عرض مشاركة واحدة
  #386  
قديم 31-01-2023, 12:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(372)
الحلقة (386)
صــ 98 إلى صــ 115



وقد ذكرنا قول من قال : " هذا الحكم من الله - عز وجل - ناسخ الأحكام التي [ ص: 98 ] في الآية قبلها : من أمر الله - عز وجل - بالشهود والكتاب " . وقد دللنا على أولى ذلك بالصواب من القول فيه ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . وقد : -

6443 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته " إنما يعني بذلك : في السفر ، فأما الحضر فلا وهو واجد كاتبا ، فليس له أن يرتهن ولا يأمن بعضهم بعضا .

قال أبو جعفر : وهذا الذي قاله الضحاك من أنه ليس لرب الدين ائتمان المدين وهو واجد إلى الكاتب والكتاب والإشهاد عليه سبيلا وإن كانا في سفر ، فكما قال لما قد دللنا على صحته فيما مضى قبل .

وأما ما قاله من أن الأمر في الرهن أيضا كذلك ، مثل الائتمان : في أنه ليس لرب الحق الارتهان بماله إذا وجد إلى الكاتب والشهيد سبيلا في حضر أو سفر فإنه قول لا معنى له ، لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : -

6444 - أنه اشترى طعاما نساء ، ورهن به درعا له .

فجائز للرجل أن يرهن بما عليه ، ويرتهن بماله من حق في السفر والحضر - لصحة الخبر بما ذكرنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن معلوما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن - حين رهن من ذكرنا - غير واجد كاتبا ولا شهيدا ، لأنه لم يكن متعذرا عليه بمدينته في وقت من الأوقات الكاتب والشاهد ، غير أنهما إذا تبايعا برهن ، فالواجب عليهما إذا وجدا سبيلا إلى كاتب وشهيد ، أو كان البيع [ ص: 99 ] أو الدين إلى أجل مسمى أن يكتبا ذلك ويشهدا على المال والرهن . وإنما يجوز ترك الكتاب والإشهاد في ذلك ، حيث لا يكون لهما إلى ذلك سبيل .
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم ( 283 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خطاب من الله - عز وجل - للشهود الذين أمر المستدين ورب المال بإشهادهم ، فقال لهم : " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " - ولا تكتموا أيها الشهود بعدما شهدتم شهادتكم عند الحكام ، كما شهدتم على ما شهدتم عليه ، ولكن أجيبوا من شهدتم له إذا دعاكم لإقامة شهادتكم على خصمه على حقه عند الحاكم الذي يأخذ له بحقه .

ثم أخبر الشاهد - جل ثناؤه - ما عليه في كتمان شهادته ، وإبائه من أدائها والقيام بها عند حاجة المستشهد إلى قيامه بها عند حاكم أو ذي سلطان ، فقال : " ومن يكتمها " . يعني : ومن يكتم شهادته " فإنه آثم قلبه " يقول : فاجر قلبه ، مكتسب بكتمانه إياها معصية الله ، كما : -

6445 - حدثني المثنى قال أخبرنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " فلا يحل لأحد أن يكتم شهادة هي عنده ، وإن كانت على نفسه والوالدين ، ومن يكتمها فقد ركب إثما عظيما .

6446 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي [ ص: 100 ] قوله : " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " يقول : فاجر قلبه .

6447 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله ، لأن الله يقول : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) [ سورة المائدة : 72 ] ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، لأن الله - عز وجل - يقول : " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " .

وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقول : " على الشاهد أن يشهد حيثما استشهد ، ويخبر بها حيث استخبر " .

6448 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال أخبرنا ابن المبارك عن محمد بن مسلم قال أخبرنا عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : إذا كانت عندك شهادة فسألك عنها فأخبره بها ، ولا تقل : " أخبر بها عند الأمير " أخبره بها لعله يراجع أو يرعوي .

وأما قوله : " والله بما تعملون عليم " فإنه يعني : " بما تعملون " في شهادتكم من إقامتها والقيام بها ، أو كتمانكم إياها عند حاجة من استشهدكم إليها ، وبغير ذلك من سرائر أعمالكم وعلانيتها " عليم " يحصيه عليكم ، ليجزيكم بذلك كله جزاءكم ، إما خيرا وإما شرا على قدر استحقاقكم .
[ ص: 101 ] القول في تأويل قوله تعالى ( لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " لله ما في السماوات وما في الأرض " لله ملك كل ما في السماوات وما في الأرض من صغير وكبير ، وإليه تدبير جميعه ، وبيده صرفه وتقليبه ، لا يخفى عليه منه شيء ، لأنه مدبره ومالكه ومصرفه .

