
03-02-2023, 11:12 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,424
الدولة :
|
|
رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السابع
الحلقة (464)
سُورَةُ فُصِّلَتْ
صـ 19 إلى صـ 26
[ ص: 19 ] وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يوم نحس يوم الأربعاء " .
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأيام ، وسئل عن يوم الأربعاء قال : يوم نحس . قالوا كيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : أغرق فيه الله فرعون وقومه ، وأهلك عادا وثمود " .
وأخرج وكيع في الغرر ، وابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر " .
فهذه الروايات وأمثالها لا تدل على شؤم يوم الأربعاء على من لم يكفر بالله ولم يعصه; لأن أغلبها ضعيف ، وما صح معناه منها فالمراد بنحسه شؤمه على أولئك الكفرة العصاة الذين أهلكهم الله فيه بسبب كفرهم ومعاصيهم .
فالحاصل أن النحس والشؤم إنما منشؤه وسببه الكفر والمعاصي .
أما من كان متقيا لله مطيعا له في يوم الأربعاء المذكور - فلا نحس ولا شؤم فيه عليه . فمن أراد أن يعرف النحس والشؤم والنكد والبلاء والشقاء على الحقيقة ، فليتحقق أن ذلك كله في معصية الله وعدم امتثال أمره ، والعلم عند الله - تعالى - .
قوله - تعالى - : وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى .
قوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : فهديناهم المراد بالهدى فيه هدى الدلالة والبيان والإرشاد ، لا هدى التوفيق والاصطفاء .
والدليل على ذلك قوله - تعالى - بعده : فاستحبوا العمى على الهدى ; لأنها لو كانت هداية توفيق لما انتقل صاحبها عن الهدى إلى العمى .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : فاستحبوا العمى على الهدى أي اختاروا الكفر على الإيمان وآثروه عليه ، وتعوضوه منه .
وهذا المعنى الذي ذكرنا يوضحه قوله - تعالى - : ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان [ 9 \ 23 ] فقوله في آية " التوبة " هذه : [ ص: 20 ] إن استحبوا الكفر على الإيمان موافق في المعنى لقوله هنا : فاستحبوا العمى على الهدى .
ونظير ذلك في المعنى قوله - تعالى - : الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله [ 14 \ 3 ] .
فلفظة استحب في القرآن كثيرا ما تتعدى بعلى; لأنها في معنى اختار وآثر .
وقد قدمنا في سورة " هود " في الكلام على قوله - تعالى - : مثل الفريقين كالأعمى - أن العمى الكفر ، وأن المراد بالأعمى في آيات عديدة الكافر .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الهدى يأتي في القرآن بمعناه العام ، الذي هو البيان والدلالة والإرشاد - لا ينافي أن الهدى قد يطلق في القرآن في بعض المواضع على الهدى الخاص الذي هو التوفيق والاصطفاء ، كقوله - تعالى - : أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [ 6 \ 90 ] .
فمن إطلاق القرآن الهدى على معناه العام قوله هنا : وأما ثمود فهديناهم أي بينا لهم طريق الحق وأمرناهم بسلوكها ، وطرق الشر ونهيناهم عن سلوكها على لسان نبينا صالح - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - : فاستحبوا العمى على الهدى أي اختاروا الكفر على الإيمان بعد إيضاح الحق لهم .
ومن إطلاقه على معناه العام قوله - تعالى - : إنا هديناه السبيل [ 76 \ 3 ] بدليل قوله بعده : إما شاكرا وإما كفورا ; لأنه لو كان هدى توفيق لما قال : وإما كفورا .
ومن إطلاقه على معناه الخاص قوله - تعالى - : فبهداهم اقتده [ 6 \ 90 ] . وقوله - تعالى - : والذين اهتدوا زادهم هدى [ 47 \ 17 ] . وقوله : من يهد الله فهو المهتدي [ 18 \ 17 ] .
