عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 17-01-2023, 10:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السادس
الحلقة (447)
سُورَةُ فَاطِرٍ
صـ 277 إلى صـ 284






وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُهُ لِلْحَمْدِ عَلَى خَلْقِهِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِنْعَامِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ ، فَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، فَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَى خَلْقِهِ ، بِأَنْ [ ص: 277 ] سَخَّرَ لَهُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ [ 45 \ 13 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ الْآيَةَ [ 14 \ 33 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [ 7 \ 54 ] .

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لِمَعْنَى تَسْخِيرِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ فِي سُورَةِ " الْحِجْرِ " ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ الْآيَةَ [ 15 \ 17 ] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ، قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ " الْحَجِّ " ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [ 22 \ 75 ] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، أَيْ : خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمُبْدِعِهِمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ .

وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَنَا فَطَرْتُهَا ، أَيْ : بَدَأْتُهَا .
قوله تعالى : ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده الآية . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن ما يفتحه للناس من رحمته وإنعامه عليهم بجميع أنواع النعم ، لا يقدر أحد كائنا ما كان أن يمسكه عنهم ، وما يمسكه عنهم من رحمته وإنعامه لا يقدر أحد كائنا من كان أن يرسله إليهم ، وهذا معلوم بالضرورة من الدين ، والرحمة المذكورة في الآية عامة في كل ما يرحم الله به خلقه من الإنعام الدنيوي والأخروي ، كفتحه لهم رحمة المطر ; كما قال تعالى : فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها [ 30 \ 50 ] .

وقوله تعالى : وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته [ 7 \ 57 ] ، وقوله [ ص: 278 ] تعالى : وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته الآية [ 42 \ 28 ] ، ومن رحمته إرسال الرسل ، وإنزال الكتب ; كقوله تعالى : وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك [ 28 \ 86 ] ، كما تقدم إيضاحه في سورة " الكهف " ، في الكلام على قوله تعالى : فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا الآية [ 18 \ 65 ] .

وما تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله [ 10 \ 107 ] ، وقوله تعالى : قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا الآية [ 48 \ 11 ] ، وقوله تعالى : قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة الآية [ 33 \ 17 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير [ 6 \ 17 ] ، و ما في قوله تعالى : ما يفتح الله [ 35 \ 2 ] ، وقوله : وما يمسك شرطية ، وفتح الشيء التمكين منه وإزالة الحواجز دونه ، والإمساك بخلاف ذلك .
قوله تعالى : هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء . الاستفهام في قوله : هل من خالق غير الله ، إنكاري فهو مضمن معنى النفي .

والمعنى : لا خالق إلا الله وحده ، والخالق هو المستحق للعبادة وحده .

وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة " الرعد " ، في الكلام على قوله تعالى : أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه [ 13 \ 16 ] . وفي سورة " الفرقان " ، في الكلام على قوله تعالى : واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون [ 25 \ 3 ] ، وفي غير ذلك من المواضع .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : يرزقكم من السماء والأرض ، يدل على أنه تعالى هو الرازق وحده ، وأن الخلق في غاية الاضطرار إليه تعالى .

والآيات الدالة على ذلك كثيرة ; كقوله تعالى : أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه [ 67 \ 21 ] ، [ ص: 279 ] وقوله : فابتغوا عند الله الرزق [ 29 \ 17 ] .

وقد قدمنا كثيرا من الآيات الدالة على ذلك في سورة " بني إسرائيل " ، في الكلام على قوله تعالى : إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [ 17 \ 9 ] .
قوله تعالى : وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور . ما تضمنته هذه الآية الكريمة من تسليته صلى الله عليه وسلم ، بأن ما لاقاه من قومه من التكذيب لاقاه الرسل الكرام من قومهم قبله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا ، جاء موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا [ 6 \ 34 ] ، وقوله تعالى : ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك [ 41 \ 43 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معروفة .
قوله تعالى : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا .

قد قدمنا الآيات التي بمعناه في مواضع من هذا الكتاب المبارك ; كقوله تعالى في " الكهف " : أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو الآية [ 18 \ 50 ] .

