عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27-11-2022, 09:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حياة النابغة الجعدي وشخصيته

حياة النابغة الجعدي وشخصيته


د. إبراهيم عوض




والواقع أن هذه مجردُ دعوى مرسلة لا دليل عليها؛ فشعر النَّابغة يخلو مما يمكن أن يتخذ دليلًا على ذلك أو حتى يعضده أو يشير إليه مجرد إشارة، بل العكس هو الصحيح؛ فإن في هذا الشعر ما يدل على خلافه؛ فهو يقول:


قالت أمامةُ: كم عمَرْت زمانه
وذبحت مِن عِتْر على الأوثانِ!

ولقد شهدتُ عكاظَ قبل محلِّها
عنها، وكنتُ أُعَدُّ مِ الفتيانِ


ومن الواضح أن "كم" هنا للتكثير لا للاستفهام، مما يفيد أنه كثيرًا ما تقرب بالقرابين للأصنام، كذلك فإن في شعره ذِكرًا كثيرًا لشربه الخمر في الجاهلية، حتى في شعره الإسلامي، مما يدلُّ على أنه لم يكن يشرب الخمر في الجاهلية وحسب بل على أنه أيضًا لم يكن يجد حرجًا في الإشارة إلى ذلك حتى بعد أن أسلم، ومن هذه الأشعار قوله في قصيدته التي أنشدها بين يدي معاوية بن أبي سفيان:
وصهباء لا تُخفي القذى وهْي دونه
تُصَفَّق في راووقها ثم تُقطَب

شربت بها والدِّيكُ يدعو صباحَه
إذا ما بنو نعشٍ دنَوْا فتصوَّبوا

وقوله:
وقهوةٍ صهباء باكرتها *** بجُهمةٍ والدِّيكُ لم يَنْعَب

ليس ذلك فقط، فإنه حتى في رائيته التي أنشدها بين يدي النبي عليه السلام حين وفد عليه في السنة التاسعة للهجرة مع قومه لإعلان الإسلام نراه يقول:
تذكَّرت شيئًا قد مضى لسبيله
ومِن حاجة المحزون أن يتذكَّرا

نداماي عند المنذر بن محرِّق
أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفِرَا

كهولًا وشبَّانًا كأنَّ وجوههم
دنانيرُ مما شِيفَ في أرض قيصرا

إذا ملِكٌ مِن آل جفنة خالُه
وأعمامُه آل امرئ القيس أزهرا

يردُّ علينا كأسَه وشواءَه
مناصفةً والشرعبي المحبَّرا

وراحًا عراقيًّا وريطًا يمانيًا
ومغتبطًا مِن مسكِ دارينَ أذفَرَا

ومِن الواضح رنة النشوة والابتهاج والفخر في هذه الأبيات.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]