وبمعرفة هذين الإطلاقين تتيسر إزالة إشكال قرآني وهو أنه - تعالى - : أثبت الهدى لنبينا - صلى الله عليه وسلم - في آية ، وهي قوله - تعالى - : وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [ 42 \ 52 ] ونفاه عنه في آية أخرى ، وهي قوله - تعالى - : إنك لا تهدي من أحببت [ 28 \ 56 ] .
[ ص: 21 ] فيعلم مما ذكرنا أن الهدى المثبت له - صلى الله عليه وسلم - هو الهدى العام ، الذي هو البيان والدلالة والإرشاد ، وقد فعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - فبين المحجة البيضاء ، حتى تركها ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها هالك .
والهدى المنفي عنه في آية : إنك لا تهدي من أحببت [ 28 \ 56 ] - هو الهدى الخاص ، الذي هو التفضل بالتوفيق ; لأن ذلك بيد الله وحده ، وليس بيده - صلى الله عليه وسلم - كما قال - تعالى - : ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم الآية [ 5 \ 41 ] . وقوله - تعالى - : إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل [ 16 \ 37 ] . والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة .
وكذلك قوله - تعالى - : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس الآية [ 2 \ 185 ] - لا منافاة فيه بين عموم الناس في هذه الآية ، وخصوص المتقين في قوله - تعالى - : ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين لأن الهدى العام للناس هو الهدى العام ، والهدى الخاص بالمتقين هو الهدى الخاص ، كما لا يخفى .
وقد بينا هذا في غير هذا الموضع ، والعلم عند الله - تعالى - .
قوله - تعالى - : فأخذتهم صاعقة العذاب الهون .
الفاء في قوله : ( فأخذتهم ) سببية ، أي فاستحبوا العمى على الهدى ، وبسبب ذلك أخذتهم صاعقة العذاب الهون .
واعلم أن الله - جل وعلا - عبر عن الهلاك الذي أهلك به ثمود بعبارات مختلفة ، فذكره هنا باسم الصاعقة في قوله : فأخذتهم صاعقة العذاب الهون ، وقوله : فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود [ 41 \ 31 ] .
وعبر عنه أيضا بالصاعقة في سورة " الذاريات " في قوله - تعالى - : وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون [ 51 \ 43 - 44 ] .
وعبر عنه بالصيحة في آيات من كتابه ، كقوله - تعالى - في سورة " هود " في إهلاكه ثمود : وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود [ ص: 22 ] [ 11 \ 67 - 68 ] وقوله - تعالى - في " الحجر " : وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين [ 15 \ 82 - 83 ] وقوله - تعالى - في القمر : إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر [ 54 \ 31 ] وقوله - تعالى - في " العنكبوت " ومنهم من أخذته الصيحة يعني به ثمود المذكورين في قوله قبله : وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم الآية [ 29 \ 38 ] .
وعبر عنه بالرجفة في سورة الأعراف في قوله - تعالى - : فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين فأخذتهم الرجفة الآية [ 7 \ 77 - 51 ] .
وعبر عنه بالتدمير في سورة " النمل " في قوله - تعالى - : فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين [ 27 \ 51 ] .
وعبر عنه بالطاغية في " الحاقة " في قوله - تعالى - : فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية [ 69 \ 5 ] .
وعبر عنه بالدمدمة في " الشمس " في قوله - تعالى - : فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها [ 91 \ 14 ] .
وعبر عنه بالعذاب في سورة " الشعراء " في قوله - تعالى - : فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية [ 26 \ 157 - 158 ] .
ومعنى هذه العبارات كلها راجع إلى شيء واحد ، وهو أن الله أرسل عليهم صيحة أهلكتهم ، والصيحة الصوت المزعج المهلك .
والصاعقة تطلق أيضا على الصوت المزعج المهلك ، وعلى النار المحرقة ، وعليهما معا ، ولشدة عظم الصيحة وهولها من فوقهم رجفت بهم الأرض من تحتهم ، أي تحركت حركة قوية ، فاجتمع فيها أنها صيحة وصاعقة ورجفة ، وكون ذلك تدميرا واضح . وقيل لها طاغية ; لأنها واقعة مجاوزة للحد في القوة وشدة الإهلاك .
