عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-12-2022, 11:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آثار أفلام الكرتون على أطفالنا

دور أفلام الكرتون السلبي على الفطرة:
نعني بالفطرة الإمكانات والقدرات والمؤهلات التي وهبها الله لهذا المخلوق، وكان مزوداً بها لـمّا خُلق، فهي بمثابة المسلَّمات لديه..

هذه المسلمات التي خُلق الإنسان وهي معه تمثل الفطرة، ومن ثَمّ فإن أفلام الكرتون قد أحدثتْ أثراً سلبياً في فطرة الأطفال، وسأتناولها واحدة واحدة..

الفطرة عنصر جمعي للبشر كافة؛ فربنا U جَمَعَنَا بالفطرة، فبين البشر قاسم مشترك: كلنا نحب الخير، نحب الفضائل، نكرم الإنسان الصالح، لا نحب الإنسان السيئ، نحب الله U، فما من أحد بينه وبين الله خصومة في الأصل، إلا ما يتوافد على النفس فيما بعد؛ لذلك تشكل الفطرة ممالاً نحو الإيمان.

إلا أن أفلام الكرتون قامت بدور العبث بالفطرة، الأمر الذي يهدد المخلوق البشري في صحته النفسية، ويوقعه في صراعات مع نفسه وغيره، بدءاً من قوى الطبيعة التي خلقت له ومن أجل خدمته.

وقد تجلى هذا الدور السلبي في الأمور الآتية:
أ- العنف:

العنف يُضعف مكامن الحس الجمالي لدى الإنسان، وينمي فيه غرائز العدوان، وتعد الولايات المتحدة أكبر مسوِّق للعنف في أعمالها الفنية؛ سواءً الكرتونية أو الحقيقية، والسبب في ذلك أن ساستها يريدون أن يشكلوا قوة عسكرية، ومن هنا أخذت أمريكا تُوجِّه أبناءها نحو العنف بشدة؛ لأنها تريد منهم أن يروا كيف يسيل الدم ولا يتأثرون؛ لأنها تطمح أن تكون أمة عسكرية، وقد علمتها (فيتنام) أنه ينبغي أن يُربَّى الشعب تربية يحتمل هذا العنف الشديد، فاصطبغ ذلك في معظم أفلامهم، والمتابع للدراما الأمريكية يجدها دراما عنف، بينما يَضعف ذلك في الدراما الغربية، ولاسيما الدراما الفرنسية التي تغلب عليها النزعة الإنسانية.

لقد صدَّرت لنا أفلام الكرتون الأمريكية العنف، وتبعتها الأفلام اليابانية، فصارت معظم الأعمال تقوم على العنف أو تمجده، وسبب اعتماد الأعمال اليابانية على العنف؛ من أجل ألا تموت الروح المعنوية لديهم، وهذا من آثار الحرب العالمية الثانية.

ومن الأعمال التي قامتعلى العنف ما يأتي:
1.(أبطال الديجيتال)
2.(القناص)
3.(النمر المقنع)
4.(ميغا مان)
5.(باتمان)
6.(إكس مان)

هذه المسلسلات والأفلام وغيرها تشجع على العنف والبطش الشديد، وهو أمر خطير جداً على الأطفال، ولاسيما إذا قُدم لهم على أنه سلوك الكبار، فالطفل مولع بمحاكاة الكبار في سلوكهم، ويؤسف أن يسقط عام1993في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها سبعة آلاف طفل يقتلهم أصدقاؤهم بعيارات نارية؛ أي: بمعدل20طفل يومياً، طفل بالمرحلة الابتدائية سرق مسدس أبيه، وجاء إلى المدرسة، وقتل أحد زملائه.!!

فمن أين جاء هذا السلوك الشاذ.؟!
إنها ثقافة العنف، التي مجدتها الأعمال المنتجة خصيصاً للأطفال.!!
حقاً إننا نحس بخطر محدق بأبنائنا..