قوله تعالى : إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الحج " ، في الكلام على قوله تعالى : كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير [ 22 \ 4 ] .
قوله تعالى : فلا تذهب نفسك عليهم حسرات . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون [ 6 \ 33 ] . وفي " الكهف " ، في الكلام على قوله تعالى : فلعلك باخع نفسك على آثارهم الآية [ 18 \ 6 ] ، وغير ذلك من المواضع .
قوله تعالى : والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور . ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن إحياءه تعالى الأرض بعد موتها المشاهد في دار الدنيا برهان قاطع على قدرته على البعث ، قد تقدم إيضاحه بالآيات القرآنية في مواضع [ ص: 280 ] كثيرة في سورة " البقرة " ، و " النحل " ، و " الأنبياء " وغير ذلك ، وقد تقدمت الإحالة عليه مرارا .
قوله تعالى : من كان يريد العزة فلله العزة جميعا . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من كان يريد العزة فإنها جميعها لله وحده ، فليطلبها منه وليتسبب لنيلها بطاعته جل وعلا ، فإن من أطاعه أعطاه العزة في الدنيا والآخرة . أما الذين يعبدون الأصنام لينالوا العزة بعبادتها ، والذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، يبتغون عندهم العزة ، فإنهم في ضلال وعمى عن الحق ; لأنهم يطلبون العزة من محل الذل .

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، جاء موضحا في آيات من كتاب الله تعالى ; كقوله تعالى : واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا [ 19 \ 81 - 82 ] ، وقوله تعالى : الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا [ 4 \ 139 ] ، وقوله تعالى : ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم [ 10 \ 65 ] ، وقوله تعالى : يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله الآية [ 63 \ 8 ] ، وقوله تعالى : سبحان ربك رب العزة عما يصفون [ 37 \ 180 ] ، والعزة : الغلبة والقوة . ومنه قول الخنساء :


كأن لم يكونوا حمى يحتشى إذ الناس إذ ذاك من عزيزا
أي : من غلب استلب ، ومنه قوله تعالى : وعزني في الخطاب [ 38 \ 23 ] ، أي : غلبني وقوي علي في الخصومة .

وقول من قال من أهل العلم : إن معنى الآية : من كان يريد العزة ، أي : يريد أن يعلم لمن العزة أصوب منه ما ذكرنا ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى : والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد الآية . قد تقدم بعض الكلام عليه في سورة " النحل " ، مع إعراب السيئات .

[ ص: 281 ] وقد قدمنا في مواضع أخر أن من مكرهم السيئات كفرهم بالله وأمرهم أتباعهم به ; كما قال تعالى : وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا [ 34 \ 33 ] ، وكقوله تعالى : ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا [ 71 \ 22 - 23 ] ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى : والله خلقكم من تراب ثم من نطفة . قد تقدم إيضاحه بالآيات القرآنية في أول سورة " الحج " ، في الكلام على قوله تعالى : ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب الآية [ 22 \ 5 ] .

قوله تعالى : وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الرعد " ، في الكلام على قوله تعالى : الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار [ 13 \ 8 ] ، مع بيان الأحكام المتعلقة بالآية .

قوله تعالى : وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب . قد قدمنا بعض الكلام عليه في آخر سورة " الأحزاب " ، في الكلام على قوله تعالى : وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا [ 33 \ 72 ] . وفي سورة " الفرقان " ، في الكلام على قوله تعالى : وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا [ 25 \ 61 ] .
قوله تعالى وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج . تقدم إيضاحه في سورة " الفرقان " ، في الكلام على قوله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج [ 25 \ 53 ] .

قوله تعالى : ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها . قد تقدم الكلام عليه مع بسط أحكام فقهية تتعلق بذلك في سورة " النحل " ، في [ ص: 282 ] الكلام على قوله تعالى : وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها [ 16 \ 14 ] .

وتقدم في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم [ 6 \ 130 ] . أن قوله في آية " فاطر " هذه : ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها ، دليل قرآني واضح على بطلان دعوى من ادعى من العلماء أن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان إلا من البحر الملح خاصة .
قوله تعالى : ويوم القيامة يكفرون بشرككم الآية . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " مريم " ، في الكلام على قوله تعالى : كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا [ 19 \ 82 ] ، وفي غيره من المواضع .
قوله تعالى : يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه غني عن خلقه ، وأن خلقه مفتقر إليه ، أي : فهو يأمرهم وينهاهم لا لينتفع بطاعتهم ، ولا ليدفع الضر بمعصيتهم ، بل النفع في ذلك كله لهم ، وهو جل وعلا الغني لذاته الغنى المطلق .

