عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-11-2022, 11:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) }
شيماء محمد


** القراءات
1- الاختلاف في قراءة (يخادعون)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
الصّحيح من القراءة: {وما يخدعون إلاّ أنفسهم}دون: وما يخادعون، لأنّ لفظ المخادع غير موجبٍ تثبيت خديعةٍ على صحّةٍ، ولفظ خادعٍ موجبٌ تثبيت خديعةٍ على صحّةٍ، ولا شكّ أنّ المنافق قد أوجب تثبيت خديعة اللّه لنفسه بما ركب من خداعه ربّه ورسوله والمؤمنين بنفاقه، فلذلك وجبت الصّحّة لقراءة من قرأ: {وما يخدعون إلاّ أنفسهم}.
ومن الدّلالة أيضًا على أنّ قراءة من قرأ: {وما يخدعون}أولى بالصّحّة من قراءة من قرأ: (وما يخادعون ) أنّ اللّه جلّ ثناؤه قد أخبر عنهم أنّهم يخادعون اللّه والمؤمنين في أوّل الآية، فمحالٌ أن ينفي عنهم ما قد أثبت أنّهم قد فعلوه، لأنّ ذلك تضادٌّ في المعنى، وذلك غير جائزٍ من اللّه جلّ ثناؤه)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ):اختلف القراء في يخادعون الثاني.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: «يخادعون».
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: «وما يخدعون».
وقرأ أبو طالوت عبد السلام بن شداد والجارود بن أبي سبرة: «يخدعون» بضم الياء.
وقرأ قتادة ومورق العجلي: «يخدّعون» بضم الياء وفتح الخاء وكسر الدال وشدها.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) ومن القرّاء من قرأ: "وما يخادعون إلا أنفسهم"، وكلا القراءتين ترجع إلى معنى واحد)

2- سبب اختلاف القراءات
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ):ووجه قراءة عاصم ومن ذكر، أن ذلك الفعل هو خدع لأنفسهم يمضي عليها، تقول: «خادعت الرجل» بمعنى أعملت التحيل عليه، فخدعته بمعنى تمت عليه الحيلة ونفذ فيه المراد، والمصدر «خدع» بكسر الخاء وخديعة، حكى ذلك أبو زيد. فمعنى الآية وما ينفذون السوء إلا على أنفسهم وفيها.
ووجه قراءة أبي طالوتأحد أمرين:إما أن يقدر الكلام وما يخدعون إلا عن أنفسهم فحذف حرف الجر ووصل الفعل إما أن يكون «يخدعون» أعمل عمل ينتقصون لما كان المعنى وما ينقصون ويستلبون إلا أنفسهم،
ووجه قراءة قتادة المبالغة في الخدع، إذ هو مصير إلى عذاب الله
قال الخليل: «يقال خادع من واحد لأن في المخادعة مهلة، كما يقال عالجت المريض لمكان المهلة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا من دقيق نظره وكأنه يرد فاعل إلى الاثنين، ولا بد من حيث ما فيه مهلة ومدافعة ومماطلة، فكأنه يقاوم في المعنى الذي تجيء فيه فاعل

** مسائل بلاغية
3- الفرق بين خدع وخادع
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ):
فرق أهل اللغة بين "خادع" و"خدع"، فقالوا: "خادع" أي: قصد الخدع وإن لم يكن خدع، و"خدع" معناه: بلغ مراده.
والاختيار عندهم "يخادعون" في الأولى؛ لأنه غير واقع، والاختيار في الثاني "يخدعون"؛ لأنه أخبر تعالى أنه واقع بهم لما يطلع عليه من أخبارهم، فعاد ما ستروه وأظهروا غيره وبالاً عليهم .
وقال محمد بن يزيد: يجوز في الثاني: (وما يخادعون) أي: بتلكالمخادعةبعينهاإنما يخادعون أنفسهم بها؛ لأن وبالها يرجع عليهم.

