عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-12-2022, 02:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات في "قواعد الإملاء"

نظرات في "قواعد الإملاء"
د. يحيى مير علم



الفصل الثاني
الملاحظات التفصيلية

ملاحظات على الباب الأول:

تضمّن هذا البابُ الموسومُ بـ(الهمزة) قواعدَ رسمِ الهمزة موزّعةً على ثلاثة أقسام، أولها: الهمزة في أول الكلمة، وثانيها: الهمزة في وسط الكلمة، وثالثها: الهمزة المتطرفة، تلاها تنوينُ الأسماء، ثم همزةُ الوصل (ص7-20). ويتّجه على ما سبق ملاحظُ مختلفة سترد موزّعةً على الموضوعات السابقة.

أولاً: الهمزة في أول الكلمة

هناك جملةُ ملاحظَ على ما ورد في الحديث عن الهمزة أولَ الكلمة، وهي النوع الأول من باب الهمزة (ص7-11):
1 - جاء بناءُ الكلام ثمّةَ خلاف المألوف الذي جرت عليه كتبُ قواعد الكتابة من: بيان حقيقة الهمزة التي تقع في أول الكلمة، وأنها على نوعين، الأول: همزة الوصل (تعريفها، مواضعها، القياسية في الأفعال والأسماء والحروف، والسماعية في بضع كلمات، حركتها، حذفها). والثاني: همزة القطع (تعريفها، مواضعها في الأسماء والأفعال والحروف). وأما في (قواعد الإملاء) فلم يكن حظُّ همزتي الوصل والقطع فيها إلا بضعةَ أسطرٍ من أصل خمس صفحات، جاءت على نحوٍ غير دقيق متداخلةً ومتقطعةً، والباقي تفصيلاتٌ وأمثلةٌ كثيرةٌ مقحمة، ليست من أصل الموضوع، من مثل: اجتماع همزة الوصل مع همزة القطع التي تقع فاءً في الثلاثي المهموز مجرداً، ومزيداً في الخماسي والسداسي، وفي مصادر تلك الأفعال.

وموضع هذا كما هو معلوم الهمزة المتوسطة حكماً، لأن همزة فاء الكلمة تُعاملُ معاملةَ الهمزةِ المتوسطة (ائْتِ - ائْتَزَرَ - ائْتِلاف). ومن مثل: اجتماع همزتي قطع في أنواعٍ من الكلمات، الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، وما ينتج عنهما من إبدالهما ألفاً ممدودة (آمُرُ - آنَسَهُ - آداب - آنِيَة - آكِل - آزَرَهُ). وظاهر أن هذه التفصيلات وأمثلتها لا وجه لإيرادها هنا، ولذلك لم ترد في جُلّ كتب قواعد الكتابة، إذ كان موضعُها كتبَ الصرف.

2 - جرى تأخيرُ الكلام المفصّل عن (همزة الوصل) وموضوعاتها إلى آخر باب الهمزة (ص 19-20) أي بعد تنوين الأسماء، وما سبقه من الهمزة المتطرفة، وقبلها المتوسطة. وهذا خلافُ المنطق في الترتيب، وما استقرّ عليه الأمرُ في كتب هذا العلم، وقد نتج عنه تجزئةُ أوصال الموضوع الواحد. على أن تفصيل الحديث عن همزة الوصل ثمّة جاء غيرَ منهجي ولا منظّم، وتعوزه الدّقّة والتمام، خلاف ما تورده كتبُ قواعد الكتابة من موضوعات، تقدّمت الإشارةُ إليها آنفاً.

فقد اشتمل الحديثُ عنها على كلامٍ عامّ في أربعةِ أسطرٍ عن علةِّ مجيء همزة الوصل، ووقوعِها في أمر الثلاثي وما فوق الرباعي في الأفعال والمصادر، ثم أُتبعتْ بالأمثلة موزّعةً على هذه المواضع الثلاثة، وخُتمتْ بوقوع هذه الهمزة في طائفة من الأسماء، والنصّ في نهايتها على أنها تقعُ أيضاً في (أل) التعريف، وبعد ذلك ملاحظة عن نطقها بدءاً ووصلاً متبوعةً بأمثلةٍ توضّحها، تلتها ثلاثةُ أسطرٍ فقط عن همزة القطع مع أمثلةٍ عليها. ويتّجه على ذلك ملاحظُ، منها:


أ - كان العدولُ عن تعريف همزة الوصل إلى كلام عامّ يعلّل مجيئها، دون أن يُحدّد طبيعتَها بما يميزها عن همزة القطع، غيرَ صائبٍ وخلافَ المألوفِ والمشهور فضلاً عن المنهج العلمي.


