رد: نظرات فى رسالة الى ابنتي واخواتها لمناسبة زواجها
اللهم الا اذا تفاقم الوضع – لا سمح الله – الى درجة كبيرة فساعتئذ وكحل اخير (فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ان يريدآ اصلاحا يوفق الله بينهما)
هبة:
من الطبيعي جدا ان تحصل الخلافات بين الزوجين وهذا من سنن الحياة بين كل البشر ولكن المهم ان تحلي ذلك:
بحسن الاستماع والتصبر ولا تتعصبي لهواك ولا تعاندي ولا تظني ان الحق دائما معك
او انك تهدفين ان تنتصري على زوجك ثم ان كثيرا من الخلافات تبدأ صغيرة فلننته منها وهي كذلك ولا نزيد عليها مبالغين بكثرة النقاش والجدال والتعليق والرد والتحدي "
ثم تحدث عن وجوب العفو والصفح فقال :
"قال الله ربك "وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم)
هبة:
تأملي في الآية اعلاه جيدا مشكلة نساء امتنا في هذا الزمن عزيزتي هبة زينك الله جل جلاله بعنايته وشرفك بكرامته عندما دخل نابليون بونابرت مصر كانت الهجمات الأولى لأعدائنا على المفاهيم الاسلامية الاصيلة المتعلقة بالنساء فروجوا الكثير منها وأبرزها:
ترك الحجاب تحرر المرأة واستقلاليتها طبعا بحسب مفهومهم واشتدت الهجمات على هذه المواقع بالتزامن مع فتح المدارس والجامعات التبشيرية منذ قرن ونيف تقريبا خاصة في لبنان ومصر اللذين استعملا فيما بعد كمدخل للتغريب الكامل خاصة في المجالات السياسية والاجتماعية والادبية وما اصطلح على تسميتها فيما بعد بـ"الفنية"
والمراقب الباحث يجد "ارطالا" وأفواجا أفواجا ممن تخرج من هذه المؤسسات التعليمية ضمن دور مرسوم مسبقا ومرتبط سلفا بأشخاص واجهزة ومراكز لعبت الأدوار الاهم في اعادة صياغة شخصية "المرأة" في بلادنا وبالتالي الشرق عبورا الى كل العالم الاسلامي!
وهل تعتقدين يا هبة العزيزة ان تسمية هذا البلد الذي صنعوه ضمن قوالب وشروط معينة وموازين محددة والمسمى حتى هذه اللحظة "لبنان" بأنه "سويسرا الشرق"و"جسر" عبور الغرب الى الشرق و"بوابة" الدخول هل هذا عبثا؟!كلا هناك دور مقصود ولولاه ما اصابنا الذي يقع علينا اليوم على مختلف الاصعدة خاصة الاجتماعية والاخلاقية واستحكمت الهجمة على نساء أمتنا و"التقاليد البالية والعادات الرجعية والتراث المتخلف" بعد الحرب العالمية الاولى فما كان يجتنب نهارا اصبح يمارس جهارا وبصيغة التحدي والفرض والقانون!فاستبيحت عندئذ اكثر احكام الاسلام في شؤون المرأة في مرحلة العشرينات وما بعدها:في ايران تركيا افغانستان تونس بشكل لم يسبق له مثيل حتى لو احتاج ذلك لسن القوانين وسياسة التحدي والمراجع لتفاصيل تلك الحقبة من اتاتورك الى الشاه الى ظاهر شاه الى الحبيب بورقيبة يصعق بقوة اسلوبهم و"جرأتهم" و"ثقتهم" بأنفسهم
اما الطامة الكبرى يا عزيزتي فكانت في العقود الاخيرة وفي السنوات الاخيرة التي عايشت ردحا منها وعانيت مع امتنا جمعاء ولا نزال!في هذه الفترة لم يعد العدو الغازي بحاجة لجيش وجامعة ومندوب سام وحملات عسكرية ومستشرقين ومبشرين فقد تصدى لكل هذه الادوار فئة من ابناء امتنا سميت لاحقا "مثقفين" أو" نخب" فتجرأت أكثر على أساس من ابناء هذه الامة واخذوا يطالبون بإعادة قراءة جديدة للقرآن الكريم والسنة الشريفة واحكام الشريعة تحت شعار "الحرص على الاسلام" او صناعة اسلام جديد يناسب العصر والتحديات المعاصرة!"
