عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-02-2023, 08:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,665
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نبي المسلمين، ودين الإسلام، والحضارة الإسلامية


2- تهمة العنف:
قال جورج: هناك من يتهم الدين الإسلامي بالعنف.
قلت: وفي هذا أيضاً سأحيلك أولاً إلى تعاليم الإسلام بنصوصها لتجيبك.
أترى أن ديناً يرسم لأتباعه الصورة المثلى التي يجب أن يكونوا عليها فيقول: ï´؟ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً * وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً * أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً ï´¾[101].
وأردفتُ: عباد الرحمن هؤلاء؛ الذين وصفتهم هذه الآيات الكريمة؛ هم المثل الأعلى الذي يسعى كل مسلم للوصول إليه.. أتراه ديناً يدعو إلى العنف؟
قال جورج: لا.
قلت: أترى أن ديناً يعلِّم النبيَّ الذي جاء به كيفية مواجهة خصومه؛ فيقول في القرآن الكريم: ï´؟ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ï´¾[102]. أي إذا أساء إليك خصمك؛ فأحسن أنت إليه. أتراه ديناً يدعو إلى العنف يا جورج؟
قال: لا.
قلت: أترى أن ديناً يعلِّم ويربي فيه الأب ابنه فيقول في القرآن الكريم: ï´؟ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ï´¾[103]. أتراه ديناً يدعو إلى العنف؟
قال جورج: لا.
قلت: أترى أن ديناً يعلم النبيَّ الذي جاء به كيفية دعوة الناس إلى الله فيقول في القرآن الكريم: ï´؟ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ï´¾[104]. أتراه ديناً يدعو على العنف؟
قال جورج: لا.
قلت: أترى أن ديناً يحذر النبيَّ الذي جاء به؛ من عاقبة العنف والقسوة والفظاظة فيقول له في القرآن الكريم: ï´؟ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ï´¾[105]. أتراه ديناً يدعو إلى العنف؟
قال: جورج: لا.
قلت: أترى أن ديناً يعلم أتباعه كيفية الاقتصاص من المعتدي فيقول في القرآن الكريم: ï´؟ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ï´¾[106]. أتراه ديناً يدعو إلى العنف؟
قال جورج: لا.
قلت: أترى أن ديناً يأمر أتباعه باختيار الكلام الحسن، وأن لا يخاطبوا من كان على غير دينهم إلا بالكلام الحسن فيقول: ï´؟ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ï´¾[107].
ويقول: ï´؟ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ï´¾[108]. وأهل الكتاب الذين ذكرتهم الآية الكريمة هم اليهود والنصارى. أتراه ديناً يدعو إلى العنف؟
قال: جورج: لا.
قلت: إذا كان دين الإسلام يرفض العنف في الكلمة؛ فكيف يرضاه بغير الكلمة؟!
قال: جورج: صدقتَ؛ وحسبي هذا من النصوص القرآنية.
قلت: فمن تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم لهذه النصوص؟
قال: هات وأوجز.
قلت: لو قرأتَ السيرة النبوية في مصادرها الموثوقة لوجدت أن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في بدء الدعوة الإسلامية يَلقون من كفار مكة مختلف ألوان الاضطهاد والتعذيب.. فلم يأمرهم النبي بمواجهة العنف بالعنف، بل أمرهم بالهجرة من مكة، فصاروا يهاجرون إلى الحبشة فراراً بدينهم من العنف.
ولو تابعت قراءة السيرة النبوية لوجدت أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد صلحاً مع كفار مكة في السنة السادسة للهجرة سمي (صلح الحديبية) حقق فيه الكفار مطالبهم؛ برغم التفوق العسكري الواضح في جيش النبي فيما لو خاض معهم قتالاً، ولم يكن نصيب المسلمين في ذلك الصلح سوى تجنب العنف وعدم دخول مكة عن طريق القتال. وكان هذا بناء على اختيار النبي صلى الله عليه وسلم؛ الذي قال آنذاك قولته المشهورة: «لا تدعوني قريش- وهم كفار مكة- لخصلة فيها تعظيم حرمات الله إلا أجبتهم إليها»[109]. برغم المعارضة القوية من أصحاب النبي لهذا الصلح.