وما دلت عليه هذه الآية الكريمة مع كونه معلوما من الدين بالضرورة ، جاء في مواضع كثيرة من كتاب الله ; كقوله تعالى : والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم الآية [ 47 \ 38 ] ، وقوله تعالى : فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد [ 64 \ 6 ] ، وقوله تعالى : وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد [ 14 \ 8 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

وبذلك تعلم عظم افتراء الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء [ 3 \ 181 ] ، وقد هددهم الله على ذلك ، بقوله : سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق [ 3 \ 181 ] .
قوله تعالى : إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز .

قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " النساء " ، في الكلام على قوله تعالى : إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا [ 4 \ 132 ] .
[ ص: 283 ] قوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى . قد قدمنا الآيات الموضحة له مع الجواب عن بعض الأسئلة الواردة على الآية في سورة " بني إسرائيل " ، في الكلام على قوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [ 17 \ 15 ] .
قوله تعالى : وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " النحل " ، في الكلام على قوله تعالى : ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون [ 16 \ 25 ] ، ووجه الجمع بين أمثال هذه الآية وبين قوله تعالى : وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم [ 29 \ 13 ] ، ونحوها من الآيات .
قوله تعالى : إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن إنذاره صلى الله عليه وسلم محصور في الذين يخشون ربهم بالغيب ، وأقاموا الصلاة ، وهذا الحصر الإضافي ; لأنهم هم المنتفعون بالإنذار ، وغير المنتفع بالإنذار كأنه هو والذي لم ينذر سواء ، بجامع عدم النفع في كل منهما .

وهذا المعنى جاء موضحا في آيات من كتاب الله تعالى ; كقوله تعالى : وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب الآية [ 36 \ 10 - 11 ] ، وقوله : إنما أنت منذر من يخشاها [ 79 \ 45 ] ، ويشبه معنى ذلك في الجملة قوله تعالى : فذكر بالقرآن من يخاف وعيد [ 50 \ 45 ] ، وقد قدمنا معنى الإنذار وأنواعه موضحا في سورة " الأعراف " ، في الكلام على قوله تعالى : فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين [ 7 \ 2 ] .
قوله تعالى : وما يستوي الأعمى والبصير . قد قدمنا إيضاحه بالآيات في أول سورة " هود " ، في الكلام على قوله تعالى : مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع الآية [ 11 \ 24 ] .
قوله تعالى : وما يستوي الأحياء ولا الأموات . [ ص: 284 ] الأحياء هنا : المؤمنون ، و الأموات : الكفار ; فالحياة هنا حياة إيمان ، والموت موت كفر .

وهذا المعنى جاء موضحا في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى : لمشركون أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها [ 6 \ 122 ] ، فقوله : أو من كان ميتا ، أي : موت كفر فأحييناه حياة إيمان ; وكقوله تعالى : لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين [ 36 \ 70 ] ، فيفهم من قوله : من كان حيا ، أي - وهي حياة إيمان - إن الكافرين الذين حق عليهم القول ليسوا كذلك ، وقد أطبق العلماء على أن معنى قوله : إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله [ 6 \ 36 ] ، أن المعنى : والكفار يبعثهم الله .

وقد قدمنا هذا موضحا بالآيات القرآنية في سورة " النمل " ، في الكلام على قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء الآية [ 27 \ 80 ] .
قوله تعالى : إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور . قد قدمنا الآيات الموضحة له وما جاء في سماع الموتى في سورة " النمل " ، في الكلام على قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى الآية [ 27 \ 80 ] .
قوله تعالى : ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك . قد قدمنا الكلام عليه في سورة " الروم " ، في الكلام على قوله تعالى : ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم الآية [ 30 \ 22 ] ، وبينا هناك دلالة الآيات على أنه جل وعلا هو المؤثر وحده ، وأن الطبائع لا تأثير لها إلا بمشيئته تعالى .
قوله تعالى : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ، إلى قوله : ولباسهم فيها حرير . قد قدمنا الكلام على هذه الآية ، مع نظائرها من آيات الرجاء استطرادا ، وذكرنا معنى الظالم والمقتصد والسابق ، ووجه تقديم الظالم عليهما بالوعد في الجنات في سورة " النور " ، في الكلام على قوله تعالى : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى الآية [ 24 \ 22 ] .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]