عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 14-12-2022, 02:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,551
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ النساء
المجلد السادس
الحلقة( 227)

من صــ 121 الى صـ 120





وسئل شيخ الإسلام:
عن رجل سمع كتب الحديث والتفسير وإذا قرئ عليه " كتاب الحلية " لم يسمعه فقيل له: لم لا تسمع أخبار السلف؟ فقال: لا أسمع من كتاب أبي نعيم شيئا. فقيل: هو إمام ثقة شيخ المحدثين في وقته فلم لا تسمع ولا تثق بنقله؟ فقيل له: بيننا وبينك عالم الزمان وشيخ الإسلام ابن تيمية في حال أبي نعيم؟ فقال: أنا أسمع ما يقول شيخ الإسلام وأرجع إليه. فأرسل هذا السؤال من دمشق
فأجاب فيه الشيخ:

الحمد لله رب العالمين، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني صاحب كتاب " حلية الأولياء " " وتاريخ أصبهان " " والمستخرج على البخاري ومسلم " و " كتاب الطب " " وعمل اليوم والليلة " و " فضائل الصحابة " و " دلائل النبوة " و " صفة الجنة " و " محجة الواثقين " وغير ذلك من المصنفات: من أكبر حفاظ الحديث ومن أكثرهم تصنيفات وممن انتفع الناس بتصانيفه وهو أجل من أن يقال له: ثقة؛ فإن درجته فوق ذلك وكتابه " كتاب الحلية " من أجود الكتب المصنفة في أخبار الزهاد والمنقول فيه أصح من المنقول في رسالة القشيري ومصنفات أبي عبد الرحمن السلمي شيخه ومناقب الأبرار لابن خميس وغير ذلك؛ فإن أبا نعيم أعلم بالحديث وأكثر حديثا وأثبت رواية ونقلا من هؤلاء ولكن كتاب الزهد للإمام أحمد والزهد لابن المبارك وأمثالهما أصح نقلا من الحلية.

وهذه الكتب وغيرها لا بد فيها من أحاديث ضعيفة وحكايات ضعيفة بل باطلة وفي الحلية من ذلك قطع ولكن الذي في غيرها من هذه الكتب أكثر مما فيها؛ فإن في مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي؛ ورسالة القشيري؛ ومناقب الأبرار؛ ونحو ذلك من الحكايات الباطلة بل ومن الأحاديث الباطلة: ما لا يوجد مثله في مصنفات أبي نعيم ولكن " صفوة الصفوة " لأبي الفرج ابن الجوزي نقلها من جنس نقل الحلية والغالب على الكتابين الصحة ومع هذا ففيهما أحاديث وحكايات باطلة وأما الزهد للإمام أحمد ونحوه فليس فيه من الأحاديث والحكايات الموضوعة مثل ما في هذه؛ فإنه لا يذكر في مصنفاته عمن هو معروف بالوضع بل قد يقع فيها ما هو ضعيف بسوء حفظ ناقله وكذلك الأحاديث المرفوعة ليس فيها ما يعرف أنه موضوع قصد الكذب فيه كما ليس ذلك في مسنده لكن فيه ما يعرف أنه غلط غلط فيه رواته ومثل هذا يوجد في غالب كتب الإسلام فلا يسلم كتاب من الغلط إلا القرآن.
وأجل ما يوجد في الصحة " كتاب البخاري " وما فيه متن يعرف أنه غلط على الصاحب لكن في بعض ألفاظ الحديث ما هو غلط وقد بين البخاري في نفس صحيحه ما بين غلط ذلك الراوي كما بين اختلاف الرواة في ثمن بعير جابر وفيه عن بعض الصحابة ما يقال: إنه غلط كما فيه عن ابن عباس: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم} والمشهور عند أكثر الناس أنه تزوجها حلالا. وفيه عن أسامة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في البيت}. وفيه عن بلال: أنه صلى فيه وهذا أصح عند العلماء.
وأما مسلم ففيه ألفاظ عرف أنها غلط كما فيه: {خلق الله التربة يوم السبت} وقد بين البخاري أن هذا غلط وأن هذا من كلام كعب وفيه أن {النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف بثلاث ركعات في كل ركعة} والصواب: أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة وفيه أن أبا سفيان سأله التزوج بأم حبيبة وهذا غلط. وهذا من أجل فنون العلم بالحديث يسمى: علم " علل الحديث " وأما كتاب حلية الأولياء فمن أجود مصنفات المتأخرين في أخبار الزهاد وفيه من الحكايات ما لم يكن به حاجة إليه والأحاديث المروية في أوائلها أحاديث كثيرة ضعيفة بل موضوعة.