وأردفت: أترى من يختار هذه الاختيارات التي تتجنب العنف؛ يوصف بالعنف يا جورج؟
قال: لا.
قلت: إذاً اسمع ما تقوله النخبة من علماء الغربيين عن العنف الذي اتهم به الدين الإسلامي، ونبي المسلمين:
تقول البريطانية الباحثة في علم الأديان (كارين أرمسترونج) في مقدمتها لكتابها (سيرة النبي محمد): «من الخطأ أن نظن أن الإسلام دين يتسم بالعنف أو بالتعصب في جوهره، على نحو ما يقول به البعض أحياناً، بل إن الإسلام دين عالمي، ولا يتصف بأي سمات عدوانية شرقية أو معادية للغرب»[110].
ويقول المستشرق الفرنسي (غوستاف لوبون) في كتابه (الدين والحياة): «لقد كان محمد ذا أخلاق عالية، وحكمة ورقة قلب، ورأفة ورحمة، وصدق وأمانة»[111].
ويقول المستشرق الألماني (برتلي سانت هيلر) في كتابه (الشرقيون وعقائدهم): «كان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلِّ الصفات التي تحملها النفس البشرية؛ هما: العدالة والرحمة».
ويقول المستشرق (إميل درمنغم) في كتابه (حياة محمد): «إن محمداً قد أبدى في أغلب حياته اعتدالاً لافتاً للنظر، فقد برهن في انتصاره النهائي، على عظمة نفسية قلَّ أن يوجد لها مثال في التاريخ؛ إذ أمر جنوده أن يعفوا عن الضعفاء والمسنين والأطفال والنساء، وحذرهم أن يهدموا البيوت أو يسلبوا التجار، أو أن يقطعوا الأشجار المثمرة، وأمرهم ألا يجردوا السيوف إلا في حال الضرورة القاهرة، بل رأيناه يؤنب بعض قواده ويصلح أخطاءهم إصلاحاً مادياً ويقول لهم: إن نفساً واحدة خير من أكثر الفتوح ثراءً»[112].
ويضيف (درمنغم) في حاشية ص362: (قال روبرتسن في كتابه (تاريخ شارلكن): «إن أتباع محمد وحدهم هم الذين جمعوا بين التسامح والدعوة إلى الإسلام». وقال القسيس ميشون في كتابه (رحلة دينية إلى الشرق): «إن من المؤسف حقاً أن علَّم المسلمون أمم النصرانية التسامح الديني الذي هو دعامة المحبة بين الأمم»)[113].
ويقول الفيلسوف الألماني الشهير (غوته) في كتابه (أخلاق المسلمين وعاداتهم): «ولا شك أن المتسامح الأكبر أمام اعتداء أصحاب الديانات الأخرى، وأمام إرهاصات وتخريفات اللادينيين، التسامح بمعناه الإلهي، غرسه رسول الإسلام في نفوس المسلمين، فقد كان محمد المتسامح الأكبر، ولم يتخذ رسول الإسلام موقفاً صعباً ضد كل الذين كانوا يعتدون عليه بالسب أو بمد الأيدي أو بعرقلة الطريق وما شابه ذلك، فقد كان متسامحاً؛ فتبعه أصحابه وتبعه المسلمون، وكانت وما زالت صفة التسامح هي إحدى المميزات والسمات الراقية للدين الإسلامي، وللحق أقول: إن تسامح المسلم ليس من ضعف؛ ولكن المسلم يتسامح مع اعتزازه بدينه، وتمسكه بعقيدته»[114].
ويقول (غوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب): «والإسلام من أعظم الديانات تهذيباً للنفوس، وحملاً على العدل والإحسان والتسامح»[115].
أما الباحث السويسري (جناد أقنبرت) فقد عكس الأمر وصرح بأن أعداء محمد هم المتعصبون ضده؛ إذ قال في كتابه (محمد والإسلام): «كلما ازداد الباحث تنقيباً في الحقائق التاريخية الوثيقة المصادر؛ فيما يخص الشمائل المحمدية، ازداد احتقاراً لأعداء محمد الذين أشرعوا أسنة الطعن في محمد قبل أن يعرفوه، ونسبوا إليه ما لا يجوز أن ينسب إلى رجل حقير، فضلاً عن رجل كمحمد؛ الذي يحدثنا التاريخ أنه رجل عظيم».
