
13-02-2023, 12:11 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,492
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (398)
صــ 288 إلى صــ 302
[ ص: 288 ] القول في تأويل قوله ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ( 23 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " ألم تر " يا محمد " إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " يقول : الذين أعطوا حظا من الكتاب " يدعون إلى كتاب الله " .
واختلف أهل التأويل في " الكتاب " الذي عنى الله بقوله : " يدعون إلى كتاب الله " .
فقال بعضهم : هو التوراة ، دعاهم إلى الرضى بما فيها ، إذ كانت الفرق المنتحلة الكتب تقر بها وبما فيها : أنها كانت أحكام الله قبل أن ينسخ منها ما نسخ .
ذكر من قال ذلك :
6781 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال حدثني سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت المدراس على جماعة من يهود ، فدعاهم إلى الله ، فقال له نعيم بن عمرو ، والحارث [ ص: 289 ] بن زيد : على أي دين أنت يا محمد ؟ فقال : " على ملة إبراهيم ودينه . فقالا فإن إبراهيم كان يهوديا ! فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فهلموا إلى التوراة ، فهي بيننا وبينكم ! فأبيا عليه ، فأنزل الله - عز وجل - : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون " إلى قوله : " ما كانوا يفترون " .
6782 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بيت المدراس فذكر نحوه ، إلا أنه قال : فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فهلما إلى التوراة وقال أيضا : فأنزل الله فيهما : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " وسائر الحديث مثل حديث أبي كريب .
وقال بعضهم : بل ذلك كتاب الله الذي أنزله على محمد ، وإنما دعيت طائفة منهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحكم بينهم بالحق ، فأبت .
ذكر من قال ذلك :
6783 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون [ ص: 290 ] " أولئك أعداء الله اليهود ، دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم ، وإلى نبيه ليحكم بينهم ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، ثم تولوا عنه وهم معرضون .
6784 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " الآية قال : هم اليهود ، دعوا إلى كتاب الله وإلى نبيه ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم ، ثم يتولون وهم معرضون !
6785 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قوله : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم " قال : كان أهل الكتاب يدعون إلى كتاب ليحكم بينهم بالحق يكون ، وفي الحدود . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى الإسلام ، فيتولون عن ذلك .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب أن يقال : إن الله - جل ثناؤه - أخبر عن طائفة من اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عهده ، ممن قد أوتي علما بالتوراة أنهم دعوا إلى كتاب الله الذي كانوا يقرون أنه من عند الله - وهو التوراة - في بعض ما تنازعوا فيه هم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقد يجوز أن يكون تنازعهم الذي كانوا [ ص: 291 ] تنازعوا فيه ، ثم دعوا إلى حكم التوراة فيه فامتنعوا من الإجابة إليه ، كان أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمر نبوته ، ويجوز أن يكون ذلك كان أمر إبراهيم خليل الرحمن ودينه ، ويجوز أن يكون ذلك ما دعوا إليه من أمر الإسلام والإقرار به ، ويجوز أن يكون ذلك كان في حد . فإن كل ذلك مما قد كانوا نازعوا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم فيه إلى حكم التوراة ، فأبى الإجابة فيه وكتمه بعضهم .
ولا دلالة في الآية على أي ذلك كان من أي ، فيجوز أن يقال : هو هذا دون هذا . ولا حاجة بنا إلى معرفة ذلك ، لأن المعنى الذي دعوا إلى حكمه ، هو مما كان فرضا عليهم الإجابة إليه في دينهم ، فامتنعوا منه ، فأخبر الله - جل ثناؤه - عنهم بردتهم ، وتكذيبهم بما في كتابهم ، وجحودهم ما قد أخذ عليهم عهودهم ومواثيقهم بإقامته والعمل به . فلن يعدوا أن يكونوا في تكذيبهم محمدا وما جاء به من الحق مثلهم في تكذيبهم موسى وما جاء به وهم يتولونه ويقرون به .
