عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-10-2022, 10:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح أثر سعيد بن المسيب: (لا بأس بإجارة الأرض البيضاء بالذهب والفضة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر حدثنا شريك عن طارق عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا بأس بإجارة الأرض البيضاء بالذهب والفضة، وقال: إذا دفع رجل إلى رجل مالاً قراضاً فأراد أن يكتب عليه بذلك كتاباً كتب: هذا كتاب كتبه فلان ابن فلان طوعاً منه في صحة منه وجواز أمره لفلان ابن فلان، أنك دفعت إليّ مستهل شهر كذا من سنة كذا عشرة آلاف درهم وضحاً جياداً وزن سبعة قراضاً، على تقوى الله في السر والعلانية وأداء الأمانة، على أن أشتري بها ما شئت منها كل ما أرى أن أشتريه، وأن أصرفها وما شئت منها فيما أرى أن أصرفها فيه من صنوف التجارات، وأخرج بما شئت منها حيث شئت، وأبيع ما أرى أن أبيعه مما أشتريه بنقد رأيت أم بنسيئة، وبعين رأيت أم بعرض، على أن أعمل في جميع ذلك كله برأيي، وأوكل في ذلك من رأيت، وكل ما رزق الله في ذلك من فضل وربح بعد رأس المال الذي دفعته المذكور إلي المسمى مبلغه في هذا الكتاب فهو بيني وبينك نصفين، لك منه النصف بحظ رأس مالك، ولي فيه النصف تاماً بعملي فيه، وما كان فيه من وضيعة فعلى رأس المال، فقبضت منك هذه العشرة آلاف درهم الوضح الجياد مستهل شهر كذا في سنة كذا، وصارت لك في يدي قراضاً على الشروط المشترطة في هذا الكتاب، أقر فلان وفلان، وإذا أراد أن يطلق له أن يشتري ويبيع، وإذا أراد ألا يطلق له أن يشتري ويبيع بالنسيئة كتب، وقد نهيتني أن أشتري وأبيع بالنسيئة].فقد ذكر النسائي فيما مضى أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة تتعلق بالمزارعة، وقد ذكر في آخرها هذا الأثر عن سعيد بن المسيب الذي فيه أنه لا بأس أن يستأجر بالذهب والفضة.
قوله: [لا بأس بإجارة الأرض البيضاء بالذهب والفضة].
يعني: أن استئجار الأرض لزراعتها وهي خالية ليزرع فيها ما شاء من الأصناف أنه لا بأس بها بالذهب والفضة، أي: أن كون الإنسان يدفع ذهباً أو فضة في مقابل استئجارها لمدة سنة أو أكثر أن ذلك لا بأس به، ويزرعها ثم ما حصل من ثمرة وفائدة فهي تخص المستأجر؛ لأن المؤجر أخذ الأجرة التي هي مقدارٌ معين من الذهب والفضة، وقد عرفنا أن ذلك سائغ، ولا بأس به، أي: استئجارها بالذهب والفضة، وكذلك استئجارها بجزء معلوم النسبة ثم يخرج منها أيضاً لا بأس بذلك.
ثم ذكر أنه إذا دفع شخص لآخر مالاً على أن يعمل به العامل الذي دفع إليه مضاربةً، وحصلت الكتابة بينهما في إبرام هذا العقد فإنه يكتبه على هذه الصيغة التي أشار إليها والتي ذكرها.
قوله: [إذا دفع رجل إلى رجلٍ مالاً قراضاً فأراد أن يكتب عليه بذلك كتاباً كتب].
إذا دفع إلى رجل مالاً قراضاً يعني: دفعه قراضاً اللي هو المضاربة، القراض هو المضاربة يقال: وهي الاشتراك وهي شركة بين طرفين أحدهما يعمل والثاني يمول يدفع رأس مال، بحيث يبيع العامل ويشتري وما حصل من ربح فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها، هذه هي المضاربة، يقال لها: قراض ويقال لها: مضاربة، والغالبة في استعمال أهل الحجاز أنهم يقولون: قراض، وفي استعمال أهل العراق يقولون: مضاربة، وهما بمعنى واحد، إلا أن هذا اللفظ غلب في العراق الذي هو المضاربة، ولهذا يأتي في كتب الحنابلة وفي كتب الحنفية المضاربة، ويأتي في كتب الشافعية والمالكية القراض، فغلب استعمال هذا اللفظ في جهة، واستعمال اللفظ الآخر في جهة، ولا فرق بينهما لفظان مؤداهما واحد، يقال لهذه المعاملة: قراض ويقال لها: مضاربة، وهي جائزة بإجماع العلماء اللي هي المضاربة، كون شخص يدفع لآخر مالاً على أن يبيع فيه ويشتري وما حصل من ربحٍ فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها لا بأس بذلك، هذه جائزة بإجماع العلماء، دفع مالاً قراضاً.
