عرض مشاركة واحدة
  #440  
قديم 06-02-2023, 11:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,156
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ الْأَحْزَابِ
الحلقة (440)
صــ 351 إلى صــ 360






[ ص: 351 ] وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ نَزَلَتْ فِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَامْرَأَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ .

وَمَعْنَى الْكَلَامِ: مَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ كَأُمَّهَاتِكُمْ فِي التَّحْرِيمِ، إِنَّمَا قَوْلُكُمْ مَعْصِيَةٌ، وَفِيهِ كَفَّارَةٌ، وَأَزْوَاجُكُمْ لَكُمْ حَلَالٌ; وَسَنَشْرَحُ هَذَا فِي سُورَةِ (الْمُجَادَلَةِ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَذَكَرُوا أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ نَزَلَ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، أَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَنَّاهُ قَبْلَ الْوَحْيِ ،فَلَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَ الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ: تَزَوَّجَ مُحَمَّدٌ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَهُوَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .


ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما . النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا

قوله تعالى: ادعوهم لآبائهم قال ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزلت ادعوهم لآبائهم .

[ ص: 352 ] قوله تعالى: هو أقسط أي: أعدل، فإن لم تعلموا آباءهم أي: إن لم تعرفوا آباءهم فإخوانكم أي: فهم إخوانكم، فليقل أحدكم: يا أخي، ومواليكم قال الزجاج: أي: بنو عمكم ويجوز أن يكون ( مواليكم ) أولياءكم في الدين .

وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: فيما أخطأتم به قبل النهي، قاله مجاهد .

والثاني: في دعائكم من تدعونه إلى غير أبيه وأنتم ترونه كذلك، قاله قتادة .

والثالث : فيما سهوتم فيه، قاله حبيب بن أبي ثابت .

فعلى الأول يكون معنى قوله: ولكن ما تعمدت قلوبكم أي: بعد النهي . وعلى الثاني والثالث : ما تعمدت في دعاء الرجل إلى غير أبيه .

قوله تعالى: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم أي: أحق، فله أن يحكم فيهم بما يشاء، قال ابن عباس: إذا دعاهم إلى شيء، ودعتهم أنفسهم إلى شيء، كانت طاعته أولى من طاعة أنفسهم; وهذا صحيح، فإن أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم، والرسول يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم .

[ ص: 353 ] قوله تعالى: وأزواجه أمهاتهم أي: في تحريم نكاحهن على التأبيد، ووجوب إجلالهن وتعظيمهن; ولا تجري عليهن أحكام الأمهات في كل شيء، إذ لو كان كذلك لما جاز لأحد أن يتزوج بناتهن، ولورثن المسلمين، ولجازت الخلوة بهن . وقد روى مسروق عن عائشة أن امرأة قالت: يا أماه، فقالت: لست لك بأم; إنما أنا أم رجالكم; فبان بهذا الحديث أن معنى الأمومة تحريم نكاحهن فقط . وقال مجاهد " وأزواجه أمهاتهم " وهو أب لهم . وما بعد هذا مفسر [ ص: 354 ] في آخر (الأنفال) إلى قوله تعالى: من المؤمنين والمهاجرين والمعنى أن ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من أن يرثوا بالإيمان والهجرة كما كانوا يفعلون قبل النسخ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا [وهذا استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفا] جائز، وذلك أن الله تعالى لما نسخ التوارث بالحلف والهجرة، أباح الوصية للمعاقدين، فللإنسان أن يوصي لمن يتولاه بما أحب من ثلثه . فالمعروف ها هنا: الوصية .

قوله تعالى: كان ذلك يعني نسخ الميراث بالهجرة ورده إلى ذوي الأرحام في الكتاب يعني اللوح المحفوظ مسطورا أي: مكتوبا .
وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا . ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا

قوله تعالى: وإذ أخذنا المعنى: واذكر إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم أي: عهدهم; وفيه قولان .

أحدهما: أخذ ميثاق النبيين: أن يصدق بعضهم بعضا، قاله قتادة .