ب - إيجازُ الإشارة إلى المواضع ثم إيرادُها مفصلةً تحت الأمثلة، جاء غيرَ سديد، فقد كان الصوابُ إيرادَها موزَّعةً على مواضعها في نوعين: القياسي في الأفعال والأسماء والحروف، ثم السماعي في الكلمات المعروفة.


جـ - إهمالُ النصِّ على أن ورودها في طائفة من الأسماء هو أمرٌ سماعيٌّ، ولو كان تركُ النصِّ عليه مُغنياً عن التصريح به، إذ قد يُفهم استنتاجاً، لما نصّت عليه كتبُ قواعد الكتابة.

3 - جاء الحديثُ عن همزة القطع غايةً في الإيجاز، وعلى نحوٍ مُخِلٍّ(ص20) فقد سقطت من العنوان المتقدّم "همزة الوصل" وكان حظُّها ثلاثةَ أسطرٍ في نهاية الحديث عن همزة الوصل متبوعةً ببضعةِ أمثلةٍ اكتفاءً بما ورد في همزة الوصل، لأن الهمزةَ في غير تلك المواضع تكون همزةَ قطع، ومع ذلك جاءت غيرَ دقيقة، واقتُصِرَ فيها على الإشارة إلى أنها ترد "في جميع الحروف باستثناء (أل) التعريف، وفي جميع الأسماء باستثناء الأسماء المذكورة آنفاً". والوجه أن تُذكرَ همزةُ القطع في العنوان مقرونةً بقسيمتها همزة الوصل، وأن يُذكرَ تعريفُها بما يكشفُ عن ماهيتها وصورتها، وأن تُذكرَ مواضعُها موزّعةً على الأسماء والأفعال والحروف، كما جرى عليه الأمرُ في كتب قواعد الكتابة، وهذا أولى من إقحام ما لا علاقة له بالموضوع. على أن فيها إلى ذلك نقصاً، يبدو جلياً في سقوط الإشارةِ هنا إلى موضعها في الأفعال في كلٍّ من: الثلاثي المهموز الفاء، والثلاثي المزيد بالهمزة في أوله في الماضي والأمر والمصدر (الرباعي): (أمَرَ - أكْرَمَ - أكْرِمْ - إكْرام). وأما عدمُ الدّقّة فمرده إلى النصّ على أنها تكون في جميع الحروف باستثناء (أل) التعريف، والأولى أن يقال في التعبير عنها: تكون في جميع حروف المعاني المبدوءة بهمزة ما عدا (أل) التعريف.


ثانياً: الهمزة التي في وسط الكلمة

ثمّة ملاحظُ على النوع الثاني، وهو (الهمزة التي في وسط الكلمة) فقد استغرق الحديثُ عنها أربع صفحات (12- 15) من (قواعد الإملاء):
1 - استُهلّ بعنوان "القاعدة العامّة" وردت تحته ثلاثةُ أسطر جاءت أقربَ إلى الشرح والتفصيل منها إلى القاعدة أو القانون، إذ اقتُصِرَ فيها على النظر إلى حركة الهمزة وحركة ما قبلها، ثم رسمها في صورة أقوى الحركتين، ثم بيان ترتيب الحركات، تلتها تطبيقاتٌ على القاعدة العامّة في ثلاثة فروع، بينهما ملاحظتان. ويتّجه على ما سُمّي بالقاعدة العامّة نقصٌ وقدرٌ من عدم الدقّة والإحكام، فقد أُهملت الإشارةُ إلى التوسط العارض للهمزة، وهو ما يسميه بعضهم بالهمزة شبه المتوسطة، وجاء الحديثُ عنها في الهمزة المتطرفة (ص16) ونُصّ عليه ثمّة أنها تخضعُ لقواعد الهمزة المتوسطة. والوجهُ النصُّ على التوسّط العارض في موضعه من قاعدة الهمزة المتوسطة، وإيرادُ أمثلته فيها، كما يجب إعادةُ النظر في القاعدة العامة لتكونَ محكمةً موجزةً، نحو قولنا: تُرسمُ الهمزةُ المتوسطة على حرف يناسبُ أقوى الحركتين سواء أكان توسّطُها أصلياً أم عارضاً.