ومعنى قوله : " ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون " ثم يستدبر عن كتاب الله الذي دعا إلى حكمه ، معرضا عنه منصرفا ، وهو بحقيقته وحجته عالم . [ ص: 292 ]
وإنما قلنا إن ذلك " الكتاب " هو التوراة ، لأنهم كانوا بالقرآن مكذبين ، وبالتوراة بزعمهم مصدقين ، فكانت الحجة عليهم بتكذيبهم بما هم به في زعمهم مقرون ، أبلغ ، وللعذر أقطع .
القول في تأويل قوله ( ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ( 24 ) )
يعني - جل ثناؤه - بقوله : " بأنهم قالوا " بأن هؤلاء الذين دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم بالحق فيما نازعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أبوا الإجابة إلى حكم التوراة وما فيها من الحق : من أجل قولهم : " لن تمسنا النار إلا أياما معدودات " وهي أربعون يوما ، وهن الأيام التي عبدوا فيها العجل ثم يخرجنا منها ربنا ، اغترارا منهم " بما كانوا يفترون " يعني : بما كانوا يختلقون من الأكاذيب والأباطيل ، في ادعائهم أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأن الله قد وعد أباهم يعقوب أن لا يدخل أحدا من ولده النار إلا تحلة القسم . فأكذبهم الله على ذلك كله من أقوالهم ، وأخبر نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - أنهم هم أهل النار هم فيها خالدون ، دون المؤمنين بالله ورسله وما جاءوا به من عنده . [ ص: 293 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
6786 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : " ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات " قالوا : لن تمسنا النار إلا تحلة القسم التي نصبنا فيها العجل ، ثم ينقطع القسم والعذاب عنا قال الله - عز وجل - : " وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون " أي قالوا : " نحن أبناء الله وأحباؤه " .
6787 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات " الآية ، قال : قالوا : لن نعذب في النار إلا أربعين يوما ، قال : يعني اليهود قال : وقال قتادة مثله وقال : هي الأيام التي نصبوا فيها العجل . يقول الله - عز وجل - : " وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون " حين قالوا : " نحن أبناء الله وأحباؤه " .
6788 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال : قال ابن جريج قال مجاهد قوله : " وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون " قال : غرهم قولهم : " لن تمسنا النار إلا أياما معدودات " .
[ ص: 294 ] القول في تأويل قوله ( فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ( 25 ) )
قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " فكيف إذا جمعناهم " فأي حال يكون حال هؤلاء القوم الذين قالوا هذا القول ، وفعلوا ما فعلوا من إعراضهم عن كتاب الله ، واغترارهم بربهم ، وافترائهم الكذب ؟ وذلك من الله - عز وجل - وعيد لهم شديد ، وتهديد غليظ .
وإنما يعني بقوله : " فكيف إذا جمعناهم . . . " الآية : فما أعظم ما يلقون من عقوبة الله وتنكيله بهم إذا جمعهم ليوم يوفى كل عامل جزاء عمله على قدر استحقاقه ، غير مظلوم فيه ، لأنه لا يعاقب فيه إلا على ما اجترم ، ولا يؤاخذ إلا بما عمل ، يجزي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، لا يخاف أحد من خلقه منه يومئذ ظلما ولا هضما .
فإن قال قائل : وكيف قيل : " فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه " ولم يقل : في يوم لا ريب فيه ؟
قيل : لمخالفة معنى " اللام " في هذا الموضع معنى " في " . وذلك أنه لو كان مكان " اللام " " في " لكان معنى الكلام : فكيف إذا جمعناهم في يوم القيامة ، ماذا يكون لهم من العذاب والعقاب ؟ وليس ذلك المعنى في دخول " اللام " ولكن معناه مع " اللام " : فكيف إذا جمعناهم لما يحدث في يوم لا ريب فيه ، ولما يكون في ذلك اليوم من فصل الله القضاء بين خلقه ، ماذا لهم حينئذ من العقاب وأليم العذاب ؟ فمع " اللام " في " ليوم لا ريب فيه " نية فعل ، وخبر مطلوب قد [ ص: 295 ] ترك ذكره ، أجزأت دلالة دخول " اللام " في " اليوم " عليه منه . وليس ذلك مع " في " فلذلك اختيرت " اللام " فأدخلت في " اليوم " دون " في " .