قوله: [فأراد أن يكتب عليه بذلك كتاباً كتب].
فأراد أن يكتب عليه بذلك كتاباً كتب، ثم ذكر الصيغة صيغة العقد.

صيغة عقد القراض


قوله: [هذا كتاب كتبه فلان ابن فلان طوعاً منه في صحة منه وجواز أمره لفلان ابن فلان].هذا العامل كتب على نفسه هذا الكتاب فلان ابن فلان، يسمي نفسه بصحة منه وجواز أمر، يعني: أنه صحيح العقل وجائز التصرف، ليس بمجنون، وليس بسفيه محجور عليه لا يمكنه التصرف في ماله، بل هو خال من هذه الموانع التي تمنع صحة العقد منه، وتمنع صحة صدور العقد منه، بل خلى من هذين الوصفين وهما كونه يعني غير عاقل، وكونه غير سفيه يعني الذي حجر عليه بماله لسوء تصرفه، ولهذا قال: في صحة منه.
وجواز أمره، يعني: جواز التصرف في أموره، وهذا موجود في استعمالات الناس في هذا الزمان، يقولون: في صحة من عقله وجواز تصرفه، هكذا يقول الناس في عقودهم التي يجرونها فيما بينهم.
قوله: [أنك دفعت إلي مستهل شهر كذا من سنة كذا عشرة آلاف درهم].
الذي هو رأس المال، يعني يذكر بدء المضاربة وحصول الدفع، ومقدار رأس المال، ورأس المال هو يختص بمالك، والعامل يبيع ويشتري، إن حصل ربح فهو بينهما، وإن حصل خسارة فهي على رب المال، ولا يجوز أن يتحمل العامل شيئاً من الخسارة، ولو اشترط أن الخسارة على العامل فإن ذلك لا يصح باتفاق العلماء، وإنما الخلاف بينهم: هل يصح العقد الذي جاء معه هذا الشرط، أو أنه يصح العقد ولكن الشرط يبطل؟
الشرط باطل باتفاق العلماء، لكن هل بطلانه يقتصر عليه والعقد يبقى ساري المفعول، أو أنه يسري إلى أصل العقد فيبطله ويحتاج إلى عقد جديد خالي من هذا الشرط الفاسد وهذا الشرط الباطل؟ فالخسارة على رب المال، والربح بينهما، ولا يجوز أن يشترط أن الخسارة على العامل؛ لأنه لو اشترط عليه لكان العامل خسر مرتين: خسر في عمله؛ لأنه ضاع مجان وبدون مقابل، وكونه خسر أي تحمل حمولةً بالإضافة إلى ضياع عمله بدون مقابل؛ لأنه ما حصل ربح لأنه كان يعمل من أجل يحصل ربح وما حصل ربح بل حصل خسارة، فإذا تحمل هذه الخسارة اللي هو العامل يعني اجتمع له خسارتان: خسارة كون عمله ضاع بدون فائدة، وكونه تحملت ذمته شيئاً ليس له أن يتحمله، وإذا حصل ربح فهو بينهما على النسبة التي اتفقا عليها، وإن حصل خسارة فهما كلٌ خسر، هذا خسر عمله، وهذا خسر ماله، الخسارة مشتركة والربح مشترك، إن حصل خسارة في رأس المال فالعامل ضاع عليه عمله وخسر، والمالك ضاع عليه ماله، وإن حصل ربح فهو بينهما.
قوله: [أنك دفعت إليّ مستهل شهر كذا من سنة كذا عشرة آلاف درهم وضحاً جياداً وزن سبعة قراضاً].