والرجل من خلال ذكره لهذا التاريخ يذكرنا بمؤامرات الأعداء وتنفيذهم لها بواسطة عساكرهم وهى جيوش الاحتلال ثم ترك الحكم لمن والاهم عند الاستقلالات المزعومة
وحدث ابنته عن حرب داخلية وخارجية ضد المسلمات فقال :
"هبة الله :
سدد الله خطاك وحفظك ورعاك كل هذا الكلام لأقول لك: ان مشكلة نساء أمتنا في هذا الزمن اصبحت مستحكمة وجبهتها داخلية ولا يتوقفن ولا يتورعن عن الخوض "بثقة" في مواضيع مختلفة تتعلق بما سموه "حقوق" المرأة و"حريتها" و"استقلاليتها" تماما على الطريقة الغربية وبنفس مصطلحاتها واساليبها وكم آلمني يا حبيبتي هبة ان لم تتصد احداهن وبخلفية اسلامية اصيلة الى كل هذه المفاهيم والمصطلحات مستندة الى ثقتها بدينها وشرع ربها وعبوديتها الحقة وتسليمها الذي هو اسلامها ويقينها بـ"العدالة" الالهية التي هي من اركان ديننا "
وحدثها الرجل عن أوجاعه بسبب استجابة العديد من النساء للأعداء فقال :
اتألم يا حبيبتي:
ان ارى اخواتنا وبعضهن بحجاب "معدل" و"حضاري" ينظرن على طريقة الغربيين الذين حاربونا قرونا ليصلوا الى ما نحن فيه اليوم وان اراهن يطالبن بتفسير "عصري" جديد للقرآن الكريم وبـ"اعادة قراءة" للسنة النبوية الشريفة والتخلص من فتاوى فقهائنا وتاج رؤوسنا وسبب عزنا ومدعاة فخرنا بحجة ان هذه الفتاوى ذو منطلقات "ذكورية"!!!
ولطالما كرروا هذا المصطلح حتى بت اشعر عند ذكره انه سب او شتيمة او على الاقل استخفاف بورثة الانبياء ان يتهموا بانهم تركوا استنباط احكام الله من مصادرها لصالح "ذكوريتهم"!!!
والله يا حبيبتي وقرة عيني لقد عظمت المصيبة وجلت الرزية والمؤلم اكثر ان يجاري هؤلاء بعض "الخطباء" حتى يصبح ذلك "موضة" حرصا منهم على الظهور بمظهر "حضاري" فيستعملون المصطلحات المذكورة وبكثرة والغريب انه بدل ان نأتي بنسائنا الى الدين ونزرع في نفوسهن فضيلة التسليم ومكرمة العبودية لله بدل ذلك أصبح البعض "يؤول" الدين ليرضي نساء المسلمين ولن يرضوا ما دام الاصحاب الاصليون لهذه الافكار اعداء لنا حتى نتبع ملتهم
عزيزتي هبة
بقدر المي المتفاقم الذي ذكرت والذي يزيدني حسرات الى حسرات حتى تكاد نفسي تذهب بقدر هذا الالم مشتاق لأرى تجمع نسوي يحافظ على آداب الاسلام في المرأة المسلمة: في حجابها وعفتها وورعها وخجلها وتقواها وفي نظرتها عند حديثها مع الرجال وكلامها من وراء حجاب كما اوصى القرآن الكريم وفي احترامها لزوجها والتزامها منزلها الا من اضطرار وفي اجلالها لأسرتها ودورها مع اولادها الذي هو من اهم الادوار على الاطلاق
حبيبتي هبة ايدك الله ورعاك وجعل الجنة مثواك اثناء كتابتي لهذه الكلمات اتصلت بي احدى الاخوات القيمات على نشاط تربوي اساسي في اوساطنا الاسلامية وكانت قد طلبت من ثلاث من زميلاتها الكتابة حول شروط "اختيار الشريك" فصعقت للنتيجة قالت:
ان الثلاث في كتابتهن صببن غضبهن على "الرجل" وظلمه للمرأة ودورها مع العلم ان هؤلاء "مسؤولات" بنسبة ما في مواقع معينة فحمدت الله عز وجل ان التفتت هذه الاخت وفقها الله تعالى لمثل هذه الشطحات وصوبت ما كانت تصبو اليه فألفتها الى بعض الافكار كالتي مرت في الصفحات الاولى لهذا الكتيب
ان ما يسمى بعمل المرأة وحريتها وحقوقها كتبت عنه سابقا ولا بأس ان تراجعيه مجددا لتستحضريه "
وحدثنا الرجل عن وجوب ألا تطمع المرأة بالمناصب والشهرة وما شابه فقال:
"هبة العزيزة زهدك الله جل جلاله بالدنيا وجعلك من اهل العليا
لا يكن طمعك كما كثيرات من نساء زمانك بالمنصب والعنوان والوجاهة والشهرة والحضور في الصف الاول فهذه أمور:لا تنفع من جهة ولا تدوم من جهة اخرى وفي اكثر الاحيان تكون وبالا وفتنة على صاحبها وهدرا للوقت الذي لا يعود قد تبدو هذه الامور نافعة لأهل الدنيا وطالبيها فلا تنسي انك ولدت للآخرة لا للدنيا وللفناء لا للبقاء
واذكري دوما أن الآخرة خير وأبقى من اجل ذلك:
ليني قلبك دائما بقراءة الوحى وهذا لا يتطلب منك الوقت الكثير بل يكفي يوميا جزء من الساعة ولكن اثره عظيم عظيم عظيم وانت بنفسك قلت لي ذلك سابقا
جزء من الساعة يوميا تعيد التوازن الى نفسيتك وكم من النساء يقضين الساعات يوميا للتجميل والتبرج الذي لا يلبث ان يذهب سريعا بعد ساعات وهن غافلات ان في ذلك عبرة في ان لا يدوم جمال فلو دام لهن لما احتجن في يوم آخر الى اصطناع جمال جديد لا يلبث ان يزول ليحاسبن على تبعاته
تأثير هذا افضل من المصنع من الدواء بل هو الدواء المؤدي للشفاء"
وقبل أن ينهى الرجل الكتاب بوصية أم لابنتها فقال :
"وصية أم لابنتها
عزيزتي هبة نور الله جل جلاله سرائرك وجعلها افضل من علانيتك ومما ابتلينا به في هذا الزمان في نساء امتنا بعدهن عما لا يحصى من آداب ومأثورات ومنقولات حول تعامل المرأة مع زوجها وتعامل الارحام مع بعضهم البعض بل اهمالهن للمخزون التربوي الروحي الذي لا يعلم عظمته وجلال تأثيره الا الله تبارك وتعالى واستبدل ذلك بما نستورده او يورد الينا من نظريات الغربيين والكفار وما فيه من ضلالة وانحراف فقط اذكر لك نموذجا واحدا مختصرا ينفعك ان شاء الله تعالى في دنياك واخراك والطرفة المضحكة – المبكية ان هذا النموذج عندما وزع في عرس تعجبت الحاضرات من اهمية مضمونة وكيف هو غائب عنهن!
