عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 17-01-2023, 10:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد السادس
الحلقة (446)
سُورَةُ فَاطِرٍ
صـ 269 إلى صـ 276





[ ص: 269 ] قوله تعالى : قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون . أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول للكفار : إنهم وإياهم ليس أحد منهم مسئولا عما يعمله الآخر ، بل كل منهم مؤاخذ بعمله ، والآخر بريء منه .

وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى : وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون [ 10 \ 41 ] ، وقوله تعالى : قل ياأيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ، إلى قوله : لكم دينكم ولي دين [ 109 \ 1 - 6 ] ، وفي معنى ذلك في الجملة قوله تعالى : تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون [ 2 \ 141 ] ; وكقوله تعالى عن نبيه هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظروني [ 11 \ 54 - 55 ] .
قوله تعالى : قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم . أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول لعبدة الأوثان : أروني أوثانكم التي ألحقتموها بالله شركاء له في عبادته كفرا منكم ، وشركا وافتراء ، وقوله : أروني الذين ألحقتم به شركاء ، لأنهم إن أروه إياها تبين برؤيتها أنها جماد لا ينفع ولا يضر ، واتضح بعدها عن صفات الألوهية ، فظهر لكل عاقل برؤيتها بطلان عبادة ما لا ينفع ولا يضر ، فإحضارها والكلام فيها ، وهي مشاهدة أبلغ من الكلام فيها غائبة ، مع أنه صلى الله عليه وسلم يعرفها ، وكما أنه في هذه الآية الكريمة أمرهم أن يروه إياها ليتبين بذلك بطلان عبادتها ، فقد أمرهم في آية أخرى أن يسموها بأسمائها ; لأن تسميتها بأسمائها يظهر بها بعدها عن صفات الألوهية ، وبطلان عبادتها لأنها أسماء إناث حقيرة كاللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ; كما قال تعالى : إن يدعون من دونه إلا إناثا الآية [ 4 \ 117 ] ، وذلك في قوله تعالى : وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد [ 13 \ 33 ] .

والأظهر في قوله : أروني الذين ألحقتم به في هذه الآية : هو ما ذكرنا من أن الرؤية بصرية ، وعليه فقوله : شركاء حال ، وقال بعض أهل العلم : إنها من رأى [ ص: 270 ] العلمية ، وعليه فـ شركاء مفعول ثالث لـ أروني ، قال القرطبي : يكون أروني هنا من رؤية القلب ، فيكون : شركاء مفعولا ثالثا ، أي : عرفوني الأصنام والأوثان التي جعلتموها شركاء لله عز وجل ، وهل شاركت في خلق شيء ، فبينوا ما هو وإلا فلم تعبدونها ، اه محل الغرض منه . واختار هذا أبو حيان في " البحر المحيط " . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : كلا ردع لهم ، وزجر عن إلحاق الشركاء به . وقوله :بل هو الله العزيز الحكيم ، أي : المتصف بذلك هو المستحق للعبادة ، وقد قدمنا معنى العزيز الحكيم بشواهده مرارا .
قوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الأعراف " ، في الكلام على قوله تعالى : قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا [ 7 \ 158 ] ، وفي غير ذلك من المواضع . وقوله تعالى : إلا كافة للناس ، استشهد به بعض علماء العربية على جواز تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف ; كما أشار له ابن مالك في " الخلاصة " بقوله :

وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا ولا أمنعه فقد ورد

قالوا : لأن المعنى : وما أرسلناك إلا كافة للناس ، أي : جميعا ، أي : أرسلناك للناس في حال كونهم مجتمعين في رسالتك ، وممن أجاز ذلك أبو علي الفارسي ، وابن كيسان ، وابن برهان ، ولذلك شواهد في شعر العرب ; كقول طليحة بن خويلد الأسدي :


فإن تك أذواد أصبن ونسوة فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال


وكقول كثير :


لئن كان برد الماء هيمان صاديا إلي حبيبا إنها لحبيب


وقول الآخر :


تسليت طرا عنكم بعد بينكم بذكركم حتى كأنكم عندي


وقول الآخر :


غافلا تعرض المنية للمرء فيدعى ولات حين إباء


[ ص: 271 ] وقوله :


