عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 21-01-2023, 10:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ الفرق والمذاهب الإسلامية ----- متجدد

النجدات



عبد القادر بن شيبة الحمد

قصة الاسلام


ملخص المقال
النجدات هي أحد فرق الخوارج السبعة الرئيسة، وهم أصحاب مذهب يختلف قليلًا عن بقية الفرق، واشتهروا باختلافهم بين بعضهم البعض وخروجهم حتى على قادتهم. فما قصة


قصة النجدات وسبب التسمية
هم أتباع نجدة بن عامر بن عبد الله بن ساد بن المفرج الحنفي.
كان قد اجتمع هو ونافع بن الأزرق الحنفي، وعبد الله بن أباض التميمي، وعبد الله بن الصفار السعدي، وعطية بن الأسود الحنفي، وأبو طالوت أحد رجال بني بكر بن وائل، وأبو فديك عبد الله بن ثور بن قيس بن ثعلبة، وعبيدة بن هلال اليشكري، في رجالٍ من الخوارج؛ حينما علموا أنَّ جيوش أهل الشام قد حاصرت عبد الله بن الزبير بمكة وقرَّروا أن يذهبوا إلى مكَّة الحمايتها من جيوش أهل الشام ونصرة عبد الله بن الزبير إن وافقهم على مذهبهم، فلمَّا وصلوا مكة أظهر عبد الله بن الزبير بشاشةً لهم ففرحوا وظنُّوا أنَّه على مذهبهم.
وبعد انسحاب جيوش الأمويين من مكة أرادوا اختبار عبد الله بن الزبير لمعرفة حقيقة رأيه فيهم، فسألوه عن رأيه في الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فأثنى عليهما خيرًا، فقالوا له: أصبت، ثم قالوا له: هذا عثمان بن عفان الذي فعل وفعل حتى قام إليه رجالٌ فقتلوه فنحن لقتلته أولياء ومن عثمان وأوليائه براء، فما تقول أنت يا ابن الزبير؟ فقال لهم رضي الله عنه: والله ما أعلم مكان أحدٍ من خلق الله اليوم أعلم بابن عفَّان وأمره منِّي؛ كنت معه حينما نقموا عليه واستعتبوه فلم يدع شيئًا إلا أعتبهم، فتفرَّقوا ثم رجعوا إليه بكتابٍ يزعمون أنَّه يأمر فيه بقتلهم، فقال لهم عثمان رضي الله عنه: ما كتبته فإن شئتم فهاتوا بيِّنتكم، فإن لم تكن لكم بيِّنة حلفت لكم، فوالله ما جاءوا ببيِّنةٍ ولا استحلفوه، ثم وثبوا عليه فقتلوه، وإنِّي أُشهدكم ومن حضرني إني وليٌّ لابن عفَّان وعدوٌّ لأعدائه، فبرئ الله منكم. فتفرَّقوا عنه.
فسار نافع بن الأزرق وعبد الله بن الصفار السعدي وعبد الله بن أباض التميمي ورجالٌ منهم إلى البصرة، وصار أبو طالوت ورجالٌ منهم إلى اليمامة، ثم خرج نافع بن الأزرق بالبصرة، وخرج أبو طالوت باليمامة.
أمَّا نجدة بن عامر فيذكر بعض الرواة أنَّه ممَّن انصرف مع أبي طالوت إلى اليمامة وشایعه حتى استولى عليها، ثم رأی خوارج اليمامة عام 66هـ أنَّ نجدةً خيرٌ لهم من أبي طالوت، فخلعوا أبا طالوت وبايعوا نجدة وسمُّوه أمير المؤمنين، ونجدة وقتئذٍ ابن ثلاثين سنة، وبايعه أبو طالوت كذلك.