والثاني: أن يعبدوا الله ويدعوا إلى عبادته، ويصدق بعضهم بعضا، وأن ينصحوا لقومهم، قاله مقاتل .

[ ص: 355 ] وهذا الميثاق أخذ منهم حين أخرجوا من ظهر آدم كالذر . قال أبي بن كعب : لما أخذ ميثاق الخلق خص النبيين بميثاق آخر .

فإن قيل: لم خص الأنبياء الخمسة بالذكر دون غيرهم من الأنبياء؟

فالجواب: أنه نبه بذلك على فضلهم، لأنهم أصحاب الكتب والشرائع; وقدم نبينا صلى الله عليه وسلم بيانا لفضله عليهم . قال قتادة: كان نبينا أول النبيين في الخلق .

وقوله: ميثاقا غليظا أي: شديدا على الوفاء بما حملوا . وذكر المفسرون أن ذلك العهد الشديد: اليمين بالله عز وجل .

[ ص: 356 ]

ليسأل الصادقين

يقول: أخذنا ميثاقهم لكي نسأل الصادقين، وهم الأنبياء عن صدقهم في تبليغهم . ومعنى سؤال الأنبياء- وهو يعلم صدقهم- تبكيت مكذبيهم . وها هنا تم الكلام . ثم أخبر بعد ذلك عما أعد للكافرين بالرسل .

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود وهم الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الخندق .

الإشارة إلى القصة

ذكر أهل العلم بالسيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أجلى بني النضير، ساروا إلى خيبر، فخرج نفر من أشرافهم إلى مكة فألبوا قريشا ودعوهم إلى الخروج لقتاله، ثم خرجوا من عندهم فأتوا غطفان وسليم، ففارقوهم على مثل ذلك . وتجهزت قريش ومن تبعهم من العرب، فكانوا أربعة آلاف، وخرجوا يقودهم أبو سفيان، ووافتهم بنو سليم بـ " مر الظهران " ، وخرجت بنو أسد، وفزارة، وأشجع، وبنو مرة، فكان جميع من وافى الخندق من القبائل عشرة آلاف، وهم الأحزاب; فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروجهم من مكة، أخبر الناس خبرهم، وشاورهم، فأشار سلمان بالخندق، فأعجب ذلك المسلمين، وعسكر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سفح " سلع " ، وجعل سلعا خلف ظهره; ودس أبو سفيان بن حرب حيي بن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكونوا معهم عليه، فأجابوا، واشتد الخوف، وعظم البلاء، ثم جرت بينهم مناوشة وقتال، وحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص [ ص: 357 ] إليهم الكرب، وكان نعيم بن مسعود الأشجعي قد أسلم، فمشى بين قريش وقريظة وغطفان فخذل بينهم، فاستوحش كل منهم من صاحبه، واعتلت قريظة بالسبت فقالوا: لا نقاتل فيه، وهبت ليلة السبت ريح شديدة، فقال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله لستم بدار مقام، لقد هلك الخف والحافر، وأجدب الجناب، وأخلفتنا قريظة، ولقينا من الريح ما ترون، فارتحلوا فإني مرتحل; فأصبحت العساكر قد أقشعت كلها . قال مجاهد: والريح التي أرسلت عليهم هي الصبا، حتى أكفأت قدورهم، ونزعت فساطيطهم . والجنود: الملائكة، ولم تقاتل يومئذ . وقيل: إن الملائكة جعلت تقلع أوتادهم وتطفئ نيرانهم وتكبر في جوانب عسكرهم، فاشتدت عليهم، فانهزموا من غير قتال .