مشغوفة بك قد شغفت وإنما حم الفراق فما إليك سبيل


وقوله :


إذا المرء أعيته المروءة ناشئا فمطلبها كهلا عليه شديد


فقوله في البيت الأول : فرغا ، أي : هدرا ، حال وصاحبه المجرور بالباء الذي هو بقتل ، وحبال اسم رجل . وقوله في البيت الثاني : هيمان صاديا ، حالان من ياء المتكلم المجرورة بإلى في قوله : إلي حبيبا . وقوله في البيت الثالث : طرا حال من الضمير المجرور بعن ، في قوله : عنكم ، وهكذا وتقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف منعه أغلب النحويين .

وقال الزمخشري في " الكشاف " ، في تفسير قوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس ، إلا رسالة عامة لهم محيطة بهم ; لأنهم إذا شملتهم ، فإنها قد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم .

وقال الزجاج : المعنى : أرسلناك جامعا للناس في الإنذار والإبلاغ فجعله حالا من الكاف ، وحق التاء على هذا أن تكون للمبالغة كتاء الراوية والعلامة ، ومن جعله حالا من المجرور متقدما عليه فقد أخطأ ; لأن تقدم حال المجرور عليه في الإحالة بمنزلة تقدم المجرور على الجار ، وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقنع به حتى يضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إلى ; لأنه لا يستوي له الخطأ الأول إلا بالخطأ الثاني ، فلا بد له من ارتكاب الخطأين ، اه منه .

وقال الشيخ الصبان في حاشيته على الأشموني : جعل الزمخشري كافة صفة لمصدر محذوف ، أي : رسالة كافة للناس ، ولكن اعترض بأن كافة مختصة بمن يعقل وبالنصب على الحال كطرا وقاطبة ، انتهى محل الغرض منه . وما ذكره الصبان في كافة هو المشهور المتداول في كلام العرب ، وأوضح ذلك أبو حيان في " البحر " ، والعلم عند الله تعالى .

قوله تعالى : ولكن أكثر الناس لا يعلمون . [ ص: 272 ] قد بينا الآيات الموضحة له في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك الآية [ 6 \ 116 ] ، وغير ذلك من المواضع .
قوله تعالى : قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " يونس " ، في الكلام على قوله تعالى : لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون [ 10 \ 49 ] .
قوله تعالى ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم ، إلى قوله : إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا . ذكرنا بعض الآيات التي فيها بيان له في سورة " البقرة " ، في الكلام على قوله تعالى : إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا [ 2 \ 166 ] ، وبيناه في مواضع أخر من هذا الكتاب المبارك .
قوله تعالى : وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا . جاء موضحا في مواضع أخر ; كقوله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل [ 40 \ 71 ] ، وقوله : أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم [ 13 \ 5 ] ، وقوله : ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه [ 69 \ 32 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون . قد بينا الآيات الموضحة له في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها [ 6 \ 123 ] ، وأوضحنا ذلك في سورة " قد أفلح المؤمنون " ، في الكلام على قوله تعالى : ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه الآية [ 23 \ 44 ] .
قوله تعالى : وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين . وقوله تعالى : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى . [ ص: 273 ] قد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة " الكهف " ، في الكلام على قوله تعالى : ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا [ 18 \ 36 ] .
قوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن الآية .

قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الفرقان " ، في الكلام على قوله تعالى : ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم الآية [ 25 \ 17 - 18 ] .
قوله تعالى : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " بني إسرائيل " ، في الكلام على قوله تعالى : وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا [ 17 \ 94 ] .
قوله تعالى : وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير . قد قدمنا الآيات التي بمعناه في سورة " بني إسرائيل " ، في الكلام على قوله تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [ 17 \ 15 ] .
قوله تعالى : وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير . ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه أهلك الأمم الماضية لما كذبت رسله ، وأن الأمم الماضية أقوى ، وأكثر أموالا وأولادا ، وأن كفار مكة عليهم أن يخافوا من إهلاك الله لهم بسبب تكذيب رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما أهلك الأمم التي هي أقوى منهم ، ولم يؤتوا ، أي : كفار مكة ، معشار ما أتى الله الأمم التي أهلكها من قبل من القوة ، جاء موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض [ 40 \ 82 ] ، وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة " الروم " ، في الكلام على قوله [ ص: 274 ] تعالى : وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها [ 30 \ 9 ] .
قوله تعالى : ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " المؤمنون " ، في الكلام على قوله تعالى : أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون [ 23 \ 70 ] .
قوله تعالى : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " هود " ، في الكلام على قوله تعالى : كارهون ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله [ 11 \ 29 ] .
قوله تعالى : قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " بني إسرائيل " ، في الكلام على قوله تعالى : وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا [ 17 \ 81 ] .
قوله تعالى : قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي .

