
03-02-2023, 11:23 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة :
|
|
رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السابع
الحلقة (477)
سُورَةُ الزُّخْرُفِ
صـ 123 إلى صـ 130
[ ص: 123 ] فعلى قراءة الكسر فمعنى ( يصدون ) يضجون ويصيحون ، وقيل : يضحكون ، وقيل : معنى القراءتين واحد ، كيعرشون ويعرشون ، ويعكفون ويعكفون .
وعلى قراءة الضم فهو من الصدود ، والفاعل المحذوف في قوله : ( ضرب ) قال جمهور المفسرين هو عبد الله بن الزبعرى السهمي قبل إسلامه .
أي ولما ضرب ابن الزبعرى المذكور عيسى ابن مريم فاجأك قومك بالضجيج والصياح والضحك ، فرحا منهم وزعما منهم أن ابن الزبعرى خصمك ، أو فاجأك صدودهم عن الإيمان بسبب ذلك المثل .
والظاهر أن لفظة ( من ) هنا سببية ، ومعلوم أن أهل العربية يذكرون أن من معاني ( من ) السببية ، ومنه قوله - تعالى - : مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا [ 71 \ 25 ] . أي بسبب خطيئاتهم أغرقوا .
ومن ذلك قول الحالفين في أيمان القسامة : أقسم بالله لمن ضربه مات .
وإيضاح معنى ضرب ابن الزبعرى عيسى مثلا - أن الله لما أنزل قوله - تعالى - : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون [ 21 \ 98 ] قال ابن الزبعرى : إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن كل معبود من دون الله في النار ، وإننا وأصنامنا جميعا في النار ، وهذا عيسى ابن مريم قد عبده النصارى من دون الله ، فإن كان ابن مريم مع النصارى الذين عبدوه في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه .
وقالوا مثل ذلك في عزير والملائكة ; لأن عزيرا عبده اليهود ، والملائكة عبدهم بعض العرب .
فاتضح أن ضربه عيسى مثلا ، يعني أنه على ما يزعم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قاله ، من أن كل معبود وعابده في النار ، يقتضي أن يكون عيسى مثلا لأصنامهم ، في كون الجميع في النار ، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يثني على عيسى الثناء الجميل ، ويبين للناس أنه عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .
فزعم ابن الزبعرى أن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اقتضى مساواة الأصنام مع عيسى في دخول [ ص: 124 ] النار مع أنه - صلى الله عليه وسلم - يعترف بأن عيسى رسول الله ، وأنه ليس في النار ، دل ذلك على بطلان كلامه عنده .
وعند ذلك أنزل الله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر الآية [ 21 \ 101 - 103 ] . وأنزل الله أيضا قوله - تعالى - : ولما ضرب ابن مريم مثلا الآية .
وعلى هذا القول فمعنى قوله - تعالى - : ما ضربوه لك إلا جدلا ، أي ما ضربوا عيسى مثلا إلا من أجل الجدل والخصومة بالباطل .
وقيل : إن ( جدلا ) حال ، وإتيان المصدر المنكر حالا كثير ، وقد أوضحنا توجيهه مرارا .
والمراد بالجدل هنا الخصومة بالباطل لقصد الغلبة بغير حق .
قال جماعة من العلماء : والدليل على أنهم قصدوا الجدل بشيء يعلمون في أنفسهم أنه باطل ، أن الآية التي تذرعوا بها إلى الجدل لا تدل البتة على ما زعموه ، وهم أهل اللسان ، ولا تخفى عليهم معاني الكلمات .
والآية المذكورة إنما عبر الله فيها بلفظة " ما " التي هي في الموضع العربي لغير العقلاء ; لأنه قال : إنكم وما تعبدون [ 21 \ 98 ] ولم يقل : ومن تعبدون ، وذلك صريح في أن المراد الأصنام ، وأنه لا يتناول عيسى ولا عزيرا ولا الملائكة ، كما أوضح - تعالى - أنه لم يرد ذلك بقوله - تعالى - بعده : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية [ 21 \ 101 ] .
وإذا كانوا يعلمون من لغتهم أن الآية الكريمة لم تتناول عيسى بمقتضى لسانهم العربي ، الذي نزل به القرآن - تحققنا أنهم ما ضربوا عيسى مثلا إلا لأجل الجدل والخصومة بالباطل .