وأردفت: أيكفي هذا أم أزيدك يا جورج؟
3- تهمة انتشار الإسلام بالسيف:
قال جورج: بل حسبي. لكن إذا أنا آمنت مع هؤلاء النخبة الذين درسوا الإسلام بأنه دين لا يؤمن بالعنف، فلماذا كان انتشاره بين الناس بالسيف؟
قلت: ومن قال هذا؟
قال: كثيرون من الغربيين قالوا هذا وكتبوا عنه.
قلت: أأحدثك عن كيفية انتشار الدعوة الإسلامية في أقطار الأرض، منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم حتى اليوم، أم تكفيك أقوال وشهادات النخبة من العلماء الغربيين الذين عرفوا ذلك ودرسوه؟
قال: بل تكفيني أقوال هؤلاء النخبة.
قلت: يقول الكاتب والباحث الفرنسي (ديسون): «من الخطأ أن يصدق المرء ما يروِّج له البعض من أن السيف كان المبشر الأول في تقدم الإسلام وتبسطه، ذلك أن السبب الأول في انتشار الإسلام يعود إلى هذه الأخوة الدينية الفريدة، وإلى هذه الحياة الجديدة الاجتماعية التي دعا إليها ومكَّن لها، ثم إلى هذه الحياة الشريفة الطاهرة التي راح يحياها محمد وخلفاؤه من بعده، والتي بلغت من العفة والتضحية حداً جعل الإسلام قوة عظيمة لا تغلب»[116].
وتقول البريطانية الباحثة في الأديان (كارين أرمسترونج) في كتابها (سيرة النبي محمد): «إننا في الغرب بحاجة إلى أن نخلِّص أنفسنا من بعض أحقادنا القديمة، ولعل شخصاً مثل محمد يكون مناسباً للبدء، فقد كان رجلاً متدفق المشاعر.. وقد أسس ديناً وموروثاً حضارياً لم يكن السيف دعامته، برغم الأسطورة الغربية، وديناً اسمه الإسلام؛ ذلك اللفظ ذو الدلالة على السلام والوفاق»[117].
ويقول المستشرق الهولندي (دوزي) في مقدمة كتابه (ملحق وتكملة القواميس العربية): «إن ظاهرة دين محمد تبدو لأول وهلة لغزاً غريباً! ولا سيما متى علمنا أن هذا الدين الجديد لم يفرض فرضاً على أحد».
ويقول (توماس كارليل) في كتابه (الأبطال): «إن اتهام محمد بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته؛ سخف غير مفهوم!! إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس أو يستجيبوا لدعوته»[118].
ويقول (غوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب): «لقد أثبت التاريخ أن الأديان لا تفرض بالقوة، ولم ينتشر الإسلام بالسيف، بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخراً كالترك والمغول، وبلغ القرآن من الانتشار في الهند التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل.. ولم يكن الإسلام أقل انتشاراً في الصين التي لم يفتح العرب أي جزء منها قط»[119]. ويقول: «إن القوة لم تكن عاملاً في انتشار الإسلام، فقد ترك العربُ المغلوبين أحراراً في أديانهم»[120].
أيكفي هذا أم أزيدك يا جورج؟.
قال جورج: بل حسبي؛ لكن إن أنا آمنت مع النخبة من العلماء الغربيين أن الإسلام لم ينتشر بالسيف بل بالدعوة إلى الله عن طريق الحكمة والموعظة الحسنة. فهناك من يتهم الإسلام بأمر على غاية من الأهمية في هذه الأيام.
4- تهمة محاربة العلم:
قلت: وما ذاك؟
قال: هناك من يتهم الإسلام بأنه دين يحارب العلم.
قلت: هداك الله يا جورج؛ لأبينن لك وجه الحق في هذا بقليل من نصوص الإسلام وكثير من نصوص النخبة ممن تصغي أنت إليهم وتثق بآرائهم.
أتدري يا جورج ما هي أول كلمة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم؟
قال: لا.
قلت: إنها كلمة (اقرأ)؛ وكما تعرف يا جورج؛ القراءة هي باب العلم الذي لا يمكن لطالب علم ولا عالم إلا أن يلجه كل يوم؛ بل كل ساعة؛ بل كل لحظة.