وكأنهن لا يعلمن ان من غيب او حرف او اول على هواه كتاب الله وسنة نبيه هو الاقدر على تغييب كافة النصوص والمصادر الاخرى التي لا تناسبه!
والوصية هي:
لما خطب عمرو بن حجر الكندي الى عوف بن ملحم الشيباني ابنته ام إياس واجابه الى ذلك اقبلت عليها امها ليلة دخوله بها توصيها فكان مما اوصتها به ان قالت:
اي بنية انك مفارقة بيتك الذي منه خرجت وعيشك الذي منه درجت الى رجل لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فكوني له أمة ليكون لك عبدا واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا:
فأما الاولى والثانية: فالرضا بالقناعة وحسن السمع له والطاعة واما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواقع عينيه وأنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك الا اطيب الريح واما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه ومنامه فان شدة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة واما السابعة والثامنة: فالاحراز لماله والارعاء على حشمه وعياله واما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له امرا ولا تفشي له سرا فان خالفت امره اوغرت صدره وان افشيت سره لم تأمني غدره
واياك والفرح بين يديه اذا كان مغتما والكآبة لديه اذا كان فرحا "
واختتم الكتاب بنصائحه هو لابنته فقال :
"ختاما: رسالتي اليك
هبة الله احببت ان اختم بالرسالة التي كنت قد ارسلتها اليك عند زواجك المبارك ان شاء الله تعالى والتي على اثرها رددت قائلة:اختم بها ولم يكن هذا بالطبع مقررا الا ان دخالتها في ان تكون سببا لهذا الكتيب يناسب ان ننشرها تذكرا بنعم الله عز وجل (واما بنعمة ربك فحدث)
وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
هبة العزيزة ثبتها الله تعالى لمراضيه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلتني رسالتكم واطمئننت بها كثيرا لأننا نبقى مشوشين عليك كما ذكرت
اسأل الله وهكذا يجب ان تفعلي ان يكون منزلكم الذي اسستموه منزلا اسلاميا خالصا في كل تفاصيله ليكون نموذجا لأهل الدنيا وموجبا للفوز في الآخرة
اما بالنسبة لزوجك الكريم:
اطيعيه ما دام مطيعا لله عز وجل وعظمي شأنه في نفسك واحفظيه في غيبته كما في حضوره واكثر كوني حريصة عليه اعني على آخرته اكثر من حرصه وتقربي الى الله عز وجل بذلك وكفى بذلك سببا لدخول الجنة وليس بعدها هدف احرصي على رضاه دوما واصبري على غضبه او سوء خلقه – لا سمح الله – وتزيني له في منزله كما يحب ان يراك واكثر مما ينتظر وتستري عن كل العالمين عندما تخرجين من المنزل ومهما بالغت في الستر فانك تفعلين خيرا ولا اسراف في الخير
وهو اولى الناس بك حتى يضعك في قبرك
عزيزتي هبة
كوني امرأة صالحة كما هي احكام الاسلام المشهورة والمعروفة والتي سارت عليها الامة قرونا عديدة فاستقامت ولا تتأثري بالنظريات الطارئة والمهجنة والمقلدة للكفاء التي غزتنا في العقود الاخيرة فأمعنت في الافساد وهؤلاء للأسف عندكم كثير
ليست المرأة "الفلانية" قدوة لك بل المرأة المسلمة الورعة المتوقفة عند حدود الله عز وجل المفتخرة به
لعلي اطلت عليك لكنني ابرئ ذمتي امام الله سبحانه بك وفي شأنك وحتى ارى ذلك سرورا يوم النشور"
|