ب- العبث الفطري:

من الأثر السلبي للكرتون على الفطرة ما يمكن أن أسميه: العبث الفطري، وأعني بذلك تشويه الفطرة السليمة التي خلق الله الإنسان عليها، ووجود الفطرة من أهم عوامل اجتماع البشر، ولاسيما عندما تقع بهم الأزمات وتحيط بهم الأخطار.

والبشرية الآن بحكم الضغط العالمي، والأسلحة الذرية والجرثومية.. أصبح الإنسان يخشى من نفسه.. أصبح العالم يخاف من امتلاك بعض الناس الأسلحة ليحدثوا خللاً عالمياً، فدخل الرعب قلوب الناس جميعاً، فنتج عن ذلك نوع من التآلف الإنساني، نوع من التوجه نحو الأخوة الإنسانية على مستوى الشارع، ولا أتكلم على المستوى السياسي، بل على مستوى شعوب العالم بما فيها أوروبة، ومما يدل على ذلك أن أكبَر مسيرة ضد الحرب على العراق عام 2003 خرجت من بريطانية، ولم تخرج قط في بريطانية بعد الحرب العالمية الثانية مسيرة بحجم المسيرة التي خرجت ضد الحرب على العراق، وقد قُدِّر من كان فيها بمليوني إنسان خرجوا في لندن ضد بلير وحرب العراق!! وأيضاً خرج حوالي نصف مليون إنسان في أمريكا في سان فرانسيسكو..

إن هذا في الواقع تقارب إنساني لا نستطيع أن نتجاهله، على الرغم من الصراع التاريخي ما بين المسلمين والغرب منذ قرون طويلة.. دعك من الساسة والسياسيين وأوساطهم، فأنا أتكلم عن حركة الشعب، هذا التقارب الإنساني سَبَبُه خوف الإنسان من نفسه، ومعلوم أن حالات الحروب تجمع الناس، فعندما تصفر صفارات الإنذار نجد أن أبناء العم المتحاربين ينسَون همومهم والمشكلات العالقة فيما بينهم بعضهم مع بعض، ويصبحون أكثر تقارباً..
وكيف يمكن لمن لا يروقهم تقارب البشر، ولمن يحيون على الحروب، أو يؤمنون بضرورة الصراع الحضاري أن يحولوا دون هذا التقدم في العواطف الإنسانية..؟
الجواب:بالعبث الفطري..
وبالفعل بدأ ذلك بتشويه المخلوقات، فمثلاً لنتصور الطفل الذي يركب الأرجوحة ويلهو بسعادة، ثم يتفاجأ بأن الأرجوحة تتحول إلى مخلوق يضمه ويخنقه.!! لنتصور الأثر السلبي على توازنه النفسي..!!
لا شك في أن هذا الولد لن يتعرض في الليل للكوابيس فحسب، بل سيصاب بالتبول الليلي اللاإرادي.. وسيصاب بانفصام في الشخصية.. وربما سيصاب بالهلوسة.. وكل ذلك بسبب هذه الأفلام.!!
فإذاً عندما يتم العبث بالفطرة، لن يثق الطفلُ بالمقعد الذي يجلس عليه، ولن يثق بالسرير الذي ينام فيه.. وستصبح الشجرة الجميلة مصدر رعب له.. وكذلك ستصبح الأرجوحة التي هي محل تسليته وترفيهه.. وعندمت تتحول اليَرقات الصغيرة إلى كائنات مخاطية هلامية تريد أن تقضي على البشر جميعاً، سيكره الطفل الفراشات واليعاسيب و...

ومن العبث الفطري أن تتشوه صورة الأبطال في الذهن..

مثلاً لو طلبنا من الجميع أن يتصوروا خالد بن الوليد، أو طارق بن زياد فهل يوجد أحد يتصوره شخصاً أعور، أو يتصوره في حالة جسدية غيْر جيدة..؟!!

لا.. بل سنتصوره وسيماً جميلاً، فمن طبيعة البشر – ولاسيما الأطفال - أن يتصوروا الخيِّرين والأبطال بصورة إيجابية جميلة..