2 – وردت ملاحظةٌ في نحو ثلاثةِ أسطرٍ عن زيادة القدماء الألفَ في لفظ (مائة) لدواعٍ زالت بإعجام العربية، تلاها اقتراح كتابتها بحذف الألف وفقَ القاعدة العامة خلافاً للقدماء، وذلك آخر "تطبيقات على القاعدة العامة" للهمزة المتوسطة إن كانت مكسورةً أو كان ما قبلها مكسوراً (ص13). وظاهر أن موضوعَ الملاحظة من قضايا باب الزيادة والحذف في الحروف لدى الحديث عن زيادة الألف وسطاً (ص28) ولكنه اقتصر ثمّة على زيادة الألف طرفاً، وأُغفِلت زيادتها أولاً ووسطاً، وذلك خلاف ما في كتب قواعد الكتابة.

3 - خُتم الكلامُ على الهمزة المتوسطة بـ(ملاحظات) خمسٍ، تضمنت ثلاثٌ منها أرقامها (3و4و5) الحالاتِ الشاذّةَ المشهورةَ في الهمزة المتوسطة، دون أيِّ إشارةٍ إلى أنها تخرج عن القاعدة أو شاذّة، على ملاحظ فيها سترد قريباً.


أ - خُصّصت الملاحظةُ الأولى منها للهمزة المتوسطة التي تُرسم مفردةً لوقوعها بين واوين كراهيةَ توالي الأمثال على رأي القدماء مثل (وَؤُول) وكان الرأيُ كتابتها على واو وفقَ القاعدة. وهذا اجتهادٌ يخالف المألوفَ والمشهورَ قديماً وحديثاً من قواعد الكتابة والشروطَ المتوخّاةَ التي مضت في التقديم من الحرص على إبقاء الصلة بين كتابتنا وكتابة الأقدمين. أعتقد أن منهجَ الأقدمين أولى بالاتباع، لأن استكراههم رسمَ ثلاثِ واواتٍ له ما يسوّغه، وهذا يبدو جلياً بالموازنة بين الصورتين في نحو (مَوْؤُوْدة - مَوْءُوْدة).


ب - وكانت الملاحظةُ الثانيةُ خاصّةً باجتماع الهمزة المتوسطة المفتوحة المسبوقة بفتح مع ألف المدّ، وإبدالهما مدّة فوق الألف (شآم - مآل). وهذه لا بأس في إيرادها هنا، وإن كان موضعُها كتبَ الصرف في أحكام التقاء الهمزة والألف.

وأمّا حالاتُ الشذوذ في الهمزة التي في وسط الكلمة فهي مشهورةٌ، وترتبطُ بحروف المدّ الثلاثة التي تسبقها، الأولى: الهمزة المتوسطة المفتوحة بعد ألف ترسم مفردةً مثل (براءَة - تساءل). والثانية: الهمزة المتوسطة المفتوحة أو المضمومة بعد واو ساكنة ترسم مفردةً مثل (مروْءَة - ضَوْءُه). وهذا خلافُ ما ورد في (قواعد الإملاء) فقد جُعلت الشاذّةُ، وهي المتوسطةُ المضمومةُ بعد واو ساكنة مع القياسية، وهي المضمومةُ بعد واو مضمومة مشدّدة، ونُصّ على أنهما ترسمان على واو (ضَوْؤُك - تَنُوْؤُونَ - تَبَوُّؤُكَ) ونُصّ على أنه خلافُ ما جرى عليه القدماءُ من رسم الهمزة مفردةً. أرى أن الفصلَ بين حالتي الشذوذ في الهمزة المتوسطة المفتوحة والمضمومة بعد واو ساكنة اجتهادٌ غيرُ صائب، وإن وافق بعضَ ما ورد في الكتب. وأما كراهية توالي الأمثال فقد مضى الحديثُ عن مثله في الملاحظة الأولى بما يغني عن الإعادة. والثالثة: الهمزة المتوسطة المفتوحة أو المضمومة بعد ياء ساكنة تُرسم على نبرة مثل (بِيْئَة - فَيْئُه).


ثالثاً: الهمزة المتطرفة

كذلك يتّجه على النوع الثالث المخصّص لـ(الهمزة المتطرفة) (ص16-17) بعضُ الملاحظات:

- أولها: يتعلق بلفظ القاعدة العامّة، فقد جاء أقربَ إلى الشرح منه إلى القاعدة المُحْكَمة الموجزة، إذ نصّ على أنها " ترسم بحسب حركة ما قبلها، سواء أكان ما قبلها حرفاً صحيحاً أم معتلاً ". وفي هذا إغفالٌ لجوهر القاعدة، وهو الرسمُ على صورة حرف يناسب حركةَ ما قبلها، فضلاً عن الحشو عند النص على طبيعة الحرف الذي قبلها، إن كان صحيحاً أو معتلاً، لأن القاعدة التي تحكمها هي حركةُ الحرف الذي قبلها، لا طبيعته صحّةً واعتلالاً.


