلك لا يضره . إنما التقية باللسان .

وقال آخرون : معنى : " إلا أن تتقوا منهم تقاة ، إلا أن يكون بينك وبينه قرابة .

ذكر من قال ذلك :

6836 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين إلا أن تتقوا منهم تقية " نهى الله المؤمنين أن يوادوا الكفار أو يتولوهم دون المؤمنين . وقال الله : " إلا أن تتقوا منهم تقية " الرحم من المشركين ، من غير أن يتولوهم في دينهم ، إلا أن يصل رحما له في المشركين .

6837 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء " قال : لا يحل لمؤمن أن يتخذ كافرا وليا في دينه ، وقوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال : أن يكون بينك وبينه قرابة ، فتصله لذلك .

6838 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال : صاحبهم في الدنيا معروفا ، الرحم وغيره . فأما في الدين فلا .

قال أبو جعفر : وهذا الذي قاله قتادة تأويل له وجه ، وليس بالوجه الذي يدل عليه ظاهر الآية : إلا أن تتقوا من الكافرين تقاة فالأغلب من معاني هذا الكلام : إلا أن تخافوا منهم مخافة . فالتقية التي ذكرها الله في هذه الآية . إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم . ووجهه قتادة إلى أن تأويله : إلا أن تتقوا الله من أجل القرابة التي بينكم وبينهم تقاة ، فتصلون رحمها . وليس ذلك الغالب على [ ص: 317 ] معنى الكلام . والتأويل في القرآن على الأغلب الظاهر من معروف كلام العرب المستعمل فيهم .

وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة "

فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار : ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) ، على تقدير " فعلة " مثل : " تخمة ، وتؤدة وتكأة " من " اتقيت " .

وقرأ ذلك آخرون : " إلا أن تتقوا منهم تقية " ، على مثال " فعيلة " .

قال أبو جعفر : والقراءة التي هي القراءة عندنا ، قراءة من قرأها : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " لثبوت حجة ذلك بأنه القراءة الصحيحة ، بالنقل المستفيض الذي يمتنع منه الخطأ .
القول في تأويل قوله - عز وجل - ( ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ( 28 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك ، ويخوفكم الله من نفسه أن تركبوا معاصيه ، أو توالوا أعداءه ، فإن لله مرجعكم ومصيركم بعد مماتكم ، ويوم حشركم لموقف الحساب يعني بذلك : متى صرتم إليه وقد خالفتم ما أمركم به ، وأتيتم ما نهاكم عنه من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، نالكم من عقاب ربكم ما لا قبل لكم به ، يقول : فاتقوه واحذروه أن ينالكم ذلك منه ، فإنه شديد العقاب .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]