عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 30-12-2022, 05:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,463
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الخامس

سُورَةُ الْحَجِّ
الحلقة (393)
صــ 396 إلى صــ 403




والرابع : أنه الصحيفة ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والفراء ، وابن قتيبة . وقرأت على شيخنا أبي منصور ، قال : قال أبو بكر ، يعني - ابن دريد - : السجل : الكتاب ، والله أعلم . ولا ألتفت إلى قولهم : إنه [ ص: 396 ] فارسي معرب ، والمعنى : كما يطوى السجل على ما فيه من كتاب . واللام بمعنى على . وقال بعض العلماء : المراد بالكتاب : المكتوب ، فلما كان المكتوب ينطوي بانطواء الصحيفة ، جعل السجل كأنه يطوي الكتاب .

ثم استأنف ، فقال تعالى : " كما بدأنا أول خلق نعيده " الخلق هاهنا مصدر ، وليس بمعنى المخلوق .

وفي معنى الكلام أربعة أقوال :

أحدها : كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا ، كذلك نعيدهم يوم القيامة ، روي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا كما خلقوا ، ثم قرأ : كما بدأنا أول خلق نعيده " ، وإلى هذا المعنى ذهب مجاهد .

والثاني : أن المعنى : إنا نهلك كل شيء كما كان أول مرة ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث : أن السماء تمطر أربعين يوما كمني الرجال ، فينبتون بالمطر في قبورهم كما ينبتون في بطون أمهاتهم ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والرابع : أن المعنى : قدرتنا على الإعادة كقدرتنا على الابتداء ، قاله الزجاج . [ ص: 397 ]

قوله تعالى : " وعدا " قال الزجاج : هو منصوب على المصدر ; لأن قوله تعالى : " نعيده " بمعنى : وعدنا هذا وعدا . " إنا كنا فاعلين " ; أي : قادرين على فعل ما نشاء . وقال غيره : إنا كنا فاعلين ما وعدنا .

قوله تعالى : " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " فيه أربعة أقوال :

أحدها : أن الزبور : جميع الكتب المنزلة من السماء ، والذكر : أم الكتاب الذي عند الله ، قاله سعيد بن جبير في رواية ، ومجاهد ، وابن زيد ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية ابن جبير ، فإنه قال : الزبور : التوراة والإنجيل والقرآن ، والذكر : الذي في السماء .

والثاني : أن الزبور : الكتب ، والذكر : التوراة ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث : أن الزبور : القرآن ، والذكر : التوراة والإنجيل ، قاله سعيد بن جبير في رواية .

والرابع : أن الزبور : زبور داود ، والذكر : ذكر موسى ، قاله الشعبي . وفي الأرض المذكورة هاهنا ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه أرض الجنة ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وبه قال الأكثرون . والثاني : أرض الدنيا ، وهو منقول عن ابن عباس أيضا . والثالث : الأرض المقدسة ، قاله ابن السائب .

وفي قوله تعالى : " يرثها عبادي الصالحون " ثلاثة أقوال :

أحدها : أنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وفي رواية : ترث أمة محمد أرض الدنيا بالفتوح .

والثاني : بنو إسرائيل ، قاله ابن السائب . [ ص: 398 ]

والثالث : أنه عام في كل صالح ، قاله بعض فقهاء المفسرين .

قوله تعالى : " إن في هذا " يعني : القرآن ، " لبلاغا " ; أي : لكفاية ، والمعنى : أن من اتبع القرآن وعمل به ، كان القرآن بلاغه إلى الجنة .

وقوله تعالى : " لقوم عابدين " قال كعب : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يصلون الصلوات الخمس ، ويصومون شهر رمضان .

قوله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " قال ابن عباس : هذا عام للبر والفاجر ، فمن آمن به تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن كفر به صرفت عنه العقوبة إلى الموت والقيامة . وقال ابن زيد : هو رحمة لمن آمن به خاصة .
قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون . [ ص: 399 ]

قوله تعالى : " فهل أنتم مسلمون " قال ابن عباس : فهل أنتم مخلصون له العبادة ؟ قال أهل المعاني : هذا استفهام بمعنى الأمر .

قوله تعالى : " فإن تولوا " ; أي : أعرضوا ولم يؤمنوا ، " فقل آذنتكم على سواء " في معنى الكلام قولان :

أحدهما : نابذتكم وعاديتكم وأعلمتكم ذلك ، فصرت أنا وأنتم على سواء قد استوينا في العلم بذلك ، وهذا من الكلام المختصر ، قاله ابن قتيبة .

والثاني : أعلمتكم بالوحي إلي لتستووا في الإيمان به ، قاله الزجاج .

قوله تعالى : " وإن أدري " ; أي : وما أدري ، " أقريب أم بعيد ما توعدون " بنزول العذاب بكم . " إنه يعلم الجهر " وهو ما يقولونه للنبي صلى الله عليه وسلم : متى هذا الوعد [ يس : 48 ] ، و " ما تكتمون " إسرارهم أن العذاب لا يكون .