ثم غزا نجدة أهل ذي المجاز وقتلهم قتلًا ذريعًا، ثم رجع إلى اليمامة ومنها إلى البحرين، والتقى ببني عبد القيس في القطيف وقتلهم قتلًا ذريعًا وسبى من قدر عليه منهم، وأقام نجدة بالبحرین مدَّة.
وقد صار من أتباعه أبو فديك وعطية بن الأسود اللذان قَدِمَا من البصرة بعد مفارقتهما نافع بن الأزرق بسبب ما أحدث من الآراء. وقيل بل كان أبو فديك وعطيَّة ممَّن صَحِب أبا طالوت إلى اليمامة من مكة ولم يذهبا إلى البصرة مع نافع بن الأزرق.
ثم بعث نجدة جيشًا إلى عُمان وأمَّر عليهم عطيَّة بن الأسود الحنفي، فاستولی عطية على عُمان ثم رجع واستخلف عليها بعض أصحابه، فقام أهل عمان وقتلوا عامل الخوارج عليها، ثم خرج عطية على نجدة وذهب إلى عمان ليستحوذ عليها فعجز عن استردادها، فذهب إلى کرمان واستولى عليها وأقام بكرمان حتی داهمته جيوش المهلَّب بن أبي صفرة، ففرَّ من کرمان إلى سجستان وأقام فيها، وضرب بها دراهم سمَّاها «العطويَّة»، ثم لحقته جيوش المهلَّب ففرَّ إلى السند فلقيته خيول المهلب هناك فقتلته، وأتباعه يُسمون العطوية، وكان خروج عطية على نجدة لأمورٍ نقمها عليه:
[۱] - منها: أنَّ نجدة بعث سريَّة إلى البحر وسرية إلى البر فأعطى سرية البحر أكثر من سرية البر.
[۲] - ومنها: أنَّ عبد الملك بن مروان کَاتَب نجدةً يدعوه إلى طاعته ويُولِّيه اليمامة، فقال له عطية: ما كتب إليك إلَّا لعلمه بأنَّك مداهنٌ في الدين.
[۳] - ومنها: أنَّ رجلًا كان يشرب الخمر في جيش نجدة، فطلب منه عطيَّة أن يُقيم عليه الحدَّ فأبى؛ بدعوى أنَّ هذا الرجل عُرِفَ بشدَّة نكايته في الأعداء، فلم يستمع نجدة لرأي عطيَّة فخالفه وخرج عليه، ثم إنَّ نجدة سار إلى صنعاء فبايعه أهلها واستولى على صدقاتها، ثم بعث أبا فديك إلى حضرموت فجبى صدقاتها، ثم حجَّ نجدة عام 6۸ أو 6۹ه في جماعةٍ كثيرةٍ من أصحابه، وصالح ابن الزبير على أن يُصلِّي كلُّ واحدٍ منهما بأصحابه ويقف بهم في عرفة، ولا يتعرَّض بعضهم لبعضٍ بالأذى.
فلمَّا انتهى الحج أراد نجدة أن يغزو المدينة المنوَّرة فتأهَّب أهلها لقتاله، وجاءت الأخبار إلى نجدة بأنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد تقلَّد سیفه واستعدَّ لقتال نجدة وأصحابه، فرجع نجدة إلى جهة الطائف فبايعه أهلها، ثم توجَّه إلى البحرين وقطع ما كان يُرْسَل من البحرين واليمامة من الميرة عن أهل الحرمين حتى كاتبه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما في ذلك فردَّها لهم، واستمرَّ تسلُّط نجدة على هذه الأقاليم حتى اختلف عليه أصحابه لأمورٍ نقموها عليه:
[۱] - منها: أنَّه سبا بالطائف بننة لعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه كانت عند أقاربٍ لها، فكتب إليه عبد الملك بن مروان أو عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فأطلقها، فغضب أصحابه لذلك؛ وكانوا قد طلبوا منه أن يبيعها عليهم فأبي وقال: قد أعتقت نصيبي منها، فقالوا: نتزوَّجها، قال: هي أملك لنفسها ولا بُدَّ من رضاها. ثم دخل عندها وخرج وقال: أَبَتْ أن تتزوَّج. ثم أرسلها إلى المدينة فظنُّوا أنَّه إنَّما فعل ذلك خوفًا من عبد الملك أو ابن الزبير.