وإنما عنى بذلك - جل ثناؤه - كتمان الشهود الشهادة ، يقول : لا تكتموا الشهادة أيها الشهود ، ومن يكتمها يفجر قلبه ، ولن يخفى علي كتمانه ذلك ، لأني بكل شيء عليم ، وبيدي صرف كل شيء في السماوات والأرض وملكه ، أعلم خفي ذلك وجليه ، فاتقوا عقابي إياكم على كتمانكم الشهادة وعيدا من الله بذلك من كتمها ، وتخويفا منه له به . ثم أخبرهم عما هو فاعل بهم في آخرتهم وبمن كان من نظرائهم ممن انطوى كشحا على معصية فأضمرها ، أو أظهر موبقة فأبداها من نفسه - من المحاسبة عليها فقال : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " يقول : وإن تظهروا فيما عندكم من الشهادة على حق رب المال الجحود والإنكار ، أو تخفوا ذلك فتضمروه في أنفسكم ، وغير ذلك من سيئ أعمالكم " يحاسبكم به الله " يعني [ ص: 102 ] بذلك : يحتسب به عليكم من أعمالكم ، فمجاز من شاء منكم من المسيئين بسوء عمله ، وغافر لمن شاء منكم من المسيئين .

ثم اختلف أهل التأويل فيما عنى بقوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " .

فقال بعضهم بما قلنا : من أنه عنى به الشهود في كتمانهم الشهادة ، وأنه لاحق بهم كل من كان من نظرائهم ممن أضمر معصية أو أبداها .

ذكر من قال ذلك :

6449 - حدثني أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " يقول : يعني في الشهادة .

6450 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم ، عن ابن عباس في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : في الشهادة .

6451 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الأعلى قال : سئل داود عن قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فحدثنا عن [ ص: 103 ] عكرمة قال : هي الشهادة إذا كتمتها .

6452 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة عن عمرو وأبي سعيد : أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : في الشهادة .

6453 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن السدي عن الشعبي في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : في الشهادة .

6454 - حدثنا يعقوب قال : حدثنا هشيم قال أخبرنا يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها .

6455 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن عكرمة في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " يعني كتمان الشهادة وإقامتها على وجهها .

وقال آخرون : " بل نزلت هذه الآية إعلاما من الله تبارك وتعالى عباده أنه مؤاخذهم بما كسبته أيديهم وحدثتهم به أنفسهم مما لم يعملوه " .

ثم اختلف متأولو ذلك كذلك .

فقال بعضهم : " ثم نسخ الله ذلك بقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) [ سورة البقرة : 286 ] "

ذكر من قال ذلك :

6456 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا إسحاق بن سليمان عن مصعب بن [ ص: 104 ] ثابت عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : لما نزلت : " لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " اشتد ذلك على القوم ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا لمؤاخذون بما نحدث به أنفسنا ! هلكنا ! فأنزل الله - عز وجل - : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) الآية إلى قوله : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) ، قال أبي : قال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله : نعم ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) إلى آخر الآية قال أبي : قال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله - عز وجل - : نعم .

6457 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا سفيان بن وكيع [ ص: 105 ] قال : حدثنا أبي قال : حدثنا سفيان عن آدم بن سليمان مولى خالد بن خالد قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " دخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سمعنا وأطعنا وسلمنا . قال : فألقى الله - عز وجل - الإيمان في قلوبهم ، قال : فأنزل الله - عز وجل - : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) قال أبو كريب : فقرأ : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال فقال : قد فعلت ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قال : قد فعلت ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) قال : قال : قد فعلت ( واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) قال : قد فعلت . [ ص: 106 ]

6458 - حدثني أبو الرداد المصري عبد الله بن عبد السلام قال : حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة بن شريح قال سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول : قال ابن شهاب حدثني سعيد ابن مرجانة قال : جئت عبد الله بن عمر فتلا هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " . ثم قال ابن عمر : لئن آخذنا بهذه الآية ، لنهلكن ! ثم بكى ابن عمر حتى سالت دموعه . قال ثم جئت عبد الله بن العباس فقلت : يا أبا عباس ، إني جئت ابن عمر فتلا هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية ، ثم قال : لئن واخذنا بهذه الآية لنهلكن ! ثم بكى حتى سالت دموعه ! فقال ابن عباس : يغفر الله لعبد الله بن عمر ! لقد فرق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها كما فرق ابن عمر منها ، فأنزل الله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، فنسخ الله الوسوسة ، وأثبت القول والفعل .

