عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18-12-2022, 02:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,352
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب المناسك)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (239)




الأسئلة


حكم من اعتمر ولم ينو بعمرته الفريضة

السؤال: ذكرتم حفظكم الله! في كلامكم: أن المريد للعمرة ينوي في عمرته فرضاً أو نفلاً، وقد اعتمرت كثيراً إلا أنني لا أذكر أنني نويت بعمرة الفريضة، فهل عليَّ أن أقوم بعمرة غيرها، أم لا، أفيدونا أثابكم الله؟
الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فمن نوى العمرة ولم يكن قد اعتمر من قبل فإنها تنقلب عمرته إلى الفريضة، هذا إذا توفرت فيه شروط الوجوب، وهكذا لو نوى عن غيره مع أنه لم يعتمر عن نفسه وتوفرت فيه شرائط الوجوب، انقلبت عمرته إلى نفسه، وهكذا لو كان عليه نذر ثم نوى النافلة فإنهم يقولون بانقلاب النافلة إلى النذر، على أحد قولي العلماء، وفيه نظر لا يخفى.
فالمقصود: أنك حينما اعتمرت أول ما اعتمرت، فحينئذٍ تكون العمرة الأولى منصرفة إلى الفرض، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة )، فأوقع الفعل من ذلك المكلف عن الفرض اللازم له في حق نفسه، وعلى هذا قالوا: إنه تنقلب عمرته إلى الفرض، ويصبح في هذه الحالة قد أدى فريضته بأول عمرة. والله تعالى أعلم.

أقوال العلماء في المتابعة بين العمرة والعمرة


السؤال: هل هناك وقت محدد يكون فيه المتابعة بين العمرة والعمرة، أم أنه لا تحديد لذلك؟

الجواب: ليس هناك نص يحدد ما بين العمرة إلى العمرة، وقال بعض العلماء: الفصل بينهما نبات الشعر، فإذا كان الإنسان ينبت شعره في زمان يفصل به بين عمرته الأولى والثانية فإنه يأتي بالعمرة بعد، وكان بعض العلماء يقول: أن يكون له في كل شهر عمرة إذا تيسر له ذلك، وقد جاء ذلك عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لمن كان قريباً من البيت ولا يشق عليه إن فعل ذلك، وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول: أستحب له أن يعتمر في كل شهر مرة؛ لأن الشعر غالباً ينبت خلال الشهر. وأثر عن علي رضي الله عنه قريب من هذا، واعتمر الصحابة رضوان الله عليهم، وورد عن بعضهم أنهم كانوا يعتمرون في السنة مرتين كأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وكذلك عبد الله بن عمر أثر عنه أنه كان يعتمر في السنة مرتين، وهذا الأمر ليس فيه تقييد معين، لكن ضبطه بنبات الشعر له وجهه، وهذا الضابط له علته التي لا تخفى لمكان التحلل.

مشروعية طواف الوداع لمن حج من أهل مكة ثم أراد الخروج منها


السؤال: المكي إذا أراد السفر بعد الحج مباشرة، هل يجب عليه أن يودع البيت، أم لا، أفيدونا أثابكم الله؟

الجواب: قال جمع من العلماء: إن المكي إذا أراد أن يصدر وكانت له حاجة بعد الحج، فإنه لا ينفر حتى يطوف بالبيت؛ لأنه يكون في حكم الآفاقي، خاصة إذا كانت له تجارة أو كان له موضع ثانٍ، كأن تكون له تجارة بالمدينة أو تكون له مزرعة أو وظيفة في بلد غير مكة، فإنه يطوف عند صدوره بعد الحج مباشرة، فإذا صدر بعد الحج مباشرة أو بعد الحج بشهر أو شهرين أو ثلاثة، فعليه أن يطوف بالبيت لوداعه. والله تعالى أعلم.