- ثانيها: يتصل بالفقرة (أ) التي تضمّنت شرحاً للقاعدة العامّة والأمثلة عليها، إذ جاء في آخرها ما لفظه " فإن كان ما قبل الهمزة المتطرفة ساكناً كتبت مفردةً مهما تكن حركتها، سواء في الاسم أو في الفعل ". وهذا مثالٌ على زيادة ما لا داعي له من الاحتراز في الحركة أو في نوع الكلمة اسماً كانت أو فعلاً، إذ يكفي أن يقال في القاعدة: فإن كان ما قبلها ساكناً كُتبت مفردةً. وأمّا التعبير عن سابقتها بلفظ " وإن كان ما قبلها مكسوراً رسمت على ياء غير منقوطة ". فقد مضى الحديثُ عنه.


- اشتملت الفقرةُ (ب) من الهمزة المتطرفة على الهمزة المتوسطة حُكماً، أو المتوسطة توسطاً عارضاً، أو شِبْهَ المتوسطة، مع أمثلتها، وقد مضت الإشارةُ إلى سقوطها من موضعها في الهمزة المتوسطة في التعريف والشرح في الفقرة (أ) من (3). ويتّجه عليها ملاحظتان، الأولى: علميةٌ، وذلك في التعبير عنها بلغة أقربَ إلى الشرح والتفصيل منها إلى القاعدة المحكمة، والثانية: منهجية، لإيرادها في الهمزة المتطرفة خلافاً للقاعدة والمشهور والمعتمد في قواعد الكتابة، ثم النصّ عليها بآن واحد أنها تخضع لقواعد الهمزة المتوسطة، واللفظ ثمّة " إذا وقع بعد الهمزة المتطرفة ضمير نصب أو ضمير جر أو ياء المتكلم أو واو الجماعة خضعت لقواعد الهمزة المتوسطة ". وهذا التفصيلُ حشوٌ يغني عنه كلمةٌ واحدةٌ آخرَ تعريف الهمزة المتوسطة بأنها " ترسم على حرف يناسب أقوى الحركتين سواء أكان توسُّطُها أصلياً أم عارضاً ". وأما استعمال كلمة (خضعت) فقد مضى بيان ما فيها.


- تضمنت الفقرةُ (ج) الحالةَ الشاذّةَ الوحيدة في الهمزة المتطرفة عندما تكون مفردةً قبل تنوين النصب، وقبلها حرفٌ يقبل الوصل بما بعده، فإنها ترسم خلافَ القاعدة على نبرة، مثل (عِبْئاً - شَيْئاً). وقد جاء لفظُ القاعدة غيرَ محكم، ولم يُنصّ فيه على شذوذِها، ولفظها ثمّة " إذا سبقت الهمزة المتطرفة بياء المدّ أو ياء أصلية، وكان الاسم منصوباً وُضِعَت على نبرة وألحقت بها الألف ". والملاحظ أن غياب التفريق بين ما تنطبقُ عليه القاعدةُ وما يشذُّ عنها كان سمةً عامةً في (قواعد الإملاء) وكأن المنهج المتبع هو جمع كلّ التفصيلات والشروح والأمثلة تحت القاعدة موزعةً على فقراتٍ كثيرةٍ بلا منهج ينتظمُها، أو يسوِّغُ تعددها وموضوعاتها، وقد مضى نظيرُه فيما شذَّ عن الهمزة المتوسطة، وسيأتي لاحقاً ما يؤكّده. وأما استعمال كلمة (وضعت) في التعريف المتقدّم موضعَ المصطلح الشائع المعتمد في كتب قواعد الكتابة (رُسمت أو كُتبت) = فقد سبقت الإشارة إليه بما يغني عن تكراره.


- وأمّا الفقرة (د) فقد جاءت في تسعة أسطر، وتضمنت أمرين، لا وجه لإيرادهما:

أولهما: يتناولُ صورةَ الهمزة المتطرفة التي ترسم مفردةً لسكون ما قبلها، صحيحاً كان أو مدّاً، متبوعةً بتنوين النصب، أو غيرَ متبوعة، مثل (جُزْءاً - هُدُوءاً - ضَوْءاً). وهذه حالةٌ تستغرقها القاعدةُ، لا تحتاج إلى إفرادها بنوع مستقلّ. وأمّا صياغتها فلم تكن محكمة، فضلاً عما فيها من خطأ في المصطلح واللغة، واللفظُ ثمّة " إذا لم تتصل الهمزة المتطرفة بما قبلها أو وقع قبلها واو المدّ أو واو ساكنة وكان الاسم منصوباً رسمت الهمزة منفردةً وألحقت ألف المدّ بآخر الاسم ". وظاهر أن تسمية الألف الزائدة لتنوين النصب بأنها (ألف المدّ) كلام غير دقيق، مضت الإشارة إليه.