6459 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن مرجانة يحدث : أنه بينا هو جالس سمع عبد الله بن عمر تلا هذه الآية " لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية ، فقال : والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن ! ثم بكى ابن عمر حتى سمع نشيجه ، فقال ابن مرجانة : فقمت حتى أتيت ابن عباس [ ص: 107 ] فذكرت له ما تلا ابن عمر ، وما فعل حين تلاها ، فقال عبد الله بن عباس : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ! لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد الله بن عمر ، فأنزل الله بعدها ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) إلى آخر السورة . قال ابن عباس : فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها ، وصار الأمر إلى أن قضى الله - عز وجل - أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول والفعل .

6460 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال سمعت الزهري يقول في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : قرأها ابن عمر فبكى وقال : إنا لمؤاخذون بما نحدث به أنفسنا ! فبكى حتى سمع نشيجه ، فقام رجل من عنده فأتى ابن عباس فذكر ذلك له ، فقال : رحم الله ابن عمر ! لقد وجد المسلمون نحوا مما وجد ، حتى نزلت : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6461 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال : كنت عند ابن عمر فقال : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية ، فبكى . فدخلت على ابن عباس فذكرت له ذلك ، فضحك ابن عباس فقال : يرحم الله ابن عمر ! [ ص: 108 ] أوما يدري فيم أنزلت ؟ إن هذه الآية حين أنزلت غمت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غما شديدا وقالوا : يا رسول الله ، هلكنا ! فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قولوا : " سمعنا وأطعنا " فنسختها : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) إلى قوله : ( وعليها ما اكتسبت ) فتجوز لهم من حديث النفس ، وأخذوا بالأعمال .

6462 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم : أن أباه قرأ : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فدمعت عينه ، فبلغ صنيعه ابن عباس ، فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن ! لقد صنع كما صنع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت ، فنسختها الآية التي بعدها : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) . [ ص: 109 ]

6463 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال : نسخت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " - ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .

6464 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن آدم بن سليمان عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قالوا : أنؤاخذ بما حدثنا به أنفسنا ، ولم تعمل به جوارحنا ؟ قال : فنزلت هذه الآية : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) ، قال : ويقول : قد فعلت . قال : فأعطيت هذه الأمة خواتيم " سورة البقرة " لم تعطها الأمم قبلها . [ ص: 110 ]

6465 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا جابر بن نوح قال : حدثنا إسماعيل عن عامر : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " قال : فنسختها الآية بعدها ، قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6466 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نسختها الآية التي بعدها : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) وقوله : " وإن تبدوا " قال : يحاسب بما أبدى من سر أو أخفى من سر ، فنسختها التي بعدها .

6467 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال أخبرنا سيار عن الشعبي قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " قال : فكان فيها شدة ، حتى نزلت هذه الآية التي بعدها : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، قال : فنسخت ما كان قبلها .

6468 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن ابن عون قال : ذكروا عند الشعبي : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " حتى بلغ ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، قال : فقال الشعبي : إلى هذا صار ، رجعت إلى آخر الآية .

6469 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : قال ابن مسعود : كانت المحاسبة قبل أن تنزل : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، فلما نزلت نسخت الآية التي كانت قبلها .

6470 - حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد [ ص: 111 ] قال سمعت الضحاك يذكر ، عن ابن مسعود نحوه .

6471 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن بيان ، عن الشعبي قال : نسخت " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6472 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب وسفيان عن جابر عن مجاهد وعن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قالوا : نسخت هذه الآية ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية .

6473 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة وعامر بمثله .

6474 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد عن حميد عن الحسن في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " إلى آخر الآية ، قال : محتها : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6475 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : أنه قال : نسخت هذه الآية يعني قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) الآية التي كانت قبلها : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " .

6476 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نسختها قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .

6477 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال حدثني ابن زيد قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " إلى آخر [ ص: 112 ] الآية ، اشتدت على المسلمين ، وشقت مشقة شديدة ، فقالوا : يا رسول الله ، لو وقع في أنفسنا شيء لم نعمل به وأخذنا الله به ؟ قال : " فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل : " سمعنا وعصينا " ! قالوا : بل سمعنا وأطعنا يا رسول الله ! قال : فنزل القرآن يفرجها عنهم : " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله " إلى قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، قال : فصيره إلى الأعمال ، وترك ما يقع في القلوب .

6478 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا هشيم عن سيار عن أبي الحكم عن الشعبي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نسخت هذه الآية التي بعدها : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6479 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : يوم نزلت هذه الآية كانوا يؤاخذون بما وسوست به أنفسهم وما عملوا ، فشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إن عمل أحدنا وإن لم يعمل أخذنا به ؟ والله ما نملك الوسوسة ! ! فنسخها الله بهذه الآية التي بعد بقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) الآية ، فكان حديث النفس مما لم تطيقوا .

6480 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : نسختها قوله : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) . [ ص: 113 ]

وقال آخرون ممن قال معنى ذلك : " الإعلام من الله - عز وجل - عباده أنه مؤاخذهم بما كسبته أيديهم وعملته جوارحهم ، وبما حدثتهم به أنفسهم مما لم يعملوه " " هذه الآية محكمة غير منسوخة ، والله - عز وجل - محاسب خلقه على ما عملوا من عمل وعلى ما لم يعملوه مما أسروه في أنفسهم ونووه وأرادوه ، فيغفره للمؤمنين ، ويؤاخذ به أهل الكفر والنفاق " .

ذكر من قال ذلك :

6481 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فإنها لم تنسخ ، ولكن الله - عز وجل - إذا جمع الخلائق يوم القيامة ، يقول الله - عز وجل - : " إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي " فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم ، وهو قوله : " يحاسبكم به الله " يقول : يخبركم . وأما أهل الشك والريب ، فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب ، وهو قوله : ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) [ سورة البقرة : 225 ] ، من الشك والنفاق .

6482 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فذلك سر عملكم وعلانيته ، يحاسبكم به الله ، فليس من عبد [ ص: 114 ] مؤمن يسر في نفسه خيرا ليعمل به ، فإن عمل به كتبت له به عشر حسنات ، وإن هو لم يقدر له أن يعمل به كتبت له به حسنة من أجل أنه مؤمن ، والله يرضى سر المؤمنين وعلانيتهم . وإن كان سوءا حدث به نفسه ، اطلع الله عليه وأخبره به يوم تبلى السرائر ، وإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل به ، فإن هو عمل به تجاوز الله عنه ، كما قال : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ) [ سورة الأحقاف : 16 ] .

6483 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) ، الآية ، قال : قال ابن عباس : إن الله يقول يوم القيامة : " إن كتابي لم يكتبوا من أعمالكم إلا ما ظهر منها ، فأما ما أسررتم في أنفسكم فأنا أحاسبكم به اليوم ، فأغفر لمن شئت وأعذب من شئت " .

6484 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا علي بن عاصم قال أخبرنا بيان عن بشر عن قيس بن أبي حازم قال : إذا كان يوم القيامة قال الله - عز وجل - يسمع الخلائق : " إنما كان كتابي يكتبون عليكم ما ظهر منكم ، فأما ما أسررتم فلم يكونوا يكتبونه ولا يعلمونه ، أنا الله أعلم بذلك كله منكم ، فأغفر لمن شئت ، وأعذب من شئت " .

6485 - حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ قال أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " كان ابن عباس يقول : إذا دعي الناس للحساب أخبرهم الله بما كانوا يسرون في أنفسهم مما لم يعملوه فيقول : " إنه كان لا يعزب عني شيء ، وإني مخبركم بما كنتم تسرون من السوء ، ولم تكن حفظتكم عليكم مطلعين عليه " . فهذه المحاسبة . [ ص: 115 ]

6486 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو تميلة عن عبيد بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس نحوه .

6487 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : هي محكمة ، لم ينسخها شيء يقول : " يحاسبكم به الله " يقول : يعرفه الله يوم القيامة : " إنك أخفيت في صدرك كذا وكذا " ! لا يؤاخذه .

6488 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال : هي محكمة لم تنسخ .

6489 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : من الشك واليقين .

6490 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " يقول : في الشك واليقين .

6491 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 52.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.20%)]