جواز التحلل من الحج أو العمرة بالحلق قبل ذبح الأضحية


السؤال: إذا أخّر الإنسان الأضحية في اليوم الثالث عشر، فهل يحلق رأسه بعد رمي العقبة، أفيدونا أثابكم الله؟

الجواب: الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسن شيئاً من شعره) ، فدل هذا على أنه يمتنع من مس الشعر حتى يذبح أو ينحر أضحيته، لكنه إذا أراد أن يتحلل من حجه وحلق أو قصر فإنه مستثنىً من هذا الأصل، وكذلك لو اعتمر في داخل العشر، فاعتمر في اليوم الأول من العشر أو اعتمر في اليوم الثاني أو اعتمر في اليوم الثالث فهذا متعلق بالنسك، والتحلل من النسك من واجباته الحلق أو التقصير، فأنت إذا أتيت بالعمرة في خلال العشر أو أردت أن تتحلل من حجك في العشر أو في اليوم الحادي عشر ولم تضح فإن هذا يعتبر مستثنىً ولا تعارض بين الأمرين؛ لأنك هنا تؤدي نسكاً لموضع مخصوص بعبادة مخصوصة، فيجوز لك أن تقوم حينئذٍ بالتحلل من العمرة والتحلل من الحج؛ لأنه واجب عليك وفرض، وحينئذٍ لا يعتبر منهياً إذا تحلل في اليوم العاشر من حجه أو الحادي عشر وأخر أضحيته إلى الثالث عشر. والله تعالى أعلم.

وجوب الفدية على من حلق بصابون فيه طيب وهو راضٍ


السؤال: المحرم لا يمس الطيب، فإذا أراد أن يحلق شعره فكثير من الحلاقين يضع على الشعر صابوناً معطراً أو نحو ذلك، فما رأيكم، أثابكم الله؟

الجواب: إذا كان الحلاق يعلم بهذا ووضعه فإن على الحلاق الفدية، وإن سكت المحلوق ورضي فإنها تكون على المحلوق، وإن أمره أن ينزعها مباشرة، يعني: ينزع الصابون فإنه حينئذٍ لا فدية عليه، ولا يجوز له إذا أراد أن يحلق شعر رأسه أن يضع الصابون المطيب، وإنما يضع صابون الزيت أو نحوه، أو يضع الماء مجرداً من الصابون ثم يحلق، أما لو وجد في مادة الحلاقة بما يبل به الشعر ويندى به جلد الرأس أي طيب كان، فإنه متلبس بالنسك حتى يحلق، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إني لبدت شعري وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر) ، قال الله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] ، فلا يكون الإنسان متحللاً من النسك إلا إذا كان قد حلق وفرغ، فعلى هذا لو وقع الطيب في رأسه قبل أن يحلق أو أثناء الحلاقة أو تمهيداً للحلاقة، فما دام أنه لم يقع منه التحلل المعتبر فإنه يلزمه الفدية.
والعلماء رحمهم الله يقولون: إذا وضع المحظور من شخص على المحرم، والواضع يعلم أنه محرم فتكون الفدية والكفارة على من وضع، وأما إذا أذن المحرم فإنها تكون على المحرم؛ لأن الأصل وجوبها على المحرم، ولكنها صارت على غيره بالاعتداء، ولذلك قالوا: لو حلق إنسان لمحرم قبل التحلل دون أن يعلم المحرم، لزم الحلاق أن يفتدي فدية الحلق، وأما إذا أذن له المحرم فإنه حينئذٍ تكون الفدية على الآذن؛ لأن الإذن بالشيء فعل له، وعلى هذا فإن المحرم إذا علم بأن الصابون مطيب ومكنه من ذلك وأذن له أو سكت فعليه الفدية، وأما إذا لم يعلم إلا بعد الحلق، فحينئذٍ تكون الفدية على الحلاق ولا شيء على المحلوق. والله تعالى أعلم.

جواز التوكيل بالرمي لمن عجز عنه


السؤال: العاجز والشيخ الكبير هل الأفضل في حقه أن يؤجل الرمي، أو يجمع الرمي إلى اليوم الثالث عشر إلى أن يخف الزحام فيرمي بنفسه، أفيدونا أثابكم الله؟

الجواب: من كان عاجزاً ويغلب على الظن أنه يهلك بدخوله للرمي، كمن كان مريضاً بالقلب، أو كبير سن من الحطمة، أو كانت به عملية جراحية في مواضع حساسة، في ظهره أو في قدمه أو في صدره، ويغلب على ظنه أنه لو دخل في الزحام سيتضرر، أو أنه يعاق، وربما يقتل بسبب ركوب الناس بعضهم لبعض، فهذه الأعذار وشبهها توجب له أن يترخص بتوكيل غيره ليرمي عنه، ويشترط في هذا الوكيل أن يكون من الحجاج، فلو وكل حلالاً لم يصح الرمي، وإنما يوكل حاجاً، وعلى هذا يرمي الوكيل عن نفسه أولاً، ثم إذا أتم الرمي رمى عن غيره؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) ، فإذا وقع التوكيل على هذا الوجه فإنه يجزيه. والله تعالى أعلم.