وثانيهما: كان تكراراً لما سبق في الفقرة السابقة (ج) إذا اتصلت الهمزة بما قبلها، مثل (بُطْئاً - شَيْئاً).


- كذلك جاءت الفقرةُ الأخيرة (هـ) مقحمةً، وهي تخصّ إحدى الحالات الأربعِ المستثناةِ من زيادة الألف طرفاً لتنوين النصب، وذلك إذا كانت الكلمةُ منتهيةً بهمزة بعد ألف، مثل (قضاءً). ومعلوم أن هذه الحالاتِ موضعُها بابُ الزيادة والحذف في الحروف (28) وهي في زيادة الألف طرفاً. ولا يسوغُ إيرادُها هنا لمجرد التنبيه على أن تنوين النصب يكون فوق الهمزة دونَ زيادةِ الألف، ولو صحَّ ذلك لكان الواجبُ الاستقصاءَ بإيراد الحالة الثانية الشبيهة بها، وهي الهمزةُ المتطرفة فوق ألف، إذا نُوّنت تنوينَ النصب، فإن التنوين يرسم فوق الهمزة، ولا تُزاد فيها الألفُ، مثل (ملجأً - نبأً).

لقد سبقت الإشارةُ في صدر الملاحظات العامّة إلى أن إيراد (تنوين الأسماء) في الباب الأول المخصص للهمزة عقب الهمزة المتطرفة(ص 18) مقحمٌ لا وجه له، ولا يسوّغه وروده في بعض المصنفات. وأمّا وجودُ علاقةٍ بين تنوينِ النصب ورسمِ الهمزة المتطرفة المفردة، سواء أكان ما قبلها حرفاً مفصولاً أو موصولاً = فقد جرى عرضه مفصّلاً مع أمثلته في صفحة كاملة (ص17).

ملاحظات على الباب الثاني:
اشتمل البابُ الثاني الموسومُ بـ(الألف اللينة) على قواعد رسم الألف الليّنة موزّعةً على أقسامٍ ثلاثةٍ، أولها: الألفُ الليّنة في وسط الكلمة، وثانيها: الألفُ الليّنة في آخر الكلمة، وثالثها: الألفُ الليّنة في الأسماء الأعجمية ص (21- 25). ويتّجه على ما ورد في هذا الباب جملةُ ملاحظ، يمكن إيجازها بما يلي:
1 – جاءت القاعدةُ العامّةُ للألف الليّنة في وسط الكلمة غيرَ دقيقة، وشابها نقصٌ وزيادةٌ، إذ أُغفل مصطلحُ التوسُّطِ العارضِ، وأُقحم فيها مصطلحُ المحوَّلة عن الأصل، ومصطلحُ المزيدة، ولذلك وردت الأمثلةُ ناقصةً، لأنها خلت من أمثلةِ أنواعِ التوسُّطِ العارض في الأفعال والأسماء والحروف، ولفظها " ترسم الألف اللينة التي تقع في وسط الكلمة ألفاً في جميع الأحوال سواء أكان توسطها من حيث الأصل أم كانت محوّلة عن أصل أم مزيدة، وسواء أوقعت في اسم أم في فعل ". وقد كان يغني عن هذه القاعدة المطولّة القول: تُرسم الألفُ اللينة في وسط الكلمة ألفاً سواء أكان توسُّطُها أصلياً أم عارضاً. وأمّا إقحامُ " المحوّلة عن أصل " في مقابل الألف اللينة المتوسطة توسطاً عارضاً، فلا وجه له، ولا سابقة له في كتاب معتمد من كتب هذا العلم. وبنحوه إقحامُ مصطلح " المزيدة " مقابل التوسط الأصلي والعارض للألف اللينة، ويصحّ فيه ما سبق آنفاً، ولا مسوّغ لذكرها أيضاً، لأن ألف الزيادة في مثل " مُتمايز - سابَقَ " صورتها واحدة، ولا أصل لها انقلبت عنه من واو أو ياء، كما في أنواع الألفاتِ الليّنةِ المتوسطةِ توسطاً أصلياً أو عارضاً في الأسماء والأفعال.