ووجه التعبير في صيغة الجمع في قوله : ما ضربوه لك إلا جدلا مع أن ضارب المثل واحد وهو ابن الزبعرى - يرجع إلى أمرين : أحدهما : أن من أساليب اللغة العربية إسناد فعل الرجل الواحد من القبيلة إلى جميع [ ص: 125 ] القبيلة ، ومن أصرح الشواهد العربية في ذلك قوله :
فسيف بني عبس وقد ضربوا به نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد
فإنه نسب الضرب إلى جميع بني عبس مع تصريحه بأن السيف في يد رجل واحد منهم ، وهو ورقاء بن زهير ، والشاعر يشير بذلك إلى قتل خالد بن جعفر الكلابي لزهير بن جذيمة العبسي ، وأن ورقاء بن زهير ضرب بسيف بني عبس رأس خالد بن جعفر الكلابي ، الذي قتل أباه ونبا عنه ، أي لم يؤثر في رأسه ، فإن معنى : نبا السيف - ارتفع عن الضريبة ولم يقطع .
والشاعر يهجو بني عبس بذلك .
والحروب التي نشأت عن هذه القصة وقتل الحارث بن ظالم المري لخالد المذكور ، كل ذلك معروف في محله .
والأمر الثاني : أن جميع كفار قريش صوبوا ضرب ابن الزبعرى عيسى مثلا ، وفرحوا بذلك ، ووافقوه عليه ، فصاروا كالمتمالئين عليه .
وبهذين الأمرين المذكورين جمع المفسرون بين صيغة الجمع في قوله : فعقروا الناقة [ 7 \ 77 ] وقوله : فكذبوه فعقروها [ 91 \ 14 ] وبين صيغة الإفراد في قوله : فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر [ 54 \ 29 ] .
وقال بعض العلماء : الفاعل المحذوف في قوله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا ) هو عامة قريش .
والذين قالوا : إن كفار قريش لما سمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر عيسى ، وسمعوا قول الله - تعالى - : إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب [ 3 \ 59 ] - قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ما تريد بذكر عيسى إلا أن نعبدك كما عبد النصارى عيسى .
وعلى هذا فالمعنى أنهم ضربوا عيسى مثلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في عبادة الناس لكل منهما ، زاعمين أنه يريد أن يعبد كما عبد عيسى .
وعلى هذا القول فمعنى قوله : ما ضربوه لك إلا جدلا ، أي ما ضربوا لك هذا [ ص: 126 ] المثل إلا لأجل الخصومة بالباطل ، مع أنهم يعلمون أنك لا ترضى أن تعبد بوجه من الوجوه .
وقوله - تعالى - : قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله الآية [ 3 \ 64 ] .
وإن كان من القرآن المدني النازل بعد الهجرة فمعناه يكرره عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرا قبل الهجرة ، كما هو معلوم .
وكذلك قوله : ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون [ 3 \ 80 ] .
ولا شك أن كفار قريش متيقنون في جميع المدة التي أقامها - صلى الله عليه وسلم - في مكة قبل الهجرة بعد الرسالة ، وهي ثلاث عشرة سنة - أنه لا يدعو إلا إلى عبادة الله وحده لا شريك له .
فادعاؤهم أنه يريد أن يعبدوه افتراء منهم ، وهم يعلمون أنهم مفترون في ذلك .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : أآلهتنا خير أم هو ؟
التحقيق أن الضمير في قوله : هو راجع إلى عيسى ، لا إلى محمد - عليهما الصلاة والسلام - .
قال بعض العلماء : ومرادهم بالاستفهام تفضيل معبوداتهم على عيسى .
قيل : لأنهم يتخذون الملائكة آلهة ، والملائكة أفضل عندهم من عيسى .
وعلى هذا فمرادهم أن عيسى عبد من دون الله ، ولم يكن ذلك سببا لكونه في النار ، ومعبوداتنا خير من عيسى ، فكيف تزعم أنهم في النار ؟
وقال بعض العلماء : أرادوا تفضيل عيسى على آلهتهم .
