عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 23-12-2022, 04:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير البغوى****متجدد إن شاء الله

الحلقة (431)
الجزء الثامن
- تفسير البغوى

سُورَةُ الغاشية
مكية

الاية 1 إلى الاية 26

( ( بل تؤثرون الحياة الدنيا ( 16 ) والآخرة خير وأبقى ( 17 ) إن هذا لفي الصحف الأولى ( 18 ) صحف إبراهيم وموسى ( 19 ) )

( بل تؤثرون ) قرأ أبوعمرو ، ويعقوب : [ يؤثرون ] بالياء ، يعني : الأشقين الذين ذكروا ، وقرأ الآخرون بالتاء ، دليله : قراءة أبي بن كعب " بل أنتم تؤثرون الحياة الدنيا " [ والمراد ب " الأشقى " الجمع ، وإن كان على لفظ الواحد ، لأن الشيء إذا دخله الألف واللام للجنس صار مستغرقا ، فكأنه قال : ويتجنبه الأشقون ، ثم قال : " بل تؤثرون الحياة الدنيا "
( والآخرة خير وأبقى ) قال عرفجة الأشجعي : كنا عند ابن مسعود فقرأ هذه الآية ، فقال لنا : أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة ؟ قلنا : لا قال : لأن الدنيا أحضرت ، وعجل لنا طعامها وشرابها ونساؤها ولذاتها وبهجتها ، وأن الآخرة نعتت لنا ، وزويت عنا فأحببنا العاجل وتركنا الآجل .

( إن هذا ) يعني ما ذكر من قوله : " قد أفلح من تزكى " [ إلى تمام ] أربع آيات ، ( لفي الصحف الأولى ) أي في الكتب الأولى التي أنزلت قبل القرآن ، ذكر فيها فلاح المتزكي والمصلي ، وإيثار الخلق الحياة الدنيا على الآخرة ، وأن الآخرة خير وأبقى .

ثم بين الصحف فقال : ( صحف إبراهيم وموسى ) قال عكرمة والسدي : هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى .

أخبرنا الإمام أبوعلي الحسين بن محمد القاضي أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أخبرنا [ ص: 404 ] محمد بن أحمد بن معقل الميداني ، حدثنا محمد بن يحيى [ بن أيوب حدثنا سعيد بن كثير حدثنا ] يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين اللتين يوتر بعدهما ب " سبح اسم ربك الأعلى " و " قل يا أيها الكافرون " وفي الوتر ب " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " .
سُورَةُ الْغَاشِيَةِ

مَكِّيَّةٌ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ( 1 ) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ( 2 ) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ( 3 ) )

( ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) يَعْنِي : قَدْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْقِيَامَةِ ، تَغْشَى كُلَّ شَيْءٍ بِالْأَهْوَالِ .

( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ) يَعْنِي : يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( خَاشِعَةٌ ) ذَلِيلَةٌ .

( عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ) قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : يَعْنِي الَّذِينَ عَمِلُوا وَنَصَبُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَكُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، مِثْلَ الرُّهْبَانِ وَغَيْرِهِمْ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمُ اجْتِهَادًا فِي ضَلَالَةٍ ، يَدْخُلُونَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ . وَمَعْنَى النَّصَبِ : الدَّأْبُ فِي الْعَمَلِ بِالتَّعَبِ .

وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ : عَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي ، نَاصِبَةٌ فِي الْآخِرَةِ فِي النَّارِ .

وَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَامِلَةٌ فِي النَّارِ نَاصِبَةٌ فِيهَا . قَالَ الْحَسَنُ : لَمْ تَعْمَلْ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا ، فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي النَّارِ بِمُعَالَجَةِ السَّلَاسِلِ ، وَالْأَغْلَالِ . وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : تَخُوضُ فِي النَّارِ كَمَا تَخُوضُ الْإِبِلُ فِي الْوَحْلِ .

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : يَجْرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ . [ ص: 408 ]

[ وَقَالَ الضَّحَّاكُ : يُكَلَّفُونَ ارْتِقَاءَ جَبَلٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي النَّارِ ] وَالْكَلَامُ خَرَجَ عَلَى " الْوُجُوهِ " وَالْمُرَادُ مِنْهَا أَصْحَابُهَا .
( ( تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ( 4 ) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ( 5 ) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ( 6 ) )

( تَصْلَى نَارًا ) قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَأَبُو بَكْرٍ : " تُصْلَى " بِضَمِّ التَّاءِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ : " تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ " [ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ ( نَارًا حَامِيَةً ) قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : قَدْ حَمِيَتْ فَهِيَ تَتَلَظَّى عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ .

( تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) مُتَنَاهِيَةٍ فِي الْحَرَارَةِ قَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهَا جَهَنَّمُ مُنْذُ خُلِقَتْ ، فَدُفِعُوا إِلَيْهَا [ وِرْدًا ] عِطَاشًا . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : لَوْ وَقَعَتْ مِنْهَا قَطْرَةٌ عَلَى جِبَالِ الدُّنْيَا لَذَابَتْ . هَذَا شَرَابُهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ طَعَامَهُمْ فَقَالَ : ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ : هُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ لَاطِئٍ بِالْأَرْضِ ، تُسَمِّيهِ قُرَيْشٌ الشَّبْرَقَ فَإِذَا هَاجَ سُمَّوْهَا الضَّرِيعَ ، وَهُوَ أَخْبَثُ طَعَامٍ وَأَبْشَعُهُ . وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . قَالَ الْكَلْبِيُّ : لَا تَقْرَبُهُ دَابَّةٌ إِذَا يَبِسَ .

قَالَ ابْنُ زَيْدٍ : أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ " الضَّرِيعَ " الشَّوْكُ الْيَابِسُ الَّذِي يَبِسَ لَهُ وَرَقٌ ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ شَوْكٌ مِنْ نَارٍ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " الضَّرِيعُ : شَيْءٌ فِي النَّارِ [ شِبْهُ ] الشَّوْكِ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ* ، وَأَنْتُنُّ مِنَ الْجِيفَةِ ، وَأَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ " .

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ، وَالْحَسَنُ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْسِلُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعَ حَتَّى يَعْدِلَ عِنْدَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ ، فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِالضَّرِيعِ ، ثُمَّ يَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ ذِي غُصَّةٍ ، فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجِيزُونَ الْغُصَصَ فِي الدُّنْيَا بِالْمَاءِ ، فَيَسْتَسْقُونَ ، فَيُعْطِشُهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ ، ثُمَّ يُسْقُونَ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ شَرْبَةً لَا هَنِيئَةَ وَلَا مَرِيئَةَ ، فَلَمَّا أَدْنَوْهُ مِنْ وُجُوهِهِمْ ، سَلَخَ جُلُودَ وُجُوهِهِمْ وَشَوَاهَا ، فَإِذَا وَصَلَ إِلَى بُطُونِهِمْ قَطَعَهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ جَلَّ : " وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ " ( مُحَمَّدٍ - 15 ) .
[ ص: 409 ] ( لا يسمن ولا يغني من جوع ( 7 ) وجوه يومئذ ناعمة ( 8 ) لسعيها راضية ( 9 ) في جنة عالية ( 10 ) لا تسمع فيها لاغية ( 11 ) فيها عين جارية ( 12 ) فيها سرر مرفوعة ( 13 ) وأكواب موضوعة ( 14 ) ونمارق مصفوفة ( 15 ) وزرابي مبثوثة ( 16 ) أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ( 17 ) )

قال المفسرون : فلما نزلت هذه الآية قال المشركون : إن إبلنا لتسمن على الضريع ، وكذبوا في ذلك ، فإن الإبل إنما ترعاه ما دام رطبا ، وتسمى " شبرقا " فإذا يبس لا يأكله شيء . فأنزل الله : ( لا يسمن ولا يغني من جوع )

ثم وصف أهل الجنة فقال : ( وجوه يومئذ ناعمة ) قال مقاتل : في نعمة وكرامة .

( لسعيها ) في الدنيا ( راضية ) في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها . ( في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية ) لغو وباطل ، قرأ أهل مكة والبصرة : " لا يسمع " بالياء وضمها ، " لاغية " رفع . وقرأ نافع " لا تسمع " بالتاء وضمها ، " لاغية " رفع ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها " لاغية " [ بالنصب ] على الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - . ( فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة ) قال ابن عباس : ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت ، مرتفعة ما لم يجيء أهلها ، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها ، ثم ترتفع إلى مواضعها .

( وأكواب موضوعة ) عندهم ، جمع كوب ، وهو الإبريق الذي لا عروة له .

( ونمارق ) وسائد ومرافق ( مصفوفة ) بعضها بجنب بعض ، واحدتها " نمرقة " بضم النون .

( وزرابي ) يعني البسط العريضة . قال ابن عباس : هي الطنافس التي لها خمل واحدتها زربية ، ( مبثوثة ) مبسوطة ، وقيل متفرقة في المجالس .

( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) قال أهل التفسير : لما نعت الله تعالى في هذه السورة ما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه ، فذكرهم الله تعالى صنعه فقال : ( أفلا ينظرون إلى الإبل ) [ من بين سائر الحيوانات ] ( كيف خلقت ) وكانت الإبل من عيش العرب [ ص: 410 ] لهم فيها منافع كثيرة ، فلما صنع لهم ذلك في الدنيا صنع لأهل الجنة فيها ما صنع .

وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات; فقال مقاتل : لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها ، ولم [ يشاهد ] الفيل إلا الشاذ منهم .

وقال الكلبي : لأنها تنهض بحملها وهي باركة .

وقال قتادة : ذكر الله تعالى ارتفاع سرر الجنة وفرشها ، فقالوا : كيف نصعدها فأنزل الله تعالى هذه الآية .

وسئل الحسن عن هذه الآية ، وقيل له : الفيل أعظم في الأعجوبة ، فقال : أما الفيل فالعرب بعيدة العهد بها . ثم هو [ لا خير فيه ] لا يركب ظهرها ولا يؤكل لحمها ولا يحلب درها ، والإبل أعز مال للعرب وأنفسها تأكل النوى والقت وتخرج اللبن .

وقيل : [ إنها ] مع عظمها تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الضعيف ، حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء ، وكان شريح القاضي يقول : اخرجوا بنا إلى [ كناسة اصطبل ] حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت .
( وإلى السماء كيف رفعت ( 18 ) وإلى الجبال كيف نصبت ( 19 ) وإلى الأرض كيف سطحت ( 20 ) )

( ( وإلى السماء كيف رفعت ) عن الأرض حتى لا ينالها شيء بغير عمد .

( وإلى الجبال كيف نصبت ) على وجه الأرض [ مرساة ] لا تزول .

( وإلى الأرض كيف سطحت ) [ بسطت ] قال عطاء عن ابن عباس : هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل ، أو يرفع مثل السماء ، أو ينصب مثل الجبال ، أو يسطح مثل الأرض غيري ؟ .
[ ص: 411 ] ( ( فذكر إنما أنت مذكر ( 21 ) لست عليهم بمسيطر ( 22 ) إلا من تولى وكفر ( 23 ) فيعذبه الله العذاب الأكبر ( 24 ) إن إلينا إيابهم ( 25 ) ثم إن علينا حسابهم ( 26 ) )

( فذكر ) [ أي : عظ يا محمد ] ( إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ) بمسلط فتقتلهم وتكرههم على الإيمان . نسختها آية القتال .

( إلا من تولى وكفر ) استثناء منقطع عما قبله ، معناه : لكن من تولى وكفر بعد التذكير .

( فيعذبه الله العذاب الأكبر ) وهو أن يدخله النار وإنما قال " الأكبر " لأنهم عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والقتل والأسر .

( ( إن إلينا إيابهم ) رجوعهم بعد الموت ، يقال آب يئوب أوبا وإيابا ، وقرأ أبوجعفر : " إيابهم " بتشديد الياء ، وهو شاذ لم يجزه أحد غير الزجاج فإنه قال يقال : أيب إيابا ، على : فعل فيعالا .

( ثم إن علينا حسابهم ) يعني جزاءهم بعد المرجع إلى الله - عز وجل - .
سورة الفجر

مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

( والفجر ( 1 ) وليال عشر ( 2 ) والشفع والوتر ( 3 ) )

( والفجر ) أقسم الله - عز وجل - بالفجر ، روى أبو صالح عن ابن عباس قال : هو انفجار الصبح كل يوم وهو قول عكرمة ، وقال عطية عنه : صلاة الفجر . وقال قتادة : هو فجر أول يوم من المحرم ، تنفجر منه السنة . وقال الضحاك : فجر ذي الحجة لأنه [ قرنت ] به الليالي العشر .

( ( وليال عشر ) روي عن ابن عباس : أنها العشر الأول من ذي الحجة . وهو قول مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، والكلبي .

وقال أبوروق عن الضحاك : هي العشر [ الأواخر ] من شهر رمضان .

وروى أبوظبيان عن ابن عباس قال : هي العشر [ الأوائل ] من شهر رمضان .

وقال يمان بن رباب : هي العشر الأول من المحرم التي عاشرها يوم عاشوراء .

( والشفع والوتر ) قرأ حمزة ، والكسائي : " الوتر " بكسر الواو ، وقرأ الآخرون بفتحها ، [ ص: 416 ] واختلفوا في الشفع والوتر . قيل : " الشفع : الخلق ، قال الله تعالى : " وخلقناكم أزواجا " و " الوتر " هو الله - عز وجل - . روي ذلك عن [ ابن مسعود وعن ] أبي سعيد الخدري ، وهو قول عطية العوفي .

وقال مجاهد ومسروق : " الشفع " الخلق كله ، كما قال الله تعالى : " ومن كل شيء خلقنا زوجين " ( الذاريات - 49 ) الكفر والإيمان ، والهدى والضلالة ، والسعادة والشقاوة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والبر والبحر ، والشمس والقمر ، والجن والإنس ، والوتر هو الله - عز وجل - ، قال الله تعالى : " قل هو الله أحد " ( الإخلاص - 1 ) .

