عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 21-11-2022, 12:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,154
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ المائدة
المجلد السادس
صـ 2047 الى صـ 2056
الحلقة (304)


القول في تأويل قوله تعالى:

[58] وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون

وإذا ناديتم إلى الصلاة أي: دعوتم إليها بالأذان: اتخذوها أي: الصلاة أو المناداة: هزوا ولعبا بأن يستهزئوا بها ويتضاحكوا: ذلك أي: الاتخاذ: بأنهم أي: بسبب أنهم: قوم لا يعقلون أي: معاني عبادة الله، فإن السفه يؤدي إلى الجهل بمحاسن الحق والهزء به، ولو كان لهم عقل في الجملة لما اجترأوا على تلك العظيمة. فإن الصلاة أكرم القربات، وفي النداء معان شريفة من تعظيم الله باعتبار ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. ومن ذكر توحيده باعتبار ذاته، باعتبار عدم مغايرة أسمائه وصفاته، ومن تعظيم رسوله باعتبار قيامه بمصالح المعاش والمعاد، ومن الصلاة من حيث هي وصلة ما بين العبد وبين الله، ومن حيث إفادته معالي الدرجات، ومن تعظيم مقصده وهو الفلاح في الظاهر والباطن، وما هو غاية مقصده من القرب من الله باعتبار عظمة ظاهره وباطنه، ومن الوصول إلى توحيده الحقيقي. أفاده المهايمي.

[ ص: 2047 ] تنبيهات:

الأول: في آثار رويت في هذه الآية:

روى أبو الشيخ ابن حيان عن ابن عباس قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت، وسويد بن الحارث، قد أظهرا الإسلام ونافقا، وكان رجل من المسلمين يوادهما. فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الآية.

وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا قال: كان رجل من النصارى من المدينة، إذا سمع المنادي ينادي: أشهد أن محمدا رسول الله. قال: حرق الكاذب. فدخلت خادمه ليلة من الليالي بنار، وهو نائم وأهله نيام، فسقطت شرارة فأحرقت البيت، فاحترق هو وأهله.

وذكر محمد بن إسحاق بن يسار في "السيرة": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال فأمره أن يؤذن. وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة. فقال عتاب بن أسيد: لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه. فقال الحارث بن هشام: أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته. فقال أبو سفيان: لا أقول شيئا. لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى. فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد علمت الذي قلتم. ثم ذكر ذلك لهم. فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله. والله! ما اطلع على هذا أحد كان معنا، فنقول أخبرك.

وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن محيريز - وكان يتيما في حجر أبي محذورة - قال: [ ص: 2048 ] قلت لأبي محذورة: يا عم! إني خارج إلى الشام. أخشى أن أسأل عن تأذينك. فأخبرني; أن أبا محذورة قال له: نعم! خرجت في نفر فكنا ببعض طريق حنين، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق. فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون. فصرخنا نحكيه ونستهزئ به. فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوت فأرسل إلينا، إلى أن وقفنا بين يديه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع» ؟ فأشار القوم كلهم إلي. وصدقوا. فأرسل كلهم وحبسني فقال: «قم فأذن» . فقمت، ولا شيء أكره إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فألقى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو نفسه فقال: قل: «الله أكبر، الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. أشهد أن محمدا رسول الله» . ثم قال لي: «ارجع فامدد من صوتك» . ثم قال: «أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله» ، ثم عادني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أمرها على وجهه مرتين. ثم مرتين على يديه. ثم على كبده. ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله فيك. فقلت: يا رسول الله! مرني بالتأذين بمكة. فقال: قد أمرتك به. وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقدمت على عتاب بن أسيد، عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثاني: دلت الآية على وجوب موالاة المؤمنين ومعاداة الكفار. والمراد به في أمر الدين، كما تقدم.

[ ص: 2049 ] الثالث: دلت على أن الهزء بالدين كفر، وأن هزله كجده.

قال في "الإكليل": الآية أصل في تكفير المستهزئ بشيء من الشريعة.