قد قدمنا الآيات التي بمعناه في سورة " الأنبياء " ، في الكلام على قوله تعالى : وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث [ 21 \ 78 ] ، في معرض بيان حجج الظاهرية في دعواهم منع الاجتهاد .
قوله تعالى : وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد .

ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الكفار يوم القيامة يؤمنون بالله ، وأن ذلك الإيمان لا ينفعهم لفوات وقت نفعه ، الذي هو مدة دار الدنيا جاء موضحا في آيات كثيرة .

وقد قدمنا الآيات الدالة عليه في سورة " الأعراف " ، في الكلام على قوله تعالى : يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق الآية [ 7 \ 53 ] . وفي سورة " مريم " ، في الكلام على قوله تعالى : أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين [ 19 \ 38 ] ، وفي غير ذلك من المواضع . وقوله تعالى في [ ص: 275 ] هذه الآية الكريمة : وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ، أنى تدل على كمال الاستبعاد هنا ، و التناوش : التناول ، وقال بعضهم : هو خصوص التناول السهل للشيء القريب .

والمعنى : أنه يستبعد كل الاستبعاد ويبعد كل البعد ، أن يتناول الكفار الإيمان النافع في الآخرة بعدما ضيعوا ذلك وقت إمكانه في دار الدنيا ، وقيل الاستبعاد لردهم إلى الدنيا مرة أخرى ليؤمنوا ، والأول أظهر ، ويدل عليه قوله قبله : وقالوا آمنا به ، ومن أراد تناول شيء من مكان بعيد لا يمكنه ذلك ، والعلم عند الله تعالى .
[ ص: 276 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ فَاطِرٍ

قَوْلُهُ تَعَالَى : الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ الْآيَةَ .

الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، لِلِاسْتِغْرَاقِ ، أَيْ : جَمِيعُ الْمَحَامِدِ ثَابِتٌ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا ، وَقَدْ أَثْنَى جَلَّ وَعَلَا عَلَى نَفْسِهِ بِهَذَا الْحَمْدِ الْعَظِيمِ مُعَلِّمًا خَلْقَهُ فِي كِتَابِهِ أَنْ يُثْنُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، مُقْتَرِنًا بِكَوْنِهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَلْقَهُ لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ يَدُلُّ عَلَى عَظَمَتِهِ ، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ ، وَاسْتِحْقَاقِهِ لِلْحَمْدِ لِذَاتِهِ لِعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ ، مَعَ مَا فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ النِّعَمِ عَلَى بَنِي آدَمَ فَهُوَ بِخَلْقِهِمَا مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ لِذَاتِهِ ، وَلِإِنْعَامِهِ عَلَى الْخَلْقِ بِهِمَا ، وَكَوْنِ خَلْقِهِمَا جَامِعًا بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الْحَمْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ، جَاءَتْ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ . أَمَّا كَوْنُ ذَلِكَ يَسْتَوْجِبُ حَمْدَ اللَّهِ لِعَظَمَتِهِ وَكَمَالِهِ ، وَاسْتِحْقَاقِهِ لِكُلِّ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ ، فَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْأَنْعَامِ " : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ الْآيَةَ [ 6 \ 1 ] ، وَقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ " سَبَأٍ " : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ [ 34 \ 2 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْفَاتِحَةِ " : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ 1 \ 2 ] . وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ قَوْلَهُ : رَبِّ الْعَالَمِينَ ، بَيَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [ 26 \ 23 - 24 ] ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ 37 \ 181 - 182 ] ، وَقَوْلِهِ : وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . [ 39 \ 75 ]




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]