عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23-12-2022, 06:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,717
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير البغوى****متجدد إن شاء الله

الحلقة (444)
الجزء الثامن
- تفسير البغوى

سُورَةُ الْإِخْلَاصِ
مَكِّيَّةٌ

الاية 1 إلى الاية 4


سُورَةُ الْإِخْلَاصِ

مَكِّيَّةٌ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ( 1 ) اللَّهُ الصَّمَدُ ( 2 ) )

( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) رَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ .

وَرَوَى أَبُو ظَبْيَانِ ، وَأَبُو صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَأَرْبَدَ بْنَ رَبِيعَةَ أَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عَامِرٌ : إِلَامَ تَدْعُونَا يَا مُحَمَّدُ ؟ قَالَ : إِلَى اللَّهِ ، قَالَ : صِفْهُ لَنَا أَمِنْ ذَهَبٍ هُوَ ؟ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ ؟ أَمْ مِنْ حَدِيدٍ ؟ أَمْ مِنْ خَشَبٍ ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فَأَهْلَكَ اللَّهُ أَرْبَدَ بِالصَّاعِقَةِ وَعَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بِالطَّاعُونِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ : جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : صِفْ لَنَا رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ لَعَلَّنَا نُؤْمِنُ بِكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ ، فَأَخْبِرْنَا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ ؟ وَهَلْ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ ؟ وَمَنْ يَرِثُ مِنْهُ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ . [ ص: 588 ]

( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) أَيْ وَاحِدٌ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْأَحَدِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ : قُلْ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ . ( اللَّهُ الصَّمَدُ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : " الصَّمَدُ " الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ .

قَالَ الشَّعْبِيُّ : الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ .

وَقِيلَ : تَفْسِيرُهُ مَا بَعْدَهُ ، رَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : " الصَّمَدُ " الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ; لِأَنَّ مَنْ يُولَدُ سَيَمُوتُ ، وَمَنْ يَرِثُ يُورَثُ مِنْهُ .

قَالَ أَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ : هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدِ انْتَهَى سُؤْدُدُهُ ، وَهُوَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ السُّؤْدُدِ . وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا : هُوَ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ . وَقِيلَ : هُوَ السَّيِّدُ الْمَقْصُودُ فِي [ الْحَوَائِجِ . وَقَالَ السُّدِّيُّ ] هُوَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ فِي الرَّغَائِبِ الْمُسْتَغَاثُ بِهِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ . تَقُولُ الْعَرَبُ : صَمَدْتُ فُلَانًا أَصْمُدُهُ صَمْدًا - بِسُكُونِ الْمِيمِ - إِذَا قَصَدْتُهُ [ وَالْمَقْصُودُ ] : صَمَدٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ .

وَقَالَ قَتَادَةُ : " الصَّمَدُ " الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ . وَقَالَ عِكْرِمَةُ : " الصَّمَدُ " الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ . وَقَالَ الرَّبِيعُ : الَّذِي لَا تَعْتَرِيهِ الْآفَاتُ . قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ : الَّذِي لَا عَيْبَ فِيهِ .
( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ( 3 ) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ( 4 ) )

( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) قَرَأَ حَمْزَةُ وَإِسْمَاعِيلُ : " كُفْؤًا " سَاكِنَةُ الْفَاءِ مَهْمُوزًا ، وَقَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْفَاءِ مَهْمُوزًا ، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ ، [ وَمَعْنَاهُ ] الْمِثْلُ ، أَيْ : هُوَ أَحَدٌ .

وَقِيلَ : هُوَ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ ، مَجَازُهُ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ كُفُوًا أَيْ مِثْلًا . [ ص: 589 ]

قَالَ مُقَاتِلٌ : قَالَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ : عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ، وَقَالَتِ النَّصَارَى : الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ، فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ وَنَفَى عَنْ ذَاتِهِ الْوِلَادَةَ وَالْمِثْلَ .

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلهُ : لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي ، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ . وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ : اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ، وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ " .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " وَيُرَدِّدُهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ .

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَصْفَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ : سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ يُحَدِّثُ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ " ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : اقْرَأُوا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " .

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " وَجَبَتْ " فَسَأَلْتُهُ : مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ [ ص: 590 ] فَقَالَ : " الْجَنَّةُ " . فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى الرَّجُلِ فَأُبَشِّرُهُ ، ثُمَّ فَرَقْتُ أَنْ يَفُوتَنِي الْغَدَاءُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَآثَرْتُ الْغَدَاءَ ، ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ ذَهَبَ .

