عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 22-01-2023, 04:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,343
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن

المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الثانى

سورة التحريم

من صــ 1039 الى صـ 1048
(الحلقة 142)


188 - قال الله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

1 - أخرج البخاري وأحمد عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال عمر: وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبةُ النبيِّ بعضَ نسائه، فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتُن أو لَيُبدِّلنَّ اللَّه رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيراً منكن، حتى أتيتُ إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يعظ نساعه حتى تعظهن أنت؟ فأنزل الله: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ).
وفي لفظ للبخاري وأحمد والنَّسَائِي قال أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اجتمع نساءُ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الغيرة عليه، فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن، فنزلت هذه الآية.
2 - أخرجه مسلم عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه ... فذكر الحديث وفيه: فقلت: يا رسول اللَّه ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلَّما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون اللَّه يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية: آية التخيير: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) (وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية، وقد ذكر هذا الحديث من المفسرين الطبري وابن عطية وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره: عسى رب محمد إن طلقكن يا معشر أزواج محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يبدله منكن أزواجًا خيرًا منكن.
وقيل: إن هذه الآية نزلت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحذيرًا من اللَّه نساءه لما اجتمعن عليه في الغيرة) اهـ.
وقال ابن عطية: (وكذا روي أن عمر بن الخطاب قال لزوجات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن فنزلت الآية على نحو قوله) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وهذه الآية - إلى قوله - (خَيْرًا مِّنكُنَّ) نزلت موافقةً لقول عمر لابنته حفصة - رضي الله عنها - مثل هذا اللفظ وهذا من القرآن الذي نزل وفاقًا لقول عمر أو رأيه تنويهًا بفضله .. ) اهـ.
وعند النظر في سياق الآيات تجد أنها من أول السورة تتحدث عن تحريم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للجارية - إلى قوله -: ظَهِير.
ثم قال: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ) وهذا يشير إلى تعلق الآية بالسياق السابق وأن اللَّه لما توعد المرأتين على فعلهما حذر سائر النساء بهذه الآية أن الله سيبدل رسوله نساءً خيرًا منهن.
ثم أمر المؤمنين عامة بوقاية أنفسهم وأهليهم (نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... ) الآية. ولعل الجمع بين الأحاديث وأقوال المفسرين من جانب وبين سياق القرآن من جانب آخر أن يقال: إنه لما وقعت قضية التظاهر على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شأن الجارية، غضب عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهدد نساءه قائلا: إن انتهيتن أو ليبدلن اللَّه رسوله خيرًا منكن، أو: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن.
فنزلت الآية تهديدًا للمتظاهرتين، وتحذيرًا لسائر نسائه أن يفعلن مثله، وموافقة لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
بقي أن يقال: ما الجواب عن حديث ابن عبَّاسٍ عند مسلم، ونزلت هذه الآية آية التخيير: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ).
فالجواب: أن هذه الآية ليست آية التخيير، فآية التخيير هي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) الآية، وقد تقدمت دراستها.
وربما أراد أمير المؤمنين بالتخيير هنا الكف عن أذى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمظاهرة عليه أو طلاقهن إن لم يمتثلن، لكن يعكر على هذا أن حديث عمر إنما جاء في قضية الإيلاء واعتزالهن شهرًا، بينما المظاهرة عليه وقعت من عائشة وحفصة فقط وليس لنسائه البواقي فيها صلة فكيف آلى منهن في أمر لا صلة لهن فيه.
والظاهر - والله أعلم - أن ذكر قوله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ) في سياق قضية الإيلاء لا يصح بدليل أنها سميت آية التخيير، وليست كذلك.
* النتيجة:
أن الآية جاءت في سياق آيات التقريع والتحذير من المظاهرة على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وموافقة لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في دفاعه عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما ناله من أذى نسائه وذلك لصحة سند الحديث وتصريحه بالنزول وموافقته لسياق القرآن واللَّه أعلم.
* * * * *

سورة الجن
189 - قال الله تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: انطلق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأُرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب. قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء. فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تِهامة إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بنخلة، عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء فهنالك حين رجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2). فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) وإنما أُوحي إليه قول الجن.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآيات. وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث وجعلوه سبب نزولها منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (يقول جل ثناؤه لنبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قل يا محمد أوحى الله إليَّ: (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) هذا القرآن: فَقَالُؤأ لقومهم لما سمعوه (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) يقول: يدل على الحق وسبيل الصواب (فَآمَنَّا بِهِ) يقول: (صدقناه (وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) من خلقه.
وكان سبب استماع هؤلاء النفر من الجن القرآن كما حدثني محمد بن معمر). اهـ. ثم ساق الحديث.
وقال القرطبي: (قل يا محمد لأمتك: أوحى الله إليَّ على لسان جبريل أنه استمع إليَّ نفر من الجن وما كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عالماً به قبل أَن أُوحي إليه. هكذا قال ابن عبَّاسٍ وغيره على ما يأتي). اهـ.
قال ابن كثير: (يقول تعالى آمراً رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يخبر قومه أن الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وصدقوه وانقادوا له، وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ). اهـ. بتصرف.
وقال ابن عاشور: (أمر اللَّه رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن يُعلم المسلمين وغيرهم بأن الله أوحى إليه وقوع حدث عظيم في دعوته أقامه اللَّه تكريماً لنبيه وتنويهاً بالقرآن وهو أن سخر بعضاً من النوع المسمى جناً لاستماع القرآن وألهمهم أو علمهم فهم ما سمعوه واهتدائهم إلى مقدار إرشاده إلى الحق والتوحيد) اهـ.
وقال السعدي: (قل يا أيها الرسول للناس أُوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن صرفهم اللَّه إلى رسوله، لسماع آياته، لتقوم عليهم الحجة، وتتم عليهم النعمة ويكونوا منذرين لقومهم، وأمر رسوله أن يقص نبأهم على الناس، وذلك أنهم لما حضروه قالوا: انصتوا، فلما أنصتوا فهموا معانيه ووصلت حقائقه إلى قلوبهم) اهـ.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول الآية الكريمة لصحة سنده، وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن، وإجماع المفسرين عليه واللَّه أعلم.
* * * * *
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.36 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.79%)]