قوله تعالى: لم تروها وقرأ النخعي، والجحدري، والجوني، وابن السميفع: " لم يروها " بالياء وكان الله بما تعملون بصيرا وقرأ أبو عمرو: [ " يعملون " ] بالياء .
إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا . هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا

[ ص: 358 ] قوله تعالى: إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم أي: من فوق الوادي ومن أسفله وإذ زاغت الأبصار أي: مالت وعدلت، فلم تنظر إلى شيء إلا إلى عدوها مقبلا من كل جانب وبلغت القلوب الحناجر وهي جمع حنجرة . والحنجرة: جوف الحلقوم . قال قتادة: شخصت عن مكانها، فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت . وقال غيره: المعنى أنهم جبنوا وجزع أكثرهم; وسبيل الجبان إذا اشتد خوفه أن تنتفخ رئته فيرتفع حينئذ القلب إلى الحنجرة، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس والفراء . وذهب ابن قتيبة إلى أن المعنى: كادت القلوب تبلغ الحلوق من الخوف وقال ابن الأنباري: " كاد " لا يضمر ولا يعرف معناه إذا لم ينطق به .

قوله تعالى: وتظنون بالله الظنونا قال الحسن: اختلفت ظنونهم، فظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يستأصلون، وظن المؤمنون أنه ينصر .

قرأ ابن كثير، والكسائي، وحفص عن عاصم: " الظنونا " و " الرسولا " [الأحزاب: 66] و " السبيلا " [الأحزاب: 67] بألف إذا وقفوا عليهن، وبطرحها في الوصل . وقال هبيرة عن حفص عن عاصم: وصل أو وقف بألف . وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: بالألف فيهن وصلا ووقفا . وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بغير ألف في وصل ولا وقف . قال الزجاج: والذي عليه حذاق النحويين والمتبعون السنة من قرائهم أن يقرؤوا: " الظنونا " ويقفون على الألف ولا يصلون; وإنما فعلوا ذلك، لأن أواخر الآيات عندهم فواصل يثبتون في آخرها الألف في الوقف .

قوله تعالى: هنالك أي: عند ذلك ابتلي المؤمنون أي: اختبروا بالقتال والحصر ليتبين المخلص من المنافق وزلزلوا أي: أزعجوا وحركوا [ ص: 359 ] بالخوف، فلم يوجدوا إلا صابرين . وقال الفراء: حركوا إلى الفتنة تحريكا، فعصموا .

قوله تعالى: وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض فيه قولان .

أحدهما: أنه الشرك، قاله الحسن . والثاني: النفاق، قاله قتادة، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا قال المفسرون: قالوا يومئذ: إن محمدا يعدنا أن نفتح مدائن كسرى وقيصر وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله! هذا والله الغرور . وزعم ابن السائب أن قائل هذا معتب بن قشير .
وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا . ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا . قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا

قوله تعالى: وإذ قالت طائفة منهم يعني من المنافقين . وفي القائلين لهذا منهم قولان . أحدهما: عبد الله بن أبي وأصحابه، قاله السدي . والثاني: بنو سالم من المنافقين، قاله مقاتل .

قوله تعالى: يا أهل يثرب قال أبو عبيدة: يثرب: اسم أرض، ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم في ناحية منها .

[ ص: 360 ] قوله تعالى: لا مقام لكم وقرأ حفص عن عاصم: " لا مقام " بضم الميم . قال الزجاج: من ضم الميم، فالمعنى: لا إقامة لكم; ومن فتحها، فالمعنى: لا مكان لكم تقيمون فيه . وهؤلاء كانوا يثبطون المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قوله تعالى: فارجعوا أي: إلى المدينة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالمسلمين حتى عسكروا بـ " سلع " ، وجعلوا الخندق بينهم وبين القوم، فقال المنافقون للناس: ليس لكم هاهنا مقام، لكثرة العدو، وهذا قول الجمهور . وحكى الماوردي قولين [آخرين]

أحدهما: لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين مشركي العرب، قاله الحسن .

والثاني: لا مقام لكم على القتال، فارجعوا إلى طلب الأمان، قاله الكلبي .

قوله تعالى: ويستأذن فريق منهم النبي فيه قولان .

أحدهما: أنهم بنو حارثة، قاله ابن عباس . وقال مجاهد: بنو حارثة بن الحارث بن الخزرج . وقال السدي: إنما استأذنه رجلان من بني حارثة .

والثاني: بنو حارثة، وبنو سلمة بن جشم، قاله مقاتل .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]