عرض مشاركة واحدة
  #397  
قديم 13-02-2023, 12:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (397)
صــ 273 إلى صــ 287


[ ص: 273 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك روي عن بعض المتقدمين القول في ذلك .

6761 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم " بخلاف ما قالوا - يعني : بخلاف ما قال وفد نجران من النصارى " قائما بالقسط " أي بالعدل .

6762 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " بالقسط " بالعدل .
القول في تأويل قوله ( إن الدين عند الله الإسلام )

قال أبو جعفر : ومعنى " الدين " في هذا الموضع : الطاعة والذلة من قول الشاعر :

ويوم الحزن إذ حشدت معد وكان الناس ، إلا نحن دينا

[ ص: 274 ] يعني بذلك : مطيعين على وجه الذل ، ومنه قول القطامي :


كانت نوار تدينك الأديانا


يعني : تذلك . وقول الأعشى ميمون بن قيس :

هو دان الرباب إذ كرهوا الد ين دراكا بغزوة وصيال


يعني بقوله : " دان " ذلل وبقوله : " كرهوا الدين " الطاعة .

وكذلك " الإسلام " وهو الانقياد بالتذلل والخشوع ، والفعل منه : " أسلم " بمعنى : دخل في السلم ، كما يقال : " أقحط القوم " إذا دخلوا في القحط ، [ ص: 275 ]

" وأربعوا " إذا دخلوا في الربيع فكذلك " أسلموا " إذا دخلوا في السلم ، وهو الانقياد بالخضوع وترك الممانعة .

فإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " : إن الطاعة التي هي الطاعة عنده ، الطاعة له ، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذلة ، وانقيادها له بالطاعة فيما أمر ونهى ، وتذللها له بذلك من غير استكبار عليه ، ولا انحراف عنه ، دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهة .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

6763 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " والإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وهو دين الله الذي شرع لنفسه ، وبعث به رسله ، ودل عليه أولياءه ، لا يقبل غيره ولا يجزى إلا به .

6764 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قال حدثنا أبو العالية في قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " قال : " الإسلام " الإخلاص لله وحده ، وعبادته لا شريك له ، [ ص: 276 ] وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وسائر الفرائض لهذا تبع .

6765 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : ( أسلمنا ) [ سورة الحجرات : 14 ] ، قال : دخلنا في السلم ، وتركنا الحرب .

6766 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " إن الدين عند الله الإسلام " أي : ما أنت عليه يا محمد من التوحيد للرب ، والتصديق للرسل .
القول في تأويل قوله ( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : وما اختلف الذين أوتوا الإنجيل - وهو " الكتاب " الذي ذكره الله في هذه الآية - في أمر عيسى ، وافترائهم على الله فيما قالوه فيه من الأقوال التي كثر بها اختلافهم بينهم ، وتشتتت بها كلمتهم ، وباين بها بعضهم بعضا; حتى استحل بها بعضهم دماء بعض " إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم " يعني : إلا من بعد ما علموا الحق فيما اختلفوا فيه من أمره ، وأيقنوا أنهم فيما يقولون فيه من عظيم الفرية مبطلون . فأخبر الله عباده أنهم أتوا ما أتوا من الباطل ، وقالوا من القول الذي هو كفر بالله ، على علم منهم بخطأ [ ص: 277 ] ما قالوه ، وأنهم لم يقولوا ذلك جهلا منهم بخطئه ، ولكنهم قالوه واختلفوا فيه الاختلاف الذي هم عليه ، تعديا من بعضهم على بعض ، وطلب الرياسات والملك والسلطان ، كما : -

6767 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وما اختلف الذين أتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم " قال : قال أبو العالية ، إلا من بعد ما جاءهم الكتاب والعلم " بغيا بينهم " يقول : بغيا على الدنيا ، وطلب ملكها وسلطانها ، فقتل بعضهم بعضا على الدنيا من بعد ما كانوا علماء الناس .

6768 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع عن ابن عمر : أنه كان يكثر تلاوة هذه الآية : " إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم " يقول : بغيا على الدنيا ، وطلب ملكها وسلطانها . من قبلها والله أتينا ! ما كان علينا من يكون علينا ، بعد أن يأخذ فينا كتاب الله وسنة نبيه ، ولكنا أتينا من قبلها .

6769 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قال : إن موسى لما حضره الموت دعا سبعين حبرا من أحبار بني إسرائيل ، فاستودعهم التوراة ، وجعلهم أمناء عليه ، كل حبر جزءا منه ، واستخلف موسى يوشع بن نون . فلما مضى القرن الأول ومضى الثاني ومضى الثالث ، وقعت الفرقة بينهم - وهم الذين أوتوا العلم من أبناء أولئك السبعين - حتى [ ص: 278 ] أهرقوا بينهم الدماء ، ووقع الشر والاختلاف . وكان ذلك كله من قبل الذين أوتوا العلم ، بغيا بينهم على الدنيا ، طلبا لسلطانها وملكها وخزائنها وزخرفها ، فسلط الله عليهم جبابرتهم ، فقال الله : " إن الدين عند الله الإسلام " إلى قوله : " والله بصير بالعباد " .