وجوب طواف الوداع لمن طاف للإفاضة بغير نية الوداع


السؤال: إذا أخرت طواف الإفاضة ثم سعيت بعده، فهل يلزمني أن أودع البيت بعد ذلك، أم أكتفي بطواف الإفاضة، أثابكم الله؟

الجواب: إذا طفت طواف الإفاضة فلا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون قد نويت طواف الإفاضة مجرداً فيلزمك بعد السعي أن ترجع لطواف الوداع؛ لأنك لم تنو الوداع، والواجب لا يقع إبراءً للذمة إلا بنية، فيلزمك أن ترجع إذا لم تنو؛ لأنك قلت: إذا طفت للإفاضة ولم تقل: إذا طفت للإفاضة بنية الوداع.
الحالة الثانية: أن تطوف للإفاضة بنية الوداع، فإن طفت للإفاضة بنية الوداع، فبعض العلماء يرى: أن السعي بعد الطواف مغتفر، ولذلك قال من قال بوجوب طوف الوداع في العمرة: إنه إذا طاف وسعى ومضى مباشرة لا يجب عليه طواف الوداع.
والذي يظهر والله أعلم أنه يحتاط بإعادة الطواف؛ لأنه أسلم؛ ولأن النص نص على إيقاع الطواف في آخر العبادة، ولذلك لو طاف ثم رجع ورمى ثم صدر لزمه أن يرجع ثانية؛ لأن أصل مشروعية طواف الوداع أن يكون آخر العبادات، قالت أم المؤمنين عائشة كما في الصحيح: (كان الناس يصدرون من فجاج منى وعرفات) قال بعض العلماء: يصدرون من المناسك، أي: بعد أن يفرغوا من المناسك يمضون إلى ديارهم، فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت الطواف، فهذا لا إشكال في أن المراد به أن يوقع طواف الوداع آخر العبادة، والذي تطمئن إليه النفس: أن من سعى بعد طواف الإفاضة الأحوط له والأكمل أن يرجع إلى البيت ويعيد طوافه، والله عز وجل معظم له الأجر، والحج جهاد ومشقة، وهذا من مشقة الحج وجهاده، والأصل اللزوم. والله تعالى أعلم.

اختصاص الإطعام والهدي من الحاج بمساكين الحرم


السؤال: قال المصنف رحمه الله: (وكل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم) فلو ذبح المتمتع هديه وتركه مكانه، فهل يجزيه؟

الجواب: نعم، كل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم؛ وذلك لقوله تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة:95]، فالهدي الواجب على المكلف كما في حال قتل الصيد، فإنه يجب ذبحه بمكة وإطعامه لمساكين الحرم، وأن يكون مثلياً، أي: يقدر مثل بهيمة الأنعام، ولا يكون إلا بمكة، وإذا ذبح بمكة كان لمساكين الحرم، فحينئذٍ يلزم في الهدي أمران:
الأول: أن يكون الذبح بمكة.
الثاني: أن يكون مختصاً بمساكين الحرم؛ لأن الله عز وجل فضل مكة وفضل أهلها بالأمن وكذلك الإطعام، فقال تعالى: الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:4] ، وقال تعالى: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا [القصص:57] فجعل الله لهذا البيت حرمة، ولأهله وسكانه مزية وفضلاً على غيرهم، ففيهم العاكف وفيهم العابد وفيهم من يرجو رحمة الله في هذا الجوار الطيب، فكأن ذلك من الإعانة له على الخير والطاعة والبر، حيث فرغ نفسه من أمور دنياه، فجعل الهدي والإطعام لمساكين الحرم طعمة خاصة.
فلو ذبحه ومكن غيره ليوصله برئت ذمته، أما أن يذبح الهدي ويتركه حتى يضيع كما يفعل بعض الناس فيقوم ويذبح ولا يبالي بذبيحته ويتركها لكي تطأها الأقدام وتعفن وترمى، فهذا لا شك أنه ليس من شرع الله عز وجل في شيء، فإن الله لا يرضى بالإسراف ولا يرضى بإضاعة المال، وقد كره لعباده القيل والقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، فهذا من إضاعة المال، فإذا كنت تعلم أنك إذا نحرت أو ذبحت هذا الهدي أنه يفتقر إلى حمل وإلى توزيع للفقراء والضعفاء، فإنك تحمله وتوزعه للضعفاء والفقراء، أو تستعين بعد الله عز وجل بمن يعينك على إبراء الذمة على هذا الوجه المعتبر. والله تعالى أعلم.