وسئل:
عمن نسخ بيده صحيح البخاري ومسلم والقرآن وهو ناو كتابة الحديث وغيره وإذا نسخ لنفسه أو للبيع هل يؤجر؟ إلخ.
فأجاب: وأما كتب الحديث المعروفة: مثل البخاري ومسلم. فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن وما جمع بينهما: مثل الجمع بين الصحيحين للحميدي ولعبد الحق الإشبيلي وبعد ذلك كتب السنن: كسنن أبي داود؛ والنسائي؛ وجامع الترمذي؛ والمساند: كمسند الشافعي؛ ومسند الإمام أحمد. وموطأ مالك فيه الأحاديث والآثار وغير ذلك وهو من أجل الكتب حتى قال الشافعي:

ليس تحت أديم السماء بعد كتاب الله أصح من موطأ مالك يعني بذلك ما صنف على طريقته؛ فإن المتقدمين كانوا يجمعون في الباب بين المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ولم تكن وضعت كتب الرأي التي تسمى " كتب الفقه " وبعد هذا جمع الحديث المسند في جمع الصحيح للبخاري ومسلم والكتب التي تحب ويؤجر الإنسان على كتابتها سواء كتبها لنفسه أو كتبها ليبيعها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة: صانعه؛ والرامي به؛ والممد به} فالكتابة كذلك؛ لينتفع به أو لينفع به غيره. كلاهما يثاب عليه.
(من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا (85)
والشافع الذي يعين غيره فيصير معه شفعا بعد أن كان وترا؛ ولهذا فسرت " الشفاعة الحسنة " بإعانة المؤمنين على الجهاد و " الشفاعة السيئة " بإعانة الكفار على قتال المؤمنين كما ذكر ذلك ابن جرير وأبو سليمان. وفسرت " الشفاعة الحسنة " بشفاعة الإنسان للإنسان ليجتلب له نفعا أو يخلصه من بلاء كما قال الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد؛ فالشفاعة الحسنة إعانة على خير يحبه الله ورسوله؛ من نفع من يستحق النفع ودفع الضر عمن يستحق دفع الضرر عنه.
و " الشفاعة السيئة " إعانته على ما يكرهه الله ورسوله كالشفاعة التي فيها ظلم الإنسان أو منع الإحسان الذي يستحقه. وفسرت الشفاعة الحسنة بالدعاء للمؤمنين والسيئة بالدعاء عليهم، وفسرت الشفاعة الحسنة بالإصلاح بين اثنين وكل هذا صحيح. فالشافع زوج المشفوع له إذ المشفوع عنده من الخلق إما أن يعينه على بر وتقوى وإما أن يعينه على إثم وعدوان. وكان {النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة قال لأصحابه: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء}.
(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (93)
ولم يذكر: (أبدا). وقد قيل: إن لفظ " التأبيد " لم يجئ إلا مع الكفر.
وسئل - رحمه الله -:
عن رجلين اختلفا في قتل النفس عمدا. فقال أحدهما: إن هذا ذنب لا يغفر وقال الآخر: إذا تاب تاب الله عليه؟
فأجاب:
أما حق المظلوم فإنه لا يسقط باستغفار الظالم القاتل؛ لا في قتل النفس؛ ولا في سائر مظالم العباد؛ فإن حق المظلوم لا يسقط بمجرد الاستغفار؛ لكن تقبل توبة القاتل وغيره من الظلمة؛ فيغفر الله له بالتوبة الحق الذي له.
وأما حقوق المظلومين فإن الله يوفيهم إياها: إما من حسنات الظالم وإما من عنده. والله أعلم.
وسئل - رحمه الله تعالى -:
عن القاتل عمدا أو خطأ: هل يدفع الكفارة المذكورة في القرآن {فصيام شهرين متتابعين}؟ أو يطالب بدية القتل؟
فأجاب:
" قتل الخطأ " لا يجب فيه إلا الدية والكفارة ولا إثم فيه.
وأما القاتل عمدا فعليه الإثم فإذا عفى عنه أولياء المقتول أو أخذوا الدية: لم يسقط بذلك حق المقتول في الآخرة. وإذا قتلوه ففيه نزاع في مذهب أحمد. والأظهر أن لا يسقط؛ لكن القاتل إذا كثرت حسناته أخذ منه بعضها ما يرضى به المقتول أو يعوضه الله من عنده إذا تاب القاتل توبة نصوحا. وقاتل الخطأ تجب عليه الدية بنص القرآن واتفاق الأمة والدية تجب للمسلم والمعاهد كما قد دل عليه القرآن وهو قول السلف والأئمة؛ ولا يعرف فيه خلاف متقدم؛ لكن بعض متأخري الظاهرية زعم أنه الذي لا دية له.
وأما " القاتل عمدا " ففيه القود فإن اصطلحوا على الدية. جاز ذلك بالنص والإجماع فكانت الدية من مال القاتل؛ بخلاف الخطأ فإن ديته على عاقلته.
وأما " الكفارة " فجمهور العلماء يقولون: قتل العمد أعظم من أن يكفر كذلك قالوا في اليمين الغموس. هذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه كما اتفقوا كلهم على أن الزنى أعظم من أن يكفر؛ فإنما وجبت الكفارة بوطء المظاهر والوطء في رمضان. وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: بل تجب الكفارة في العمد واليمين الغموس. واتفقوا على أن الإثم لا يسقط بمجرد الكفارة.
وسئل - رحمه الله تعالى -:
عن جماعة اشتركوا في قتل رجل وله ورثة صغار وكبار: فهل لأولاده الكبار أن يقتلوهم؛ أم لا؟ وإذا وافق ولي الصغار - الحاكم أو غيره - على القتل مع الكبار: فهل يقتلون أم لا؟
فأجاب:
إذا اشتركوا في قتله وجب القود على جميعهم باتفاق الأئمة الأربعة وللورثة أن يقتلوا ولهم أن يعفوا. فإذا اتفق الكبار من الورثة على قتلهم فلهم ذلك عند أكثر العلماء: كأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين. وكذا إذا وافق ولي الصغار الحاكم أو غيره على القتل مع الكبار فيقتلون.