وأمّا الأمثلةُ التي أعقبتها فقد زيد فيها أمثلةُ الألف المزيدة المتقدّمة التي لا داعي لها، وأُسقط منها أمثلةُ أنواع الكلمات التي يقع فيها التوسُّطُ العارض، وهي: الأسماءُ المقصورةُ المضافة إلى الضمائر، مثل (فتاك - هُداي - رضاك) والأفعالُ المعتلةُ الناقصةُ المتصلةُ بضمائر النصب، مثل (يرضاه - يخشاك - هداني) وبعضُ حروف الجرّ متصلةً بـ(ما) الاستفهامية، مثل: إلامَ؟ عَلامَ؟ حَتَّامَ؟ وهذه الحروفُ سقطت أيضاً الإشارةُ إليها في آخر القاعدة التي اقتصرت على وقوع الألف الليّنة المتوسطة في الاسم أو الفعل.

2 – اختص النوعُ الثاني من هذا الباب بالألف الليّنة في آخر الكلمة(ص22-25) وقد صُدّر بأن رسمها يخضع للقواعد الآتية، جرى توزيعُها على خمسةِ أقسامٍ أو أحرفٍ بترتيب أبجد، تخللتها ملاحظتان. ويتّجه على تلك القواعدِ والتفريعاتِ والملاحظاتِ جُملةُ أمور، أظهرها: أن صياغة تلك القواعد جاءت غيرَ محكمة، فقد اعتورها قَدْرٌ من: الحشو، والزيادة في التفريع والتقسيم بلا مسوّغ، والنقص، ومجافاة الدّقّة، والتباين في المنهج، والتداخل في الموضوعات، وتقطيع أجزاء الموضوع الواحد:


أ - مثالُ الحشو القاعدتان، الأولى وهي (أ) المعقودة لحروف المعاني المنتهية بألف ليّنة، والثانيةُ وهي (ب) الخاصّة بالألف الليّنة في الأسماء المبنيّة، حيث أُقحم فيهما النصُّ على عدد الأحرف التي يمكنُ أن تسبقَ الألفَ الليّنة. وهو ما لا داعي له، ولا فائدةَ منه، ولا يترتبُ عليه شيءٌ يغيّر من رسمها، ولذلك لم تذكره كتبُ قواعد الكتابة، ثم ما نتج عنه من طول القاعدة بلا مسوّغ، ولفظه(ص22): " أ – ترسم ألفاً في الحروف مطلقاً سواء أوقعت بعد حرف أم حرفين أم ثلاثة أحرف ". ومثله أيضاً: " ب – ترسم ألفاً في الأسماء المبنيّة سواء وقعت بعد حرف أو حرفين أو ثلاثة أحرف أو أربعة أحرف ". وقد كان يغني في الأولى القولُ: ترسم الألفُ اللينة في حروف المعاني ألفاً. وفي الثانية القولُ: ترسم الألفُ اللينة في الأسماء المبنية ألفاً.


ب - ومثالُ الزيادة في التفريع والتقسيم بلا مسوّغٍ إقحامُ القاعدة الثالثة (ج) المتعلقة بألف التثنية بأنها " ترسم ألفاً سواء وقعت في ضمير أو اسم أو فعل ". وهذا، على ما فيه من تزيّد في التفريع بلا طائل، موضعُ نظر، فالضمائرُ البارزةُ المنتهية بألف نحو (أنتما – هما) تدخل في جُملة الأسماء المبنيّة التي تقدم بيانُ قاعدتها، وألفُ التثنية أيّاً كانت علامة ً أم ضميراً ليست منقلبةً عن أصلٍ كما في أصل الألف الليّنة المتطرفة في الأسماء والأفعال، فضلاً عن أنها لا تُرسم إلاّ بصورةٍ واحدةٍ، ولذلك خلت من ذِكْرها كتبُ قواعد الكتابة إلا ما ندر وشذّ.

وظاهرٌ ما في العبارة أيضاً من تجوّزٍ بدا جليّاً في سقوط همزة التسوية قبل (وقعت) وفي استعمال (أو) بدل (أم) المعادِلَة لهمزة التسوية، وقد تكرّر نظيرُه في عِدّة مواضع. وهذا - وإن أجازه مجمع اللغة العربية بالقاهرة - هو خلافُ المشهور والأفصح وما عليه التنْزيلُ الحكيمُ وجمهورُ كلام العرب، وإن اغتُفِرَ مِثْلُه للطلبة وغير المختصين وعامّة المثقفين فلا يُغتَفَرُ لذوي الاختصاص ومَنْ فوقهم من النخبة، ولا شكّ أن المأمولَ من الهيئات العلمية المعنية بالحفاظ على اللغة العربية كالمجامع اللغوية وغيرها أن يجيء ما يصدر عنها موافقاً لأعلى الأساليب وأفصحها، إذ كانت قدوةً للناس في جميع ما يصدرُ عنها.