هذا وصف النقود يعني في ذاك الوقت، يعني دفعتها إليّ قراضاً، يعني هكذا التنصيص في العقد قراضاً، يعني حتى يخرج أن كونه قرض يعني سلف أو كونه يعني هبة كونه عطية، يعني كلمة قراضاً يعني تبين لماذا دفعت؟ يعني أيش المقصود من دفعها؟ دفعت على أنها في شركة مضاربة، شركة قراض، من أحدهما العمل، ومن أحدهما رأس المال، وهذا تشريع أو جواز هذه العملية التي هي المضاربة لما فيها من فائدة ومصلحة؛ لأن من الناس من يكون عنده المال متكدس لكن ما عنده قدرة على التصرف، ما يجيد البيع والشراء، السلع موجودة لكن ما عنده قدرة على أن يشتغل، وبعض الناس يكون عنده حذق وفطنة وخبرة وقدرة على البيع والشراء لكن ما عنده رأس مال، فشرعت المضاربة حتى يستفيد هذا من مال هذا، وهذا يستفيد من خبرة هذا.
قوله: [على تقوى الله في السر والعلانية وأداء الأمانة].
يعني أنهم يتفقون على تقوى الله عز وجل، كل واحد يتقي الله في شريكه وفي أمانته، وأن كل منهما عليه مراقبة الله عز وجل، لا يخون، ولا يقصر بحق صاحبه، ولا يخون في أمانته لا يخفي شيئاً منه، ولا يختلس منها شيئاً، ولا يأكل منها شيئاً ويجحده، وإنما يتقي الله عز وجل ويؤدي الأمانة.

عمل العامل في مال القراض

قوله: [على أن أشتري بها ما شئت منها كل ما أرى أن أشتريه].يعني معناه: أنها مضاربة مطلقة ليست مقيدة بشيء، يشتري سيارات، يشتري دواب، يشتري حديد، يشتري اسمنت، يشتري أي نوع من أنواع السلع، أما إذا قيده في نوع يعرف أنه يجيد فيه فعليه أنه يلتزم به، إذا كان يعرف شخصاً يجيد تجارة معينة كأنه يجيد البيع في القماش والسلع الأخرى طبعاً ليس من أهلها وأراد أن يقصره عليها لا بأس.
قوله: [وأن أصرفها وما شئت منها فيما أرى أن أصرفها فيه من صنوف التجارات، وأخرج بما شئت منها حيث شئت].
يعني ينتقل من بلد إلى بلد، يعني: يحمل النقود معه وينتقل يعني ليس في البلد الذي هو فيه، ولا يخرج به، بل يجوز له أن يتصرف في بلده الذي هو فيه، وأن ينتقل من بلد إلى بلد يعني يضرب في الأرض للتجارة.
قوله: [وأبيع ما أرى أن أبيعه مما أشتريه بنقد رأيت أم بنسيئة، وبعين رأيت أم بعرض].
يعني يبيع بنقد أو نسيئة، يعني كون الثمن يقبضه أو يبيع بالغائب يعني بالمؤجل، والبيع بالناجز هذا ما فيه إشكال؛ لأن الحق مضمون، والبيع بالنسيئة هذا هو الذي فيه إشكال؛ لأنه قد يفلس الشخص الذي اشترى منه نسيئة، فيكون المال ما يمكن الاستفادة منه، يعني: إذا كان في ذمة إنسان وكان غائباً، إلا إذا حصل في رهن هذا فيه توثيق للمال؛ لأن الرهن هو توثقة دين بعين، يعني الدين الذي في ذمة إنسان يتوثق فيه بأن يربطه بعين، هذه العين إذا أفلس أو كذا تباع ويأخذ حقه منها، فهذا فيه أنه يتصرف كيف شاء يعني: بنقدٍ أو نسيئة، إن باع حاضراً أو باع غائباً له ذلك.
قوله: [وبعين رأيت أم بعرض].
عرض؛ لأن العين هي الشيء المعين، والعرض هو عين أيضاً كما هو معلوم، يعني عروض التجارة هي أعيان، فلا أدري يعني هل كلمة العرض هذه يراد بها يعني العرض أو عوض يعني يكون بعين أو بنقود، يعني بهذا أو بهذا، إلا أن كلمة نقد يعني فيما مضى يعني تشعر بحصول النقد، اللهم إلا أن يكون المقصود من ذلك أنما يباع به يعني يقبض، فالعرض هو الشيء الذي يعرض للبيع والشراء، عروض التجارة يعني أعيان يعني تقلب وتباع وتشترى، والعين هي عرضٌ، يعني سيارة هذه عرض فهذه عين، يعني دابة.
قوله: [على أن أعمل في جميع ذلك كله برأيي].
يعني: برأيه، ما يجي يستشيره، ما يقيد بأنه يعني ما يتصرف إلا بالرجوع إليه.
