عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 09-11-2022, 05:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(294)
الحلقة (308)
صــ 335إلى صــ 342



4147 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : قال نزلت هذه الآية : " يسألونك عن الخمر والميسر " الآية ، فلم يزالوا بذلك يشربونها ، حتى صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما ، فدعا ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب ، فقرأ : ( قل يا أيها الكافرون ) ، ولم يفهمها . فأنزل الله عز وجل يشدد في الخمر : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) ، فكانت لهم حلالا يشربون من صلاة الفجر حتى يرتفع النهار ، أو ينتصف ، فيقومون إلى صلاة الظهر وهم مصحون ، ثم لا يشربونها حتى يصلوا العتمة - وهي [ ص: 335 ] العشاء - ثم يشربونها حتى ينتصف الليل ، وينامون ، ثم يقومون إلى صلاة الفجر وقد صحوا - فلم يزالوا بذلك يشربونها حتى صنع سعد بن أبي وقاص طعاما ، فدعا ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم رجل من الأنصار ، فشوى لهم رأس بعير ثم دعاهم عليه ، فلما أكلوا وشربوا من الخمر ، سكروا وأخذوا في الحديث . فتكلم سعد بشيء فغضب الأنصاري ، فرفع لحي البعير فكسر أنف سعد ، فأنزل الله نسخ الخمر وتحريمها وقال : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام ) إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون )

4148 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة - وعن رجل عن مجاهد - في قوله : " يسألونك عن الخمر والميسر " ، قال : لما نزلت هذه الآية شربها بعض الناس وتركها بعض ، حتى نزل تحريمها في " سورة المائدة " .

4149 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " قل فيهما إثم كبير " ، قال : هذا أول ما عيبت به الخمر .

4150 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " ، فذمهما الله ولم يحرمهما ، لما أراد أن يبلغ بهما من المدة والأجل . ثم أنزل الله في " سورة النساء " أشد منها : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) ، فكانوا يشربونها ، حتى إذا حضرت الصلاة سكتوا عنها ، فكان السكر عليهم [ ص: 336 ] حراما . ثم أنزل الله جل وعز في " سورة المائدة " بعد غزوة الأحزاب : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ) إلى ( لعلكم تفلحون ) فجاء تحريمها في هذه الآية ، قليلها وكثيرها ، ما أسكر منها وما لم يسكر . وليس للعرب يومئذ عيش أعجب إليهم منها .

4151 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قوله : " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " ، قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ربكم يقدم في تحريم الخمر ، قال : ثم نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن ربكم يقدم في تحريم الخمر . قال : ثم نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) ، فحرمت الخمر عند ذلك .

4152 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " يسألونك عن الخمر والميسر " الآية كلها ، قال : نسخت ثلاثة ، في " سورة المائدة " ، وبالحد الذي حد النبي صلى الله عليه وسلم ، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم . قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يضربهم بذلك حدا ، ولكنه كان يعمل في ذلك برأيه ، ولم يكن حدا مسمى وهو حد وقرأ : ( إنما الخمر والميسر ) الآية .

[ ص: 337 ]
القول في تأويل قوله تعالى ( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو )

قال أبو جعفر : يعني جل ذكره بذلك : ويسألك يا محمد أصحابك : أي شيء ينفقون من أموالهم فيتصدقون به ؟ فقل لهم يا محمد : أنفقوا منها العفو .

واختلف أهل التأويل في معنى : " العفو " في هذا الموضع .

فقال بعضهم : معناه : الفضل .

ذكر من قال ذلك :

4153 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي قال : حدثنا وكيع ح ، وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : العفو ما فضل عن أهلك .

4154 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : " قل العفو " ، أي الفضل .

4155 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة قال : هو الفضل .

4156 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبد الملك عن عطاء في قوله : " العفو " قال : الفضل .

4157 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي قال : " العفو " ، يقول : الفضل .

4158 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، قال : كان القوم يعملون في كل [ ص: 338 ] يوم بما فيه ، فإن فضل ذلك اليوم فضل عن العيال قدموه ، ولا يتركون عيالهم جوعا ويتصدقون به على الناس .