وسئل - رحمه الله -:
عن الإنسان يقتل مؤمنا متعمدا أو خطأ وأخذ منه القصاص في الدنيا أولياء المقتول والسلطان: فهل عليه القصاص في الآخرة أم لا؟ وقد قال تعالى: {النفس بالنفس}.
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، أما القاتل خطأ فلا يؤخذ منه قصاص؛ لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ لكن الواجب في ذلك الكفارة ودية مسلمة إلى أهل القتيل إلا أن يصدقوا.
وأما " القاتل عمدا " إذا اقتص منه في الدنيا: فهل للمقتول أن يستوفي حقه في الآخرة؟ فيه قولان في مذهب أحمد وكذلك غيره فيما أظن من يقول: لا حق له عليه؛ لأن الذي عليه استوفي منه في الدنيا. ومنهم من يقول: بل عليه حق؛ فإن حقه لم يسقط بقتل الورثة كما لم يسقط حق الله بذلك؛ وكما لا يسقط حق المظلوم الذي غصب ماله وأعيد إلى ورثته؛ بل له أن يطالب الظالم بما حرمه من الانتفاع به في حياته. والله أعلم.
وسئل - رحمه الله -:
عن رجل قتل رجلا عمدا؛ وللمقتول بنت عمرها خمس سنين وزوجته حامل منه وأبناء عم: فهل يجوز أن يقتص منه قبل بلوغ البنت ووضع الحمل؛ أم لا؟
فأجاب:
الحمد لله، ليس لسائر الورثة قبل وضع الحمل أن يقتصوا منه؛ إلا عند مالك فإن عنده للعصبة أن يقتصوا منه قبل ذلك. أما إن وضعت بنتا أو بنتين بحيث يكون لبني العم نصيب من التركة: كان للعصبة أن يقتصوا قبل بلوغ البنات عند أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية؛ ولم يجز لهن القصاص في المشهور عنه؛ وهو قول الشافعي. وهل لولي البنات كالحاكم أن يقوم مقامهن في الاستيفاء والصلح على مال؟ روايتان عن أحمد. " إحداهما " وهو قول جمهور العلماء جواز ذلك. و " الثانية " لا يجوز القصاص؛ كقول الشافعي؛ لكن إذا كانت البنات محاويج هل لوليهن المصالحة على مال لهن؟ فيه خلاف مشهور في مذهب الشافعي.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]