[۲] – ومنها: أنَّه بعث سريَّةً إلى القطيف فأغاروا عليها وسبوا منها نساء وذرية، فقوَّموا النساء على أنفسهم قبل القسمة ووطئوهنَّ، وقالوا: إن كانت قيمتهنَّ فوق حقِّنا من الغنيمة غرمنا الزيادة. فلمَّا رجعوا إلى نجدة خطَّأهم وعذَّرهم وذكر لهم أنَّ أصول الدين لا يعذر فيها بالجهل، أمَّا الحلال والحرام فيعذر بالجهالة فيه، وأفتاهم كذلك بأنَّ من خاف العذاب على المجتهد المخطئ قبل قيام الحُجَّة عليه فهو كافر، فكانت هذه الأحداث وتلك الفتاوى سببًا لثورة كثيرٍ من أتباعه عليه.
فقام فريقٌ منهم وخلعوا نجدة وبايعوا أبا فديك، فاستخفى نجدة في قريةٍ من قرى هَجَر، فأرسل أبو فديك في طلبه، فلمَّا عثروا عليه قتلوه عام تسعٍ وستِّين أو اثنين وسبعين.
غير أنَّ جماعةً من أتباعه نقموا على أبي فديك وعذروا نجدة فصار أصحاب أبي فديك يُقال لهم «الفديكيَّة»، والذين استمرُّوا على الولاء لنجدة يُقال لهم «النجدات العاذرية»، غير أنَّه لم يُعرف للفديكيَّة ولا للعطويَّة مذهبٌ خاصٌّ سوى إنكارهم على نجدة ومفارقتهم له.
وقد أقام أبو فديك بالبحرين حتي داهمته جيوش عبد الملك بن مروان المرسلة من البصرة والكوفة، وبعد قتالٍ شديدٍ قتلوا أبا فديك عام ثلاثٍ وسبعين ۷۳ه، واستباحوا عسكره وحصروا أصحابه بالمشقر، ثم قتلوا أكثرهم وأسروا عددًا كبيرًا منهم وأراح الله المسلمين من شرِّهم.
خلاصة مذهب النجدات:
[۱] - إكفار من أكفر القعدة منهم عن الهجرة إليهم.
[۲] - إكفار من قال بإمامة نافع بن الأزرق.
[۳] - موالاة أصحاب الحدود من موافقيهم.
[4] - أنَّه لا يدخل جهنم أحدٌ من موافقيهم وإنْ عُذِّبوا فبغیر نار جهنم.
[5] - ذكر عبد القاهر البغدادي أنَّ نجدة أسقط حدَّ الخمر، وذكر الشهرستاني أنَّه غلَّظ على الناس في حدِّ الخمر تغليظًا شديدًا.
[6] الإصرار على الصغيرة شرك، وارتكاب الزنا والسرقة وشرب الخمر دون إصرارٍ ليس بشرك إذا كان المرتكب من موافقيهم.
[۷] - من خاف العذاب على المجتهد المخطئ قبل قيام الحجَّة عليه فهو كافر.
[۸] - الناس ليسوا بحاجة إلى إمامٍ قط (وهو قول المـحكمة).
[۹] - تُباح دماء أهل الذمة الذين يُساكنون مخالفيهم، كما تباح دماء من يعيشون في كنفهم من المخالفين لهم.
[۱۰] - جواز التقيَّة؛ وهي أن يُظهر الخارجي أمام مخالفيه أنَّه معهم حقنةً لدمه، ويخفي عقيدته إلى وقت يتمكَّن من الانقضاض على مخالفيه.


المصدر: كتاب الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة لعبد القادر بن شيبة الحمد.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]