والطغيان في لغة العرب مجاوزة الحد ، ومنه قوله - تعالى - : إنا لما طغى الماء الآية [ 69 \ 11 ] أي جاوز الحدود التي يبلغها الماء عادة .
[ ص: 23 ] واعلم أن التحقيق أن المراد بالطاغية في قوله - تعالى - : فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية [ 69 \ 5 ] أنها الصيحة التي أهلكهم الله بها ، كما يوضحه قوله بعده : وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية [ 69 \ 6 ] .
خلافا لمن زعم أن الطاغية مصدر كالعاقبة والعافية ، وأن المعنى أنهم أهلكوا بطغيانهم ، أي بكفرهم وتكذيبهم نبيهم ، كقوله : كذبت ثمود بطغواها [ 91 \ 11 ] .
وخلافا لمن زعم أن الطاغية هي أشقاهم الذي انبعث فعقر الناقة ، وأنهم أهلكوا بسبب فعله ، وهو عقره الناقة ، وكل هذا خلاف التحقيق .
والصواب - إن شاء الله - هو ما ذكرنا ، والسياق يدل عليه ، واختاره غير واحد .
وأما قوله - تعالى - : فدمدم عليهم ربهم بذنبهم [ 91 \ 14 ] فإنه لا يخالف ما ذكرنا ; لأن معنى دمدم عليهم ربهم بذنبهم ، أي أطلق عليهم العذاب وألبسهم إياه ، بسبب ذنبهم .
قال الزمخشري في معنى دمدم : وهو من تكرير قولهم : ناقة مدمومة ، إذا ألبسها الشحم .
وأما إطلاق العذاب عليه في سورة " الشعراء " فواضح ، فاتضح رجوع معنى الآيات المذكورة إلى شيء واحد .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة صاعقة العذاب الهون - من النعت بالمصدر ; لأن الهون مصدر بمعنى الهوان ، والنعت بالمصدر أسلوب عربي معروف ، أشار إليه في الخلاصة بقوله :
ونعتوا بمصدر كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكيرا
وهو موجه بأحد أمرين : أحدهما : أن يكون على حذف مضاف ، أي العذاب ذي الهون .
والثاني : أنه على سبيل المبالغة ، فكأن العذاب لشدة اتصافه بالهوان اللاحق بمن وقع عليه - صار كأنه نفس الهوان ، كما هو معروف في محله .
[ ص: 24 ] وقوله - تعالى - : بما كانوا يكسبون كالتوكيد في المعنى ; لقوله : فاستحبوا العمى على الهدى ; لأن كلا منهما سبب لأخذ الصاعقة إياهم ، فالفاء في قوله : ( فأخذتهم ) سببية ، والباء في قوله : ( بما كانوا ) سببية ، والعلم عند الله - تعالى - .
قوله - تعالى - : ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أهلك ثمود بالصاعقة ، ونجى من ذلك الإهلاك الذين آمنوا وكانوا يتقون الله ، والمراد بهم صالح ومن آمن معه من قومه .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء مبينا في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - في سورة " هود " فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة الآية [ 11 \ 66 ] ، وقوله - تعالى - في " النمل " : ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون [ 27 \ 45 ] إلى قوله - تعالى - في " ثمود " فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون [ 27 \ 52 - 53 ] أي وهم صالح ومن آمن معه .
قوله - تعالى - : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون .
قرأ هذا الحرف عامة القراء غير نافع ( يحشر ) بضم الياء وفتح الشين مبنيا للمفعول ، ( أعداء الله ) بالرفع على أنه نائب الفاعل .
وقرأه نافع وحمزة ، من السبعة ( نحشر أعداء الله ) بالنون المفتوحة الدالة على العظمة ، وضم الشين مبنيا للفاعل ، ( أعداء الله ) بالنصب على أنه مفعول به ، أي واذكر ويوم يحشر أعداء الله أي يجمعون إلى النار .