فقول الربيع بن أنس هذا يدل على أنه كان عنده أنه معني بقوله : " وما اختلف الذين أوتوا الكتاب " اليهود من بني إسرائيل ، دون النصارى منهم ، وغيرهم .

وكان غيره يوجه ذلك إلى أن المعني به النصارى الذين أوتوا الإنجيل .

ذكر من قال ذلك :

6770 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم " الذي جاءك ، أي أن الله الواحد الذي ليس له شريك " بغيا بينهم " يعني بذلك النصارى .
[ ص: 279 ] القول في تأويل قوله ( ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ( 19 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك : ومن يجحد حجج الله وأعلامه التي نصبها ذكرى لمن عقل ، وأدلة لمن اعتبر وتذكر ، فإن الله محص عليه أعماله التي كان يعملها في الدنيا ، فمجازيه بها في الآخرة ، فإنه - جل ثناؤه - " سريع الحساب " يعني : سريع الإحصاء . وإنما معنى ذلك أنه حافظ على كل عامل عمله ، لا حاجة به إلى عقد كما يعقده خلقه بأكفهم ، أو يعونه بقلوبهم ، ولكنه يحفظ ذلك عليهم ، بغير كلفة ولا مؤونة ، ولا معاناة لما يعانيه غيره من الحساب .

وبنحو الذي قلنا في معنى " سريع الحساب " كان مجاهد يقول :

6771 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب " قال : إحصاؤه عليهم .

6772 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب " إحصاؤه .
[ ص: 280 ] القول في تأويل قوله ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : فإن حاجك : يا محمد ، النفر من نصارى أهل نجران في أمر عيسى صلوات الله عليه ، فخاصموك فيه بالباطل ، فقل : انقدت لله وحده بلساني وقلبي وجميع جوارحي . وإنما خص جل ذكره بأمره بأن يقول : " أسلمت وجهي لله " لأن الوجه أكرم جوارح ابن آدم عليه ، وفيه بهاؤه وتعظيمه ، فإذا خضع وجهه لشيء ، فقد خضع له الذي هو دونه في الكرامة عليه من جوارح بدنه .

وأما قوله : " ومن اتبعني " فإنه يعني : وأسلم من اتبعني أيضا وجهه لله معي . و " من " معطوف بها على " التاء " في " أسلمت " كما : -

6773 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " فإن حاجوك " أي : بما يأتونك به من الباطل من قولهم : " خلقنا ، وفعلنا ، وجعلنا ، وأمرنا " فإنما هي شبه باطلة قد عرفوا ما فيها من الحق " فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني " .
[ ص: 281 ] القول في تأويل قوله ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " وقل " يا محمد ، للذين أوتوا الكتاب " من اليهود والنصارى " والأميين " الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب " أأسلمتم " يقول : قل لهم : هل أفردتم التوحيد وأخلصتم العبادة والألوهة لرب العالمين ، دون سائر الأنداد والأشراك التي تشركونها معه في عبادتكم إياهم وإقراركم بربوبيتهم ، وأنتم تعلمون أنه لا رب غيره ولا إله سواه " فإن أسلموا " يقول : فإن انقادوا لإفراد الوحدانية لله وإخلاص العبادة والألوهة له " فقد اهتدوا " يعني : فقد أصابوا سبيل الحق ، وسلكوا محجة الرشد .

فإن قال قائل : وكيف قيل : " فإن أسلموا فقد اهتدوا " عقيب الاستفهام ؟ وهل يجوز على هذا في الكلام أن يقال لرجل : " هل تقوم ؟ فإن تقم أكرمك " ؟

قيل : ذلك جائز ، إذا كان الكلام مرادا به الأمر ، وإن خرج مخرج الاستفهام ، كما قال - جل ثناؤه - : ( ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) [ سورة المائدة : 91 ] ، يعني : انتهوا ، وكما قال - جل ثناؤه - مخبرا عن الحواريين أنهم قالوا لعيسى : ( يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ) [ سورة المائدة : 112 ] ، وإنما هو مسألة ، كما يقول الرجل : " هل أنت [ ص: 282 ] كاف عنا " ؟ بمعنى : اكفف عنا ، وكما يقول الرجل للرجل : " أين ، أين " ؟ بمعنى : أقم فلا تبرح ، ولذلك جوزي في الاستفهام كما جوزي في الأمر في قراءة عبد الله : ( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم آمنوا ) [ سورة الصف : 10 ، 11 ] ، ففسرها بالأمر ، وهي في قراءتنا على الخبر . فالمجازاة في قراءتنا على قوله : " هل أدلكم " وفي قراءة عبد الله على قوله : " آمنوا " على الأمر ، لأنه هو التفسير .

وبنحو معنى ما قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل :

6774 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين " الذين لا كتاب لهم " أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا " الآية .