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " : قَالَ : " حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ " .
سُورَةُ الْفَلَقِ

مَدَنِيَّةٌ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ( 1 ) )

( قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِ الْفَلَقِ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [ فَدَبَّتْ ] إِلَيْهِ الْيَهُودُ ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخَذَ مُشَاطَةَ رَأْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِدَّةَ أَسْنَانٍ مِنْ مُشْطِهِ ، فَأَعْطَاهَا الْيَهُودَ فَسَحَرُوهُ فِيهَا ، وَتَوَلَّى ذَلِكَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ ، رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ ، فَنَزَلَتِ السُّورَتَانِ فِيهِ

أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [ عَبْدِ الْحَكَمِ ] أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ [ هِشَامٍ ] عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : طُبَّ حَتَّى أَنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ شَيْئًا وَمَا صَنَعَهُ ، وَأَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : جَاءَنِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ . فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ الْآخَرُ : هُوَ مَطْبُوبٌ . قَالَ : مَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ قَالَ : فِي مَاذَا ؟ قَالَ : فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ : فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي ذَرْوَانَ - وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ - قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا [ ص: 594 ] نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ ، وَلَكَأَنَّ نَخْلُهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . قَالَتْ : فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَّا أَخْرَجْتَهُ ؟ قَالَ : " أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ بِهِ شَرًّا " .

وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ تَحْتَ صَخْرَةٍ فِي الْبِئْرِ ، فَرَفَعُوا الصَّخْرَةَ وَأَخْرَجُوا جُفَّ الطَّلْعَةِ ، فَإِذَا فِيهِ مُشَاطَةُ رَأْسِهِ ، وَأَسْنَانُ مُشْطِهِ

أَخْبَرَنَا الْمُطَهَّرُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّالِحَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : سَحَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ ، قَالَ : فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا . قَالَ : فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ سَحَرَكَ وَعَقَدَ لَكَ عُقَدًا ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا فَاسْتَخْرَجَهَا فَجَاءَ بِهَا ، فَجَعَلَ كُلَّمَا حَلَّ عُقْدَةً وَجَدَ لِذَلِكَ خِفَّةً ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِلْيَهُودِ وَلَا رَأَوْهُ فِي وَجْهِهِ قَطُّ .

قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ : كَانَ فِي وَتَرٍ عُقِدَ عَلَيْهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً . وَقِيلَ : كَانَتِ الْعُقَدُ مَغْرُوزَةٌ بِالْإِبْرَةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ وَهُمَا إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً . سُورَةُ الْفَلَقِ خَمْسُ آيَاتٍ ، وَسُورَةُ النَّاسِ سِتُّ آيَاتٍ ، كُلَّمَا قُرِئَتْ آيَةٌ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، حَتَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ .

وَرُوِيَ : أَنَّهُ لَبِثَ فِيهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ، فَنَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ .

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ ، حَدَّثَنَا [ عَبْدُ الْوَارِثِ ] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : " بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ ، بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ " . [ ص: 595 ]

قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : ( قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) أَرَادَ بِالْفَلَقِ : الصُّبْحُ ، وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَأَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " فَالِقُ الْإِصْبَاحِ " .

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّهُ سِجْنٌ فِي جَهَنَّمَ . وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : وَادٍ فِي جَهَنَّمَ .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ : يَعْنِي الْخَلْقَ ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْوَالِبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ .
( مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ( 2 ) وَمِنْ شَرِ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ( 3 ) )

( مِنْ شَرِ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ) أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُغَلِّسُ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ [ خَالِهِ ] الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَقَالَ : " يَا عَائِشَةُ ، اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ . هَذَا غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ " .

فَعَلَى هَذَا : الْمُرَادُ بِهِ : الْقَمَرُ إِذَا خَسَفَ وَاسْوَدَّ " وَقَبَ " ، أَيْ : دَخَلَ فِي الْخُسُوفِ وَأَخَذَ فِي الْغَيْبُوبَةِ [ وَأَظْلَمَ ] .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " الْغَاسِقُ " : اللَّيْلُ إِذَا أَقْبَلَ بِظُلْمَتِهِ مِنَ الْمَشْرِقِ وَدَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ ، وَ " الْغَسَقُ " : الظُّلْمَةُ ، يُقَالُ غَسَقَ اللَّيْلُ [ وَأَغْسَقَ ] إِذَا أَظْلَمَ ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ . يَعْنِي اللَّيْلَ إِذَا أَقْبَلَ وَدَخَلَ وَ " الْوُقُوبُ " : الدُّخُولُ ، وَهُوَ دُخُولُ اللَّيْلِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ .

قَالَ مُقَاتِلٌ : يَعْنِي ظُلْمَةَ اللَّيْلِ إِذَا دَخَلَ سَوَادُهُ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ .

وَقِيلَ : سُمِّيَ اللَّيْلُ غَاسِقًا ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَدُ مِنَ النَّهَارِ ، وَالْغَسَقُ : الْبَرْدُ . [ ص: 596 ]

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ : [ يَعْنِي ] الثُّرَيَّا إِذَا سَقَطَتْ . وَيُقَالُ : إِنَّ الْأَسْقَامَ تَكْثُرُ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَتَرْتَفِعُ عِنْدَ طُلُوعِهَا .
( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ( 4 ) وَمِنْ شَرٍ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ( 5 ) )

( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) يَعْنِي السَّوَاحِرَ اللَّاتِي يَنْفُثْنَ فِي عُقَدِ الْخَيْطِ حِينَ يَرْقَيْنَ عَلَيْهَا . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : هُنَّ بَنَاتُ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ سَحَرْنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . ( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) يَعْنِي [ الْيَهُودَ ] فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَحْسُدُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-12-2022 الساعة 08:03 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.28 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]