وما دلت عليه هذه الآية من أن لله أعداء ، وأنهم يحشرون يوم القيامة إلى النار - جاء مذكورا في آيات أخر; فبين في بعضها أن له أعداء ، وأن أعداءه هم أعداء المؤمنين ، وأن جزاءهم النار ، كقوله - تعالى - : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين [ 2 \ 98 ] . وقوله - تعالى - : ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم [ 8 \ 60 ] . وقوله - تعالى - : ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم الآية [ ص: 25 ] [ 60 \ 1 ] . وقوله - تعالى - : فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له [ 20 \ 39 ] . وقوله - تعالى - : ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد الآية [ 41 \ 28 ] . إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة فهم يوزعون أي يرد أولهم إلى آخرهم ، ويلحق آخرهم بأولهم ، حتى يجتمعوا جميعا ، ثم يدفعون في النار ، وهو من قول العرب : وزعت الجيش ، إذا حبست أوله على آخره حتى يجتمع .
وأصل الوزع الكف ، تقول العرب وزعه يزعه وزعا فهو وازع له ، إذا كفه عن الأمر ، ومنه قول نابغة ذبيان :
على حين عاتبت المشيب على الصبا فقلت ألما أصح والشيب وازع
وقول الآخر :
ولن يزع النفس اللجوج عن الهوى من الناس إلا وافر العقل كامله
وبما ذكرنا تعلم أن أصل معنى ( يوزعون ) أي يكف أولهم عن التقدم وآخرهم عن التأخر ، حتى يجتمعوا جميعا .
وذلك يدل على أنهم يساقون سوقا عنيفا ، يجمع به أولهم مع آخرهم .
وقد بين - تعالى - أنهم يساقون إلى النار في حال كونهم عطاشا في قوله - تعالى - : ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ 19 \ 86 ] . ولعل الوزع المذكور في الآية يكون في الزمرة الواحدة من زمر أهل النار ; لأنهم يساقون إلى النار زمرا زمرا ، كما قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الزمر " في الكلام على قوله - تعالى - : وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا الآية [ 39 \ 71 ] .
قوله - تعالى - : حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون .
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " يس " في الكلام على قوله - تعالى - : اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم الآية [ 36 \ 65 ] . وفي سورة النساء في الكلام على قوله - تعالى - : ولا يكتمون الله حديثا [ 4 \ 42 ] .
[ ص: 26 ] وبينا هناك وجه الجمع بين قوله - تعالى - : ولا يكتمون الله حديثا مع قوله ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين [ 6 \ 23 ] .
قوله - تعالى - : ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم .
قد قدمنا الكلام عليه في سورة " ص " في الكلام على قوله - تعالى - : ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار [ 38 \ 27 ] .
قوله - تعالى - : وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين .
قد بينا معناه مع شواهده العربية في سورة " النحل " في الكلام على قوله - تعالى - : ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون [ 16 \ 84 ] .
قوله - تعالى - : وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم .
لعلماء التفسير في تفسير قوله : قيضنا عبارات يرجع بعضها في المعنى إلى بعض .
كقول بعضهم : وقيضنا لهم قرناء أي جئناهم بهم ، وأتحناهم لهم .
وكقول بعضهم : قيضنا أي هيأنا .
وقول بعضهم : قيضنا أي سلطنا .
وقول بعضهم : أي بعثنا ووكلنا .
وقول بعضهم : قيضنا أي سببنا .
وقول بعضهم : قدرنا . ونحو ذلك من العبارات; فإن جميع تلك العبارات راجع إلى شيء واحد ، وهو أن الله - تبارك وتعالى - هيأ للكافرين قرناء من الشياطين يضلونهم عن الهدى ، ويزينون لهم الكفر والمعاصي ، وقدرهم عليهم .
والقرناء : جمع قرين ، وهم قرناؤهم من الشياطين على التحقيق .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|