عرض مشاركة واحدة
  #336  
قديم 25-12-2022, 11:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(322)
الحلقة (336)
صــ 561إلى صــ 568



4828 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام قال : حدثنا عنبسة عن علي بن بذيمة عن مقسم في قوله : ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يفحشن ) [ سورة النساء : 19 ] ، في قراءة ابن مسعود قال : إذا عصتك وآذتك ، فقد حل لك ما أخذت منها . [ ص: 561 ]

4829 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله : " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا " ، قال : الخلع ، قال : ولا يحل له إلا أن تقول المرأة : " لا أبر قسمه ولا أطيع أمره " ، فيقبله خيفة أن يسيء إليها إن أمسكها ، ويتعدى الحق .

وقال آخرون : بل " الخوف " من ذلك أن تبتدئ له بلسانها قولا أنها له كارهة .

ذكر من قال ذلك :

4830 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال : حدثنا أبي وشعيب بن الليث عن الليث عن أيوب بن موسى عن عطاء بن أبي رباح قال : يحل الخلع أن تقول المرأة لزوجها : " إني لأكرهك ، وما أحبك ، ولقد خشيت أن أنام في جنبك ولا أؤدي حقك " - وتطيب نفسا بالخلع .

وقال آخرون : بل الذي يبيح له أخذ الفدية ، أن يكون خوف أن لا يقيما حدود الله منهما جميعا لكراهة كل واحد منهما صحبة الآخر .

ذكر من قال ذلك :

4831 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا داود عن عامر حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن داود قال : قال [ ص: 562 ] عامر : أحل له مالها بنشوزه ونشوزها .

4832 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : قال ابن جريج قال طاوس : يحل له الفداء ما قال الله تعالى ذكره ولم يكن يقول قول السفهاء : " لا أبر لك قسما " ، ولكن يحل له الفداء ما قال الله تعالى ذكره : " إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله " فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشرة والصحبة .

4833 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن محمد بن إسحاق قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : " إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله " قال : فيما افترض الله عليهما في العشرة والصحبة .

4834 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني ابن شهاب قال : أخبرني سعيد بن المسيب قال : لا يحل الخلع حتى يخافا أن لا يقيما حدود الله في العشرة التي بينهما .

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال : لا يحل للرجل أخذ الفدية من امرأته على فراقه إياها ، حتى يكون خوف معصية الله من كل واحد منهما على نفسه - في تفريطه في الواجب عليه لصاحبه - منهما جميعا ، على ما ذكرناه عن طاوس والحسن ومن قال في ذلك قولهما; لأن الله تعالى ذكره إنما أباح للزوج أخذ الفدية من امرأته ، عند خوف المسلمين عليهما أن لا يقيما حدود الله .

فإن قال قائل : فإن كان الأمر على ما وصفت فالواجب أن يكون حراما على الرجل قبول الفدية منها إذا كان النشوز منها دونه ، حتى يكون منه من الكراهة لها مثل الذي يكون منها؟ [ ص: 563 ] قيل له : إن الأمر في ذلك بخلاف ما ظننت ، وذلك أن في نشوزها عليه داعية له إلى التقصير في واجبها ومجازاتها بسوء فعلها به ، وذلك هو المعنى الذي يوجب للمسلمين الخوف عليهما أن لا يقيما حدود الله . فأما إذا كان التفريط من كل واحد منهما في واجب حق صاحبه قد وجد ، وسوء الصحبة والعشرة قد ظهر للمسلمين ، فليس هناك للخوف موضع ، إذ كان المخوف قد وجد . وإنما يخاف وقوع الشيء قبل حدوثه ، فأما بعد حدوثه فلا وجه للخوف منه ولا الزيادة في مكروهه .
القول في تأويل قوله تعالى ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى : " فإن خفتم ألا يقيما حدود الله " - التي إذا خيف من الزوج والمرأة أن لا يقيماها ، حلت له الفدية من أجل الخوف عليهما تضييعها . فقال بعضهم : هو استخفاف المرأة بحق زوجها وسوء طاعتها إياه وأذاها له بالكلام .

ذكر من قال ذلك :

4835 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس : " فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " قال : هو تركها إقامة حدود الله ، واستخفافها بحق [ ص: 564 ] زوجها ، وسوء خلقها ، فتقول له : " والله لا أبر لك قسما ، ولا أطأ لك مضجعا ، ولا أطيع لك أمرا " ، فإن فعلت ذلك فقد حل له منها الفدية .

4836 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبى بن أبي زائدة عن يزيد بن إبراهيم عن الحسن في قوله : " فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " قال : إذا قالت : " لا اغتسل لك من جنابة " ، حل له أن يأخذ منها .

4837 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : حدثنا يونس عن الزهري قال : يحل الخلع حين يخافا أن لا يقيما حدود الله ، وأداء حدود الله في العشرة التي بينهما .

وقال آخرون : معنى ذلك : فإن خفتم أن لا يطيعا الله .