عدم جواز الخروج من المسجد بعد الأذان


السؤال: ما الحكم إذا ذهبت إلى مسجد قباء وصليت فيه ركعتين بعد الأذان ثم خرجت لأدرك الفرض في الحرم النبوي أيجوز ذلك، أم لا، أفيدونا أثابكم الله؟

الجواب: إذا أذن المؤذن فإنه لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان، وإنما يحتاط الإنسان للخروج قبل الأذان، أما إذا أذن المؤذن فلا يجوز الخروج، ولو كان الإنسان يلتمس ما هو أفضل كمسجد مكة أو مسجد المدينة فإنه لا يجوز له أن يخرج، قال أبو هريرة رضي الله عنه لما رأى الرجل يخرج بعد الأذان: (أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم). وإنما يجوز الخروج بعد الأذان في حالة واحدة، وهي أن يكون الإنسان معذوراً بانتقاض وضوئه، فإذا خرج بعد الأذان فإنه يضع كفه على أنفه كمن أصابه الرعاف حتى يدفع عن نفسه التهمة والشبهة، وقال العلماء رحمهم الله: إن هذا مقصود من الشرع وهو حصول جماعة المسلمين؛ لأن المساجد إذا أذن فيها فإنه يدعى الناس إلى إقامة فريضة الله وأداء هذه الصلاة، فإذا كان الإنسان على هذا الوجه قد أذن عليه المؤذن وخرج، فإنه يوقع نفسه في الشبهة، وليس كل الناس يعلم عذره.
فالمسلم إذا أذن عليه المؤذن في مسجد قباء أو غيره من المساجد، وأراد أن يخرج بعد الأذان فإنه لا يجوز له هذا الخروج.
وجماهير العلماء رحمهم الله قد نصوا على ذلك؛ لصحة السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن الخروج بعد الأذان.
وعلى هذا فإنه ينبغي للمسلم أن يحتاط، ولو كان الإنسان مرتبطاً بإمامة، فإنه إذا أذن عليه المؤذن لا يخرج من المسجد؛ لأن هذا يعتبر لازماً عليه وفرضاً عليه ولو ازدحم الفرضان، كونه يصلي بالناس وكونه مرتبطاً بالصلاة في هذا الموضع، فإن صلاته بالناس يقوم غيره مقامه، وأما هذا الموضع فقد تعين عليه أن يصلي مع جماعته ولا يقوم غيره مقامه، فلزمه أن يبقى لمقصود الشرع درءاً لفتنة الخروج من المسجد، وحتى لا يفتح باب التفرق عن الجماعة، وهو أصل قررته السنة في أكثر من مسألة من هذا الباب كنهيه عليه الصلاة والسلام من صلى فرضه أن يجلس في المسجد الثاني ولا يعيد الفرض إذا حضرت الفريضة مع الجماعة الثانية فقال عليه الصلاة والسلام: (إذا أتيتما المسجد فصليا فإنها لكما نافلة)، وعلى هذا فإنه لا يجوز الخروج لا لمساجد أفضل ولا غيره، وإنما يجوز الخروج في حالة واحدة وهي وجود العذر لانتقاض الطهارة. والله تعالى أعلم.