ولو طلبنا من الجميع أن يتصور شخصية سيئة ([1])، كأبي جهل، وأبي لهب، أو هتلر، أو هولاكو، أو جنكيز خان..ستكون الصورة بشعة.

إن الفطرة قريبة من أن تقرِنَ الجمال بالخيْر والقبح بالشر، فتأتي أفلام الكرتون السيئة فتجعل الأبطال الإيجابيين بصورة بشعة، والأبطال السلبيين بصورة جميلة جداً..

والطفل يحب الخير ويَكره القبح، وهذا البطل الخيِّر قبيح.. فهل يكره الخير من أجل قبحه..؟ قد يحصل ذلك للأسف..!!

والطفل يحب الصورة الجميلة ويكره الشر، وهذا البطل الشرير السلبي في صورة جميلة جداً، فهل سيحب الشر من أجل جماله..؟ قد حصل ذلك.

ومن ذلك (إكس مِن) وظهر الأبطال الخيرون فيه بصورة قبيحة بشعة جداً، ولهم مظاهر مرعبة جداً، ولهم عين واحدة.. وظهر الشرير بصورة امرأة جميلة ومثيرة جداً..

وفيلم (داي الشجاع) و (سبايدر مان) فيه شيء من ذلك، وفي (البوكيمون) ظهر الشريرون بصورة فتاة جميلة، شعرها مصبوغ بلون أحمر، وتصعد إلى السماء، وهذه فكرة سيئة؛ لأن السماء مكان للخيْر، فكيف يصعد الشر إلى السماء؛ فهو ينبغي أن يكون في باطن الأرض.. هذا هو القريب في النفس، فهذا لا شك عبث..

وأخيراً..
إن الجوانب السلبية لأفلام الكرتون لا تقف عند حد ما ذكرنا، بل تتجاوز ذلك إلى مجالات أخرى لم أذكرها؛ لأن مقصود هذه العجالة التنويه على أخطار الكرتون وإيجابياته، وليس استقصاء السلبيات، فعلى الإخوة المختصين بإعلام الطفل وأدبه أن يُعملوا أقلامهم وأذهانهم في البحث في هذا المجال بصورة استقصائية، مع إيماني بأنه من العسير أن نصل إلى نهاية لهذا الأمر مادامت شركات الكرتون تفاجئنا كل يوم بجديدها..

الجوانب الإيجابية لأفلام الكرتون:
أما الجوانب الإيجابية فهي كثيرة، وقد لا نستطيع أن نختزل أفلام الكرتون في الكلام السابق؛ فهناك أيضاً أثر إيجابي لأفلام الكرتون على الأطفال، لابد من أن يُذكر هذا الأثر، وأن يُعزز، وقد جمعتُ أربع نقاط في هذا المساق، سأذكرها تباعاً وهي ما يأتي:
1.اللغة.
2.تنمية الحس الجمالي.
3.تنمية حب الاطلاع.
4.تعزيز القيم الإيجابية.
الأثر الإيجابي لأفلام الكرتون في اللغة:
يتجلى الجانب الإيجابي لأفلام الكرتون في اللغة في كون الدوبلاج قد اعتمد على اللغة العربية الفصحى، مع الانتشار الواسع لأفلام الكرتون، الذي يسمح للعربية الفصحى أن تنتشر معه، وقد اختارت معظم شركات الدوبلاج اللغة العربية الفصحى، باستثناء بعض الشركات اللبنانية سابقاً، والآن معظم الشركات المصرية تدبلج باللغة العامية، ولاسيما التي تدبلج أعمال الشركة الأمريكية (والت ديزني) فقد طلبت هذه الشركة الدبلجة باللهجة المصرية؛ ولا يخفى ما في ذلك من إضعاف للغة العربية الفصحى.
ولكي أقرب دور الأعمال الكرتونية في خدمة اللغة العربية أذكر ما حصل معي في الجزائر، فقد سألت بعض الأصدقاء الجزائريين السؤال التالي: كيف ترسخت العربية عندكم، على الرغم من الاستعمار الفرنسي الطويل لبلدكم، والتشويش على اللغة العربية..؟
فقالوا: السبب في ترسيخ اللغة كان لأفلام الكرتون.!!
وبالفِعل فإنا نجد النطق لدى الناشئ الصغير في الجزائر أصحَّ من نطق الكبار، والكبار يتكلمون كلمة عربية وكلمتين فرنسيتين، ويُصرِّفون الأفعال الفرنسية على طريقة الأفعال العربية؛ بطريقة طريفة تخلط ما بين اللغة العربية والفرنسية!!