ج - ومثالُ التزيّد وعدمِ الدّقّة ما جاء في القاعدة (د) (ص23) المتعلقة بالألف الليّنة في الثلاثي من الأسماء والأفعال التي ترسم بحسب أصلها، فقد زيد فيها " أو مصدر " بعد النصّ على الاسم والفعل، وكأنه قسم ثالث، ولا يخفى أن المصدر يندرج في الاسم، وهو من أقسامه، يدلّ على ذلك الأمثلة الكثيرة التي وردت موزعّةً على الأصلين الواوي واليائي في الأفعال والأسماء دون المصدر.


د - ومثالُ التداخل مع عدم الدّقّة والنقصِ إتباعُ القاعدة السابقة ببيان طرق كيفية معرفة الأصل في الفعل، وذلك بإسناده إلى ضمائر الرفع، أو معرفة صيغة مضارعه، أو مصدره، ثم إيراد تطبيق عليها، وإتباعها ببيان معرفة الأصل في الاسم بتثنيته أو بجمعه، ثم ختمه بملاحظة تتعلق برسم الألف الليّنة في الأفعال الواوية واليائية. ومعلوم أن هذا موضوعٌ مستقلٌّ عن قواعدِ رسم الألف الليّنة طرفاً، ومثلُه يحتاج إلى عنوانٍ مفردِ عقبَ تلك القواعد، وإن كان مرتبطاً بواحدة منها، وعلى ذلك كثيرٌ من المصنّفين في قواعد الكتابة. وبنحوه إقحامُ التنبيهِ على الأفعال المشتركة بالواو والياء، والتدليلُ عليها بأمثلةٍ مختارةٍ في آخر القاعدة تحت عنوان ملاحظة(ص24) فقد كان الأولى أن تفردَ بعنوان جديدٍ مستقلّ بعد تلك القواعد، فضلاً عما وقع في العبارة من ترخّص في استعمال (أو) التي لأحد الشيئين موضعَ الواو التي للعطف، وذلك في قوله " ثمّة أفعال تكون واوية ويائية، فتكتب بالألف أو بالياء " لأن استعمال (أو) هنا يدلّ على أنها ترسم بأحد الوجهين لا بكليهما، كما تفيده الواو، يؤكّد ذلك إيرادُ أمثلةِ أربعةِ أفعالٍ بالوجهين معطوفةً بالواو. وأما النقصُ فظهر جلياً في قصر معرفة الأصل في الاسم على التثنية والجمع، وإغفال الردّ إلى المفرد، إن كانت الكلمة جمعاً، نحو (قُرى وقرية). ولا يخفى ما في عبارة الأصل من تجوّز " ولمعرفة الأصل في الفعل " بدل قولهم: ولمعرفة أصل الألف الليّنة في الأفعال المعتلة الناقصة. وفي نظيرها: " ولمعرفة الأصل في الاسم " في موضع قولهم: ولمعرفة أصل الألف اللينة في الأسماء المقصورة.


هـ - ومثالُ التباينِ في المنهج ما تلا القاعدة (د) بعد أمثلة الأصل الواوي واليائي في الثلاثي من الأسماء والأفعال، ثم تفصيل كيفية معرفة أصل الألف اللينة فيهما، فقد خُتم بالتنبيه على أنه " إذا كان الاسمُ اسمَ جنس أو مصدراً يرجع إلى فعله ". فقد ورد غُفلاً من التدليل عليه بأمثلة مع مسيس الحاجة إليه في اسم الجنس خصوصاً، وعدمِ الحاجة إليه في (الاسم المصدر) لما سبق من أن معرفةَ المصدر واحدةٌ من ثلاثِ طرقٍ، يُعرف بها أصلُ الألف الليّنة في الأفعال نحو (سعى: السعي).