والمعنى على هذا أنهم يقولون : عيسى خير من آلهتنا ، أي في زعمك ، وأنت تزعم أنه في النار بمقتضى عموم ما تتلوه من قوله : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [ 21 \ 98 ] .
وعيسى عبده النصارى من دون الله ، فدلالة قولك على أن عيسى في النار ، مع [ ص: 127 ] اعترافك بخلاف ذلك يدل على أن ما تقوله من أنا وآلهتنا في النار - ليس بحق أيضا .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : بل هم قوم خصمون أي لد ، مبالغون في الخصومة بالباطل ، كما قال - تعالى - : وتنذر به قوما لدا [ 19 \ 97 ] أي شديدي الخصومة .
وقوله - تعالى - : وهو ألد الخصام [ 2 \ 204 ] لأن الفعل بفتح فكسر كخصم - من صيغ المبالغة ، كما هو معلوم في محله .
وقد علمت مما ذكرنا أن قوله - تعالى - هنا : ولما ضرب ابن مريم مثلا الآية - إنما بينته الآيات التي ذكرنا ببيان سببه .
ومعلوم أن الآية قد يتضح معناها ببيان سببها .
فعلى القول الأول ، أنهم ضربوا عيسى مثلا لأصنامهم في دخول النار ، فإن ذلك المثل يفهم من أن سبب نزول الآية نزول قوله - تعالى - قبلها : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ; لأنها لما نزلت قالوا : إن عيسى عبد من دون الله كآلهتهم ، فهم بالنسبة لما دلت عليه - سواء .
وقد علمت بطلان هذا مما ذكرناه آنفا .
وعلى القول الثاني أنهم ضربوا عيسى مثلا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - في أن عيسى قد عبد ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يعبد كما عبد عيسى ، فكون سبب ذلك سماعهم لقوله - تعالى - : إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب [ 3 \ 59 ] . وسماعهم للآيات المكية النازلة في شأن عيسى - يوضح المراد بالمثل .
وأما الآيات التي بينت قوله : ما ضربوه لك إلا جدلا فبيانها له واضح على كلا القولين . والعلم عند الله - تعالى - .
قوله - تعالى - : إن هو إلا عبد أنعمنا عليه .
والتحقيق أن الضمير في قوله : ( هو ) عائد إلى عيسى أيضا ، لا إلى محمد - عليهما الصلاة والسلام - .
وقوله هنا : عبد أنعمنا عليه لم يبين هنا شيئا من الأنعام الذي أنعم به على عبده [ ص: 128 ] عيسى ، ولكنه بين ذلك في " المائدة " في قوله - تعالى - : إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات [ 5 \ 110 ] . وفي " آل عمران " في قوله - تعالى - : إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين إلى قوله : ومن الصالحين [ 3 \ 45 - 46 ] . إلى غير ذلك من الآيات .
قوله - تعالى - : وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها .
التحقيق أن الضمير في قوله : ( وإنه ) راجع إلى عيسى لا إلى القرآن ، ولا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ومعنى قوله : لعلم للساعة على القول الحق الصحيح الذي يشهد له القرآن العظيم والسنة المتواترة - هو أن نزول عيسى في آخر الزمان حيا علم للساعة ، أي علامة لقرب مجيئها ; لأنه من أشراطها الدالة على قربها .
وإطلاق علم الساعة على نفس عيسى - جار على أمرين ، كلاهما أسلوب عربي معروف .
أحدهما : أن نزول عيسى المذكور لما كان علامة لقربها ، كانت تلك العلامة سببا لعلم قربها ، فأطلق في الآية المسبب وأريد السبب .
وإطلاق المسبب وإرادة السبب - أسلوب عربي معروف في القرآن وفي كلام العرب .
ومن أمثلته في القرآن قوله - تعالى - : وينزل لكم من السماء رزقا [ 40 \ 13 ] . فالرزق مسبب عن المطر ، والمطر سببه ، فأطلق المسبب الذي هو الرزق وأريد سببه الذي هو المطر ، للملابسة القوية التي بين السبب والمسبب .
ومعلوم أن البلاغيين ومن وافقهم يزعمون أن مثل ذلك من نوع ما يسمونه المجاز المرسل ، وأن الملابسة بين السبب والمسبب من علاقات المجاز المرسل عندهم .