أما النشء الجديد فعربيتهم ناضجة، والفضل في ذلك يعود لأمور عدة من أهمها أفلام الكرتون، فنرى الأولاد في الشارع ينادي بعضهم بعضاً قائلاً: (يا محمد أقبل.. تعال..) هذا ما يفعله الأولاد في الشوارع، وهي ظاهرة بدت بصورة واضحة في أول الثمانينيات، فأفلام الكرتون كانت سبباً من أسباب ترسيخ اللغة، وقد أحسن صنعاً من اختار اللغة العربية الفصحى لعملية الدوبلاج.


وفي مجال الحديث عن استعمال اللغة الفصحى في أعمال الأطفال، يجدر بي أن أشير إلى أولية العمل الخليجي المُعرَّب: (افتح يا سمسم)، الذي شكَّل مدرسةً للدوبلاج باللغة العربية الفصحى، فقد حدثني أحد أعضاء فريق الإعداد وهو الدكتور (عبد الله الدنان) عن الصعاب التي واجهتهم، في اختيار اللهجة التي ينبغي أن يُدبلَج بها القسم الغربي من البرنامج، فطرح هو اللغة الفصحى، ولكن معظم القائمين على العمل -وكانوا من الإخوة المصريين- قالوا: لا بد من اختيار اللهجة المصرية، بوصفها لهجة مشهورة؛ ولأن الجميع يمكنهم أن يفهموها، فهي لهجة الإعلام العربي.


وبعد طرح عدة افتراضات، ومناقشات طويلة انتصرت فكرة أن تتم دبلجة القسم الغربي من البرنامج باللغة العربية الفصحى، ونجح(افتح يا سمسم)وكان مردوده على الأطفالواللغة العربية كبيراً جداً، إلى درجة أن أدعي أنه شكَّل مدرسةً للدوبلاج باللغة العربية الفصحى.


وفي مجال خدمة العربية الفصحى لا بد من التنويه إلى أن بعض الشركات اللبنانية التي لم تهتم في تنقية أفلام الكرتون اهتمت باللغة العربية الفصحى، كما في شركة(عبْر الشرق الأوسط)وهي التي دبلجت(ساسوكي)، فهذه الشركة رَكَّزت على اللغة العربية مع أنها لم تركز على تنقية العمل من مشكلاته الأخلاقية ونحوها.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى دور قناة(Space toon)والجزيرة للأطفال في تعزيز اللغة القويمة ونشرها في وسط الأطفال، ولاسيما أن أولادنا يجلسون لمشاهدة هاتين القناتين مدة ساعة، واثنتين، وربما ثلاث ساعات، أو أكثر. ولست أثني على هذه المحطات بإطلاق، ففيها من المساوئ كثير، ولكنني أثني على ما فيها من حالة لغوية صحيحة.
فإذاً كان لأفلام الكرتون دور هام في تعزيز اللغة العربية، ونشر الثقافة اللغوية الصحيحة.