و – ومثالُ عدمِ الإحكام والدّقّة والحشو والزيادة ما جاء في القاعدة (هـ) (ص24) الخاصّة برسمها فيما فوق الثلاثي من الأسماء والأفعال، فقد ورد لفظها " إذا وقعت الألف الليّنة في نهاية كلمة تجاوز ثلاثة أحرف فعلاً كانت أو اسماً رسمت في صورة الياء ". وقد كان في الوسع التعبيرُ عنها بأوجز من ذلك وأدقّ، كأن يقال في الألف الليّنة طرفاً أنها: ترسم ياءً أو على صورة الياء فيما فوق الثلاثي في الأسماء والأفعال. وليس " في صورة الياء " كما ورد. وبنحوه أيضاً ختمُ القاعدة وأمثلتها(ص25) بأن هذه الألف تقلب ياءً في المثنى وفيما يجمع بألف وتاء مزيدتين على صيغة جمع المؤنث السالم ". ولا يخفى أن هذا الكلام مقحمٌ بلا مسوّغٍ يقتضيه، وموضعُه معلومٌ في كتب الصرف والنحو، كما أنه ليس مقصوراً على الألف الليّنة فيما فوق الثلاثي في الأسماء والأفعال، بل ينطبق أيضاً على الثلاثي، فضلاً عمّا فيه من تكثّرٍ وإطالةٍ بدت واضحةً في النصّ على اسمين لمسمّى واحد، بما لا لبس فيه، وهو" فيما يجمع بألف وتاء مزيدتين على صيغة جمع المؤنث السالم " وكأنهما متغايران، أو كأن الثاني صيغةٌ من الصيغ التي يرد عليها الأول.


ز - ومثالُ القطعِ لأجزاء الموضوع الواحد مع عدم الدّقّة ما ورد في ختم قواعد رسم الألف الليّنة تحت عنوان (ملاحظة)(ص25) ولفظه: " استثناء من القاعدة السابقة ترسم الألف اللينة ألفاً إذا وقع قبل نهاية الفعل ياء " وإتباعها بالأمثلة. وحقّ هذا الاستثناءِ أن يجيء في موضعه من قاعدة رسم الألف الليّنة ياءً في الثلاثي، إن كانت منقلبةً عن ياء، وفيما فوق الثلاثي، في الأسماء والأفعال معاً، لا في الأفعال وحدها كما ورد في القواعد والأمثلة التي تلتها، نحو(دنيا - ثُريّا - يعيا - حيّا - استحيا).ولهذا نظائر وردت في مواضع أخرى، جرى فيها فصلُ الاستثناءِ عن القاعدة، وإفرادُه متأخراً بملاحظة.

ح - ومن أمثلةِ تباينِ المنهج إيرادُ بعض استثناءات تلك القواعد عقبَ القاعدةِ وأمثلتها، كما في رسم الألف الليّنة في الحروف وفي الأسماء المبنية، وإفرادها تحت عنوان (ملاحظة) في رسمها فيما فوق الثلاثي من الأسماء والأفعال. ومعلوم ما يقتضيه المنهجُ من وجوب أن يجري الأمرُ على سَنَنٍ واحدٍ في الاستثناءات.

3 - أما النوعُ الثالثُ من الباب الثاني فقد اختصّ بالألف الليّنة في الأسماء الأعجمية(ص26-27) حيث استُهلّ بالقاعدة العامّة وما تلاها من أمثلة، جاءت موزّعةً على الحروف الأبجدية: (أ) الثلاثي وما فوقه. (ب) أسماء المدن والقرى في بلاد الشام والعراق. (ج) أسماء القارات والدول والمدن والأعلام الأجنبية. (د) الأسماء المستثناة من ذلك قديمةً وحديثةً. (هـ) استبدال القدماء التاء المربوطة بالألف في الأسماء الأعجمية في الأندلس وغيرها. ويتّجه على ما سبق الملاحظُ الآتية:

أ – تقدمت الإشارةُ في الملاحظات العامة (2) إلى خطأ اقتطاع الألف الليّنة في آخر الأسماء الأعجمية من القسم الثاني الخاص بالألف الليّنة آخر الكلمة، وجعلها قسماً ثالثاً مفرداً، مع إسقاط الإشارة إلى موضعها، وهي كلمة (آخر) من العنوان، ممّا نتج عنه تقطيعُ أوصال الموضوع الواحد بلا وجهٍ مسوّغ، وذلك في مقابل القسم الأول (الألف الليّنة في وسط الكلمة).


ب - استغرقت قاعدةُ هذا النوع وأمثلتُه وتفريعاتُها نحواً من صفحتين، وقد كان في الوسع تقديمُ ذلك في بضعةِ أسطرٍ تتضمن القاعدةَ والأمثلةَ المنضبطةَ والشاذّة في موضعها من النوع الثاني الخاصّ بأنواع الكلمات التي تقع فيها الألفُ الليّنة طرفاً، وذلك بعد حذف ما ورد حشواً أو زيادةً في المادة أو في التفريع والتقسيم بلا داعٍ، مما لا نجد نظيراً له في الكتب المعتمدة، فلا حاجة إلى التنبيه على ما جرى عليه القدماءُ في رسم الأعلام الأجنبية بالتاء المربوطة في الأندلس والمشرق والمغرب، والحديث عن قاعدة رسم الألف الليّنة طرفاً في الأسماء الأجنبية.


يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]