الموضوع: عودة الماضي
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-11-2022, 08:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,735
الدولة : Egypt
افتراضي عودة الماضي

عودة الماضي


محمد حمادة إمام


كثيرًا ما يُطالعنا تمنِّي الشعراءِ عودةَ أيامِ الشباب ولياليه، مدَّعين في بعض المواطن، أنه عاد إلى حوزتهم وركابه، هذا بخلاف مَن أخبر بإبائه عليهم، ونفوره منهم بعد رحيله عنهم.
فهذا ابن الجياب، يرجو - متفائلًا - عودة الشباب، ورجوعَه إليه، فإذ بالشباب يُلبِّي دعوتَه، ويُجيبه إلى طلَبه، بعد السبعين مِن عمره، على يد مَن أحبَّه، ولم لا؟!، وهو مِن ذوي الحِلم والحِكمة والعلم، فيقول[1]: [من الطويل]
سقاني فأهلًا بالسِّقاية والسَّاقي
سُلاَفًا بها قَامَ السُّرُورُ على سَاقِ

ولا نقْلَ إلَّا مِنْ بدائعِ حِكْمَةٍ
ولا كأْسَ إِلَّا مِنْ سُطُورٍ وأَوْراقِ

فَقَدْ نَشَأَتْ لي نشوةٌ بَعْد نَشْوةٍ
تُمَدُّ بِروْحَانيةٍ ذاتِ أذْوَاقِ

فمِن حَظِّها الباهي متاعٌ لِناظِرِي
وسمعي وحظُّ الروح ِمِن حظَّها الباقي

أعادتْ شبابي بعد سَبْعين حِجَّةً
فأثوابُه قَدْ جُدِّدَتْ بَعْدَ إِخْلاقِ

وما كُنْتُ يَومًا للمُدَامةِ صاحبًا
ولا قَبلَتْها قطُّ نشأةُ أخْلاقي

ولا خالَطَتْ لَحْمِي ولا مَزَجَتْ دَمِي
وَقَى شَرَّهَا مولاي فالشكرُ للواقي

وهذا على عَهْدِ الشّبابِ فكيف لي
بها بَعْد ماءٍ للشبيبة مُهْرَاقِ


أَحَبَّ العِلْم، وتشرَّب التُّقَى والحِلم - وهذا مِن فضل ربه عليه - فلم تمس يده أقداح المجُونِ والسُّكْر، ولم تجْر في عروقه قطرةُ خمر، هذا في الشباب، فكيف به في المشيب، لقد ازدان بوقارٍ على وقاره، بفضل الباري سبحانه وتعالى، وصدَق اللهُ العظيم إذ يقول: ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ[2].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.85%)]