الأثر الإيجابي لأفلام الكرتون في تنمية الحس الجمالي:
لأفلام الكرتون دور مهم في تنمية الحس الجمالي لدى الأطفال، فقد أسهمت أفلام الكرتون في هذا المجال، من خلال اللون والكلمة.
أ- تنمية الحس الجمالي عن طريق اللون:
وذلك من خلال الألوان الزاهية المنتقاة لملابس الشخصيات، ومفردات الصورة الخارجية من أشجار ومنازل المدينة وشوارعها، أو مفرداتها الداخلية من أثاث منزلي ونحو ذلك. كما أن ظلال الشخصيات تعطي نوعاً خاصاً من الحس الجمالي..
وتتميَّز المدرسة اليابانية في الرسم بدقتها في اختيار الألوان، ومن يتابع أفلام الكرتون اليابانية فسيجد هذا المعنى واضحاً تماماً.
وأهمية الإثراء اللوني للطفل لا تحتاج إلى مزيد شرح؛ لما هو معلوم من حاجة الطفل إلى إغناء حاسة البصر؛ إذ ليس عنده خبْرة بصرية كافية، فيحتاج إلى إغناء الخبْرة البصرية، ولاسيما أن التمايز اللوني لديه ضعيف في السنوات الأولى من عمره، فهو لا يكاد يميز بين اللون الأصفر والبرتقالي مثلاً في سنته الثانية، ولا يميز بدقة ما بين رُتَب الأحمر، أو رتب الأزرق، أو رتب الأخضر.. فيحتاج إلى نوع من النصاعة اللونية، وأفلام الكرتون قدمت له في ذلك شيئاً مهماً.

ب- تنمية الحس الجمالي عن طريق الكلمة:
ومن القضايا الجمالية في أفلام الكرتون الأنشودة، والأغنية، ولاسيما أغنيات الشارات، فالكلمات المتميزة في الأغنية ([2]) تثري الذوق الجمالي للطفل، وتجعل له أذناً سمَّاعة.. ويكمُل ذلك بالأداء الفني الجيد.
فمثلاً نجد جمال كلمات أغنية الشارة وحسن الأداء في مسلسل (صراع الجبابرة)، الذي أدَّى أغنيته كل من (طارق العربي طرقان) و(عاصم سكر)، وكانت في غاية التميز.
فهذه الأعمال وأمثالها تزيد من الحس الجمالي لدى الطفل من خلال كلمة الأغنية، ومن خلال الأداء.
ومن الأعمال التي تميزت شارتها مسلسل (مدينة النخيل)، إذ نجد أن الكلمة لها معنى دقيق يُعبِّر عما يجول في ذهن الطفل، ويحاكي واقعه، ويلفت انتباهه إلى جرس ممتع وجميل لغوياً..
كما تميزت أناشيد (سنا) في ذلك، وكانت مُوفَّقة إلى حد كبير، وكأن كاتب الكلمات يرسمها بريشة، لا يخطها بقلم..
وأخيراً.. وللإنصاف يصعب حصر الأعمال التي تميَّزت أغانيها من أفلام الكرتون؛ لأن معظمها قد أثبت نجاحه، ويكفي أن نسأل عينة عشوائية من الأطفال عن شارة بعض المسلسلات الكرتونية ونصغي إلى النتيجة.

الأثر الإيجابي لأفلام الكرتون في تنمية حب الاطلاع:
إن لأفلام الكرتون دوراً كبيراً في تنمية حب الاطلاع، وأهمية ذلك تتجلى في كون تنمية حب الاطلاع من حاجات الطفل المعرفية؛ لكي يتعرف على ما في هذا الكون، ولكن خبْرات الطفل محدودة، وهو يحتاج إلى خبْرات جديدة، فكيف لنا أن نوسِّع الباب أمام خبراته.؟
هنا يأتي دور أفلام الكرتون ونحوها من مصادر المعرفة لدى الطفل، فتفتح له نافذة نحو كشف جديد.

