عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25-12-2022, 10:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(319)
الحلقة (333)
صــ 536إلى صــ 544




وذلك أن الله تعالى ذكره قال : " وللرجال عليهن درجة "عقيب قوله : " ولهن [ ص: 536 ] " مثل الذي عليهن بالمعروف " ، فأخبر تعالى ذكره أن على الرجل من ترك ضرارها في مراجعته إياها في أقرائها الثلاثة وفي غير ذلك من أمورها وحقوقها ، مثل الذي له عليها من ترك ضراره في كتمانها إياه ما خلق الله في أرحامهن وغير ذلك من حقوقه .

ثم ندب الرجال إلى الأخذ عليهن بالفضل إذا تركن أداء بعض ما أوجب الله لهم عليهن ، فقال تعالى ذكره : " وللرجال عليهن درجة " بتفضلهم عليهن ، وصفحهم لهن عن بعض الواجب لهم عليهن ، وهذا هو المعنى الذي قصده ابن عباس بقوله : " ما أحب أن أستنظف جميع حقي عليها " لأن الله تعالى ذكره يقول : " وللرجال عليهن درجة " .

ومعنى " الدرجة " ، الرتبة والمنزلة .

وهذا القول من الله تعالى ذكره ، وإن كان ظاهره ظاهر الخبر ، فمعناه معنى ندب الرجال إلى الأخذ على النساء بالفضل ، ليكون لهم عليهن فضل درجة .
[ ص: 537 ] القول في تأويل قوله تعالى ( والله عزيز حكيم ( 228 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : " والله عزيز " في انتقامه ممن خالف أمره ، وتعدى حدوده ، فأتى النساء في المحيض ، وجعل الله عرضة لأيمانه أن يبر ويتقي ، ويصلح بين الناس ، وعضل امرأته بإيلائه ، وضارها في مراجعته بعد طلاقه ، ولمن كتم من النساء ما خلق الله في أرحامهن أزواجهن ، ونكحن في عددهن ، وتركن التربص بأنفسهن إلى الوقت الذي حده الله لهن ، وركبن غير ذلك من [ ص: 538 ] معاصيه ، " حكيم " فيما دبر في خلقه ، وفيما حكم وقضى بينهم من أحكامه ، كما :

4778 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " والله عزيز حكيم " ، يقول : عزيز في نقمته ، حكيم في أمره .

وإنما توعد الله تعالى ذكره بهذا القول عباده ، لتقديمه قبل ذلك بيان ما حرم عليهم أو نهاهم عنه ، من ابتداء قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " إلى قوله : " وللرجال عليهن درجة " ثم أتبع ذلك بالوعيد ليزدجر أولو النهى ، وليذكر أولو الحجى ، فيتقوا عقابه ، ويحذروا عذابه .
لقول في تأويل قوله تعالى ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :

فقال بعضهم : هو دلالة على عدد الطلاق الذي يكون للرجل فيه الرجعة على زوجته ، والعدد الذي تبين به زوجته منه .

ذكر من قال إن هذه الآية أنزلت لأن أهل الجاهلية وأهل الإسلام قبل نزولها لم يكن لطلاقهم نهاية تبين بالانتهاء إليها امرأته منه ما راجعها في عدتها منه ، فجعل الله تعالى ذكره لذلك حدا ، حرم بانتهاء الطلاق إليه على الرجل [ ص: 539 ] امرأته المطلقة ، إلا بعد زوج ، وجعلها حينئذ أملك بنفسها منه .

ذكر الأخبار الواردة بما قلنا في ذلك :

4779 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه قال : كان الرجل يطلق ما شاء ثم إن راجع امرأته قبل أن تنقضي عدتها كانت امرأته ، فغضب رجل من الأنصار على امرأته ، فقال لها : لا أقربك ولا تحلين مني . قالت له : كيف؟ قال : أطلقك ، حتى إذا دنا أجلك راجعتك ، ثم أطلقك ، فإذا دنا أجلك راجعتك . قال : فشكت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى ذكره : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف " الآية .

4780 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس عن هشام عن أبيه ، قال رجل لامرأته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم : لا أؤويك ، ولا أدعك [ ص: 540 ] تحلين . فقالت له : كيف تصنع؟ قال : أطلقك ، فإذا دنا مضي عدتك راجعتك ، فمتى تحلين؟ فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " فاستقبله الناس جديدا ، من كان طلق ومن لم يكن طلق . [ ص: 541 ]

4781 - حدثنا محمد بن يحيى قال : أخبرنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية كان الرجل يطلق الثلاث والعشر وأكثر من ذلك ، ثم يراجع ما كانت في العدة ، فجعل الله حد الطلاق ثلاث تطليقات .