الرابع: دلت على أن للصلاة نداء وهو الأذان، فهي أصل فيه.

قال الزمخشري: قيل: فيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب، لا بالمنام وحده. ولما نهى تعالى عن تولي المستهزئين، أمر أن يخاطبوا بأن الدين منزه عما يصح صدور ما صدر عنهم من الاستهزاء، ويظهر لهم ما ارتكبوا ويلقموا الحجر، بقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى:

[59] قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنـزل إلينا وما أنـزل من قبل وأن أكثركم فاسقون

قل يا أهل الكتاب وصفوا بذلك تمهيدا لتبكيتهم وإلزامهم بكفرهم بكتابهم، أي: يا أصحاب الكتاب، العالمين بالنقائص والكمالات، التي يستحق على تحققها وفقدها الاستهزاء: هل تنقمون منا أي: ما تعيبون وتنكرون منا: إلا أن آمنا بالله وهو رأس الكمالات: وما أنـزل إلينا وهو أصل الاعتقادات والأعمال والأخلاق: وما أنـزل من قبل وهو يشهد لما أنزل إلينا: وأن أكثركم فاسقون أي: متمردون خارجون عن الإيمان بما ذكر.

لطائف:

الأولى: إنما فسر (تنقمون) ب (تعيبون) و (تنكرون) لأن النقمة معناها الإنكار باللسان أو بالعقوبة - كما قاله الراغب - لأنه لا يعاقب إلا على المنكر فيكون على حد قوله:


ونشتم بالأفعال لا بالتكلم


فلذا حسن (انتقم منه) مطاوعه، بمعنى عاقبه وجازاه، وإلا فكيف يخالف المطاوع أصله؟ فافهم. و (نقم) ورد كعلم يعلم وضرب يضرب، [ ص: 2050 ] وهي الفصحى، ويعدى ب (من) و (على). وقال أبو حيان: أصله أن يتعدى ب (على). ثم (افتعل) المبني منه، يعدى ب (من) لتضمنه معنى الإصابة بالمكروه، وهنا (فعل) بمعنى (افتعل). كذا في "العناية".

الثانية: في الآية تسجيل على أهل الكتاب بكمال المكابرة والتعكيس، حيث جعلوا الإيمان بما ذكر، موجبا لنقمه، مع كونه في نفسه موجبا لقبوله وارتضائه. فمعنى الآية: ليس شيء ينقم من المؤمنين. فلا موجب للاستهزاء. وهذا مما تقصد العرب في مثله، تأكيد النفي والمبالغة فيه بإثبات شيء، وذلك الشيء لا يقتضي إثباته، فهو منتف أبدا. ويسمى مثل ذلك عند علماء البيان تأكيد المدح بما يشبه الذم وبالعكس، فمن الأول نحو:


ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب


ومن الثاني هذه الآية وشبهها. أي: ما ينبغي لهم أن ينقموا شيئا إلا هذا، وهذا [ ص: 2051 ] لا يوجب لهم أن ينقموا شيئا، فليس شيء ينقمونه، فينبغي أن يؤمنوا به ولا يكفروا. وفيه أيضا التعريض بكفرهم، وتقريع بسوء الصنيع في مقابلة الإحسان.

الثالث: إسناد الفسق إلى أكثرهم؛ لأن من قال منهم ما قال وحمل غيره على العناد، طلبا للرياسة والجاه وأخذ الرشوة، إنما هو أكثرهم، ولئلا يظن أن من آمن منهم داخل في ذلك.

وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى:

[60] قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل

قل هل أنبئكم بشر من ذلك المخاطب بكاف الجمع أهل الكتاب المتقدم ذكرهم، أو الكفار مطلقا، أو المؤمنون. والمشار إليه الأكثرون الفاسقون. وتوحيد اسم الإشارة لكونه يشار به إلى الواحد وغيره، أو لتأويله بالمذكور ونحوه. وفي الكلام مقدر؛ أي: بشر من حال هؤلاء. وقيل: المشار إليه المتقدمون الذين هم أهل الكتاب، يعني أن السلف شر من الخلف. وجعله الزمخشري إشارة إلى المنقوم.