عدم سقوط طواف الوداع عن غير أهل مكة


السؤال: على قول من يقول: إن حاضري المسجد الحرام هم من كانوا دون مسافة القصر، ولم يكونوا داخل حدود الحرم فهل يلزمهم طواف الوداع أم لا، أفيدونا أثابكم الله؟

الجواب: طواف الوداع لا يتقيد بحاضري المسجد الحرام، وإنما يسقط عن أهل مكة فقط، وهم الذين داخل حدود الحرم، وأما من كان خارج حدود الحرم فإنه يدخل في عموم قول أم المؤمنين عائشة : (كان الناس يصدرون من فجاج منى وعرفات -فهؤلاء يصدرون إلى أماكنهم التي هي خارج الحرم- فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت الطواف)، وعليه فإنه يطوف بالبيت سواء كان دون مسافة القصر أو فوقها؛ لعموم الخبر في ذلك، والله تعالى أعلم.

حكم استعمال حبوب منع الحمل خوف النفقة


السؤال: ما حكم استعمال حبوب منع الحمل إذا تضرر الزوج من كثرة الإنفاق على الأولاد ونحوه، أفيدونا بارك الله فيكم؟

الجواب: لا حول ولا قوه إلا بالله، سبحان الله! الله المستعان! إذا تضرر من كثرة الإنفاق، الله سبحانه وتعالى تكفل بأرزاق عباده: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا [هود:6] ، والله سبحانه وتعالى أمرك أن تأخذ بالأسباب، وأن تحسن الظن بالله عز وجل، وما يدريك أن هذا الولد قد يكون سبباً في سعادتك في الدنيا والآخرة، وقد يفتح الله لك به أبواب الرزق، فإن حليمة لما أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجرى الله عليها من الخير ما الله به عليم، فإن الإنسان قد يرى المولود ولا يعبأ به ويجعله الله له خيراً في الدنيا والآخرة، فعلى هذا لا يجوز للإنسان أن يسيء الظن بالله عز وجل في كثرة الولد، والله عز وجل أمرنا بأخذ الأسباب بأن ننفق على أولادنا وذرياتنا غاية ما نستطيع.
أما أن نتعاطى الأسباب لمنع الحمل خوفاً من كثرة الولد، وضيعتهم، وخوفاً من كثرة الإنفاق، فهذا بإجماع العلماء مقصد محرم، ويعتبر الإنسان مرتكباً لكبيرة من كبائر الذنوب، وهي عقيدة أهل الجاهلية لما قتلوا الولد: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الإسراء:31] ، فالله عز وجل عتب عليهم أنهم قتلوا أولادهم خشية الإملاق والفقر.
فينبغي للمسلم أن يحسن الظن بالله، وأجمع أهل العلم رحمهم الله: على أنه لا يجوز له أن يعزل عن زوجته إذا جامعها خشية من كثرة الولد من جهة النفقة، فإن فعل ذلك فإنه آثم شرعاً، ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب.
أما أن يقول: إن كثرة الولد ترهق الأم، فهذا فيه الخلاف المشهور، والصحيح: أنه لا يجوز تعاطي حبوب منع الحمل بسبب كثرة الولد خوفاً من الإنفاق عليهم، ولا كثرة الولد بسبب تعب رعايتهم؛ لأن الله عز وجل جعل الولد كرهاً على أمه؛ لكي يرفع من درجاتها، ويكفر من خطيئاتها، ويعظم لها الأجر، وسبحان الله العظيم! كانت المرأة وهي ترعى غنمها في البرية حاملة لولدها في بطنها لا تأخذ حبوب منع للحمل، وإنما تحمل السنة تلو السنة وهي في عافية ومعونة وتيسير من الله، لا تشتكي، وقد تأتي بالعشرة من الأولاد، وقد تأتي بالعشرين ويبارك الله فيها، ومع ذلك لا تجد إلا الخير؛ لأن عقيدتها بالله حسنة، ولكن ما أن تسيء المرأة ظنها بالله إلا أساءها الله بسوء ظنها: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11] ، فحين تغيّر الناس عظم البلاء واشتد البأس؛ وذلك بسبب سوء الظن بالله جل جلاله.
