عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17-11-2022, 07:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الثانى

سورة النور

من صــ 752 الى صـ 757
الحلقة 114)


127 - قال الله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج مسلم وأبو داود والنَّسَائِي عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: إن جارية لعبد اللُّه بن أبى ابن سلول يُقال لها مسيكة. وأخرى يُقال لها أُميمة فكان يكرههما على الزنا. فشكتا ذلك إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنزل اللَّه: (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ) إلى قوله (غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وفي لفظ آخر لمسلم عنه - رضي الله عنه - قال: كان عبد اللُّه بن أُبي ابنُ سلول يقول لجارية له: اذهبي فابغينا شيئاً فأنزل الله - عزَّ وجلَّ -: (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة، وقد أورد جمهور المفسرين هذه القصة مع اختلاف بينهم في لفظها.
فالطبري وابن عطية والقرطبي وابن كثير ذكروا اللفظ الذي معنا.
قال الطبري: (لا تكرهوا إماءكم على البغاء وهو الزنا إن أردن تعففاً عن الزنا لتلتمسوا بإكراهكم إياهن على الزنا عَرَض الحياة، وذلك ما تعرض لهم إليه الحاجة من رياشها وزينتها وأموالها ... وذكر كلامًا إلى أن قال: وذكر أن هذه الآية أُنزلت في عبد اللَّه بن أبيّ ابن سلول حين أكره أمته مسيكة على الزنا). اهـ مختصراً.
قال ابن كثير: (كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة أرسلها تزني وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت فلما جاء الإسلام نهى اللَّه المؤمنين عن ذلك. وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة فيما ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف في شأن عبد الله بن أبي ابن سلول، فإنه كان له إماء فكان يكرههن على البغاء طلبًا لخراجهن ورغبةً في أولادهن ورياسةً منه فيما يزعم) اهـ.
أما البغوي وابن العربي وابن عاشور فقد ذكروا ألفاظًا مقاربة.
قال البغوي: (نزلت في عبد اللَّه بن أبي ابن سلول المنافق كانت له جاريتان معاذة ومسيكة، وكان يكرههما على الزنا بالضريبة يأخذها منهما، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤجرون إماءهم، فلما جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة: إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين فإن يك خيرًا فقد استكثرنا منه، وإن يك شرًا فقد آن لنا أن ندعه، فأنزل اللَّه هذه الآية) اهـ.
وقال ابن العربي: (وروى الزهري أنه كان لعبد اللَّه بن أُبَيّ جارية يقال لها معاذة، وكان رجل من قريش أُسر يوم بدر، فكان عنده، وكان القرشي يريد الجارية على نفسها، وكانت الجاربة تمتنع منه لإسلامها، وكان عبد اللَّه بن أبي يضربها على امتناعها من القرشي، رجاء أن تحمل منه فيطلب فداء ولده فأنزل الله الآية) اهـ.
قال السعدي: (وإنما نهى عن هذا لما كانوا يستعملونه في الجاهلية من كون السيد يجبر أمته على البغاء ليأخذ منها أجرة ذلك ولهذا قال: (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فلا يليق بكم أن تكون إماؤكم خيرًا منكم وأعف عن الزنا، وأنتم تفعلون بهن ذلك لأجل عرض الحياة، متاع قليل يعرض ثم يزول.
فكسبكم النزاهة والنظافة والمروءة - بقطع النظر عن ثواب الآخرة وعقابها - أفضل من كسبكم العرض القليل، الذي يكسبكم الرذالة والخسة) اهـ.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور سبب نزول الآية الكريمة لصحة سنده وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن، واتفاق المفسرين عليه والله أعلم.
* * * * *

128 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج أبو داود عن عكرمة أن نفراً من أهل العراق قالوا: يا ابن عبَّاسٍ كيف ترى في هذه الآية التي أُمرنا فيها بما أُمرنا ولا يعمل بها أحد قول اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) قرأ القعنبي إلى (عَلِيمٌ حَكِيمٌ) قال ابن عبَّاسٍ: إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حِجال، فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيمة الرجل. والرجل على أهله، فأمرهم اللَّه بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم اللَّه بالستور والخير، فلم أر أحداً يعمل بذلك بعد.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية وقد أورد هذا الحديث ابن العربي والقرطبي وابن كثير.
قال ابن العربي: (وقال ابن عبَّاسٍ: قد ذهب حكمها. ثم ساق الحديث، ثم قال: وهذا ضعيف جداً بما بيناه في غير موضع من أن شروط النسخ لم تجتمع فيه من المعارضة، ومن التقدم والتأخر فكيف يصح لناظر أن يحكم به؟) اهـ.
قال القرطبي: (قلت: هذا متن حسن، وهو يرد قول سعيد وابن جبير، فإنه ليس فيه دليل على نسخ الآية ولكن على أنها كانت على حال ثم زالت، فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان، بل حكمها لليوم ثابت في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحاري ونحوها). اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآية الكريمة للأسباب التالية:
أولاً: أن أكثر المفسرين عنايةً بالأسباب أعرضوا عنه فلم يذكروه ولو كان مما يحتج به عندهم لما تركوه.
ثانياً: أن الحديث ضعيف كما تبين من دراسة إسناده.
ثالثاً: أن الذين ذكروا الحديث لم يذكروه محتجين به على السببية، بل يذكرون الإحكام والنسخ كما هو ظاهر من أقوالهم.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآية الكريمة لضعف سنده، وخلوه من التصريح بالسببية وإعراض المفسرين عنه. واللَّه أعلم.
* * * * *


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]