قوله: [وأوكل في ذلك من رأيت، وكل ما رزق الله في ذلك من فضل وربح بعد رأس المال الذي دفعته المذكور إلي المسمى مبلغه في هذا الكتاب].
فهو عشرة آلاف درهم الذي مرت في أول الكتاب.
قوله: [فهو بيني وبينك نصفين].
يعني هذا على اتفاق أن الربح نصفين، ويجوز أن يكون ثلث وثلثين، أو ربع وثلاثة أرباع، أو خمس وأربعة أخماس.. وهكذا.
قوله: [لك منه النصف بحظ رأس مالك، ولي فيه النصف تاماً بعملي فيه].
يعني: لك النصف بحظ رأس مالك، يعني من أجل مالك، أنت استفدت الربح من أجل مالك، وأنا لي النصف بحظ عملي من أجل عملي.
قوله: [وما كان فيه من وضيعةٍ فعلى رأس المال].
يعني ما كان فيه وضيعة خسارة فتكون على رأس المال، يعني ليست على العامل.
قوله: [فقبضت منك هذه العشرة آلاف درهم الوضح الجياد مستهل شهر كذا في سنة كذا].
يعني بدل المضاربة.
قوله: [وصارت لك في يدي قراضاً على الشروط المشترطة في هذا الكتاب].
يعني صارت لك في يدي قراضاً يعني ما هي بيدي أنا وديعة، أو عطية، أو سلف قرض، وإنما هي قراضاً.
قوله: [أقر فلان وفلان].
أقر فلان وفلان يعني هذا مثل ما يقولون: التوقيع بأسفل الكتاب، كل واحد يعني يكتب توقيعه وإقراره.
قوله: [وإذا أراد ألا يطلق له أن يشتري ويبيع بالنسيئة كتب، وقد نهيتني أن أشتري وأبيع بالنسيئة].
لأن الذي مر على أساس أنه أطلق له أن يبيع بالنسيئة؛ ولهذا قال: أبيع ما شئت من نقد أو نسيئة، وإذا كان أراد المالك ألا يبيع بالنسيئة يعني كتب وقد نهيتني أن أبيع بالنسيئة، يعني أنه ليس من حقي أن أبيع بالنسيئة؛ لأنك نهيتني عن ذلك ومنعتني من ذلك، هذا عقد المضاربة، وكما هو واضح فيه الدقة، وفيه الوضوح والابتعاد عن اللبس والنقص الذي يترتب عليه الخصومات والاختلاف؛ لأنه إذا كانت العقود فيها ثغرات فيكون ذلك سبباً للاختلاف بينهم، هذا يقول: أنا أردت كذا، وهذا يقول: أنا أريد كذا، وهذا يقول لي كذا، وليس لك كذا، لكن إذا كان موجود في العقد خلاص ما في مجال للأخذ والرد.

تراجم رجال إسناد أثر سعيد بن المسيب: (لا بأس بإجارة الأرض البيضاء بالذهب والفضة ...)


قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
[عن شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وهو صدوق، يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن طارق].
هو طارق بن عبد الرحمن البجلي، وهو صدوقٌ، له أهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


شركة عنان بين ثلاثة



صيغة شركة عنان بين ثلاثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [هذا ما اشترك عليه فلان وفلان وفلان في صحة عقولهم وجواز أمرهم، اشتركوا شركة عنان لا شركة مفاوضة بينهم في ثلاثين ألف درهم وضحاً جياداً وزن سبعة، لكل واحد منهم عشرة آلاف درهم، خلطوها جميعاً فصارت هذه الثلاثين ألف درهم في أيديهم مخلوطةً بشركةٍ بينهم أثلاثاً، على أن يعملوا فيه بتقوى الله وأداء الأمانة من كل واحد منهم إلى كل واحدٍ منهم، ويشترون جميعاً بذلك وبما رأوا منه اشتراءه بالنقد، ويشترون بالنسيئة عليه ما رأوا أن يشتروا من أنواع التجارات، وأن يشتري كل واحدٍ منهم على حدته دون صاحبه بذلك، وبما رأى منه ما رأى اشتراءه منه بالنقد، وبما رأى اشتراءه عليه بالنسيئة، يعملون في ذلك كله مجتمعين بما رأوا يعمل كل واحد منهم منفرداً به دون صاحبه بما رأى، جائزاً لكل واحد منهم في ذلك كله على نفسه، وعلى كل واحد من صاحبيه، فيما اجتمعوا عليه وفيما انفردوا به من ذلك كل واحد منهم دون الآخرين، فما لزم كل واحد منهم في ذلك من قليل ومن كثير فهو لازم لكل واحدٍ من صاحبيه، وهو واجب عليهم جميعاً، وما رزق الله في ذلك من فضل وربح على رأس مالهم المسمى مبلغه في هذا الكتاب فهو بينهم أثلاثاً، وما كان في ذلك من وضيعة وتبعة فهو عليهم أثلاثاً على قدر رأس مالهم، وقد كتب هذا الكتاب ثلاث نسخ متساويات بألفاظ واحدة في يد كل واحدٍ من فلان وفلان وفلان واحدة وثيقةً له أقر فلان وفلان وفلان].قوله: [شركة عنان بين ثلاثة].