[ ص: 129 ] والثاني من الأمرين : أن غاية ما في ذلك أن الكلام على حذف مضاف ، والتقدير : وإنه لذو علم للساعة ، أي وإنه لصاحب إعلام الناس بقرب مجيئها ، لكونه علامة لذلك ، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه - كثير في القرآن وفي كلام العرب ، وإليه أشار في الخلاصة بقوله : وما يلي المضاف يأت خلفا عنه في الإعراب إذا ما حذفا
وهذا الأخير أحد الوجهين اللذين وجه بهما علماء العربية النعت بالمصدر ، كقولك : زيد كرم وعمرو عدل ، أي ذو كرم وذو عدل ، كما قال - تعالى - : وأشهدوا ذوي عدل منكم [ 65 \ 2 ] . وقد أشار إلى ذلك في الخلاصة بقوله : ونعتوا بمصدر كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكيرا
أما دلالة القرآن الكريم على هذا القول الصحيح ففي قوله - تعالى - في سورة " النساء " : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته [ 4 \ 159 ] أي ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى ، وذلك صريح في أن عيسى حي وقت نزول آية " النساء " هذه ، وأنه لا يموت حتى يؤمن به أهل الكتاب .
ومعلوم أنهم لا يؤمنون به إلا بعد نزوله إلى الأرض .
فإن قيل قد ذهبت جماعة من المفسرين ، من الصحابة فمن بعدهم إلى أن الضمير في قوله : ( قبل موته ) راجع إلى الكتابي ، أي إلا ليؤمنن به الكتابي قبل موت الكتابي .
فالجواب أن يكون الضمير راجعا إلى عيسى ، يجب المصير إليه ، دون القول الآخر ; لأنه أرجح منه من أربعة أوجه : الأول : أنه هو ظاهر القرآن المتبادر منه ، وعليه تنسجم الضمائر بعضها مع بعض .
والقول الآخر بخلاف ذلك .
وإيضاح هذا أن الله - تعالى - قال : وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ، ثم قال - تعالى - : وما قتلوه ، أي عيسى ، وما صلبوه أي عيسى ، ولكن شبه لهم أي عيسى ، وإن الذين اختلفوا فيه أي عيسى ، لفي شك منه أي عيسى ، ما لهم به من علم أي عيسى ، وما قتلوه يقينا أي عيسى ، بل رفعه الله [ ص: 130 ] أي عيسى ، وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به [ 4 \ 159 ] أي عيسى ، قبل موته أي عيسى ، ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا [ 4 \ 157 - 159 ] أي يكون هو - أي عيسى - عليهم شهيدا .
فهذا السياق القرآني الذي ترى - ظاهر ظهورا لا ينبغي العدول عنه ، في أن الضمير في قوله : ( قبل موته ) راجع إلى عيسى .
الوجه الثاني : من مرجحات هذا القول أنه على هذا القول الصحيح ، فمفسر الضمير ملفوظ مصرح به في قوله - تعالى - : وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله [ 4 \ 157 ] .
وأما على القول الآخر فمفسر الضمير ليس مذكورا في الآية أصلا ، بل هو مقدر ، تقديره : ما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به قبل موته ، أي موت أحد أهل الكتاب المقدر .
ومما لا شك فيه أن ما لا يحتاج إلى تقدير أرجح وأولى مما يحتاج إلى تقدير .
الوجه الثالث من مرجحات هذا القول الصحيح أنه تشهد له السنة النبوية المتواترة ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تواترت عنه الأحاديث بأن عيسى حي الآن ، وأنه سينزل في آخر الزمان حكما مقسطا . ولا ينكر تواتر السنة بذلك إلا مكابر .
قال ابن كثير في تفسيره بعد أن ذكر هذا القول الصحيح ونسبه إلى جماعة من المفسرين - ما نصه : وهذا القول هو الحق كما سنبينه بعد بالدليل القاطع - إن شاء الله تعالى - ا هـ .
وقوله : بالدليل القاطع - يعني السنة المتواترة ; لأنها قطعية ، وهو صادق في ذلك .
وقال ابن كثير في تفسير آية " الزخرف " هذه ما نصه :
وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بنزول عيسى - عليه السلام - قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا " . ا هـ منه .
وهو صادق في تواتر الأحاديث بذلك .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|