4782 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية يطلق أحدهم امرأته ثم يراجعها ، لا حد في ذلك ، هي امرأته ما راجعها في عدتها ، فجعل الله حد ذلك يصير إلى ثلاثة قروء ، وجعل حد الطلاق ثلاث تطليقات .

4783 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " الطلاق مرتان " ، قال كان الطلاق - قبل أن يجعل الله الطلاق ثلاثا - ليس له أمد يطلق الرجل امرأته مائة ، ثم إن أراد أن يراجعها قبل أن تحل ، كان ذلك له ، وطلق رجل امرأته ، حتى إذا كادت أن تحل ارتجعها ، ثم استأنف بها طلاقا بعد ذلك ليضارها بتركها ، حتى إذا كان قبل انقضاء عدتها راجعها وصنع ذلك مرارا ، فلما علم الله ذلك منه ، جعل الطلاق ثلاثا ، مرتين ، ثم بعد المرتين إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان .

4784 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ، أما قوله : [ ص: 542 ] " الطلاق مرتان " ، فهو الميقات الذي يكون عليها فيه الرجعة .

4785 - حدثنا هناد قال : حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة في قوله : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " قال : إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فيطلقها تطليقتين ، فإن أراد أن يراجعها كانت له عليها رجعة ، فإن شاء طلقها أخرى ، فلم تحل له حتى تنكح زوجا غيره .

قال أبو جعفر : فتأويل الآية على هذا الخبر الذي ذكرنا : عدد الطلاق الذي لكم أيها الناس فيه على أزواجكم الرجعة إذا كن مدخولا بهن تطليقتان . ثم الواجب على من راجع منكم بعد التطليقتين ، إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان ، لأنه لا رجعة له بعد التطليقتين إن سرحها فطلقها الثالثة .

وقال آخرون إنما أنزلت هذه الآية على نبي الله صلى الله عليه وسلم تعريفا من الله تعالى ذكره عباده سنة طلاقهم نساءهم إذا أرادوا طلاقهن - لا دلالة على العدد الذي تبين به المرأة من زوجها .

ذكر من قال ذلك :

4786 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن مطرف عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " قال : يطلقها بعد ما تطهر من قبل جماع ، ثم يدعها حتى تطهر مرة أخرى ، ثم يطلقها إن شاء ، ثم إن أراد أن يراجعها راجعها ، ثم إن شاء طلقها ، وإلا تركها حتى تتم ثلاث حيض وتبين منه به .

4787 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله [ ص: 543 ] بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " قال : إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين ، فليتق الله في التطليقة الثالثة ، فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها ، أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئا .

4788 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ، قال : يطلق الرجل امرأته طاهرا من غير جماع ، فإذا حاضت ثم طهرت فقد تم القرء ، ثم يطلق الثانية كما يطلق الأولى ، إن أحب أن يفعل ، فإذا طلق الثانية ثم حاضت الحيضة الثانية فهما تطليقتان وقرءان ، ثم قال الله تعالى ذكره في الثالثة : " إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ، فيطلقها في ذلك القرء كله إن شاء حين تجمع عليها ثيابها .

4789 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنحوه - إلا أنه قال : فحاضت الحيضة الثانية ، كما طلق الأولى ، فهذان تطليقتان وقرءان ، ثم قال : الثالثة - وسائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو عن أبى عاصم .

قال أبو جعفر : وتأويل الآية على قول هؤلاء : سنة الطلاق التي سننتها وأبحتها لكم إن أردتم طلاق نسائكم ، أن تطلقوهن ثنتين في كل طهر واحدة ، ثم الواجب بعد ذلك عليكم : إما أن تمسكوهن بمعروف ، أو تسرحوهن بإحسان . [ ص: 544 ]

قال أبو جعفر : والذي هو أولى بظاهر التنزيل ما قاله عروة وقتادة ومن قال مثل قولهما من أن الآية إنما هي دليل على عدد الطلاق الذي يكون به التحريم ، وبطول الرجعة فيه ، والذي يكون فيه الرجعة منه . وذلك أن الله تعالى ذكره قال في الآية التي تتلوها : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ) ، فعرف عباده القدر الذي به تحرم المرأة على زوجها إلا بعد زوج - ولم يبين فيها الوقت الذي يجوز الطلاق فيه ، والوقت الذي لا يجوز ذلك فيه ، فيكون موجها تأويل الآية إلى ما روي عن ابن مسعود ومجاهد ومن قال بمثل قولهما فيه .

وأما قوله : " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ، فإن في تأويله وفيما عني به اختلافا بين أهل التأويل .

فقال بعضهم : عنى الله تعالى ذكره بذلك الدلالة على اللازم للأزواج المطلقات اثنتين بعد مراجعتهم إياهن من التطليقة الثانية - من عشرتهن بالمعروف ، أو فراقهن بطلاق .

ذكر من قال ذلك :



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]