وقد جود في إيضاحه العلامة أبو السعود بقوله: لما أمر عليه الصلاة والسلام بإلزامهم وتبكيتهم، ببيان أن مدار نقمهم للدين إنما هو اشتماله على من يوجب ارتضاءه عنهم أيضا، وكفرهم بما هو مسلم لهم - أمر عليه الصلاة والسلام عقيبه بأن يبكتهم ببيان أن الحقيق بالنقم والعيب حقيقة، ما هم عليه من الدين المحرف.

وينعي عليهم في ضمن البيان جناياتهم وما حاق بهم من تبعاتها وعقوباتها، على منهاج التعريض؛ لئلا يحملهم التصريح بذلك على ركوب [ ص: 2052 ] متن المكابرة والعناد. ويخاطبهم قبل البيان بما ينبئ عن عظم شأن المبين، ويستدعي إقبالهم على تلقيه من الجملة الاستفهامية المشوقة إلى المخبر به، والتنبئة المشعرة بكونه أمرا خطيرا، لما أن النبأ هو الخبر الذي له شأن وخطر. وحيث كان مناط النقم شرية المنقوم حقيقة أو اعتقادا، وكان مجرد النقم غير مقيد لشريته البتة، قيل: (بشر من ذلك) ولم يقل: بأنقم من ذلك، تحقيقا لشرية ما سيذكر وزيادة تقرير لها. وقيل: إنما قيل ذلك، لوقوعه في عبارة المخاطبين، حيث أتى نفر من اليهود فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دينه فقال عليه الصلاة والسلام: «أومن بالله وما أنزل إلينا» .. - إلى قوله -: ( ونحن له مسلمون ) . فحين سمعوا ذكر عيسى عليه السلام، قالوا: لا نعلم شرا من دينكم. وإنما اعتبر الشرية بالنسبة إلى الدين - وهو منزه عن شائبة الشرية بالكلية - مجاراة معهم على زعمهم الباطل المنعقد على كمال شريته، ليثبت أن دينهم شر من كل شر. أي: هل أخبركم بما هو شر في الحقيقة مما تعتقدونه شرا، وإن كان في نفسه خيرا محضا؟ انتهى.

وقوله: مثوبة عند الله أي: جزاء ثابتا عند الله. قال الراغب: الثواب ما رجع إلى الإنسان من جزاء أعماله. سمي به بتصور أن ما عمله يرجع إليه، كقوله: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ولم يقل: ير جزاءه. والثواب يقال في الخير والشر، لكن الأكثر المتعارف في الخير. وكذا المثوبة، وهي مصدر ميمي بمعناه. وعلى اختصاصها بالخير استعملت هنا في العقوبة على طريقة:


تحية بينهم ضرب وجيع


[ ص: 2053 ] في التهكم. ونصبها على التمييز من (بشر)

وقوله تعالى: من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير بدل من: (شر) على حذف مضاف، أي: بشر من أهل ذلك من لعنه الله، أو بشر من ذلك دين من لعنه الله، أو خبر محذوف. أي: هو من لعنه الله وهم اليهود، أبعدهم الله من رحمته وسخط عليهم بكفرهم وانهماكهم في المعاصي بعد وضوح الآيات ومسخ بعضهم قردة وخنازير، وهم أصحاب السبت، كما تقدم بيانه في سورة البقرة: وعبد الطاغوت عطف على صلة (من) والمراد من الطاغوت: العجل، أو الكهنة وكل من أطاعوه في معصية الله تعالى: أولئك أي: الملعونون الممسوخون: شر مكانا إثبات الشرارة للمكان كناية عن إثباتها لأهله، كقولهم: (سلام على المجلس العالي) و (المجد بين برديه) كأن شرهم أثر في مكانهم أو عظم حتى صار متجسما! وقيل: المراد بالمكان محل الكون والقرار الذي يؤول أمرهم إلى التمكن فيه، كقوله: شر مكانا وهو مصيرهم، يعني جهنم.

