عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-11-2022, 08:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,140
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من شعر الغربة عن الوطن

إلى أن يقول:
ألَا حبَّذا تلك الديار أَوَ اَهْلًا
ويا حَبَّذا منها رُسُومٌ وأطلالُ

ويا حَبَّذا منها تَنَسُّمُ نَفْحةٍ
تُؤَدِّيهِ أسحارٌ إلينا وآصَالُ


ألبستْه الخطوب التي داهمتْه بياضَ المشيب، ومشاعر وأحاسيس لا يُداويها طبيب، أما طيب ديار الأحباب، وما كان فيها مِن نَضْرة ونعيم، فتحمله إليه الآصال والرسومُ والأسحار.

"وقال ابنُ خفاجة يَندب مَعاهد الشباب، ويتفجَّع لِوفاة الإخوان والأحباب الذين أصابهم سيلٌ أعاد الديارَ آثارًا، وقضَى عليها وهيًا وانتشارا[17]: [ من الطويل ]
أَلَا عَرَّسَ الإخوانُ في ساحة البِلَى
وما رَفَعُوا غَيْر القُبُورِ قِبَابا

فدمْعٌ كمّا سحَّ الغمامُ ولَوْعةٌ
كما ضَرَّمتْ ريحُ الشمال شِهَابا

إذا اسْتَوْقَفَتْني في الديار عشيةً
تلذذتُ فيها جِيئةً وذهابا

أَكُرُّ بِطرْفي في مَعَاهدِ فِتْيةٍ
ثَكِلْتُهُمُ بِيضَ الوُجُوهِ شَبَابا

فَطال وُقُوفي بين وَجْدٍ وزَفْرةٍ
أُنَادي رُسُومًا لا تُحيُر جَوَابا

وأمحو جميلَ الصَّبْرِ طورًا بِعَبْرَةٍ
أَخُطُّ بها، في صفحتيَّ، كِتابا

وَقَدْ دَرَستْ أجْسَامُهم ودِيَارُهُم
فَلَمْ أرَ إلَّا أَقْبُرا وَيَبابا


بكاء على الشباب، وأسًى على الديار، التي خَلَتْ مِن الفتاءة، والبهاء، إذْ صارت أجسادُ أحبائه أشلاءً، ثم تُرابًا، فدموعه إذًا لهيبُ نارِ الفراق، وجَوَى دِيار الشباب والرفاق، وفي هذا ما يُوحي بوفائه، وحُبِّه لِرفاقه، ومَعاهد شبابه.

وله في مثل هذا الموقف صورٌ متعدِّدة، يَبُثُّ فيها أشجانه ومشاعره وأحاسيسه؛ فيقول[18]: [من الكامل]
فإذا مَرَرْتُ بمعهدٍ لِشبيبةٍ
أو رَسْمِ دارٍ للصَّديق خَلاءِ

جالتْ بطرْفي للصَّبَابة عَبْرٌةٌ
كالغيْم رَقَّ فَحَالَ دُونَ سماءِ


ويُعدُّ "ابن الشماخ[19]"، مِن روَّاد هذا الفن، فله قصيدة، يصوِّر فيها رحيلَه عن أحبِّ الديار إليه - ديار شبابه بإشبيلية - على رغمٍ منه، كاشفًا عن تعنُّت الدهر معه، وتقلُّبه به، حتى شاهد على يديه العجَب العجاب من: معاداة واغتراب، راجيًا الإياب بفألٍ سمِعه، ولكن الدهر يكسِر قيدَه، ويحُول بينه وبين أمانيه وأمله، فيقول[20]:
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]