عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-10-2022, 09:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,240
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الثانى

سورة إبراهيم

من صــ 640 الى صـ 650
الحلقة (102)


سورة إبراهيم
107 - قال اللَّه تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج مسلم والبخاري وابن ماجه عن البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) قال: نزلت في عذاب القبر. فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، ونبيِّ محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذلك قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في تفسير الآية عن البراء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أورد القرطبي الحديث بنصه أما الطبري والبغوي وابن كثير وابن عاشور فأوردوه بألفاظ مقاربة.
ولم أرَ من صرح بأن للآية سبب نزول، وأن هذا هو سببها، بل حديث البراء من قبيل التفسير فقط.
أما قوله: (نزلت في عذاب القبر)، فالمعنى أن من صور التثبيت التي تناولتها الآية تثبيت المؤمنين في قبورهم عند سؤال الملكين.
قال السعدي: (يخبر تعالى أنه يثبت عباده المؤمنين الذين قاموا بما عليهم من الإيمان القلبي التام الذي يستلزم أعمال الجوارح ويثمرها، فيثبتهم اللَّه في الحياة الدنيا عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومرادها، وفي الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي والخاتمة الحسنة، وفي القبر عند سؤال الملكين للجواب الصحيح إذا قيل للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ هداهم للجواب الصحيح بأن يقول المؤمن: اللَّه ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبى) اهـ.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سبباً لنزول الآية الكريمة لعدم وجود الدليل على ذلك وأن قول البراء: نزلت في عذاب القبر، هو من باب التفسير فقط، ويؤكد هذا ترك العلماء القول بالسببية والله تعالى أعلم.
* * * * *
سورة الحجر
108 - قال اللَّه تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج أحمد والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: كانت امرأة حسناءُ تصلي خلف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: فكان بعض القوم يستقدم في الصف الأول لئلا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تهحت إبطيه فأنزل الله في شأنها: (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية، وقد أورد الحديث جمهور أهل التفسير منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري بعد سياق الأحاديث في ذلك: (وأولى الأقوال عندي في ذلك بالصحة قول من قال معنى ذلك: ولقد علمنا الأموات منكم يا بني آدم فتقدم موته، ولقد علمنا المستأخرين الذين استأخر موتهم ممن هو حي ومن هو حادث منكم ممن لم يحدث بعدُ لدلالة ما قبله من الكلام وهو قوله: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ)، وما بعده وهو قوله: (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) على أن ذلك كذلك إذ كان بين هذين الخبرين، ولم يجر قبل ذلك من الكلام ما يدل على خلافه، ولا جاء بعدُ، وجائز أن تكون نزلت في شأن المستقدمين في الصف لشأن النساء والمستأخرين فيه لذلك، ثم يكون الله - عَزَّ وَجَلَّ - عم بالمعنى المراد منه جميع الخلق). اهـ.
وساق ابن العربي الحديث وذكر معه أربعة أقوال ثم قال: (وكل هذا معلوم لله سبحانه فإنه عالم بكل موجود ومعدوم، وبما كان وبما يكون وبما لا يكون أن لو كان كيف يكون) اهـ. ولم يتعقب الحديث بشيء.
وقال ابن عطية بعد سياق الأقوال ومنها هذا الحديث: (وما تقدم الآيةَ من قوله: (وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ) وما تأخر من قوله: (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) يضعف هذه التأويلات لأنها تذهب اتصال المعنى وقد ذكر ذلك محمد بن كعب القرظي لعون بن عبد اللَّه) اهـ.
وقال القرطبي بعد سياق الأقوال: (إلا أن القول الثامن هو سبب نزول الآية ثم ساق الحديث وقال بعده، وروي عن أبي الجوزاء ولم يذكر ابن عبَّاسٍ وهو أصح) اهـ.
وقال ابن كثير بعد سياق الحديث: (وهذا الحديث فيه نكارة شديدة ... إلى أن قال: فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط ليس فيه لابن عبَّاسٍ ذكر) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وقد تقدم في طالع تفسير هذه السورة الخبر الذي أخرجه الترمذي في جامعه من طريق نوح بن قيس ومن طريق جعفر بن سليمان في سبب نزول هذه الآية وهو خبر واهٍ لا يلاقي انتظام هذه الآيات، ولا يكون إلا من التفاسير الضعيفة) اهـ.
وبهذه النصوص المتقدمة يتبين لك أن العلماء حيال هذا السبب طائفتان: طائفة قد أنكرته وضعفته، وطائفة قد رأته ممكنًا، وهذا - واللَّه - لا يمكن أن يصح إذ كيف يُظن ببعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا الظن السيء مع ما لهم من المنزلة والإحسان والرفعة والإيمان والسابقة التي لا يلحقهم بها أحد أن يفعلوا هذا الفعل وهم قائمون بين يدي اللَّه وراكعون وساجدون.
إن رجلاً من أهل هذا الزمان لو قيل لك: إنه يفعل ذلك في صلاته لاقشعر جلدك ولم تكد تصدق حتى ترى هذا منه بأم عينيك، فكيف يصدق مثله في أشرف صحب وأطهر قوم، والحجة فيه كلام عجيب منتهاه أبو الجوزاء.
وبناءً على ما تقدم فإني أقول: إن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآية الكريمة لما يلي:
1 - ضعف إسناده فمداره على عمرو بن مالك النكري، لم يوثقه أحد من ذوي الشأن باستثناء ابن حبان، ومع تساهله في التوثيق فقد قال عنه: يخطئ ويغرب.
2 - سياق الآيات ليس بينه وبين الحديث صلة وقد أشار الطبري في بداية حديثه إلى المقصود بالآية ومثله ابن عطية وابن عاشور.
وقد قال السعدي: (فإنه تعالى يعلم المستقدمين من الخلق، والمستأخرين منهم، ويعلم ما تنقص الأرض منهم، وما تفرق من أجزائهم، وهو الذي قدرته لا يعجزها معجز فيعيد عباده خلقاً جديداً ويحشرهم إليه) اهـ.
فسياق الآيات قبلها في الإحياء والإماتة، وبعدها في الحشر إلى اللَّه، فأين صفوف المصلين من السياقين السابق واللاحق؟
وإذا أردت أن تعرف أن الآية تدور على هذا فانظر قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة - رضي الله عنها - (قولي: السلام عدى أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم اللَّه المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون).
3 - النيل من بعض الصحابة والقدح فيهم دليل الخطأ والزلل، فوقوع هذا الفعل من الصحابة. من أبعد البعيد، فكيف إذا كانوا يصلون؟
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سبباً للنزول، لضعف سنده، ومخالفته للسياق، وطعنه في بعض أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والله أعلم.
* * * * *

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]