قوله تعالى : " لعله فتنة لكم " ، في هاء " لعله " قولان :

أحدهما : أنها ترجع إلى ما آذنهم به ، قاله الزجاج .

والثاني : إلى العذاب ، فالمعنى : لعل تأخير العذاب عنكم فتنة ، قاله ابن جرير وأبو سليمان الدمشقي . ومعنى الفتنة هاهنا : الاختبار . " ومتاع إلى حين " ; أي : تستمعون إلى انقضاء آجالكم . " قل رب " وروى حفص عن عاصم : ( قال رب ) . " احكم " قرأ أبو جعفر : ( رب احكم ) بضم الباء . وروى زيد عن يعقوب : ( ربي ) بفتح الياء ( أحكم ) بقطع الهمزة وفتح الكاف ورفع الميم . ومعنى " احكم بالحق " ; أي : بعذاب كفار قومي الذي نزوله حق ، فحكم عليهم بالقتل في يوم بدر وفيما بعده من الأيام ، والمعنى على هذا : افصل بيني وبين المشركين [ ص: 400 ] بما يظهر به الحق . ومعنى " على ما تصفون " ; أي : من كذبكم وباطلكم . وقرأ ابن عامر والمفضل عن عاصم : ( يصفون ) بالياء .

فإن قيل : فهل يجوز على الله أن يحكم بغير الحق ؟

فالجواب : أن المعنى : احكم بحكمك الحق ، كأنه استعجل النصر عليهم .
[ ص: 401 ]

سُورَةُ الْحَجِّ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ .

فَصْلٌ : فِي نُزُولِهَا

رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا ، غَيْرُ آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ : قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ، وَالَّتِي تَلِيهَا [ الْحَجّ 12 ، 13 ] . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ ، إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ . . . إِلَى آخَرِ الْأَرْبَعِ [ الْحَجّ : 53 - 57 ] . وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ : نَزَلَتْ بِمَكَّةَ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ : [ ص: 402 ] هَذَانِ خَصْمَانِ وَاللَّتَانِ بَعْدَهَا [ الْحَجّ : 20 - 22 ] . وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ : أَوَّلُهَا مَدَنِيٌّ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [ الْحَجّ : 38 ] وَسَائِرُهَا مَكِّيٌّ . وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ : هِيَ مَكِّيَّةٌ غَيْرَ سِتِّ آيَاتٍ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَانِ خَصْمَانِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : الْحَمِيدِ [ الْحَجّ 20 - 25 ] . وَقَالَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ سَلَامَةَ : هِيَ مِنْ أَعَاجِيبِ سُوَرِ الْقُرْآنِ ; لِأَنَّ فِيهَا مَكِّيًّا وَمَدَنِيًّا ، وَحَضَرِيًّا وَسَفَرِيًّا ، وَحَرْبِيًّا وَسِلْمِيًّا ، وَلَيْلِيًّا وَنَهَارِيًّا ، وَنَاسِخًا وَمَنْسُوخًا .

فَأَمَّا الْمَكِّيُّ : فَمِنْ رَأْسِ الثَّلَاثِينَ مِنْهَا إِلَى آخِرِهَا .

وَأَمَّا الْمَدَنِيُّ : فَمِنْ رَأْسِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ .

وَأَمَّا اللَّيْلِيُّ : فَمِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخَرِ خَمْسِ آيَاتٍ .

وَأَمَّا النَّهَارِيُّ : فَمِنْ رَأْسِ خَمْسِ [ آيَاتٍ ] إِلَى رَأْسِ تِسْعٍ .

وَأَمَّا السَّفَرِيُّ : فَمِنْ رَأْسِ تِسْعٍ إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ .

وَأَمَّا الْحَضَرِيُّ : فَإِلَى رَأْسِ الْعِشْرِينَ [ مِنْهَا ] ، نُسِبَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِقُرْبِ مُدَّتِهِ .

قَوْلُهُ تَعَالَى : " اتَّقُوا رَبَّكُمْ " ; أَيِ : احْذَرُوا عِقَابَهُ ، " إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ " الزَّلْزَلَةُ : الْحَرَكَةُ عَلَى الْحَالَةِ الْهَائِلَةِ .

وَفِي وَقْتِ هَذِهِ الزَّلْزَلَةِ قَوْلَانِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَ النُّشُورِ . رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ : " إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ، وَقَالَ : تَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ ذَلِكَ ؟ فَإِنَّهُ يَوْمَ يُنَادِي الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ابْعَثْ بَعْثًا إِلَى النَّارِ " ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ . وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ ص: 403 ] " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِآدَمَ : قُمْ ، فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ; وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى النَّارِ ، فَحِينَئِذٍ يَشِيبُ الْمَوْلُودُ ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا " ، وَقَرَأَ الْآيَةَ . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ : قِيَامُهَا ، يَعْنِي : أَنَّهَا تُقَارِبُ قِيَامَ السَّاعَةِ وَتَكُونُ مَعَهَا . وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ : هَذِهِ الزَّلْزَلَةُ تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]