عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 24-10-2022, 10:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الخامس

سُورَةُ الْكَهْفِ
الحلقة (363)
صــ 155 إلى صــ 162


وفي المشار إليهم أربعة أقوال:

أحدها: إبليس وذريته . والثاني: الملائكة . والثالث: جميع الكفار . والرابع: جميع الخلق، والمعنى: إني لم أشاورهم في خلقهن، وفي هذا بيان للغناء عن الأعوان وإظهار كمال القدرة . [ ص: 155 ]

قوله تعالى: " ولا خلق أنفسهم " ; أي: ما أشهدت بعضهم خلق بعض، ولا استعنت ببعضهم على إيجاد بعض .

قوله تعالى: " وما كنت متخذ المضلين " [ يعني: الشياطين ]، " عضدا " ; أي: أنصارا وأعوانا . والعضد يستعمل كثيرا في معنى العون ; لأنه قوام [ اليد ] . قال الزجاج: والاعتضاد: التقوي وطلب المعونة، يقال: اعتضدت بفلان ; أي: استعنت به .

وفي ما نفى اتخاذهم عضدا فيه قولان:

أحدهما: أنه الولايات، والمعنى: ما كنت لأولي المضلين، قاله مجاهد .

والثاني: أنه خلق السماوات والأرض، قاله مقاتل . وقرأ الحسن، والجحدري، وأبو جعفر: ( وما كنت ) بفتح التاء .
ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا .

قوله تعالى: " ويوم يقول " وقرأ حمزة: ( نقول ) بالنون، يعني: يوم القيامة، " نادوا شركائي " أضاف الشركاء إليه على زعمهم، والمراد: نادوهم لدفع العذاب عنكم أو الشفاعة لكم، " الذين زعمتم " ; أي: زعمتموهم شركاء، " فدعوهم فلم يستجيبوا لهم " ; أي: لم يجيبوهم، " وجعلنا بينهم " في المشار إليهم قولان:

أحدهما: أنهم المشركون والشركاء . والثاني: أهل الهدى وأهل الضلالة .

وفي معنى " موبقا " ستة أقوال:

أحدها: مهلكا، قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك . وقال ابن قتيبة: [ ص: 156 ] مهلكا بينهم وبين آلهتهم في جهنم، ومنه يقال: أوبقته ذنوبه ; [ أي: أهلكته ] . قال الزجاج: المعنى: جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم ; أي: يهلكهم، فالموبق: المهلك، يقال: وبق، ييبق، ويابق، وبقا، ووبق، يبق، وبوقا، فهو وابق . وقال الفراء: جعلنا تواصلهم في الدنيا موبقا ; أي: مهلكا لهم في الآخرة، فالبين على هذا القول بمعنى التواصل، كقوله تعالى: لقد تقطع بينكم [ الأنعام: 94 ] على قراءة من ضم النون .

والثاني: أن الموبق: واد عميق يفرق به بين أهل الضلالة وأهل الهدى، قاله عبد الله بن عمرو .

والثالث: أنه واد في جهنم، قاله أنس بن مالك ومجاهد .

والرابع: أن معنى الموبق: العدواة، قاله الحسن .

والخامس: أنه المحبس، قاله الربيع بن أنس .

والسادس: أنه الموعد، قاله أبو عبيدة .

قال ابن الأنباري: إن قيل: لم قال: " موبقا " ، ولم يقل: ( موبقا ) بضم الميم ; إذ كان معناه: عذابا موبقا ؟

فالجواب: أنه اسم موضوع لمحبس في النار، والأسماء لا تؤخذ بالقياس، فيعلم أن ( موبقا ) مفعل، من أوبقه الله: إذا أهلكه، فتنفتح الميم كما تنفتح في ( موعد، ومولد، ومحتد )، إذا سميت الشخوص بهن .

قوله تعالى: " ورأى المجرمون النار " ; أي: عاينوها وهي تتغيظ حنقا عليهم، والمراد بالمجرمين: الكفار . " فظنوا " ; أي: أيقنوا " أنهم مواقعوها " ; أي: [ ص: 157 ] داخلوها، ومعنى المواقعة: ملابسة الشيء بشدة . " ولم يجدوا عنها مصرفا " ; أي: معدلا، والمصرف: الموضع الذي يصرف إليه، وذلك أنها أحاطت بهم من كل جانب، فلم يقدروا على الهرب .
ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا .

قوله تعالى: " ولقد صرفنا في هذا القرآن " قد فسرناه في ( بني إسرائيل: 41 ) .

قوله تعالى: " وكان الإنسان أكثر شيء جدلا " فيمن نزلت قولان:

أحدهما: أنه النضر بن الحارث، وكان جداله في القرآن، قاله ابن عباس .

والثاني: أبي بن خلف، وكان جداله في البعث حين أتى بعظم قد رم، فقال: أيقدر الله على إعادة هذا ؟ قاله ابن السائب . قال الزجاج: كل ما يعقل من الملائكة والجن يجادل، والإنسان أكثر هذه الأشياء جدلا .

قوله تعالى: " وما منع الناس أن يؤمنوا " قال المفسرون: يعني: أهل مكة، " إذ جاءهم الهدى " وهو محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن والإسلام، " إلا أن تأتيهم سنة الأولين " وهو أنهم إذا لم يؤمنوا عذبوا .

وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال:

أحدها: ما منعهم من الإيمان إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين، قاله الزجاج .

والثاني: وما منع الشيطان الناس أن يؤمنوا إلا لأن تأتيهم سنة الأولين ; أي: منعهم رشدهم لكي يقع العذاب بهم، ذكره ابن الأنباري . [ ص: 158 ]

والثالث: ما منعهم إلا أني قد قدرت عليهم العذاب . وهذه الآية فيمن قتل ببدر وأحد من المشركين، قاله الواحدي .

قوله تعالى: " أو يأتيهم العذاب " ذكر ابن الأنباري في " أو " هاهنا ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها بمعنى الواو .

والثاني: أنها لوقوع أحد الشيئين ; إذ لا فائدة في بيانه .

والثالث: أنها دخلت للتبعيض ; أي: أن بعضهم يقع به هذا، وهذه الأقوال الثلاثة قد أسلفنا بيانها في قوله عز وجل: أو كصيب من السماء [ البقرة: 19 ] .

قوله تعالى: " قبلا " قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو ، وابن عامر: ( قبلا ) بكسر القاف وفتح الباء . وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: ( قبلا ) بضم القاف والباء . وقد بينا علة القراءتين في ( الأنعام: 111) . وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود: ( قبلا ) بفتح القاف من غير ياء، قال ابن قتيبة: أراد: استئنافا .

فإن قيل: إذا كان المراد بسنة الأولين: العذاب، فما فائدة التكرار بقوله: " أو يأتيهم العذاب " ؟

فالجواب: أن سنة الأولين أفادت عذابا مبهما يمكن أن يتراخى وقته وتختلف أنواعه، وإتيان العذاب قبلا أفاد القتل يوم بدر . قال مقاتل: " سنة الأولين " : عذاب الأمم السالفة، " أو يأتيهم العذاب قبلا " ; أي: عيانا قتلا بالسيف يوم بدر .
وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي [ ص: 159 ] وما أنذروا هزوا ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا .

قوله تعالى: " ويجادل الذين كفروا بالباطل " قال ابن عباس: يريد: المستهزئين والمقتسمين وأتباعهم، وجدالهم بالباطل أنهم ألزموه أن يأتي بالآيات على أهوائهم ; " ليدحضوا به الحق " ; أي: ليبطلوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل: جدالهم: قولهم: أإذا كنا عظاما ورفاتا [ الإسراء: 49 ]، أإذا ضللنا في الأرض [ السجدة: 10 ]، ونحو ذلك ليبطلوا به ما جاء في القرآن من ذكر البعث والجزاء . قال أبو عبيدة: ومعنى " ليدحضوا " : ليزيلوا ويذهبوا، يقال: مكان دحض ; أي: مزل لا يثبت فيه قدم ولا حافر .