كان الناس إلى عهد قريب يحبون كثرة الولد ويفرحون بذلك، وهم في أشد ما يكونون من الفقر، وكان الرجل يصبح فيطعم الطعام ويمسي ولا يجد طعاماً، وكان يمسي ويطعم فيصبح على غير طعام، والله تكفل بالأرزاق وعاش الناس في شدة الفقر، وإذا سألت عن القرابة وعن الأهل فتجد الرجل منهم عنده ومن الذرية من الأولاد والبنات الكثير، وما ضاقت الأرض بأهلها ولا ساءت ظنونهم بربهم جل جلاله، ولكن ما إن تغيّرت القلوب، وضعف الاعتقاد بالله جل جلاله، إلا أخذ الله الناس بنياتهم وحاسبهم بمقاصدهم، فإن هذه المقاصد شك في عظمة الله جل جلاله، وشك في قدرته سبحانه وتعالى، ولا يجوز للمسلم أن يسيء ظنه بالله، فالله عند حسن ظن عبده به.
يا هذا! إن الله هو الذي أطعمك، وهو الذي كساك، وهو الذي رزقك، ولئن كنت تعلم أنك بهذا الفعل ترحم ولدك، فالله أرحم بك من رحمتك لنفسك، وبولدك من رحمتك به، فالله أرحم الراحمين.
فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى مثل هذه الأمور؛ لأنها من سوء الظن بالله، وهي مساس بعقيدته وإيمانه بالله، فلا خير له لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بسلامة إيمانه وصلاح معتقده، فهذه أمور عظيمة والله تعالى يقول: وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة:11] فهو خير من رزق، وخير من أعطى، وخير من كسا، وخير من أطعم وهو يُطعِم ولا يُطعَم، وقال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم -اللهم اهدنا- يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم -اللهم أطعمنا- يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم -اللهم اكسنا-) نسأل الله من واسع فضله وواسع رحمته، والله تعالى بعزته وجلاله أصدق قيلاً وأصدق حديثاً، وما وعد سبحانه وأخلف، فقال لك وهو أصدق القائلين: (كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم)، فإذا كان الله جل جلاله يقول ذلك وهو الذي يقص الحق وهو خير الفاصلين، ويعد سبحانه ولا يخلف، وهو أوفى من وفى بعهده سبحانه وتعالى يقول: (استطعموني أطعمكم) فمن أي شيء تخاف؟!! ومن أنت أيها الضعيف؟! فلو صُبَّت في حجرك الألوف والمئات والله لا تستطيع أن تطعم نفسك، فضلاً عن أن تطعم غيرك، إذا لم يطعمك الله.
ولقد حدثني من أثق به من أهل العلم والفضل قال: دخلت على ثري من الأثرياء وعظيم من العظماء، والله أعظم من كل شيء، قال: دخلت عليه عشية ذات يوم في شفاعة، وما كان معي إلا رجل من أهل الفضل، فلما جلسنا على العشاء مد طعاماً يكفي عشرين رجلاً، وليس على المائدة إلا أنا وهو وهذا الرجل، قال: فلما وُضِعَ الطعام ورأيت هذا السماط وما عليه من الأطعمة عجبت، فما من نوع من الطعام إلا وهو موجود فيه، قال: فلما أراد أن يجلس معنا إذا به يؤتى له بكرسي فجلس على ذلك الكرسي، ويؤتى له بصحن صغير يحمله على كفه، قال: فنظرت فإذا به لا يطعم إلا من هذا النوع من الطعام، فقلت: لا إله إلا الله! غني ثري والله عز وجل أعطاه من المال إلا أنه لم يستطع أن يمد يده إلى هذا الطعام المختلف الأنواع والمختلف الأشكال؛ لأن الله لا يريد أن يطعمه.
الله سبحانه وتعالى هو الذي يطعم، فلماذا يخاف الإنسان على أهله وولده؟!! توكل على الله، وأحسن الظن بالله، وفوض الأمور إلى الله: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )[غافر:44] ، فالله جل جلاله بصير بك وبصير بأهلك وولدك.
فلا يجوز للرجل أن يعين امرأته على قطع الذرية أو منع الذرية أو تأخر الذرية؛ خوفاً من كثرة الإنفاق، أو يقول: إن راتبه لا يكفي، أو أن نفقته ستكون كبيرة، كل ذلك لا يجوز للمسلم، أحسن الظن بالله وتوكل على الله: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )[الطلاق:3] ، والله عز وجل عند حسن ظن عبده به.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يملأ قلوبنا من حبه، وحسن الظن به، وصدق اللجوء إليه.
اللهم إنا نسألك إيماناً كاملاً ويقيناً صادقاً.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]