وثمَّ أعمال للأطفال تخصصت بمنح الطفل أفقاً معرفياً يلبي حاجته في حب الاستطلاع مثل:
(مدينة المعرفة)، و(الرحالة المكتشفون)، و(باص المدرسة العجيبة)، و(اسألوا لبيبة)..
وأعمال كثيرة تخصصت في هذا المساق، أَثْرت معلومات الطفل، وفتحت له أفقاً علمياً واسعاً جداً..
وثمة أعمال غير كرتونية مثل (الجغرافيا الوطنية)، وهو برنامج وثائقي أمريكي معرَّب، ومسلسل (بارني وأصدقاؤه) الذي يعتمد على الدمى، وكذلك مسلسل (افتح يا سمسم).. قامت بتلبية حب الاطلاع لدى الطفل.
ولاننسى الفواصل المتميزة التي تقدمها قناة (Space toon)، كالرابط العجيب، إضافة إلى الوقفات اللغوية المنثورة فيها، فقد كانت غنية جداً بالمعلومات، إلى درجة أن تعتبر منهجاً لاصفياً رديفاً للمنهج النظامي.
وفي هذا المجال علينا أن نثنيَ على ما تقدمه قناة الجزيرة للأطفال من كم معرفي هادف مدروس..
إن أفلام الكرتون وبرامج الأطفال قد أَثْرت إلى حد كبير الجوانب المعرفية لدى الطفل، وكانت سبباً مهماً في تثقيف النشء.
ومن هذه الزاوية أرى أن من الواجب على المختصين في شؤون تربية الطفل أن يفيدوا من الرسوم المتحركة في عملية التعليم، وأن يصمموا مناهج لاصفية متكاملة توضع إلى جانب المناهج المدرسية التقليدية؛ لأن أفق الرسم الكرتوني أوسع؛ مما يسمح بتطبيقات معرفية متعددة، ولاسيما عبر الفضاء الافتراضي الذي أتاحته الصور ثلاثية الأبعاد، فما بالك إذا أضيف إلى ذلك ما تحمله آلية الرسوم المتحركة من التشويق..


الأثر الإيجابي لأفلام الكرتون في تعزيز القيم:
لا يمكن إغضاء الطرف عما قامت به أفلام الرسوم المتحركة من دور إيجابي في تعزيز القيم الصالحة، فقد عززت غير يسير من القيم الأصيلة في مجتمعاتنا، قيم يمكن للإنسان أن يرتقي من خلالها، كتعزيز العلاقات والروابط الاجتماعية، والدعوة إلى حب الوطن، والحس الوطني..
ومن هذه الأعمال:
1.(أنا وأخي).
2.(فادي).
3.(صراع الجبابرة).
4.(لحن الحياة).
كل هذه الأعمال عززت نوعاً من القيم، التي تسهم في أن يرتقيَ الإنسان من خلالها..
وبعد هذه الجولة المتواضعة في تحليل مزايا أفلام الكرتون لابد من أن أبين أن ما ذكرته كله كان بمثابة الاستشهاد والتمثيل، سواءً في السلبيات أو الإيجابيات.
ولو أحببت أن أطيل الحديث فيما يتعلق بهذا الجانب أو ذاك لتناولت الشيء الكثير، لكنني أستطيع القول كمقايسة نهائية:
لا تزال أخطار أفلام الكرتون أكثر من فوائدها..
ولاسيما أن إنتاج الكرتون صنعة غريبة، أو لنقل ضعيفة في بلادنا، والإحصاءات تدل على ذلك..
ففي عام2000كان إنتاج اليابان من أفلام الكرتون22ساعةأسب وعياً، والرقم السنوي لليابان بمفردها هو1166ساعة تقريباً..!!
وأما الدول العربية مجتمعة، ففي أحسن الأحوال، كانت لا تقدم أكثر من12ساعة سنوياً، ليس أسبوعياً..!!
فالنسبة بين إنتاجنا وإنتاج اليابان1 %،وهذه النسبة قد بُنيت على أحسن احتمال لإنتاجنا، وأسوأ احتمال لإنتاجهم، ناهيك عن فرق النوعية والجودة المتميزة في أعمال اليابانيين، وأفلام الكرتون المنتجة محلياً، البسيطة، التي تفتقد إلى الدقة، ومع ذلك فقد كانت نسبة إنتاجنا إلى إنتاجهم1 %..!!