قوله تعالى: " واتخذوا آياتي " يعني: القرآن . " وما أنذروا " ; أي: خوفوا به من النار والقيامة، " هزوا " ; أي: مهزوءا به .

قوله تعالى: " ومن أظلم " قد شرحنا هذه الكلمة في ( البقرة: 114 ) . و " ذكر " بمعنى: وعظ . وآيات ربه: القرآن، وإعراضه عنها: تهاونه بها . " ونسي ما قدمت يداه " ; أي: ما سلف من ذنوبه، وقد شرحنا ما بعد هذا في ( الأنعام: 21 ) إلى قوله: وإن تدعهم إلى الهدى وهو الإيمان والقرآن، " فلن يهتدوا " هذا إخبار عن علمه فيهم .

قوله تعالى: " وربك الغفور ذو الرحمة " إذ لم يعاجلهم بالعقوبة . " بل لهم [ ص: 160 ] موعد " للبعث والجزاء، " لن يجدوا من دونه موئلا " قال الفراء: الموئل: المنجى، وهو الملجأ في المعنى ; لأن المنجى ملجأ، والعرب تقول: إنه ليوائل إلى موضعه ; أي: يذهب إلى موضعه، قال الشاعر:


لا واءلت نفسك خليتها للعامريين ولم تكلم


يريد: لا نجت نفسك، وأنشد أبو عبيدة للأعشى:


وقد أخالس رب البيت غفلته وقد يحاذر مني ثم ما يئل


أي: ما ينجو . وقال ابن قتيبة: الموئل: الملجأ، يقال: وآل فلان إلى كذا: إذا لجأ .

فإن قيل: ظاهر هذه الآية يقتضي أن تأخير العذاب عن الكفار برحمة الله، ومعلوم أنه لا نصيب لهم في رحمته ؟

فعنه جوابان: أحدهما: [ أن ] الرحمة هاهنا بمعنى النعمة، ونعمة الله لا يخلو منها مؤمن ولا كافر . فأما الرحمة التي هي الغفران والرضى، فليس للكافر فيها نصيب . والثاني: أن رحمة الله محظورة على الكفار يوم القيامة، فأما في الدنيا فإنهم ينالون منها العافية والرزق .

قوله تعالى: " وتلك القرى " يريد: التي قصصنا عليك ذكرها، والمراد: أهلها ; ولذلك قال: " أهلكناهم " والمراد: قوم هود وصالح، ولوط وشعيب . قال الفراء: قوله: " لما ظلموا " معناه: بعدما ظلموا . [ ص: 161 ]

قوله تعالى: " وجعلنا لمهلكهم " قرأ الأكثرون بضم الميم وفتح اللام . قال الزجاج: وفيه وجهان:

أحدهما: أن يكون مصدرا، فيكون المعنى: وجعلنا لإهلاكهم .

والثاني: أن يكون وقتا، فالمعنى: لوقت هلاكهم .

وقرأ أبو بكر عن عاصم بفتح الميم واللام، وهو مصدر مثل الهلاك . وقرأ حفص عن عاصم بفتح الميم وكسر اللام، ومعناه: لوقت إهلاكهم .
وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما .

قوله تعالى: " وإذ قال موسى لفتاه . . . " الآية، سبب خروج موسى عليه السلام في هذا السفر، ما روى ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم ؟ فقال: أنا، فعتب الله عز وجل عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك ; قال موسى: يا رب فكيف لي به ؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم . فانطلق [ ص: 162 ] معه فتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه، فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق . فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد، قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به، فقال فتاه: "أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة . . . " إلى قوله: "عجبا،" قال: فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا، فقال موسى: ذلك ما كنا نبغي، "فارتدا على آثارهما قصصا" . قال: رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا هو مسجى بثوب، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام ! من أنت ؟ قال: أنا موسى . قال: موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا . قال: إنك لن تستطيع معي صبرا يا موسى، إني على علم من علم الله لا تعلمه علمنيه، وأنت على علم من علم الله علمكه لا أعلمه، فقال موسى: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، فقال له الخضر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ; فانطلقا يمشيان على الساحل، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم قد حملونا بغير نول عمدت


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]