شركة عنان بين ثلاثة، يعني شركة العنان هي التي يكون فيها الاشتراك بالعمل والمال؛ لأن التي مرت اشتراك بعمل ومال، عمل من شخص ومال من شخص، وأما هذه كل واحد منه رأس مال، وكل واحد منه عمل، كل واحد منه رأس مال، وكل منهم له عمل، مشتركون في رأس المال وفي العمل، ولهذا قيل لها: شركة عنان يعني: أن المشتركين كأصحاب الرهان في الخيل يعني مثل ما يقال: فرسي رهان، يعني معناه: أنهم متماثلين، يعني متساويين في رأس المال، ومتماثلين في العمل.
تعريف العنان: هي اشتراك بين الشريكين أو أكثر في المال والعمل، كلاً منه رأس مال، وكلاً منه عمل، ليست كالسابقة، السابقة واحد منه عمل، والثاني رأس مال، وهذه كلاً منه عمل ومنه رأس مال.
قوله: [هذا ما اشترك عليه فلان وفلان وفلان في صحة عقولهم وجواز أمرهم، اشتركوا شركة عنان لا شركة مفاوضة بينهم في ثلاثين ألف درهم وضحاً جياداً وزن سبعة، لكل واحد منهم عشرة آلاف درهم، خلطوها جميعاً فصارت هذه الثلاثين ألف درهم في أيديهم مخلوطةً بشركةٍ بينهم أثلاثاً، على أن يعملوا فيه بتقوى الله وأداء الأمانة من كل واحد منهم إلى كل واحدٍ منهم، ويشترون جميعاً بذلك وبما رأوا منه اشتراءه بالنقد، ويشترون بالنسيئة عليه ما رأوا أن يشتروا من أنواع التجارات، وأن يشتري كل واحدٍ منهم على حدته دون صاحبه بذلك، وبما رأى منه ما رأى اشتراءه منه بالنقد، وبما رأى اشتراءه عليه بالنسيئة، يعملون في ذلك كله مجتمعين بما رأوا يعمل كل واحد منهم منفرداً به دون صاحبه بما رأى، جائزاً لكل واحد منهم في ذلك كله على نفسه، وعلى كل واحد من صاحبيه، فيما اجتمعوا عليه وفيما انفردوا به من ذلك كل واحد منهم دون الآخرين، فما لزم كل واحد منهم في ذلك من قليل ومن كثير فهو لازم لكل واحدٍ من صاحبيه].
يعني: سواءً كان لهم أو عليهم، ما لزم واحد منهم لازم للجميع؛ لأنهم شركاء، يعني ما حصل من ربح من واحد فهو لهم، وما حصل من خسارة فهو عليهم جميعاً، وقد يربح أحدهم وقد يخسر الثاني، والقضية أنهم شركاء، الخسارة عليهم جميعاً، الربح لهم جميعاً.
[وهو واجب عليهم جميعاً، وما رزق الله في ذلك من فضل وربح على رأس مالهم المسمى مبلغه في هذا الكتاب فهو بينهم أثلاثاً، وما كان في ذلك من وضيعة وتبعة فهو عليهم أثلاثاً على قدر رأس مالهم، وقد كتب هذا الكتاب ثلاث نسخ متساويات بألفاظ واحدة في يد كل واحدٍ من فلان وفلان وفلان واحدة وثيقةً له أقر فلان وفلان وفلان].
ثم ذكر أنهم اتخذوا هذا العقد من ثلاث نسخ، وأن هذه النسخ متساوية في هيئتها وفي ألفاظها، يعني ما في أحد يزيد كلمات والثاني ينقص؛ بل الكلمات واحدة، والهيئة واحدة، وكل واحد منهم أقر وبيده نسخة؛ لأن هذه نسخ على عدد الشركاء.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.88%)]