حلول لهذه المشكلات:

نستطيع القول مما سبق إن المسافة في الإنتاج بيننا وبين الغرب كبيرة، والأمر يحتاج إلى الحلول الموضوعية المدروسة، وأقترح لذلك جملة أمور:

1.تطوير صناعة الكرتون:

إن تطوير صناعة أفلام الكرتون أمر مهم جداً، وقامت بذلك شركات عربية متميزة منها: (آلاء) وهي من الشركات السعودية القديمة في هذا المجال، وأقصد القديمة؛ أي: تنتمي إلى أواخر الثمانينيات، ومنها شركة (النجم)، وهي شركة سورية تعمل في هذا الحقل منذ أكثر من عشر سنوات. ومنها شركة (تايغر برودكشن)وهي سورية أيضاً، والآن وُجدت شركات مصرية جديدة تُنتج الكرتون، وترسم الكرتون من البيئة كلياً..

ومن فضل الله قد ازداد الإنتاج الآن أكثر من ذي قبل، لكنه لا يزال لا يُغطِّي المحطات الفضائية؛ لأن كل محطة تحتاج يومياً إلى ساعتين أو ساعة على الأقل.
إذاً فالحاجة كبيرة جداً، ولذلك تضطر شركات الإنتاج الفني إلى عملية الدوبلاج، فتأتي بالأعمال الغربية بما فيها من سلبيات سبق ذكرها، ثم تقوم بدبلجتها إلى اللغة العربية..

2.توسيع دائرة إعلام الطفل:

وأقترح توسيع دائرة إعلام الطفل؛ من نشر كتب، ومطبوعات، وقصص ألوان، وتسالي، والقصص المصورة، والدراما، والأقراص اليزرية، والملتي ميديا عموماً..

فيجب أن يتوسع هذا الأمر؛ حتى نتدارك ثقافة أجيال المستقبل؛ فأطفالنا في أحضاننا، وقلوبهم وعقولهم في مكان آخر، إن النشء الواعد على خطر عظيم ما لم تتنبه مؤسسات التربية والتعليم والإعلام. ومع ذلك فلست متشائماً؛ لأن الآفاق ما تزال مفتوحة أمام النشء، وهي أمامهم الآن أفضل من الآفاق التي أتيحت لأجيالنا، لكن يجب ألا نغفل عمن يسيطر على ثقافتنا..

3.ترشيد فترات بث برامج الأطفال:

أقترح ترشيد فترات بث برامج الأطفال في المحطات التلفزيونية، وهذا الأمر يقوم به كل من المربين والمحطات نفسها.

أما المربون والآباء فبتقنين مشاهدة التلفزيون لأبنائهم، ومساعدتهم في اختيار ما يناسب أعمارهم، أو ينفعهم.

أما المحطات التلفزيونية فبتحديد ساعات البث، واختيار ما يناسب البيئة وثقافتها من الأعمال الفنية، إضافة إلى ضرورة مَنتجة ما يحتاج إلى مَنتجة من الأعمال غير المناسبة.

4.إحداث مراكز دراسات لتنمية الطفل:

أقترح لحل هذه المشكلة إحداث مراكز دراسات لتنمية الطفل، يقوم بها ويشرف عليها تربويون، ومتخصصون في الشريعة الإسلامية، واستشاريون في صحة الطفل، ومختصون في علم الاجتماع والإعلام..

وهكذا يُعنى مركز الدراسات المقترح بتنمية الطفل تربوياً وشرعياً وصحياً واجتماعياً وإعلامياً..

وبالتالي يؤهل هذا المركز لمتابعة ثقافة الطفل وإعداد ما يناسبه من دراسات في المجالات السابقة، ويمكن الإفادة منه في ترشيد الفضاء الوافد..

----------------------------
([1]) ليس هذا الكلام نهائياً، لكن هذا ما يدور في المخيلة، ولا يعني أن الإنسان الأعور غير صالح في المجتمع، فقد يكون أفضل، ووجد في العظماء من كانوا على هذا النحو. (د.عماد)
([2]) هذا لا ينفي وجود أغانٍ لا معنى لها ولا لون ولا رائحة ولا قيمة




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]