6775 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال قال ابن عباس : " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين " قال : الأميون الذين لا يكتبون .
[ ص: 283 ] القول في تأويل قوله ( وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ( 20 ) )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " وإن تولوا " وإن أدبروا معرضين عما تدعوهم إليه من الإسلام وإخلاص التوحيد لله رب العالمين ، فإنما أنت رسول مبلغ ، وليس عليك غير إبلاغ الرسالة إلى من أرسلتك إليه من خلقي ، وأداء ما كلفتك من طاعتي " والله بصير بالعباد " يعني بذلك : والله ذو علم بمن يقبل من عباده ما أرسلتك به إليه فيطيعك بالإسلام ، وبمن يتولى منهم عنه معرضا فيرد عليك ما أرسلتك به إليه ، فيعصيك بإبائه الإسلام .
القول في تأويل قوله ( إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " إن الذين يكفرون بآيات الله " أي : يجحدون حجج الله وأعلامه فيكذبون بها من أهل الكتابين التوراة والإنجيل ، كما : -

6776 - حدثني ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : ثم جمع أهل الكتابين جميعا ، وذكر ما أحدثوا وابتدعوا ، [ ص: 284 ] من اليهود والنصارى فقال : " إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق " إلى قوله : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء " .

وأما قوله : " ويقتلون النبيين بغير حق " فإنه يعني بذلك - أنهم كانوا يقتلون رسل الله الذين كانوا يرسلون إليهم بالنهي عما يأتون من معاصي الله ، وركوب ما كانوا يركبونه من الأمور التي قد تقدم الله إليهم في كتبهم بالزجر عنها ، نحو زكريا وابنه يحيى ، وما أشبههما من أنبياء الله .
القول في تأويل قوله ( ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأه عامة أهل المدينة والحجاز والبصرة والكوفة وسائر قرأة الأمصار : ( ويقتلون الذين يأمرون بالقسط ) ، بمعنى القتل .

وقرأه بعض المتأخرين من قرأة الكوفة : ( ويقاتلون ) ، بمعنى القتال ، تأولا منه قراءة عبد الله بن مسعود ، وادعى أن ذلك في مصحف عبد الله : ( وقاتلوا ) ، فقرأ الذي وصفنا أمره من القراءة بذلك التأويل : ( ويقاتلون ) .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه : " ويقتلون " لإجماع الحجة من القرأة عليه به ، مع مجيء التأويل من أهل التأويل بأن ذلك تأويله . [ ص: 285 ]

ذكر من قال ذلك :

6777 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن معقل بن أبي مسكين في قول الله : " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : كان الوحي يأتي إلى بني إسرائيل فيذكرون [ قومهم ] - ولم يكن يأتيهم كتاب - فيقتلون ، فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم ، فيذكرون قومهم فيقتلون ، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس .

6778 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة ، في قوله : " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : هؤلاء أهل الكتاب ، كان أتباع الأنبياء ينهونهم ويذكرونهم ، فيقتلونهم .

6779 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال ابن جريج في قوله : " إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : كان ناس من بني إسرائيل ممن لم يقرأ الكتاب ، كان الوحي يأتي إليهم فيذكرون قومهم فيقتلون على ذلك ، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس .

6780 - حدثني أبو عبيد الوصابي محمد بن حفص قال : حدثنا ابن حمير قال : حدثنا أبو الحسن مولى بني أسد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قلت : يا رسول الله ، أي الناس أشد عذابا يوم القيامة ؟ [ ص: 286 ] قال : " رجل قتل نبيا ، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف . ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " إلى أن انتهى إلى " وما لهم من ناصرين " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا عبيدة ، قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة ! فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل ، فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر ، فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم ، وهم الذين ذكر الله - عز وجل - .

قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ، ويقتلون آمريهم بالعدل في أمر الله ونهيه ، الذين ينهونهم عن قتل أنبياء الله وركوب معاصيه .
[ ص: 287 ] القول في تأويل قوله ( فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ( 22 ) ( 21 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " فبشرهم بعذاب أليم " فأخبرهم يا محمد وأعلمهم أن لهم عند الله عذابا مؤلما لهم وهو الموجع .

وأما قوله : " أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة " فإنه يعني بقوله : " أولئك " الذين يكفرون بآيات الله . ومعنى ذلك أن الذين ذكرناهم ، هم " الذين حبطت أعمالهم " يعني : بطلت أعمالهم " في الدنيا والآخرة " . فأما في الدنيا ، فلم ينالوا بها محمدة ولا ثناء من الناس ، لأنهم كانوا على ضلال وباطل ، ولم يرفع الله لهم بها ذكرا ، بل لعنهم وهتك أستارهم ، وأبدى ما كانوا يخفون من قبائح أعمالهم على ألسن أنبيائه ورسله في كتبه التي أنزلها عليهم ، فأبقى لهم ما بقيت الدنيا مذمة ، فذلك حبوطها في الدنيا . وأما في الآخرة ، فإنه أعد لهم فيها من العقاب ما وصف في كتابه ، وأعلم عباده أن أعمالهم تصير بورا لا ثواب لها ، لأنها كانت كفرا بالله ، فجزاء أهلها الخلود في الجحيم .

وأما قوله : " وما لهم من ناصرين " فإنه يعني : وما لهؤلاء القوم من ناصر ينصرهم من الله ، إذا هو انتقم منهم بما سلف من إجرامهم واجترائهم عليه ، فيستنقذهم منه .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]