قال الحسن وابن زيد : " الشفع والوتر " الخلق كله ، منه شفع ، ومنه وتر .

وروى قتادة عن الحسن قال : هو العدد منه شفع ومنه وتر . وقال قتادة : هما الصلوات منها شفع ومنها وتر . وروى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعا ، وروى عطية عن ابن عباس : الشفع صلاة الغداة ، والوتر صلاة المغرب .

وعن عبد اللهبن الزبير قال : " الشفع " يوم النفر الأول ، و " الوتر " يوم النفر الأخير . روي أن رجلا سأله عن الشفع والوتر والليالي العشر ؟ فقال : أما الشفع والوتر : فقول الله - عز وجل - : " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " ( البقرة - 203 ) فهما الشفع والوتر ، وأما الليالي العشر : فالثمان وعرفة والنحر .

وقال مقاتل بن حيان : " الشفع " الأيام والليالي ، و " الوتر " اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة .

وقال الحسين بن الفضل : " الشفع " درجات الجنة لأنها ثمان ، و " الوتر " دركات النار لأنها سبع ، كأنه أقسم بالجنة والنار .

وسئل أبوبكر الوراق عن الشفع والوتر فقال : " الشفع " تضاد [ أخلاق ] المخلوقين من العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوة والضعف ، والعلم والجهل ، والبصر والعمى ، و " الوتر " انفراد صفات الله عز بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا ممات .
[ ص: 417 ] ( والليل إذا يسر ( 4 ) هل في ذلك قسم لذي حجر ( 5 ) ألم تر كيف فعل ربك بعاد ( 6 ) إرم ذات العماد ( 7 ) )

( ( والليل إذا يسر ) أي إذا سار وذهب كما قال تعالى " والليل إذ أدبر " ( المدثر - 33 ) وقال قتادة : إذا جاء وأقبل ، وأراد كل ليلة .

وقال مجاهد وعكرمة والكلبي : هي ليلة المزدلفة .

قرأ أهل الحجاز ، والبصرة : " يسري " بالياء في الوصل ، ويقف ابن كثير ويعقوب بالياء أيضا ، والباقون يحذفونها في الحالين ، فمن حذف فلوفاق رءوس الآي ، ومن أثبت فلأنها لام الفعل ، والفعل لا يحذف منه في الوقف ، نحو قوله : هو يقضي وأنا أقضي . وسئل الأخفش عن العلة في سقوط الياء ؟ فقال : الليل لا يسري ، ولكن يسرى فيه ، فهو مصروف ، فلما صرفه بخسه حقه من الإعراب ، كقوله : " وما كانت أمك بغيا " ولم يقل : " بغية " لأنها صرفت من باغية .

( هل في ذلك ) أي فيما ذكرت ( قسم ) أي : مقنع ومكتفى في القسم ( لذي حجر ) لذي عقل سمي بذلك لأنه يحجر صاحبه عما لا يحل ولا ينبغي ، [ كما يسمى عقلا لأنه يعقله عن القبائح ، ونهى لأنه ينهى عما لا ينبغي ] وأصل " الحجر " المنع : وجواب القسم قوله : " إن ربك لبالمرصاد " واعترض بين القسم وجوابه قوله - عز وجل - : ( ألم تر ) قال الفراء : ألم تخبر ؟ وقال الزجاج : ألم تعلم ؟ ومعناه التعجب . ( كيف فعل ربك بعاد إرم ) يخوف أهل مكة ، يعني : كيف أهلكهم ، وهم كانوا أطول أعمارا وأشد قوة من هؤلاء . واختلفوا في إرم ذات العماد ، فقال سعيد بن المسيب : " إرم ذات العماد " دمشق ، وبه قال عكرمة .

وقال القرظي هي الإسكندرية ، وقال مجاهد : هي أمة . وقيل : معناها : القديمة .

وقال قتادة ، ومقاتل : هم قبيلة من عاد قال مقاتل : كان فيهم الملك ، وكانوا [ بمهرة ] وكان عاد أباهم ، فنسبهم إليه ، وهو إرم بن عاد بن إرم بن سام بن نوح . [ ص: 418 ]

وقال محمد بن إسحاق : هو جد عاد ، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح .

وقال الكلبي : " إرم " هو الذي يجتمع إليه نسب عاد وثمود وأهل الجزيرة ، كان يقال : عاد إرم ، وثمود إرم ، فأهلك الله عادا ثم ثمود ، وبقي أهل السواد والجزيرة ، وكانوا أهل عمد وخيام وماشية سيارة في الربيع ، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا أهل جنان وزروع ، ومنازلهم بوادي القرى ، وهي التي يقول الله فيها :
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-12-2022 الساعة 06:47 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.59 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (1.60%)]