وأضل عن سواء السبيل أي: أكثر ضلالا عن الصراط المستقيم.

ثم بين تعالى علامات كمال شرهم وضلالهم بقوله:
[ ص: 2054 ] القول في تأويل قوله تعالى:

[61] وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون

وإذا جاءوكم يعني سفلة اليهود، ويقال: المنافقون: قالوا آمنا أي: بك ونعتك أنه في كتابنا: وقد دخلوا إليكم متلبسين: بالكفر بكفر السر: وهم قد خرجوا أي: من عندكم متلبسين: به أي: بكفر السر، فهم مستمرون عليه: والله أعلم بما كانوا يكتمون أي: من الكفر، وفيه وعيد لهم.
القول في تأويل قوله تعالى:

[62] وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون

وترى كثيرا منهم أي: اليهود: يسارعون في الإثم أي: الحرام، كالكذب والعصيان من غير مبالاة من الله ولا من الناس: والعدوان أي: الظلم والاعتداء على الناس: وأكلهم السحت أي: الحرام كالرشا. وخصه بالذكر مع اندراجه في الإثم للمبالغة في التقبيح، وفيه دلالة على تحريم الرشا؛ لأن ذلك ورد في كبرائهم أنهم يسترشون في تغيير الحكم: لبئس ما كانوا يعملون مما ذكر.
القول في تأويل قوله تعالى:

[63] لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون

لولا أي: هلا: ينهاهم الربانيون أي: الزهاد منهم والعباد: والأحبار [ ص: 2055 ] أي: العلماء: عن قولهم الإثم أي: الكذب: وأكلهم السحت أي: الرشوة، المفسدة أمر العالم كله: لبئس ما كانوا يصنعون من ترهبهم وتعلمهم لغير دين الله. أو من تركهم نهيهم. وهذا الذم المقول فيهم، أبلغ مما قيل في حق عامتهم. أولا: لأنه لما عبر عن الواقع المذموم من مرتكبي المناكير بالعمل في قوله: لبئس ما كانوا يصنعون وعبر عن ترك الإنكار عليهم حيث ذمه بالصناعة في قوله: لبئس ما كانوا يصنعون - كان هذا الذم أشد. لأنه جعل المذموم عليه صناعة لهم وللرؤساء، وحرفة لازمة، هم فيها أمكن من أصحاب المناكير في أعمالهم.

وهذا معنى قول الزمخشري: كأنهم جعلوا آثم من مرتكبي المناكير، لأن كل عامل لا يسمى صانعا، ولا كل عمل يسمى صناعة، حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه. وكأن المعنى في ذلك، أن مواقع المعصية معه الشهوة التي تدعوه إليها وتحمله على ارتكابها. وأما الذي ينهاه، فلا شهوة معه في فعل غيره. فإذا فرط في الإنكار كان أشد حالا من المواقع. ثم قال الزمخشري: ولعمري! إن هذه الآية مما يقذ السامع وينعي على العلماء توانيهم. انتهى.

وفي "الإكليل": في هذه الآية وجوب النهى عن المنكر على العلماء، واختصاص ذلك بهم.

وقال البيضاوي: فيها تحضيض لعلمائهم على النهي عن ذلك، فإن (لولا) إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ، وإذا دخل على المستقبل أفاد التحضيض.

روى ابن جرير عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية.

وقال الضحاك: ما في القرآن آية أخوف عندي منها. وروى ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر قال: خطب علي بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى [ ص: 2056 ] عليه ثم قال: أيها الناس! إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار. فلما تمادوا أخذتهم العقوبات. فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم مثل الذي نزل بهم. واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقا ولا يقرب أجلا.

وروى الإمام أحمد عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي، هم أعز منه وأمنع. ولم يغيروا، إلا أصابهم الله منه بعذاب.

ولفظ أبي داود عنه، مرفوعا: ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عليه فلا يغيروا، إلا أصابهم الله بعذاب قبل أن يموتوا.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]