وأما تأويل قوله : " لا ريب فيه " فإنه : لا شك في مجيئه . وقد دللنا على أنه كذلك بالأدلة الكافية ، مع ذكر من قال ذلك في تأويله فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته .
وعنى بقوله : " ووفيت " ووفى الله " كل نفس ما كسبت " يعني : ما عملت من خير وشر " وهم لا يظلمون " يعني أنه لا يبخس المحسن جزاء إحسانه ، ولا يعاقب مسيئا بغير جرمه .
القول في تأويل قوله ( قل اللهم )
قال أبو جعفر : أما تأويل : " قل اللهم " فإنه : قل يا محمد : يا الله .
واختلف أهل العربية في نصب " ميم " " اللهم " وهو منادى ، وحكم المنادى المفرد غير المضاف الرفع وفي دخول " الميم " فيه ، وهو في الأصل " الله " بغير " ميم " . [ ص: 296 ] فقال بعضهم : إنما زيدت فيه " الميمان " لأنه لا ينادى ب " يا " كما ينادى الأسماء التي لا " ألف " فيها ولا " لام " . وذلك أن الأسماء التي لا " ألف " ولا " لام " فيها تنادى ب " يا " كقول القائل : " يا زيد ، ويا عمرو " . قال : فجعلت " الميم " فيه خلفا من " يا " كما قالوا : " فم ، وابنم ، وهم ، وزرقم ، وستهم " وما أشبه ذلك من الأسماء والنعوت التي يحذف منها الحرف ، ثم يبدل مكانه " ميم " . قال : فكذلك حذفت من " اللهم " " يا " التي ينادى بها الأسماء التي على ما وصفنا ، وجعلت " الميم " خلفا منها في آخر الاسم . [ ص: 297 ]
وأنكر ذلك من قولهم آخرون ، وقالوا : قد سمعنا العرب تنادي : " اللهم " ب " يا " كما تناديه ولا " ميم " فيه . قالوا : فلو كان الذي قال هذا القول مصيبا في دعواه ، لم تدخل العرب " يا " وقد جاءوا بالخلف منها . وأنشدوا في ذلك سماعا من العرب :
وما عليك أن تقولي كلما صليت أو كبرت يا أللهما
اردد علينا شيخنا مسلما
ويروى : " سبحت أو كبرت " . قالوا : ولم نر العرب زادت مثل هذه " الميم " إلا مخففة في نواقص الأسماء مثل : " الفم ، وابنم ، وهم " قالوا : ونحن نرى أنها كلمة ضم إليها " أم " بمعنى : " يا ألله أمنا بخير " فكثرت في الكلام فاختلطت به . قالوا : فالضمة التي في " الهاء " من همزة " أم " لما تركت انتقلت إلى ما قبلها . قالوا : ونرى أن قول العرب : " هلم إلينا " مثلها . إنما كان " هلم " " هل " ضم إليها " أم " فتركت على نصبها . قالوا : من العرب من يقول إذا طرح " الميم " : " يا الله اغفر لي " و " يا ألله اغفر لي " بهمز " الألف " من " الله " مرة ، ووصلها أخرى ، فمن حذفها أجراها على أصلها ، لأنها " ألف ولام " مثل " الألف واللام " اللتين يدخلان في الأسماء المعارف زائدتين . ومن همزها توهم أنها من الحرف ، [ ص: 298 ] إذ كانت لا تسقط منه ، وأنشدوا في همز الألف منها :
مبارك هو ومن سماه على اسمك اللهم يا ألله
قالوا : وقد كثرت " اللهم " في الكلام ، حتى خففت ميمها في بعض اللغات ، وأنشدوا :
كحلفة من أبي رياح يسمعها اللهم الكبار
والرواة تنشد ذلك :
يسمعها لاهه الكبار [ ص: 299 ]
وقد أنشده بعضهم :
يسمعها الله والله كبار
القول في تأويل قوله ( مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء )
قال أبو جعفر : يعني بذلك : يا مالك الملك ، يا من له ملك الدنيا والآخرة خالصا دون وغيره ، كما : -
6789 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير قوله : " قل اللهم مالك الملك " أي رب العباد الملك ، لا يقضي فيهم غيرك .