تفسير قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) }
** مسائل تفسيرية
1- المقصود بالمرض
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في قلوبهم مرضٌ}أي: شكّ ونفاق.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): {في قلوبهم مرض}: أي شك ونفاق
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({في قلوبهم مرضٌ}أي: شك ونفاق، ومنه يقال: فلان يمرّض في الوعد وفي القول، إذا كان لا يصححه ولا يؤكده)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى:{في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضًا ولهم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يكذبون}
قال أبو جعفرٍ: وأصل المرض: السّقم، ثمّ يقال ذلك في الأجساد والأديان فأخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّ في قلوب المنافقين مرضًا، وإنّما عنى تبارك وتعالى بخبره عن مرض قلوبهم الخبر عن مرض ما في قلوبهم من الاعتقاد،ولكن لمّا كان معلومًا بالخبر عن مرض القلب أنّه معنيٌّ به مرض ما هم معتقدوه من الاعتقاد استغنى بالخبر عن القلب بذلك، والكناية به عن تصريح الخبر عن ضمائرهم واعتقاداتهم
ذكر من قال ذلك:
-
حدّثنا محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ:«{في قلوبهم مرضٌ}أي شكٌّ».
-
وحدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال:«المرض: النّفاق».
-
حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {في قلوبهم مرضٌ}يقول: «في قلوبهم شكٌّ».
-
حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال عبد الرّحمن بن زيدٍ في قوله: {في قلوبهم مرضٌ}قال: «هذا مرضٌ في الدّين وليس مرضًا في الأجساد،قال: هم المنافقون.».
-
حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءةً عن سعيدٍ، عن قتادة، في قوله: {في قلوبهم مرضٌ}قال: «في قلوبهم ريبةٌ وشكٌّ في أمر اللّه جلّ ثناؤه».
-
وحدّثت عن عمّار بن الحسن، قال حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: {في قلوبهم مرضٌ}قال: «هؤلاء أهل النّفاق، والمرض الّذي في قلوبهم الشّكّ في أمر اللّه».
-
حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال عبد الرّحمن بن زيدٍ: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه وباليوم الآخر}حتّى بلغ: {في قلوبهم
قالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{في قلوبهم مرض فزادهم اللّه مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون (10)}معناه: نفاق، وقد يقال: السّقم والمرض في البدن وفي الدّين جميعاً، كما يقال: الصحة في البدن والدّين جميعاً.

فمعنى قوله:{مرض}قال أبو عبيدة: معناه: شك ونفاق، والمرض في القلب: يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين.
وقوله: {فزادهم اللّه مرضاً} فيه جوابان:
قال بعضهم:زادهم الله بكفرهم. كما قال عزّ وجلّ: {بل طبع اللّه عليها بكفرهم}.
وقال بعض أهل اللغة:فزادهم اللّه بما أنزل عليهم من القرآن، فشكوا فيه كما شكوا في الذي قبله. قال:والدليل على ذلك قوله عزّ وجلّ: {وإذا ما أنزلت سورة} إلى قوله: {فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون (124) وأمّا الّذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم}وهذا قول بين واضح، واللّه أعلم.
وقوله عزّ وجلّ: {ولهم عذاب أليم}معناه موجع يصل وجعه إلى قلوبهم. وتأويل{أليم}في اللغة: مؤلم.

قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {في قلوبهم مرض}
[الوجه الأول]
-
حدّثنا أبو زرعة، ثنا محمّد بن أبي بكرٍ المقدسي، ثنا عبد العزيز بن عبد الصّمد، عن مالك بن دينارٍ، عن عكرمة{في قلوبهم مرضٌ}قال: «الزّنا».
-
حدّثنا أحمد بن منصورٍ الرّماديّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه{في قلوبهم مرضٌ}قال: «ذلك في بعض أمور النّساء».
الوجه الثّاني:
-
حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ{في قلوبهم مرضٌ}قال: «المرض النّفاق».
والوجه الثّالث:
-
حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة، عن محمّد ابن إسحاق قال: فيما حدّثنا محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: «{فيقلوبهم مرضٌ}أي شكٌّ».
-
حدّثنا عصام بن روّاد بن الجرّاح العسقلانيّ، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية: «يقول اللّه:{في قلوبهم مرضٌ}يعني الشّكّ».قال أبو محمّدٍ: وكذا روي عن مجاهدٍ، والحسن، وعكرمة، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّيّ، وقتادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/43]مرضٌ}قال: «المرض: الشّكّ الّذي دخلهم في الإسلام».)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى:{في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا}
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.39 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]