عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15-12-2022, 10:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,983
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن

المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الثانى

سورة الاحزاب

من صــ 801 الى صـ 806
(الحلقة 120)



139 - قال اللَّه تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن أنس بن النضر تغيب عن قتال بدر، فقال: تغيبتُ عن أول مشهد شهده النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لئن رأيت قتالاً ليريَن اللَّه ما أصنع. فلما كان يوم أحد انهزم أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقبل أنس، فرأى سعد بن معاذ منهزمًا، فقال: يا أبا عمرو، أين؟ أين؟ قم، فوالذي نفسي بيده، إني لأجد ريح الجنة دون أُحد فحمل حتى قتل. فقال سعد بن معاذ: فوالذي نفسي بيده ما استطعت ما استطاع. فقالت أُخته: فما عرفتُ أخي إلا ببنانه ولقد كانت فيه بضع وثمانون ضربة، من بين ضربة بسيف، ورمية بسهم، وطعنةٍ برمح، فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - فيه: (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) إلى قوله: (وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد ذكر ذلك جمهور المفسرين كالطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (وقيل إن هذه الآية نزلت في قوم لم يشهدوا بدراً، فعاهدوا الله أن يفوا قتالاً للمشركين مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمنهم من أوفى فقضى نحبه ومنهم من بدل، ومنهم من أوفى ولم يقض نحبه وكان منتظراً على ما وصفهم الله به من صفاتهم في هذه الآية) اهـ.
وقال ابن عطية: (فممن سمى المفسرون أنه أشير إليه بذلك أنس بن النضر عم أنس بن مالك وذلك أنه غاب عن بدر فساءه ذلك ... ثم ذكر الحديث) اهـ.
وقال ابن عاشور: (فإن كانت هذه الآية نزلت مع بقية آي السورة بعد غزوة الخندق فهي تذكير بما حصل من المؤمنين من قبل، وإن كانت نزلت يوم أحد فموضعها في هذه السورة إنما هو بتوقيف من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهو تنبيه على المعنى الذي ذكرناه على تقدير: أنها نزلت مع سورة الأحزاب. وأيّاً ما كان وقت نزول الآية فإن المراد منها رجال من المؤمنين ثبتوا في وجه العدو يوم أحد وهم عثمان بن عفان وأنس بن النضر وطلحة بن عبيد اللَّه وحمزة وسعيد بن زيد ومصعب بن عمير، فأما أنس بن النضر وحمزة ومصعب بن عمير فقد استشهدوا يوم أحد وأما طلحة فقد قطعت يده يومئذٍ وهو يدافع عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأما بقيتهم فقد قاتلوا ونجوا) اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أن الآية نزلت بعد أحد وليس بعد الخندق لأنه إن كان المراد بها الذين استشهدوا وأبلوا بلاءً حسناً في أحد كما هو الواقع فلماذا يتأخر الثناء عليهم إلى ما بعد الخندق؟ هذا بعيد.
وبناءً على ما تقدم فإن الراجح من قول ابن عاشور أنها نزلت يوم أحد ووضعت هنا بتوقيف من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإذا عدنا إلى سبب النزول خصوصًا إلى قول أنس بن النضر (لئن رأيت قتالاً ليرين الله ما أصنع). وجدنا هذا مطابقاً تماماً لقوله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ... ) الآية.
ولا يعكر على هذا ما في لفظ البخاري: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه. فقد ذكر ابن حجر أن التردد فيه من حميد وأن الجزم وقع في رواية ثابت عند مسلم وأحمد.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور سبب نزول الآية الكريمة، لصحة سنده وتصريحه بالنزول وموافقته لسياق القرآن، واحتجاج المفسرين به واللَّه أعلم.
* * * * *

140 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج مسلم وأحمد والبخاري عن جابر بن عبد اللَّه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوجد الناس جلوساً ببابه. لم يؤذن لأحدٍ منهم، قال: فأُذن لأبي بكر فدخل. ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له فوجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالساً، حوله نساؤه واجماً ساكتاً. قال: فقال: لأقولن شيئاً أضحك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها. فضحك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال: (هن حولي كما ترى يسألنني النفقة). فقام أبو بكر إلى عائشة يجأُ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأُ عنقها. كلاهما يقول: تسألن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما ليس عنده فقلن: والله لا نسأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئاً أبداً ليس عنده ثم اعتزلهن شهراً أو تسعًا وعشرين ثم نزلت عليه هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) حتى بلغ (لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) قال: فبدأ بعائشة، فقال: (يا عائشة إني أُريد أن أعرض عليك أمراً أُحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك) قالت: وما هو يا رسول اللَّه؟ فتلا عليها الآية. قالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبويَّ؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة. وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت. قال: (لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها. إن اللَّه لم يبعثني مُعَنِّتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلمًا ميسراً).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد هذا جمهور المفسرين كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسعدي وابن عاشور.
قال الطبري: (وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أجل أن عائشة سألت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئاً من عرض الدنيا، إما زيادة في النفقة، أو غير ذلك فاعتزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه شهراً فيما ذكر، ثم أمره الله أن يخيرهن بين الصبر عليه، والرضا بما قُسم لهن، والعمل بطاعة اللَّه، وبين أن يمتعهن ويفارقهن إن لم يرضين بالذي يقسم لهن) اهـ.
وقال ابن العربي لما ذكر بعض الأسباب: (والصحيح ما في صحيح مسلم عن جابر بن عبد اللَّه قال: جاء أبو بكر ... ثم ساق الحديث) اهـ.
قال ابن كثير: (هذا أمر من اللَّه تبارك وتعالى لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند اللَّه تعالى في ذلك الثواب الجزيل فاخترن - رضي اللَّه عنه وأرضاهن - اللَّه ورسوله والدار الآخرة فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة) اهـ.
وقال السعدي: الما اجتمع نساء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الغيرة وطلبن منه أمراً لا يقدر عليه في كل وقت، ولم يزلن في طلبهن متفقات وفي مرادهن متعنتات شق ذلك على الرسول حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهراً، فأراد اللَّه أن يسهل الأمر على رسوله، وأن يرفع درجة زوجاته ويذهب عنهن كل أمر ينقص أجرهن فأمر رسوله أن يخيرهن فقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا).
* النتيجة:
أن سبب نزول الآية الكريمة حديث جابر هذا، لصحة سنده وتصريحه بالنزول وموافقته لسياق القرآن وتعويل المفسرين عليه والله أعلم.
* * * * *





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]