وأما قوله : " تؤتي الملك من تشاء " فإنه يعني : تعطى الملك من تشاء ، فتملكه وتسلطه على من تشاء .
وقوله : " وتنزع الملك ممن تشاء " يعني : وتنزع الملك ممن تشاء أن تنزعه منه ، [ ص: 300 ] فترك ذكر " أن تنزعه منه " اكتفاء بدلالة قوله : " وتنزع الملك ممن تشاء " عليه ، كما يقال : " خذ ما شئت وكن فيما شئت " يراد : خذ ما شئت أن تأخذه ، وكن فيما شئت أن تكون فيه; وكما قال - جل ثناؤه - : ( في أي صورة ما شاء ركبك ) [ سورة الانفطار : 8 ] يعني : في أي صورة شاء أن يركبك فيها ركبك .
وقيل : إن هذه الآية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جوابا لمسألته ربه أن يجعل ملك فارس والروم لأمته .
ذكر من قال ذلك :
6790 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : وذكر لنا : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سأل ربه - جل ثناؤه - أن يجعل له ملك فارس والروم في أمته ، فأنزل الله - عز وجل - : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء " إلى " إنك على كل شيء قدير " .
6791 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة قال : ذكر لنا والله أعلم : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سأل ربه - عز وجل - أن يجعل ملك فارس والروم في أمته ، ثم ذكر مثله .
وروي عن مجاهد أنه كان يقول : معنى " الملك " في هذا الموضع : النبوة .
ذكر الرواية عنه بذلك :
6792 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء " قال : النبوة . [ ص: 301 ]
6793 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
القول في تأويل قوله ( وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ( 26 ) )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - : " وتعز من تشاء " بإعطائه الملك والسلطان ، وبسط القدرة له " وتذل من تشاء " بسلبك ملكه ، وتسليط عدوه عليه " بيدك الخير " أي : كل ذلك بيدك وإليك ، لا يقدر على ذلك أحد ، لأنك على كل شيء قدير ، دون سائر خلقك ، ودون من اتخذه المشركون من أهل الكتاب والأميين من العرب إلها وربا يعبدونه من دونك ، كالمسيح والأنداد التي اتخذها الأميون ربا ، كما : -
6794 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير قوله : " تؤتي الملك من تشاء " الآية ، أي : إن ذلك بيدك لا إلى غيرك " إنك على كل شيء قدير " أي : لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك .
[ ص: 302 ] القول في تأويل قوله ( تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل )
قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " تولج " تدخل ، يقال منه : " قد ولج فلان منزله " إذا دخله ، " فهو يلجه ولجا وولوجا ولجة " - و " أولجته أنا " إذا أدخلته .
ويعني بقوله : " تولج الليل في النهار " تدخل ما نقصت من ساعات الليل في ساعات النهار ، فتزيد من نقصان هذا في زيادة هذا " وتولج النهار في الليل " وتدخل ما نقصت من ساعات النهار في ساعات الليل ، فتزيد في ساعات الليل ما نقصت من ساعات النهار ، كما : -
6795 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل " حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة ، والنهار تسع ساعات ، وتدخل النهار في الليل حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة ، والليل تسع ساعات .
6796 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا حفص بن عمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ما نقص من النهار يجعله في الليل ، وما نقص من الليل يجعله في النهار .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|