4159 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا يونس عن الحسن في قوله : " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، قال : هو الفضل ، فضل المال .

وقال آخرون : معنى ذلك : ما كان عفوا لا يبين على من أنفقه أو تصدق به .

ذكر من قال ذلك :

4160 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي عن ابن عباس : " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، يقول : ما لا يتبين في أموالكم .

4161 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن جريج عن طاوس في قول الله جل وعز : " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، قال : اليسير من كل شيء .

وقال آخرون : معنى ذلك : الوسط من النفقة ، ما لم يكن إسرافا ولا إقتارا .

ذكر من قال ذلك :

4162 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال : حدثنا بشر بن المفضل عن عوف عن الحسن في قوله : " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، يقول : لا تجهد مالك حتى ينفد للناس .

4163 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج قال : سألت عطاء عن قوله : " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، قال : العفو في النفقة أن لا تجهد مالك حتى ينفد فتسأل الناس . [ ص: 339 ]

4164 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج عن ابن جريج قال سألت عطاء عن قوله : " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " قال : العفو ما لم يسرفوا ولم يقتروا في الحق قال : وقال مجاهد : العفو صدقة عن ظهر غنى .

4165 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا يحيى بن سعيد قال : حدثنا عوف عن الحسن في قوله : " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، قال : هو أن لا تجهد مالك .

وقال آخرون : معنى ذلك : " قل العفو " ، خذ منهم ما أتوك به من شيء قليلا أو كثيرا .

ذكر من قال ذلك :

4166 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس : " ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، يقول : ما أتوك به من شيء قليل أو كثير فاقبله منهم .

وقال آخرون : معنى ذلك : ما طاب من أموالكم .

ذكر من قال ذلك :

4167 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قوله : " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ، قال : يقول : الطيب منه ، يقول : أفضل مالك وأطيبه .

4168 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة قال : كان يقول : العفو الفضل ، يقول : أفضل مالك . [ ص: 340 ]

وقال آخرون : معنى ذلك : الصدقة المفروضة .

ذكر من قال ذلك :

4169 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن قيس بن سعد أو عيسى عن قيس عن مجاهد - شك أبو عاصم - قول الله جل وعز : " قل العفو " ، قال : الصدقة المفروضة .

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معنى " العفو " : الفضل من مال الرجل عن نفسه وأهله في مئونتهم ما لا بد لهم منه . وذلك هو الفضل الذي تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإذن في الصدقة ، وصدقته في وجوه البر :

ذكر بعض الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك :

4170 - حدثنا علي بن مسلم قال : حدثنا أبو عاصم عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله ، عندي دينار ! قال : " أنفقه على نفسك . قال : عندي آخر ! قال : " أنفقه على أهلك . قال : عندي آخر ! قال : أنفقه على ولدك ! قال : عندي آخر ; قال : فأنت أبصر! [ ص: 341 ]

4171 - حدثني محمد بن معمر البحراني قال : حدثنا روح بن عبادة قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه ، فإن كان له فضل فليبدأ مع نفسه بمن يعول ، ثم إن وجد فضلا بعد ذلك فليتصدق على غيرهم " .

4172 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن جابر بن عبد الله قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ببيضة من ذهب أصابها في بعض المعادن ، فقال : يا رسول الله ، خذ هذه مني صدقة ، فوالله ما أصبحت أملك غيرها ! فأعرض عنه ، فأتاه من ركنه الأيمن فقال له مثل ذلك ، فأعرض عنه . ثم قال له مثل ذلك ، فأعرض عنه . ثم قال له مثل ذلك ، فقال : هاتها ! مغضبا ، فأخذها فحذفه بها حذفة لو أصابه شجه أو عقره ، ثم قال : " يجيء أحدكم بماله كله يتصدق به ، ويجلس يتكفف الناس ! ! إنما الصدقة عن ظهر غنى . [ ص: 342 ]

4173 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة عن إبراهيم المخرمي قال : سمعت أبا الأحوص يحدث ، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ارضخ من الفضل ، وابدأ بمن تعول ، ولا تلام على كفاف " .

وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول باستقصاء ذكرها الكتاب .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]