
15-11-2022, 10:21 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة :
|
|
رد: الأحكام الفقهية من القصص القرآنية
الأحكام الفقهية من القصص القرآنية (72)
- بعض الأحكام المستفادة من قصة داود وسليمان -عليهما السلام
- جواز
قال -تعالى-:{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (ص:21-24)
تناول الشيخ ابن سعدي بالبيان مناسبة هذه الآيات لما تقدم من فضائل داود -عليه السلام- فقال: «لما ذكر -تعالى- أنه آتى نبيه داود الفصل في الخطاب بين الناس، وكان معروفا بذلك مقصودا، ذكر -تعالى- نبأ خصمين اختصما عنده في قضية جعلهما اللّه فتنة لداود، وموعظة لخلل ارتكبه، فتاب اللّه عليه، وغفر له، وقيض له هذه القضية».
وقد أطال بعض المفسرين في ذكر هذه الخصومة وما فيها من اختلاف المفسرين، والأظهر في هذا عدم الخوض في التفاصيل؛ حيث لا دليل نقلي صحيح عليها، قال ابن كثير: «قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس ويزيد - وإن كان من الصالحين - لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة؛ فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة، وأن يرد علمها إلى الله -عز وجل-؛ فإن القرآن حق، وما تضمن فهو حق أيضا».
وقال الشنقيطي: «اعلم أن ما يذكره كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة مما لا يليق بمنصب داود عليه وعلى نبيينا الصلاة والسلام، كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به، ولا معوّل عليه، وما جاء منه مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصح منه شيء».
والآيات الكريمة فيها جملة من الفوائد الفقهية منها:
- جواز إطلاق لفظ (الأخ) على غير الأخ النسبي:
قال ابن مسعود في قوله -تعالى-: {إن هذا أخي} أي: على ديني، وعلل الشيخ ابن سعدي استعمال هذا اللفظ فقال: «نص على الأخوة في الدين أو النسب أو الصداقة، لاقتضائها عدم البغي، وأن بغيه الصادر منه أعظم من غيره».
ومعلوم أن الله -تعالى- قطع الأخوة الإيمانية بين المسلم وغير المسلم وقصرها على المسلمين فقال -سبحانه-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)
قال القرطبي: «{إخوة} أي: في الدين والحرمة لا في النسب؛ ولهذا قيل: أخوة الدين أثبت من أخوة النسب؛ فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم».
وقد جاءت آيات تدل في ظاهرها على جواز إطلاق لفظ (الأخ) على غير المسلم إذا كان من جهة النسب أو الانتماء إلى ذات القبيلة كما قال -تعالى-: {وإلى عاد أخاهم هودا} وقال: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} وقال: {وإلى مدين أخاهم شعيبا}.
قال القرطبي مبينا وجه جواز الإطلاق بأنه مقيد بسبب غير الدين: «قال ابن عباس: أي: ابن أبيهم. وقيل: أخاهم من القبيلة. وقيل: أي: بشرا من بني أبيهم آدم».
وقال أيضا في تفسير قوله -تعالى-: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} (الشعراء: 106): «أي: ابن أبيهم، وهي أخوة نسب لا أخوة دين وقيل: هي أخوة المجانسة».
وقال ابن حجر عند قول البخاري باب قول الله -تعالى-: وإلى عاد أخاهم هودا): «وسماه أخا لكونه من قبيلتهم لا من جهة أخوة الدين».
- جوجواز الشركة أخذا من قوله -تعالى-: {وإن كثيرا من الخلطاء}:
الشركة في اللغة: الاختلاط.
وفي الاصطلاح: هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف
فالاستحقاق: بمعنى أن يكون شيء بين شخصين فأكثر اشتركا فيه باستحقاق، وهذه تسمى شركة الأملاك. كاشتراك الورثة في تملك التركة كما قال -سبحانه-: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (النساء:12)، ومثله اشتراك الموصى لهم في تملك الموصى به، بغير كسب منهم ولا عقد.
وأما الاجتماع في تصرف: فهو شركة العقد، وهي أن يتعاقد شخصان في شيء يشتركان فيه.
قال ابن حجر معرفا الشركة بأنها: «ما يحدث بالاختيار بين اثنين فصاعدا من الاختلاط لتحصيل الربح، وقد تحصل بغير قصد كالإرث».
والشركة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع:
فمن الكتاب قوله -تعالى-: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} قال طاووس وعطاء: «لا يكون الخلطاء إلا الشركاء»، وقال الطبري: «يقول: وإن كثيرا من الشركاء ليتعدَّى بعضهم على بعض».
قال الشيخ ابن عثيمين مبينا دليلا آخر على مشروعية الشركة: «قال الله -تعالى-: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} (الكهف:19) فأضاف الوَرِق إليهم جميعاً، وهذا لا شك أنه اشتراك في تصرف؛ لأن الظاهر أنهم ليسوا ورثة ورثوا هذه الدراهم».
وقال -تعالى-: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} (الروم:28) قال القرطبي: «قال بعض العلماء: هذه الآية أصل في الشركة بين المخلوقين لافتقار بعضهم إلى بعض».
ومن السنة المطهرة حديث أبي هريرة قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله -تعالى-: أنا ثالث الشريكين، ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما» رواه أبو داود.
جواز أنواع الشركات كلها
قال الشيخ ابن سعدي: «يدل هذا الحديث بعمومه على جواز أنواع الشركات كلها: شركة العنان، والأبدان، والوجوه، والمضاربة، والمفاوضة وغيرها من أنواع الشركات التي يتفق عليها المتشاركان، ومن منع شيئاً منها فعليه الدليل الدال على المنع، وإلا فالأصل الجواز، لهذا الحديث، وشموله، ولأن الأصل الجواز في كل المعاملات».
وأخرج أحمد عن أبى المنهال: «أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين، فاشتريا فضة بنقد ونسيئة، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه وما كان بنسيئة فردوه «ورواه البخاري بلفظ قريب منه.
قال ابن قدامة: «وأجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة».
د.وليد خالد الربيع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|