ذكر من قال ذلك :

4838 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل عن عامر : " فإن خفتم ألا يقيما حدود الله " قال : أن لا يطيعا الله .

4839 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : الحدود : الطاعة .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك : فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله ما [ ص: 565 ] أوجب الله عليهما من الفرائض ، فيما ألزم كل واحد منهما من الحق لصاحبه ، من العشرة بالمعروف ، والصحبة بالجميل ، فلا جناح عليهما فيما افتدت به .

وقد يدخل في ذلك ما رويناه عن ابن عباس والشعبي وما رويناه عن الحسن والزهري لأن من الواجب للزوج على المرأة - طاعته فيما أوجب الله طاعته فيه ، ولا تؤذيه بقول ، ولا تمتنع عليه إذا دعاها لحاجته ، فإذا خالفت ما أمرها الله به من ذلك كانت قد ضيعت حدود الله التي أمرها بإقامتها .

وأما معنى " إقامة حدود الله " ، فإنه العمل بها ، والمخالفة عليها ، وترك تضييعها - وقد بينا ذلك فيما مضى قبل من كتابنا هذا بما يدل على صحته .
القول في تأويل قوله تعالى ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به )

قال أبو جعفر : يعني قوله تعالى ذكره بذلك : فإن خفتم أيها المؤمنون أن لا يقيم الزوجان ما حد الله لكل واحد منهما على صاحبه من حق ، وألزمه له من فرض ، وخشيتم عليهما تضييع فرض الله وتعدي حدوده في ذلك فلا جناح حينئذ عليهما فيما افتدت به المرأة نفسها من زوجها ، ولا حرج عليهما فيما أعطت هذه على [ ص: 566 ] فراق زوجها إياها ، ولا على هذا فيما أخذ منها من الجعل والعوض عليه .

فإن قال قائل : وهل كانت المرأة حرجة لو كان الضرار من الرجل بها فيما افتدت به نفسها ، فيكون " لا جناح عليهما " فيما أعطته من الفدية على فراقها إذا كان النشوز من قبلها .

قيل : لو علمت في حال ضراره بها ليأخذ منها ما آتاها أن ضراره ذلك إنما هو ليأخذ منها ما حرم الله عليه أخذه على الوجه الذي نهاه الله عن أخذه منها ، ثم قدرت أن تمتنع من إعطائه بما لا ضرر عليها في نفس ، ولا دين ، ولا حق عليها في ذهاب حق لها - لما حل لها إعطاؤه ذلك ، إلا على وجه طيب النفس منها بإعطائه إياه على ما يحل له أخذه منها . لأنها متى أعطته ما لا يحل له أخذه منها ، وهي قادرة على منعه ذلك بما لا ضرر عليها في نفس ، ولا دين ، ولا في حق لها تخاف ذهابه ، فقد شاركته في الإثم بإعطائه ما لا يحل له أخذه منها على الوجه الذي أعطته [ ص: 567 ] عليه . فلذلك وضع عنها الجناح إذا كان النشوز من قبلها ، وأعطته ما أعطته من الفدية بطيب نفس ، ابتغاء منها بذلك سلامتها وسلامة صاحبها من الوزر والمأثم .

وهي إذا أعطته على هذا الوجه باستحقاق الأجر والثواب من الله تعالى أولى إن شاء الله من الجناح والحرج ، ولذلك قال تعالى ذكره : " فلا جناح عليهما " فوضع الحرج عنها فيما أعطته على هذا الوجه من الفدية على فراقه إياها ، وعنه فيما قبض منها إذ كانت معطية على المعنى الذي وصفنا ، وكان قابضا منها ما أعطته من غير ضرار ، بل طلب السلامة لنفسه ولها في أديانهما وحذار الأوزار والمأثم .

وقد يتجه قوله : " فلا جناح عليهما " وجها آخر من التأويل وهو أنها لو بذلت ما بذلت من الفدية على غير الوجه الذي أذن نبي الله صلى الله عليه وسلم لامرأة ثابت بن قيس بن شماس وذلك لكراهتها أخلاق زوجها ، أو دمامة خلقه ، وما أشبه ذلك من الأمور التي يكرهها الناس بعضهم من بعض - ولكن على الانصراف [ ص: 568 ] منها بوجهها إلى آخر غيره على وجه الفساد وما لا يحل لها - كان حراما عليها أن تعطي على مسألتها إياه فراقها على ذلك الوجه شيئا ، لأن مسألتها إياه الفرقة على ذلك الوجه معصية منها . وتلك هي المختلعة - إن خولعت على ذلك الوجه - التي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سماها " منافقة " كما :

4840 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثني المعتمر بن سليمان عن ليث عن أبي إدريس عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس ، حرم الله عليها رائحة الجنة " .

وقال : " المختلعات هن المنافقات "

4841 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا مزاحم بن دواد بن علبة عن أبيه ، عن ليث بن أبي سليم عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عن أبي إدريس عن ثوبان مولى رسول الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والمختلعات هن المنافقات "



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]