وبعد تلك الكلمة كم من آيات نزلت تحث المسلمين على طلب العلم من مثل قوله تعالى في تفضيل العلماء على غيرهم: ï´؟ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ï´¾[121]. ومن مثل قوله تعالى في تخصيص فهم القرآن الكريم بالعلماء دون غيرهم: ï´؟ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ï´¾[122]، ï´؟ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ï´¾[123]، ï´؟ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ï´¾[124]،ï´؟ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ï´¾[125]، ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ï´¾[126]، ï´؟ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ï´¾[127]، ï´؟ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ï´¾[128]، وغيرها كثير.. حتى ليخيل للمرء أن دين الإسلام هو دين العلماء!
وليس هذا فحسب بل إن القرآن الكريم يجعل فئة العلماء في المجتمع هي الفئة التي تخشى الله وتعظمه حق الخشية والتعظيم لكثرة تفكرها ودراستها لظواهر وأسرار هذا الكون من حولها، فتقول الآية الكريمة: ï´؟ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ï´¾[129]، ذلك لأن العالم لا بد من أن يكون صاحب عقل، وصاحب العقل هو الذي يديم التفكر فيما حوله فيقبل الحقائق ويرفض الأباطيل والشعوذات، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ï´؟ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ï´¾ [130].
وهنا تنبه جورج كمن تذكر أمراً هاماً وقال: مهلاً، لقد أذكرتني هذه الآيات حادثة كنت قرأت عنها منذ زمن في مجلة (نقوش) الباكستانية.
قلت: حدثني بها.
قال: «نُقل عن العالم الهندي المسلم عناية الله المشرقي (وهو من أكبر علماء الهند في الطبيعة والرياضيات) أنه سأل الفلكي المشهور جيمس جينـز الأستاذ بجامعة كمبردج: ما الذي يدفع رجلاً ذائع الصيت مثلك لأن يتوجه إلى الكنيسة؟
قال عناية الله: فبدأ جيمس يلقي محاضرة عن تكوُّن الأجرام السماوية ونظامها المدهش، وأبعادها وفواصلها المتناهية، وطرقها وداراتها وجاذبيتها، وطوفان أنوارها المذهلة.. حتى أنني شعرت بقلبي يهتز لهيبة الله جل جلاله. أما السير جيمس فوجدتُ شعر رأسه قائماً، والدموع تنهمر من عينيه، ويداه ترتعشان من خشية الله. وتوقف فجأة ثم بدأ يقول: يا عناية الله خان؛ عندما ألقي نظرة على روائع خلق الله يبدأ كياني يرتعش من الجلال الإلهي، وعندما أركع أمام الله وأقول له: إنك لعظيم، أجد أن كل جزء من كياني يؤيدني في هذا الدعاء، وأشعر بسكون وسعادة عظيمين، وأحس بسعادة تفوق سعادة الآخرين ألف مرة، أفهمت يا عناية الله لِمَ أذهب إلى الكنيسة؟
ويضيف عناية الله قائلاً: لقد أحدثت هذه المحاضرة طوفاناً في عقلي، وقلت له: يا سيدي لقد تأثرت جداً بالتفاصيل العلمية التي رويتموها لي، وتذكرت بالمناسبة آية من آي كتابي المقدس، فلو سمحتم لي بقراءتها عليكم. فهز رأسه قائلاً: بكل سرور. فقرأت عليه: ï´؟ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ï´¾[131]. فصرخ السير جيمس قائلاً: ماذا قلت ï´؟ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ï´¾! مدهش وغريب وعجيب جداً!!! إنه الأمر الذي اكتشفتُه بعد دراسة ومشاهدة استمرت خمسين عاماً، من أنبأ محمداً به؟! هل هذه الآية موجودة في القرآن حقيقة؟ لو كان الأمر كذلك، فاكتب شهادة مني أن القرآن كتاب موحى به من عند الله.
ويستطرد السير جيمس جينـز قائلاً: لقد كان محمد أمياً؛ ولا يمكنه أن يكتشف هذا السر بنفسه، ولكن الله هو الذي أخبره بهذا السر، مدهش وغريب وعجيب جداً!!!»[132].
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.60%)]